الورقة المصرية "المعدلة".. استجابة لشروط "فتح" وتجاهل لملاحظات الفصائل (تقرير)

الإثنين 19 أكتوبر-تشرين الأول 2009 الساعة 08 صباحاً / مارب برس- مركز الأعلام الفلسطيني
عدد القراءات 6005
 
 

مرة أخرى دخلت جهود تحقيق المصالحة الفلسطينية دوامة المجهول بعد أن نجحت حركة "فتح" في نيل مرادها بإدخال تعديلات على الورقة المصرية للمصالحة، ومحاولة تسويقها على أنها نسخة نهائية غير قابلة للنقاش ولا التعديل.

وفيما يصب قادة "فتح" وسلطة رام الله جام غضبهم على حركة "حماس" بزعم أنها تتهرَّب من التوقيع على المصالحة، وعن قصد يحاول هؤلاء تصوير الأمر وكأن جميع الفصائل توافقت، و"حماس" هي التي تعطل هذه اللحظة التاريخية التي يتوق إليها الشعب الفلسطيني؛ تتوالى ردود الأفعال من مختلف الفصائل الفلسطينية مسجلة تحفظاتها على الورقة المصرية التي جرى تعديلها لتوافق تحفظات حركة "فتح" التي جرى التوافق عليها من أغلب الفصائل؛ بما فيها حركة "حماس".

"الشعبية" تحذر من حقل ألغام

فـ"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، وعلى لسان عضو لجنتها المركزية جميل مزهر، حذرت في بيان الأحد (18-10) تلقى "المركز الفلسطيني للإعلام" نسخةً منه، من عراقيل وألغام ستنفجر في أية لحظة في حال تطبيق اتفاق المصالحة الفلسطينية على الأرض، إن لم يؤخذ بعين الاعتبار بعض الملاحظات المهمة والقضايا التي لم تتضمنها الورقة المصرية "المعدَّلة".

وقال مزهر إن "الجبهة" لم تتسلم الورقة المصرية، بل اطلعت عليها عبر وسائل الإعلام، ووضعت عليها بعض الملاحظات، لافتًا إلى أنها "لم تتضمن حق العودة للاجئين الفلسطينيين ولا حق شعبنا في المقاومة".

 وأكد أن "هناك الكثير من القضايا بحاجة إلى بحث" إلى جانب التحفظ على اللجنة المشتركة وآلية تشكيلها وطبيعة النظام الانتخابي، وهو ما يعني رفضًا واضحًا للورقة المصرية.

الغول: مطلوب جلسة حوار لصياغة الملاحظات ومناقشتها

وفي ذات الاتجاه قال كايد الغول عضو اللجنة المركزية لـ"لجبهة الشعبية": "لدينا ملاحظات جدية وجوهرية على الوثيقة؛ ولذلك كنا مع عقد جلسة حوار وطني شامل قبل الصياغة النهائية لهذه الوثيقة؛ حتى تعكس خلاصة النقاشات والملاحظات للقوى وحتى لا تكون الوثيقة انعكاسًا لآراء الفصيلين فقط".

وأضاف: "على مصر إعادة النظر في الآلية التي اعتمدتها للتوقيع على هذه الوثيقة, بحيث يدعى إلى جلسة حوار شامل يتم من خلالها مناقشة الملاحظات عليها من أجل الخروج بوثيقة تعكس القاسم المشترك بين الجميع".

"الديمقراطية": أربعة تحفظات وحاجة إلى التطوير

أما "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" -وهي أيضًا من فصائل "منظمة التحرير" ومعروفة بتحالفها الوثيق مع حركة "فتح" في الأوان الأخير- فانتقدت هي الأخرى النسخة المعدَّلة من الورقة المصرية، مشددة على أنها تحتاج إلى تطوير ديمقراطي توحيدي.

وأكدت "الديمقراطية" على لسان مصدر مسؤول في بيان الجمعة (16-10) تلقى "المركز الفلسطيني للإعلام" نسخةً منه، أن الورقة تحتوي على نقاط متفق عليها في الحوار الشامل الذي جرى في 26 شباط (فبراير)، و(10 : 19) آذار (مارس) الماضي في القاهرة، ونقاط غير متفق عليها.

