بائع مفروشات يحرق أعصاب العالم قبل أن يشعل النار بمصاحف.. زوجته حمالة الحطب

الخميس 09 سبتمبر-أيلول 2010 الساعة 11 مساءً / مأرب برس-كمال قبيسي: العربية نت
عدد القراءات 7543

كثيرون ممن أغاظهم القرآن بروائعه عبر التاريخ أشعلوا النار بنسخ منه هنا وهناك نكاية، وتيري جونز الراغب بحرق نسخ من المصحف في 11 الجاري هو واحد منهم، لكنه مختلف بعض الشيء، فهو يبدو مما قالوا وكتبوا عنه في صحف ألمانيا والولايات المتحدة بشكل خاص مرفوضا أينما حلت به الرحال، إلى درجة أن ابنته تبرأت منه وتعاديه.

مما جمعته "العربية.نت" عن جونز، وهو أمريكي من مدينة كيب جيراردو بولاية ميسوري وعمره 58 سنة، صرف منها 30 عاما بالتبشير الفاشل حتى الآن، هو أنه أيضا تاجر ناجح بالمفروشات المستعملة التي يشتريها ويبيعها "أون لاين" بالمزادات، وأشهرها موقع "إي.بي" المعروف عالميا على الإنترنت.

لذلك أصبح جونز مليونيرا، وفق ما تقوله عنه وسائل إعلام أمريكية، فلديه 6 أملاك مسجلة باسمه واسم زوجته الثانية، سيلفيا جونز، التي لا نرى أي صورة أو لقطة تلفزيونية لها حتى الآن. وجميع أملاكه اشتراها بين مارس (آذار) 2006 ويناير (كانون الثاني) 2007 بجوار مدينة جينزفيل بولاية فلوريدا، حيث يقع في ضاحية ريفية منها مقر "مركز حمامة للتواصل مع العالم" التابعة لكنيسة تحمل الاسم نفسه هناك ولا تتبع لأي طائفة مسيحية معروفة.

ولم يقم جونز بتأسيس مركز الحمامة، بل أسسه في 1986 المبشران دونالد نورثرب وريتشارد رايت، وفق ما نجده في إعلان عن تأسيسه منشور ذلك العام بعدد من صحيفة محلية ما زالت تصدر إلى الآن واسمها من اسم المدينة: جينزفيل صن.

يطرد أرملة مؤسس الكنيسة لشكها فيه

ولمركز حمامة كنيسة أقدم منه بالتأسيس وأصبحت تابعة له في ما بعد، وهي في مدينة والدو بولاية فلوريدا أيضا، وكان يديرها المبشر رايت نفسه إلى جانب إدارته للمركز حتى وفاته قبل 4 سنوات. ثم نشطت في المركز والكنيسة أرملته، واسمها دولوريس، وهي كندية ومؤلفة كتاب "الرب غير محدود" وبقيت أكثر البارزين نشاطا حتى تقاعدت في 2004 مع استمرارها كعضو مراقب، إلى أن قام جونز بطردها من المركز والكنيسة معا في العام الماضي "لإبدائها المخاوف حول مستقبل الكنيسة في ظل أسرة جونز" وفق الوارد عنها ملخصا في موقع "ويكيبيديا" المعلوماتي الشهير على الإنترنت.

كما كانت هناك كنيسة ثانية أقدم بالتأسيس من المركز أيضا، وأصبحت تابعة له في ما بعد، وأسسها في مدينة كولونيا، بألمانيا، تيري جونز نفسه في 1981 واستمر يديرها حتى نهاية 2007 وسط غوامض مالية وشبهات ومناخات قادتها إلى الانفصال عن مركز حمامة، بل وطرد جونز نفسه.

وكان تيري جونز يعمل في شبابه مديرا لفندق صغير، وهو أب من زوجته الراحلة لابن اسمه لوقا، وابنة اسمها إيما، وهي تكرهه وتبرأت منه ومن زوجته سيلفيا وانفصلت عن العائلة تماما، بل وعن الكنيسة التي أسسها في كولونيا، بحسب ما قالته لمجلة "در شبيغل الألمانية" في عددها الموجود حاليا في الأسواق.

