آخر الاخبار

المصريون ودعوا رمسيس بالصفارات والزغاريد

السبت 26 أغسطس-آب 2006 الساعة 09 مساءً / مأرب برس / متابعات
عدد القراءات 2641

سهر ملايين المصريين حتى الساعات الأولى من صباح أمس الجمعة لمتابعة أحد الأحداث الفريدة، والتي تمثلت في نقل تمثال رمسيس الثاني.

ازدحمت الشوارع بالآلاف في القاهرة المحافظة التي ودع الملك رمسيس أشهر ميادينها والجيزة المحافظة التي غادر إليها، ومن لم يتح له ذلك جلس أمام شاشات التلفزيون المصري.

وفي موكب مهيب يليق بموكب الملوك وقف المصريون فوق كباري الميدان المعروف باسمه وعلى جنبات الطرق في ميدانه الشهير وضواحيه وفي صمت هامس انطلق التمثال بموكبه عبر قاطرة عملاقة تجرها كاسحتان في تمام الواحدة من صباح أمس في الوقت الذي وفر فيه تحميل التمثال على القاطرة قبل يومين وقتاً في تحميله على الكاسحتين.

وقبل بدء النقل كادت أزمة تقع بين المجلس الأعلى للآثار وبين الشركة الناقلة للقاطرة تهدد بعدم نقله من الأساس عندما احتج د. زاهي حواس الأمين العام للمجلس للشركة المنفذة “المقاولون العرب” على الدعاية الهائلة للشركة الناقلة التي روجت إعلاناتها على القاطرة واستغلال الحدث تجاريا مما دفع برئيس شركة المقاولون إلى التدخل وتهدئة حواس لعدم تعطيل النقل إلى أن تم تجاوز الأمر.

ومع الرضا بالأمر الواقع تحرك موكب التمثال وسط صفارات الشباب وزغاريد النساء وأهازيج الجميع بكلمات الوداع والإطراء مثل “مع السلامة مع السلامة يا ملك، يا جدو.. بالسلامة، شرفتنا يا رمسو”.

وعلى جنبات الطريق اصطف عروسان أرادا أن يزفهما أشهر الفراعين عندما وقفا في أول شارع الجمهورية وهما يستمعان للزغاريد وإلقاء الزهور فلم يدركا إذا كان ذلك بسبب موكب الملك أو أنه احتفاء بزفافهما، في الوقت الذي التف فيه المئات حول الموكب كل يسعى لالتقاط الصور التذكارية بجوار التمثال إلا أن الإجراءات الأمنية المشددة كانت تمنع الجميع من الاقتراب من الملك أو حتى موكبه.

هذه الإجراءات تسببت أيضا في اعتداءات بعض عناصر الشرطة على عدد من الصحافيين ومراسلي وكالات الأنباء فضلا عن التعامل العنيف مع الجمهور الذي اصطف على الأرصفة لمتابعة الموكب إلا أن أجهزة الأمن كانت في كل مرة لهم بالمرصاد بالشكل الذي كان يعيد للأذهان تلك التي جرت في استفتاء تعديل الدستور وأزمة القضاة.

وفي تحد واصل الموكب تحركه وبالرغم من أن تجربة نقل “دوبلير” التمثال التي جرت في الشهر الماضي لم تكن بدايتها نقطة بداية خط سير عملية النقل نفسها إلا أن قائد القاطرة “أحمد الغرباوي” استطاع تخطي المنحنى الشديد الذي واجهه عند بداية التحرك واستطاع تجاوزه بجداره إلى أن اعتدل بقاطرته حاملا بها ملكا حكم مصر 67 عاما ليصل إلى أول شارع الجمهورية قاطعا المسافة في ساعة تقريبا.

إلا أنه وقبل أن يصل الموكب لشارع الجمهورية بعد ساعة من تحركه كادت تحدث المفاجأة عندما احتك التمثال بجدران شارع كامل صدقي إلا أن قوة الملك وقسوته في حياته يبدو أنها كانت أقوى بعد وفاته.

ومع بداية دخوله شارع الجمهورية ودعه زاهي حواس بتأثر شديد فيما تركه محافظ القاهرة حزينا على فقدان محافظته لأثر نادر. وعلى جانبي الطريق وأمام هتافات مدوية ونشيد “بلادي.. بلادي” ووقوف سكان المنازل في شرفاتهم يلقون النظر بوضوح على تمثال ملكهم الأسبق، بينما كان يمر الموكب في تحد وإباء كما كان في سنوات حكمه.

ومع مرور موكبه الذي وصل إلى 250 طنا شاملا بما في ذلك وزنه مع القاطرة فإن موكبه لم يتأثر بمترو الأنفاق ولم تهتز له الأرض كما كان متوقعا إلى أن وصل إلى شارع طلعت حرب وإذا بنفس النشيد يقابله “بلادي.. بلادي” ولكن هذه المرة ليس من جانب جمهوره في الشوارع ولكن من مبنى حزب الغد.

وفي شرفة المبنى أراد مسؤولو الحزب إضفاء مسحة سياسية على الموكب عندما أطلقوا صور رئيس الحزب المسجون أيمن نور وهم يهتفون بحياة “رمسيس” وسنوات حكمه.

وبعد مرور التمثال على شارع القصر العيني إلى أن وصل عند منطقة فم الخليج توقف الموكب ليستريح التمثال ويريح مرافقيه لمدة 20 دقيقة واصل بعدها سيره ليمر على كورنيش النيل عابرا بسلام أحد أصعب نقطة في موكبه وهي كوبري المنيب ليواصل تحديه مع الصعاب ويمر من النقطة الصعبة التالية وهي وسط الكوبري والتي كانت أضعف ما فيه بعد سير وصل لنحو ساعتين قاطعا 8 كيلومترات فوق الكوبري.

ومع عبوره النيل تكون هذه المرة الثانية التي يعبر فيها التمثال نهر النيل مع الفارق في الحالتين بعد أن نقله المصريون القدماء قبل أكثر من ألفي سنة من موقعه في أسوان إلى أحراش النخيل عبر مراكب النيل مفككا ليرقد بقرية ميت رهينة إلى أن اكتشف فيها أواخر القرن الثامن عشر مجزأ إلى ست قطع.

وبعد اقتراب موكبه من إحدى عجائب الدنيا السبع واصل موكب التمثال سيره ليمر بجوار الأهرامات وكأنه يبادل بُناتها التحية.

ومع وصول تمثال الملك الأشهر إلى المتحف كان في استقباله فاروق حسني وزير الثقافة وزاهي حواس ليتنفس الجميع الصعداء بعد رحلة مثيرة .