ورأت "الجبهة" أن هذه النقاط "لا تؤدي إلى الوحدة والشراكة الوطنية الشاملة لكل مكونات الشعب الفلسطيني".

وحدد المصدر المسؤول في "الديمقراطية" أربع ملاحظات رئيسة على الورقة، لافتًا إلى أن جبهته لم تستلم حتى الآن الورقة، وأنها ستدرسها مع باقي الفصائل عقب الاستلام الرسمي من الجميع.

ولفت إلى أن ورقة الاتفاق "تحوي نقاطًا أخرى لم يتم الاتفاق عليها في حوار القاهرة الشامل، تحتاج إلى حوار مع جميع الفصائل والقوى والشخصيات الوطنية وصولاً إلى اتفاق شامل ديمقراطي وحدوي للتنفيذ وليس فقط للتوقيع عليه بدون تنفيذ" دون أن يحدد ماهية هذه النقاط.

"الجهاد الإسلامي": رفض أي مساس بالمقاومة

وبالرغم من أن حركة "الجهاد الإسلامي" أعلنت أنها ستحدد موقفها عقب تسلمها رسميًّا الورقة المصرية، فإنها سجلت تحفظات جوهرية على بعض نقاط الورقة التي تداولتها وسائل الإعلام.

 وأكد خضر حبيب القيادي في الحركة أن "المقاومة ليست ميليشيات، ومن حق شعبنا مقاومة الاحتلال حتى دحره"، في إشارة إلى إحدى النقاط التي تم إقحامها في الورقة المعدَّلة حول حظر أي تشكيلات عسكرية خارج الأجهزة الأمنية بناءً على رغبة محمود عباس.

وقال حبيب: "نحن ليس لدينا دولة، وما لدينا هو فصائل مقاومة من حقها الاحتفاظ بسلاحها ومواصلة المقاومة لحين تحرير القدس وفلسطين بكامل ترابها"، مشددًا على رفض مجرد فكرة حل "السرايا"، وقال: "حركة "الجهاد الإسلامي" ستبقى في المقاومة إلى أن نحط رحالنا في القدس الشريف".

وأكد حبيب عدم تسلم حركة "الجهاد الإسلامي" ورقة المصالحة المصرية، مشددًا على أنه حين يتم تسليمها إلى قيادة الحركة ستتم دراستها وإعلان الموقف منها بما لا يمس الثوابت الفلسطينية، على حد قوله؛ وذلك في إشارة إلى وجود تحفظات لـ"الجهاد" على ورقة المصالحة المصرية من ناحية مسها بالثوابت الفلسطينية للشعب الفلسطيني.

"حماس": ملاحظات على الورقة "المعدلة" لا الأصل

بدوره أوضح الدكتور سامي أبو زهري المتحدث باسم "حماس" في تصريح خاصٍّ أدلى به اليوم الأحد (18-10) إلى "المركز الفلسطيني للإعلام"؛ أن ملاحظات الحركة التي سيتمُّ رفعها إلى القاهرة مرتبطةٌ بالورقة المصرية "المعدَّلة" التي تسلَّمتها الحركة مؤخرًا، لافتًا إلى أن هذه الورقة تضمَّنت نقاطًا لم يجرِ التباحث بشأنها في أي وقت سابق، كما أن هناك نقاطًا جرى الاتفاق عليها وتمَّ حذفها من هذه الورقة.

وأضاف: "أما الورقة التي عُرضت علينا سابقًا وأعلنَّا موافقتنا عليها فنحن ملتزمون بها، ولا يوجد أي تغيير في الموقف إزاء ذلك، وملاحظاتنا فقط هي على تعديلات لم يجرِ بحثها على مضمون الورقة التي تم التوافق عليها مع المسؤولين المصريين".

