مأرب: ترحيب بانضمامات العسكريين والقضاة والإعلاميين وأعضاء السلك الدبلوماسي

الثلاثاء 22 مارس - آذار 2011 الساعة 11 صباحاً / مأرب برس- خاص: علي الغليسي
عدد القراءات 6179
 
 

سادت البهجة بتهاوي أركان النظام أجواء ساحة الحرية بمحافظة مأرب ، حيث عبر المعتصمون عن فرحتهم بالإنضمامات غير المسبوقة للثورة الشعبية من قبل كبار القيادات العسكرية والأمنية والسفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي والقضاة ورؤساء المحاكم والبرلمانيين وقيادات السلطات المحلية والصحفيين والإعلاميين في مختلف محافظات الجمهورية ، وإذ رحب الشباب المعتصمين في بيان صدر عنهم بتلك الانضمامات ، اعتبروها رسالة قوية لبقية أركان النظام المتهالك وإلى مختلف شرائح الشعب اليمني ، مجددين الدعوة لكافة مكونات المؤسسة العسكرية والأمنية لإثبات أنهم مع الشعب والإرادة الشعبية وليس مع نظام يقمع إخوانهم وأبنائهم وانحيازهم إلى مطالب الشعب المشروعة ليست انقلاباً على الشرعية ، كون الشرعية هي إرادة الشعب في اليمن من أقصاه إلى أقصاه الذي يريد إسقاط النظام الدموي الفاسد ، مؤكدين في بيانهم الذي يحمل الرقم (7) أن الجميع سوف لن يفوتهم رسم مستقبل اليمن الجديد الذي يحمل الشباب مشاعله المضيئة في كل ميادين الشرف والحرية بأنحاء الوطن الغالي على حد تعبير البيان.

كما استقبلت الساحة العديد من المستقيلين من المؤتمر الشعبي العام وإعلان الانضمام لثورة الشباب السلمية وأبرزها انضمام الشيخ / ناصر أحمد العجي الطالبي وكيل محافظة مأرب الذي انضم إلى ثورة الشباب بالإضافة إلى كل من ( ابراهيم عبدالله الرملي عضو المجلس المحلي بمديرية الجوبة، وعلي حسين الحواني عضو المجلس المحلي بمديرية الوادي ، والدكتور عبد الرحمن السيفي ، وكذا الدكتور / علي قايد عدلان مدير مجمع المجد الطبي وكافة موظفيه ، والشيخ / محمد ناصر أبوعشة والشيخ / علي ناصر أبو عشة ومجموعة من قبائلهم ، والأستاذ / قاسم علي قران المسؤول الرياضي بنادي نسيم ووكيل مدرسة النور الثانوية بالجوبة )

وهج التغيير في ساحة الحرية

تتصاعد الاحتجاجات بوتيرة متسارعة يوماً بعد آخر في محافظة مأرب، وإذ يشهد اعتصام ساحة الحرية في المدينة توافد المئات بشكل يومي والتوسع في نصب الخيام، فإن سيناريو الثورة الشعبية يسير في اتجاه باعث للطمأنينة، حيث أن انخراط مأرب ومواكبتها لثورة الشعب تعد مكسباً يعزز صمود الشباب في ساحات الحرية وميادين التغيير كونها المصدر الرئيسي لثروات اليمن الطبيعية وأحد أهم منابع النفط والغاز.

يمكن القول أن معتصمو ساحة الحرية بمدينة مأرب الذين يهتفون بإسقاط النظام ورحيل الرئيس يحظون بتأييد شعبي وقبلي يتمثل في الدعم المادي ومواقف الهيئات الشعبية والكيانات القبلية المعلنة والمساندة لمطالب الشارع ورواد الاعتصامات، وهذا الأمر في حد ذاته من بين التحولات التي يستحق الاحتفاء بها، فالمحافظة التي رسمت عنها صورة نمطية سلبية ساهم النظام في تعزيزها لدى الرأي العام تلتحق اليوم بركب الثورة السلمية وهي التي سعت السلطة دوماً إلى ربطها بالعنف، وشغلت أبناءها عن المطالبة بحقوقهم من خلال التحريش بينهم وإثارة الفتن والشقاق ودعم الصراعات القبلية.

