قلق في الجزيرة والخليج من تنامي قوة 'القاعدة' وتمركزها في اليمن.. ومخاوف من تنظيم قواعدها حيث ثلثا احتياطات النفط في العالم

الأربعاء 30 ديسمبر-كانون الأول 2009 الساعة 06 مساءً / مأرب برس - القدس العربي
عدد القراءات 7403
 
 

تعيش الاجهزة الامنية في المنطقة العربية، ودول الخليج، وفي مقدمتها اليمن والمملكة العربية السعودية، حالة من القلق الشديد بعد اتضاح حجم نفوذ تنظيم 'القاعدة'، وانتشار عناصره في الاراضي اليمنية الوعرة، ونجاحه في تجنيد عناصر قادرة على اختراق الاجراءات الامنية المتشددة في المطارات الاوروبية، ومحاولة تفجير طائرات مدنية، مثلما حدث مع الشاب النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب الذي حاول تفجـــير طائرة امريـــكية مدنــية فوق مدينة ديترويت قبل اربعة ايام، مصدر القلق هذا يعود الى عدة اسباب رئيسية نوجزها في النقاط التالية:

' اولا: نجاح تنظيم 'القاعدة' في تطوير عبوات ناسفة من مواد سائلة يصعب اكتشافها في المطارات، لان كمية صغيرة منها تلصق على الجسد يمكن ان تدمر طائرة من طراز جمبو. واللافت ان القنبلة التي استخدمها عمر الفاروق لتفجير الطائرة الامريكية مماثلة لتلك التي استخدمها زميله عبدالله حسن عسيري في محاولته لاغتيال الامير محمد بن نايف، مساعد وزير الداخلية السعودي. 

دويبدو ان مصير القنبلة الثانية مثل مصير الاولى، اي عدم الانفجار 'لاسباب فنية'، مثلما قال بيان تنظيم القاعدة الذي اعلن مسؤوليته عن التفجير الاخير. فالامير محمد بن نايف لم يصب بأي جروح، كما ان كل الروايات حول تفتت جسد منفذ محاولة اغتياله لم تكن دقيقة، والشيء نفسه يقال عن انتشار دمائه في حجرة الاستقبال، فلم تنشر اي صورة تبين صدق هذه الروايات.

' ثانياً: تحريض بيانات القاعدة لعناصرها والقبائل المؤيدة لها لاستهداف السفارات والقواعد الغربية في شبه الجزيرة العربية واليمن ودول الخليج، وهذا يعني 'اعلان حرب' انتقاماً للضحايا الذين سقطوا في الغارات الامريكية واليمنية التي استهدفت تجمعات لتنظيم القاعدة مؤخراً في ابين.

' ثالثا: تقوم مساجد كثيرة على طول اليمن وعرضه بالتحريض ضد الامريكان والحكومات المتواطئة معهم، وتقديم العون والمساندة لتنظيم القاعدة.

' رابعا: توجد اعداد كبيرة من ابناء الجالية اليمنية في المملكة العربية السعودية ودول الخليج، وربما يقــــوم تنظيـــم 'القاعدة' في اليمن برئاسة ناصر الوحيشي، ونائبه السعودي سعيد الشهري باختراق هذه الجاليات. فمن ينجح في تجنيد شاب نيجيري في صفوف 'القاعدة' سيكون من السهل عليه تجنيد عناصر يمنية.

' خامسا: حرية الحركة بالنسبة الى عناصر تنظيم 'القاعدة' داخل اليمن وفي منطقة الخليج تبدو سهلة، بسبب وجود اليمن في الجزء الجنوبي من الجزيرة العربية، وكذلك اطلالة اليمن، وجنوبه على وجه الخصوص، حيث يتمركز تنظيم القاعدة، على البحار المفتوحة، وقربه من دولة الصومال الفاشلة.

' سادسا: يعتبر اليمن حاليا دولة شبه فاشلة غير قادرة على السيطرة على حدودها، وهي بذلك بيئة ملائمة للتنظيمات المتطرفة، والتدخل الامريكي لصالح الحكومة اليمنية ضد القاعدة قد يؤدي الى تزايد التعاطف الشعبي معها، وتحويل قادتها وضحاياها الى ابطال. فالكراهية لامريكا والغرب هي في اوساط الشعب اليمني هي الاعلى في العالم الاسلامي.

تنظيم 'القاعدة' اثبت من خلال محاولة التفجير الاخيرة انه اعاد تنظيم نفسه وقواعده في الجزيرة العربية، حيث يوجد ثلثا احتياطات النفط في العالم، مثلما اثبت قدرته على الحركة لتنفيذ اهداف في عواصم ومدن غربية وامريكية.

وبغض النظر عن فشل عملية تفجير الطائرة الامريكية، فان التنظيم خرج منها الفائز الاكبر، واظهر قدرة عالية على اختراق التحصينات الامنية الغربية. فقد اختار مخططو التنظيم هدفهم بعناية فائقة، بمحاولة تفجير طائرة مدنية وفي موسم عطلات اعياد الميلاد، لإحداث اكبر قدر ممكن من الرعب، وتحقيق اكبر قدر ممكن من الدعاية الاعلامية. وبالفعل احتل اسم القاعدة وعمليتها المذكورة صدر الصفحات الاولى في الصحف والنشرات الاخبارية في اوروبا وامريكا بل والعالم بأسره. وجاء هذا التعاطي الاعلامي المكثف بعد فترة ركود احتلت فيها اخبار تنظيم 'القاعدة' ذيل الصفحات الداخلية.

تهديدات الرئيس الامريكي باراك اوباما بمطاردة تنظيم القاعدة، والعمل على القضاء عليه، تذكر بتعهدات الرئيس الامريكي جورج بوش الابن، في بداية الحرب على افغانستان، حيث قال اننا سنخرجهم من جحورهم ونقتلهم او نقدمهم للعدالة.

مهمة الرئيس بوش الابن كانت اكثر سهولة لانه في تشرين الاول (اكتوبر) عام 2001 عندما بدأت الغارات على افغانستان، كان لتنظيم 'القاعدة' عنوان واحد، اي جبال وكهوف 'تورا بورا' المطلة على جلال آباد، وتشكل امتدادا لسلسلة جبال هندكوش، الآن هناك اكثر من عنوان للقاعدة، فهناك مقرات للتنظيم في باكستان وافغانستان واليمن والصومال والعراق والمغرب الاسلامي.

حملة بوش على تنظيم 'القاعدة' والارهاب كلفت الخزينة الامريكية 800 مليار دولار واربعة آلاف قتيل وعشرات الآلاف من الجرحى، ومع ذلك، وبعد تسع سنوات تثبت 'القاعدة' انها اكثر قوة وقدرة على تنفيذ هجماتها.

مهمة الرئيس اوباما وحلفائه في المنطقة العربية ودول الخليج ستكون اصعب بكثير من مهمة سلفه بوش، فالعناوين متعددة وامريكا تخوض حربين في افغانستان والعراق يستحيل الفوز فيهما الا بمعجزة.