وأكد أنه ليس لدى حركة "حماس" أية نقاط إضافية، وإنما الملاحظات هي بعض التحفُّظات على التعديلات، مشددًا على أن تصريحات حركة "فتح" بأن "حماس" تتهرَّب من توقيع الاتفاق هي تصريحاتٌ فارغة المضمون ولا تعكس الحقيقة.

كيف عُدِّلت الورقة لتلبيَ شروط عباس؟!

وقال: "(حماس) لم تضع أية ملاحظات على الورقة المصرية التي عُرضت سابقًا، وإنما حركة "فتح" هي التي وضعت ذلك، وقد اعترف محمود عباس بهذا الأمر في خطابه مساء أمس السبت أمام اجتماع المجلس الثوري لحركته، حينما قال إنهم أبلغوا المصريين أن أيَّ اتفاق مصالحة يجب أن يلتزم بالشرعية الدولية وبرنامج (منظمة التحرير الفلسطينية)".

وأضاف: "ما نستطيع أن نؤكده من تصريحات عباس أن "فتح" لم توافق على الورقة المصرية، وإنما وافقت على الورقة (المعدَّلة)".

شروط عباس واتفاق غير معلن

وكان عباس في خطابه أمام المجلس الثوري مساء الأحد (17-10) كشف عن توافق مع القاهرة على أن يلبِّي أي اتفاق مصالحة"شروط "الرباعية الدولية" (أي الاعتراف بالكيان الصهيوني) وما سمَّاه "دستور منظمة التحرير"، وهو ما يعني -وفق مراقبين- تفريغًا لورقة المصالحة المصرية من مضمونها".

وقال عباس إنه أرسل جوابًا إلى القاهرة حول الورقة المصرية من ثلاث نقاط يتضمن موافقته على تأجيل الانتخابات "تنازلاً من أجل مصر" على حد تعبيره، فيما رفض "أي اتفاق يعيد علينا الحصار مرة أخرى".

وأوضح أن ذلك يعني أن "أي اتفاق يتناقض مع الشرعية الدولية ويؤدي بنا إلى ما أدى إليه "اتفاق مكة"، لن نقبل به".

وقال: "ليس لدينا استعداد لأن نوقع على اتفاق ونحاصَر في اليوم التالي كما حصل بنا قبل "مكة"، أو بعد (مكة)" مشيرًا إلى البند الثالث الذي أبلغه للقاهرة، وهو عدم القبول بـ"أي شيء يتناقض مع النظام الأساسي أو القانون الأساسي لـ(منظمة التحرير الفلسطينية)"، وهو ما يعني إلزام الفصائل ببرنامج "منظمة التحرير" الذي يعترف بالكيان الصهيوني، أي نسف أسس المصالحة من جذورها.

وفي إطار المواقف المجمعة على تسجيل ملاحظات على الورقة المصرية جاء إعلان أمين سر لجنة المتابعة العليا للمؤتمر الفلسطيني خالد عبد المجيد عقب اجتماع لفصائل دمشق في العاصمة السورية قبل عدة أيام أن "الفصائل الفلسطينية لن توقع على الورقة المصرية إلا إذا تضمنت الحقوق والثوابت الفلسطينية وضمان حق مقاومة الاحتلال الصهيوني، وأكد أن "الفصائل الفلسطينية طالبت القيادة المصرية بان تتضمَّن الرؤية المصرية الحقوق والثوابت الوطنية الفلسطينية وحق مقاومة الاحتلال الصهيوني".

ويبقى السؤال الأهم على لسان المواطنين والمراقبين الفلسطينيين: إذا كانت كل الفصائل الفلسطينية لديها ملاحظاتها على الورقة المصرية التي جرى تعديلها لتلبيَ مطالب حركة "فتح" التي هي بالأساس مطالب خارجية لو استجابت لها "حماس" لما واجهت الحصار من الأصل.. فكيف يمكن أن تسمح القاهرة لمجموعة منعزلة في رام الله بتعطيل جهدها والتلاعب بهذه الجهود لتحقيق المصالحة بعد أن أوشكت تؤتي ثمارها؟!.