تعتبر مأرب من المحافظات اليمنية الحاضرة دوماً في قلب الأحداث الوطنية والتاريخية خلال كل المراحل والمنعطفات التي مرت بها البلاد في الماضي، أما في الوقت الحاضر فإن ثرواتها النفطية تدفع بها لأن تكون الكفة المرجحة للحسم.

نخلة باسقة ومنصة قيد التشييد

بادر المعتصمون في الأسبوع الثاني للاعتصام إلى غرس "نخلة" وتعاهدوا بألا يبرحوا ساحة الحرية حتى يرحل النظام أو يأكلوا من ثمار تلك النخلة في إشارة رمزية للإصرار والصمود، كما يعتزمون أيضاً بناء "منصة للثورة" لإشعالها عند تحقيق النصر.. وتلك الأفكار التي انفرد بها اعتصام مأرب هي جزء من الأفكار الإبداعية التي استلهموها من كتاب الثورة ونزر يسير من تفاصيل لا تحصى من حياة مختلفة في ساحة تمتكلك الرهبة وأنت تستمع فيها إلى الأناشيد الثورية التي تقودك إلى الاصطفاف مع جموع المحتشدين – منتصباً – لصوت السلام الجمهوري والهتاف معهم بصوت واحد (الشعب يريد إسقاط النظام).

الجنود مع الثورة

تستقبل ساحة الحرية بمدينة مأرب يومياً أعداداً من جنود الأمن والقوات المسلحة الذين يصلون بلباسهم العسكري لإعلان انضمامهم للثورة الشعبية احتجاجاً على ما يتعرض له المعتصمون سلمياً بساحات الحرية وميادين التغيير ورداً على الممارسات التعسفية التي تمارس ضدهم وغياب الإنصاف في السلك العسكري.

إبداع شبابي.. وموروث شعبي

أكثر من (30) يوماً مضت على انطلاق اعتصام ساحة الحرية بمأرب المفتوح والمطالب بإسقاط الرئيس ونظامه الفاسد، وإذا كان الاعتصام عبارة عن فعالية احتجاجية فإنه تحول إلى "ملتقى ثقافي" يتنافس فيه الشباب لإبراز مواهبهم وقدراتهم الإبداعية، حيث برزت مواهب جديدة لشعراء ومنشدين وممثلين وظهرت فرق إنشادية ومسرحية ينتظرها مستقبل واعد.

في ساحة الحرية لا يمكن للملل أن يتسلل إلى نفوس المعتصمين، فآلية قضاء الوقت محكمة ويطغى عليها الطابع الترفيهي، كما أن للجد أوقاته، والخطط لا تنتهي لتحقيق الهدف بأسرع وقت وبأقل التضحيات.. هنا يحيون أوقاتهم بكل اريحية وبالطرق المحببة إليهم، وأبرز الطرق التي تطغى في الساحة والزوامل والدبكات والرقصات الشعبية و"البالة" المشهورة في مأرب، وما اتضح في اعتصام الحرية أن هناك موروث ثقافي لم يعره أحد أي اهتمام من الجهات المعنية في النظام الحالي.

مسيرات طلابية للمطالبة بإسقاط النظام

المذاكرة في خيمة الاعتصام

مجموعة من الطلاب الجامعيين بكلية التربية والآداب والعلوم من الطامحين بالتغيير حملوا على عاتقهم هذه المهمة في الظروف الصعبة، فهم يؤدون الامتحانات بالكلية وفي ذات الوقت يتظاهرون وينادون بين الفينة والأخرى بسقوط النظام ويذاكرون بكل أريحية في خيمة حملت اسم كليتهم وعبارة جميلة "نحن نصنع مستقبلنا".