ونقلت المجلة عن جونز قوله: "لنكن واضحين، نحن كنيسة صغيرة ببلدة صغيرة وقررنا حرق عدد من المصاحف في فناء كنيستنا، ولا نرغب بالتسبب في أي عنف". كما قالت "در شبيغل" إن جماعة كنيسة كولونيا التي أسسها طردوه لتطرفه، ونقلت أن أحد القيمين على الكنيسة الآن، وهو ستيفان بار، روى لوكالة "دي.بي.إي" الألمانية للأنباء أخبارا عن شبهات مالية وحسابات غامضة حين كان جونز راعيا للكنيسة بكولونيا. وقال إن "مناخا من الخوف وعدم السيطرة" كان يخيم على أعضاء الكنيسة مدة إدارته لها.

يؤمن بأنه يؤدي مهمة إلهية

وقالت "در شبيغل" أيضا إنها استمعت إلى شهود ذكر معظمهم أن جونز وزوجته كانا يتصرفا على أساس أنهما يؤديان مهمة سماوية برعاية من الله "مما يعني أن معارضتهما كانت تعني معارضة لله، لذلك كانا يستخدمان هذا الإيهام لطلب التبرعات والمال وللطلب من الأعضاء القيام ببعض العمل" وفق تعبيرها.

كما نقلت عن لسان أندرو شافر، وهو بروتستانتي ومراقب رسمي لنشوء طوائف جديدة في ألمانيا، قوله إن جونز متطرف وحين وصل في بداية الثمانينات إلى كولونيا "اعتبرها إحدى مدن الجحيم، لأنه كان يؤمن بأن والدة نيرون (الذي يزعمون بأنه حارق روما) هي التي أسستها" كما قال.

وخلال تلك المدة التي أدار فيها جونز كنيسة كولونيا التبشيرية "لم يجمع سوى بين 800 عضو فقط" وفق ما ذكر شافر. وقال إن عداء جونز للإسلام ظهر عليه منذ جاء إلى المانيا ببداية الثمانينات، مما يعني أن ربطه هجمات 11 سبتمبر برغبته في حرق نسخ من القرآن انتقاما، غير دقيق تماما.

كما قال شافر إن أعضاء في الكنيسة كانوا يرفضون القيام ببعض الأعمال "خوفا من أن يهاجمهم المسلمون، لكثرة ما كان يهاجم الإسلام" إلى أن طفح الكيل بهم في نهاية 2007 فقاوموه وأعلنوا عن رغبتهم بتغيير اتجاه الكنيسة، لكنه رفض، لذلك طردوه وزوجته ومن كان يؤيده من أعضاء، وكانوا قلة، فغادر إلى أمريكا، ومن بين من طردوه ابنته ايما نفسها "فقد تخلت عنه وعن زوجته وعن الكنيسة وما زالت تعيش في كولونيا بمفردها من دون أي اتصال بوالدها منذ سنوات".

جونز أمام القاضي: لا أعرف من أين جاءت الشريعة

ولم ينجح جونز في أي عمل تبشيري قام به، فقد كانت كنيسته في كولونيا من الأفشل، وكذلك مركز الحمامة الذي منذ تسلم إدارته في 1996 لم يستطع أن يجمع له سوى 50 عضوا حتى الآن، وربما (ونكرر كلمة ربما) يكون فشله التبشري المتكرر هو وراء رغبته بالظهور على مستوى دولي مستغلا كرهه للإسلام، وهو بضاعة رائجة بالولايات المتحدة منذ هجمات 11 سبتمبر، لذلك أصدر الشهر الماضي كتابا سماه "الإسلام من الشيطان" وهو كتاب يقول من قرأه إنه خال من أي معلومات تؤكد عنوانه، وليس فيه سوى تهجمات بغيضة بلا سند وقلة من سكان جينزفيل اشترته.

والمسلمون في جينزفيل قلة كما يبدو، فليس لهم أي ذكر فيها تقريبا، لكن الغريب أن الاستشاري المعماري المصري، عمر البربري، يقول انه قام بمشروع "إنشاء أكبر نصب تذكاري للمسلمين بأمريكا - فلوردا- جينزفيل، بتكلفة تقديرية 45 مليون دولار" طبقا للوارد تماما في موقعه على الإنترنت، وهو موقع مكتظ بمشاريع معمارية قام بها ومعظمها في مصر.

وتقول محطة "سي بي أس" التلفزيونية الأمريكية إنها كشفت أن قاضيا أمريكيا استدعى تيري جونز الشهر الماضي حين أعلن عن نواياها الحارقة، فاتضح للقاضي أن جونز وزوجته "لا يعرفان سوى القليل عن شريعة القرآن التي يحاربانها، ومعظم ما يعرفانه استمداده من شرائط فيديو معادية للإسلام في موقع "يوتيوب" الشهير على الإنترنت" وفق تعبيرها.

