الاحتلال يبدأ بغمر ..أنفاق حماس.. هل يغامر الكيان الصهيوني بحياة أسراه ؟

السبت 03 فبراير-شباط 2024 الساعة 10 مساءً / مأرب برس - الخليج أون لاين
عدد القراءات 2204
 

أعلنت حكومة الاحتلال الإسرائيلية في عدة مناسبات خططها لإغراق أنفاق قطاع غزة بمياه البحر، في محاولة لإخراج مقاتلي كتائب القسام منها، وتعطيل هذا السلاح المهم لدى المقاومة.

وفي تطوّر جديد بهذا الشأن أعلن جيش الاحتلال، في 30 يناير الماضي، تحييد بعض الأنفاق بعد غمرها بالمياه، وعلى الرغم من أن بعض المحللين والخبراء استبعدوا نجاح هذه الإجراءات وحذّروا من عواقبها، فإن الاحتلال مستمر في محاولاته.

ويشير مراقبون إلى أن حكومة نتنياهو تغامر بحياة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في تلك الأنفاق، في مؤشر واضح على استخفاف الاحتلال بأرواح أولئك المحتجزين ومشاعر ذويهم.

سلاح الغمر

رغم مرور أكثر من ثلاثة أشهر على الحرب الدائرة في قطاع غزة، فإن غالبية أنفاق حركة المقاومة الإسلامية "حماس" لا تزال سليمة، حيث إن قرابة 80% منها لا تزال فعّالة.

ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن "الجيش فوجئ بأن حجم شبكة الأنفاق في القطاع يفوق تقديرات القادة العسكريين بنحو 600%"، فيما تشكل الأنفاق إحدى التحديات الرئيسية التي تواجهه داخل غزة، حيث نجحت قوات المقاومة في إنشاء شبكة أنفاق معقدة لم يتمكن الجيش الإسرائيلي من تدميرها.

كما قام جيش الاحتلال بعدة محاولات لتدمير الأنفاق، من ذلك محاولة غمرها بمياه البحر، وتفجيرها، إضافة إلى اتخاذ إجراءات أخرى؛ مثل تفتيشها بالكلاب والروبوتات، وتدمير مداخلها، ومداهمتها بجنود من ذوي التدريب العالي، ورغم ذلك فإن هذه الجهود لم تحقق النجاح المرجو حتى الآن.

واعترفت القوات الإسرائيلية، في الأيام الماضية، بأنها تضخ كميات ضخمة من المياه في أنفاق قطاع غزة بهدف تدميرها ومنع المقاومة الفلسطينية من استخدامها.

وقال الجيش الإسرائيلي في بيانه: "خلال الحرب، أدخل جيش الدفاع الإسرائيلي قدرات جديدة لتدمير البنية التحتية الإرهابية تحت الأرض في قطاع غزة؛ عن طريق ضخ كميات كبيرة من المياه إلى الأنفاق"، مضيفاً أن "ذلك جزء من مجموعة وسائل ينشرها الجيش الإسرائيلي للقضاء على التهديد الذي تمثله شبكة الأنفاق تحت الأرضية لحماس".

وأفادت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، في 31 يناير الماضي، نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين غير محددين، بأن نظام "أتلانتس" الذي يهدف إلى غمر أنفاق حركة حماس بمياه البحر، لم يتسبب بتدمير سوى عدد قليل جداً من هذه الأنفاق في قطاع غزة.

كما ذكر مسؤولون إسرائيليون أن "جيش الاحتلال دخل قطاع غزة دون حل حاسم لمسألة الأنفاق"، موضحين أنه "كلما كانت الأنفاق في غزة بعيدة عن البحر، تكتشف إسرائيل أنه من الصعب تدفق المياه تحت ضغط عالٍ عبر الأنابيب".

وأفادت صحيفة "وول ستريت جورنال"، في 28 يناير الماضي، بأن "عملية تعطيل الأنفاق، التي تمتد لأكثر من 300 ميل تحت قطاع غزة، ما يعادل تقريباً نصف طول نظام مترو الأنفاق في مدينة نيويورك، وسيكون لها تأثير كبير في تقويض قدرة حماس على تخزين الأسلحة والذخيرة بشكل آمن نسبياً، وكذلك في تدمير المخابئ التي يستخدمها المقاتلون، ومراكز القيادة والسيطرة الخاصة بحماس، إضافة إلى الحد من قدرتها على المناورة في المناطق التي لا تتعرض لنيران القوات الإسرائيلية".

مغامرة الاحتلال وتداعياتها

وخلال مؤتمر صحفي، في ديسمبر الماضي، قلل القيادي في حركة حماس أسامة حمدان من خطط "إسرائيل" لتدمير الأنفاق.

وأوضح أن "الأنفاق جزء من منظومة المقاومة، وبُنيت بأيدي مهندسين أصحاب خبرة، وهي مهيأة لمواجهة المخاطر المحتملة".

يقول المحلل العسكري والاستراتيجي عبد الجبار العبو، إن عملية إغراق أنفاق غزة بدأت بها "إسرائيل" مع بداية عملية اجتياح قطاع غزة، خصوصاً في المناطق الشمالية، لا سيّما بعد أن سيطرت على المناطق القريبة من ساحل البحر المتوسط، وخصوصاً في منطقة مخيم الشاطئ شمالي مدينة غزة القديمة.