على الرغم من ازدحام الساحة وكثرة الغادين والرائحين وصيحات الهتافات إلا أن هذه الإشكالية لم تعد معضلة، فخلايا المخ تتركز على الكتابة وقت الجد، وحين تجد لحظة الاستراحة يهتفون بسقوط النظام، ومثل هذه التفاصيل باتت مألوفة في الساحة بالنسبة للطلاب الذين يغرفون من العلم ما استطاعوا، ويزرعون الثورة ليجنوا المستقبل الأفضل كما يتمنون.

هذا وكانت مسيرات طلابية قد انطلقت خلال الأسابيع الماضية من كلية مأرب والمدارس الثانوية الكبرى بالمدينة بشكل يومي تهتف بإسقاط النظام وتلتحق بساحة الحرية بالرغم من تهديد الطلاب بالفصل والرسوب في حال استمرارهم في التعبير عن آرائهم وقد خضع بعض الطلاب لجلسات تحقيق مطولة بطريقة تتنافى مع الحقوق المكفولة في الدستور والقانون.

كعك بنكهة الحرية وكيك طعم التغيير

لا يمكن إغفال دور النساء ومشاركتهن في دعم الثورة الشعبية، فمنذ بداية الاعتصام ارسلت ربات البيوت من معظم مديريات المحافظة آلاف الكيك والكعك المصنوع منزلياً إلى المعتصمين في ساحة الحرية، ويرتبط هذا "الكعك" بأكثر من دلالة في الوعي المجتمعي، أولاها ارتباطه بهدايا الأمهات إلى أبنائهن المضطرين للسفر لغايات مختلفة أما على المستوى السياسي والشعبي فقد ارتبط بحرب صيف 1994م وكانت النساء في ذلك الوقت يصنعن الكعك ويكتبن عليه عبارات حماسية تدفع الجنود إلى الثبات.

لكن هذه المرة تعمد النسوة إلى كتابة عبارة مصاحبة لثورة التغيير مثل "ارحل" "الشعب يريد إسقاط النظام" وغيرها من المفردات التي تحفز الشباب وتحثهم على الصمود حتى رحيل الرئيس ونظامه الفاسد.

معارض فنية

تحولت الخيام التي نصبت في ساحة الحرية إلى معارض صور ولوحات فن تشكيلي يتبارى في تصميمها ورسمها عدد من المبدعين الشباب حيث علقت صور لرئيس الجمهورية بصورة مختلفة تعددت فيها الشعارات التي تطالبه بالرحيل وأخرى تصفه بالظالم والإمامي وأخرى تسخر منه بالإضافة إلى العديد من اللافتات والعبارات والملصقات التي تفضح كذب النظام وخداعه وتتحدث عن تشابه الأنظمة العربية في الحكم والديكتاتورية ا لتي تفرض وجود وجه الشبه في طريقة الرحيل وخصوصاً بين صالح والقذافي ومبارك وزين العابدين.

نغمة "ارحل"

وأنت في ساحة الحرية كل شيء مختلف هنا، ، الشباب يرسمون بطريقة جلوسهم كلمة (ارحل)، حتى نغمات الجوال خضعت للتغيير من أجل مواكبة المرحلة، رنات الهواتف كلها تصدح بأناشيد ثورية ومقاطع حماسية ووطنية.. النغمة السائدة في هذا المكان أصوات الجماهير وهي تهتف "ارحل" والتي انضمت إلى أخواتها من النغمات المشهورة "إذا الشعب يوماً أراد الحياة"، "يا يمن حان تغيير النظام".. لقد أعادت الثورة الشعبية لكل شيء ألقه وتوهجه، حتى تلك النغمات التي غاب عنها طويلاً التجديد والتحديث.

إقراء أيضاً
اكثر خبر قراءة الثورات الشعبية