وقالت المحطة إن القاضي سأله كم مسلما يعرف شخصيا، فقال إنه لا يعرف أي مسلم، وسأله أيضا: " هل تعرف من أين جاءت شريعة القرآن" ؟ فأجاب: "لا، في الحقيقة لا أعرف.. أعتقد أن باحثين قالوا إنها جاءت من قانون الموزاييك القديم، لكني لا أعتقد ذلك".

وقانون الموزاييك القديم في الدراسات التوراتية هو قانون موسى التي تسلمها مكتوبة على الألواح في جبل حوريب بصحراء سيناء، وهي معروفة باسم "شريعة موسى" لليهود المؤمنين بأنها تتضمن كل ما قاله موسى (عليه السلام) منقولا عن سمع شخصي من الله عز وجل، حسب اعتقادهم.

ويقول جونز في موقع كنيسته على الإنترنت إنه دكتور، وهي دكتوراه فخرية حصل عليها في 1983 باللاهوت من "كلية كليفورنيا للدراسات اللاهوتية" لكن هذه الكلية التي وصفتها "سي.بي.أس" بغير الموثوقة أيضا، لم تؤكد ولم تنف منح الدكتوراه الفخرية لجونز.

امرأته حمالة الحطب

وعودة إلى أملاك القسيس الذي أحرق أعصاب العالم قبل أن يشعل النار في نسخ من المصاحف، فإن صحيفة "جينزفيل صن" تذكر أن أهمها هو بيت فخم اشتراه بأكثر من 647 ألف دولار، وشقة بحوالي 400 ألف دولار، إضافة إلى شقة ثانية (قيمتها غير معروفة) وهي في منطقة سياحية في برادايس ايلاند تاورز كوندو في جزيرة تروزرز، وسبق لجونز أن اشتراها قبل وفاة زوجته الأولى.

وتتحدث "جينزفيل صن" عن عقلية تيري جونز التي تعرفت إلى بعضها ممن سألتهم عنه من أعضاء كنيسة الحمامة فتقول إنها قريبة بعض الشيء من عقلية رعاة البقر الواضحة في أفلام الكاو بوي بالغرب الأمريكي في القرن التاسع عشر "فغالبا ما يرونه وفي خصره مسدس عيار 40 ملم ضخم وهو يتمشى في مشاع أرض الكنيسة البالغة مساحتها 20 فدانا تقريبا".

وقالت إن جونز، الذي اتصلت به "العربية.نت" أكثر من 4 مرات ليتحدث إليها فرفض، اعتاد بث سلسلة حلقات على "يوتيوب" عنوانها "القلب الشجاع" يبث فيها كرهه للإسلام والمسلمين عبر مواعظ نارية العبارات. وقالت أنه أرسل طفلين في العام الماضي، عمريهما 10 و15 سنة وهما من أعضاء الكنيسة، إلى المدرسة وهما مرتديان قميصين عليهما عبارة "الإسلام من الشيطان" فطردتهما المدرسة في الحال "لخرقهما تقاليدها".

كما قالت "جينزفيل صن" إن معظم أرض الكنيسة البالغة قيمتها مليون و600 ألف دولار، يستخدم لأغراض تجارية بإنتاج القمصان والكتيبات وغيرها، بحسب ما كشفه مراقبون للضرائب العام الماضي. ولجونز، الذي يظن بأن الإسلام يبعث على العنف وأن المسلمين يريدون فرض شريعتهم على الولايات المتحدة، موقع على الإنترنت بلغ أعضاؤه حتى الخميس 9-9-2010 أكثر من 14 ألفا، بعد أن كانوا أقل من 3 آلاف قبل شهر.

أما مبيعات كتابه فزادت في شهر واحد على 200 ألف نسخة، وأكثر منها بلغت مبيعات قمصان ينتجها ممهورة عليها عبارة "الإسلام من الشيطان" وسعر الواحد منها 20 دولارا، لذلك يقدرون بأن ثروة جونز وزوجته التي قال إنها ساهمت شخصيا بحمل كمية ضخمة من الحطب ووضعها في سيارة فان تمهيدا لإشعالها وقت حرقن نسخ من المصحف، تزيد الآن على 5 ملايين دولار، في ما شهرته وصلت إلى 5 قارات، إلا أن أعضاء كنيسته ما زالوا 50 فقط لا غير.