ويضيف لـ"الخليج أونلاين" أن "أسلوب الإغراق ليس بأسلوب جديد، إضافة إلى الأساليب التقليدية، وهي التدمير، أو استعمال الغازات داخل هذه الأنفاق لإجبار من بداخلها على الخروج، أو تدمير الأنفاق بمن فيها".

كما يعتقد العبو أن "إسرائيل لن تتخلى عن أسراها؛ لأن ذلك سوف يؤثر على الحكومة الإسرائيلية، خصوصاً أنها أمام انتخابات مقبلة، لذلك سوف تمارس أسلوب إغراق الأنفاق في المناطق الشمالية".

ويشير إلى أن "وسط غزة وشمالها يشهدان الآن اشتباكات قليلة، لذلك وصلت إسرائيل إلى قناعة بأن هذه المنطقة ليس فيها أسرى، بل نقلوا إلى المناطق الجنوبية والوسطى من غزة، وتحديداً خان يونس، التي قد تحتوي على أنفاق كبيرة جداً، وقد يوجد فيها الأسرى الإسرائيليون وقيادة حماس".

كما يوضح أن "خان يونس الآن غير معرضة لحرب الغمر؛ لأنها ما زالت بعيدة عن منطقة الساحل، ولأن القوات الإسرائيلية لم تصل إلى سواحل البحر المتوسط في غرب خان يونس".

ويرى العبو أن "إسرائيل باستطاعتها إغراق الأنفاق في غزة؛ لأنها تمتلك إمكانيات هندسية كبيرة، لا سيما أن هناك سلاح هندسة ضمن الجيش الإسرائيلي، متخصصاً بتدمير الأنفاق، وبإمكانه أن يغرقها".

ويضيف أن "من أبرز الطرق التي تعتمدها المقاومة لإفشال محاولات الإغراق هي عمليات تدمير هذه المنصات، أو تدمير المضخات التي قد تستخدمها إسرائيل، سواء بواسطة الطائرات المسيرة أو بواسطة التفجير باستهدافها، كما يستخدم صواريخ قاذفات الياسين 105".

وحول العواقب المحتملة لعملية الإغراق، يؤكد العبو أن "هناك عوامل تأثير على المياه الجوفية، لأن غزة بشكل أساسي ليس فيها أنهار، وتعتمد على المياه الجوفية، وفي حال إغراق هذه الأنفاق بمياه البحر فإن مياه غزة الجوفية سوف تتلوث وتكون غير صالحة للاستخدام البشري، وتحتاج إلى عملية معالجة قد تكون مكلفة جداً".

كما يلفت أيضاً إلى أن "هناك أخطاراً بيئية قد تؤدي إلى انهيار البنية التحتية في شمال غزة، وفيما لو تسربت تحتها المياه أيضاً سيؤثر على البنى التحتية التي هي أيضاً بالأساس مدمرة بسبب القصف والتدمير".

طريقة الإغراق

زعم جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه قد سبق تفعيل عملية إغراق الأنفاق أداء عمل مهني شامل، حيث شملت عملية الإغراق التحليل الدقيق لخصائص التربة ونظام المياه في المنطقة، وذلك بهدف التحقق من عدم إمكانية التأثير الضار على المياه الجوفية في هذه المنطقة.

كما أوضح أن "هذا المشروع يُعدّ أداة واحدة من إجماليّ أدوات الجيش والنظام الأمني ​​الذي تم تطويره في السنوات الأخيرة، للتعامل مع البنية التحتية لحماس في غزة السُّفلى".

وأفادت صحيفة "وول ستريت جورنال"، في ديسمبر الماضي، بأن عملية ضخ المياه إلى الأنفاق قد تستغرق على الأرجح أسابيع.

وأشارت الصحيفة إلى أن عملية إغراق الأنفاق بمياه البحر "تتم عبر 7 أنظمة ضخ مختلفة"، وكانت سلطات الاحتلال قد أعلنت رصدها قرابة 800 نفق في غزة، مؤكدة أن شبكة الأنفاق الموجودة أكبر بكثير مما هو معلوم.

وأكملت القوات الإسرائيلية نشر ما لا يقل عن خمس مضخات تقع على بعد ميل تقريباً إلى الشمال من مخيم الشاطئ للاجئين، حسب "وول ستريت جورنال"، وتمتلك هذه المضخات القدرة على نقل آلاف المترات المكعبة من المياه في الساعة، مما يتيح لها غمر الأنفاق في غضون أسابيع.

كما أشارت شبكة "إيه بي سي نيوز" إلى أن عملية الغمر تبدو محدودة، حيث تعمل "إسرائيل" حالياً على تقييم فعالية هذا الإجراء من الناحية الاستراتيجية.

وبحسب تصريحات أدلى بها مسؤولون أمنيون إسرائيليون لصحيفة "نيويورك تايمز"، في 16 يناير الماضي، تشير تقديرات أمنية إسرائيلية إلى أن طول شبكة الأنفاق الإجمالي في قطاع غزة، قد يتجاوز 700 كم، وإلى وجود نحو 5 آلاف و700 فتحة منفصلة تؤدّي إلى الأنفاق.