آخر الاخبار

اشتعال المظاهرات الداعمة لغزة في عدة جامعات أمريكية والشرطة تتدخل صحيفة تكشف عن مطلبٍ مهم تنازل قادة العدو الصهيوني عنه لصالح حماس صراع الاجنحة يطيح بـ محمد علي الحوثي وصنعاء تقسَّم الى مناطق - زعيم المليشيات يتدخل لمنع الصدام خطوة جديدة للحكومة الشرعية تمثل ضربة كبيرة لمليشيات الحوثي تأكيداً لمصادر مأرب برس.. واشنطن تبعث رسمياً برسالة ضربات قاسية مرتقبة للحوثيين قتلها ذبحا بالسكين..تفاصيل جريمة قتل بشعة بطلها سفاح حوثي وضحيتها زوجته - هذا ما قام به اهالي الضحية قبل ان تجف دماء ابنتهم ودموع اطفالها الخمسة خامنئي يوجه رسالة تهديد غير مباشرة للسعودية سيول جارفة تجتاح السعودية لا يعرف المعمرون لها مثيلا عطلت الدراسة والحياة والسلطات تعلن رفع حالة التأهب .. شاهد رمياً بالرصاص.. تصفية قيادي حوثي في صنعاء بعد مغادرة رئيس مجلس القيادة الرئاسي لمحافظة مأرب بساعات .. الإعلام الإيراني والحوثي يرفع لهجة التهديد للسعودية ويتوعد باستهداف الأهداف الاستراتيجية

المسمار الأخير في نعش الاستعمار.. عن انتفاضة 20 يونيو الصفحةٌ المضيئةٌ في ثورةٍ 14 أكتوبر المجيدة«تقرير»

السبت 15 أكتوبر-تشرين الأول 2022 الساعة 03 مساءً / مأرب برس-تقرير/فؤاد مسعد
عدد القراءات 3067

انطلقت ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963 في جنوب اليمن، من جبال ردفان الشماء بقيادة الثائر البطل الشهيد، راجح بن غالب لبوزة، وأعلن الثوار بداية الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني حتى يتم تحرير جنوب الوطن، وتوسعت رقعة الثورة وتسارعت وتيرة النضال وارتفعت أعداد الثوار والفدائيين في مختلف مناطق الجنوب، بما فيها العاصمة عدن التي كان يطلق عليها الانجليز مسمى (مستعمرة عدن).

حاولت بريطانيا إخماد الثورة بكل السبل والوسائل المتاحة، فعملت على دعم مشروعها الذي أسمته (اتحاد إمارات الجنوب العربي)، وجمعت في إطاره أتباعها والموالين لها من السلاطين والأمراء والمشائخ، غير أن الثورة ظلت مستمرة ولم تتوقف، ولم يستطع الاستعمار وأتباعه إطفاء وهج الثورة رغم ما كانوا يمتلكون من دعم وإمكانيات- سيما وقد أصبح لهم حكومة وبرلمان (مجلس تشريعي)، فضلاً عن الامتيازات التي حصل عليها أتباع الاستعمار في مناطق حكمهم التي كان الإنجليز يسمونها “المحميات”، بموجب اتفاقيات ومعاهدات أبرمتها السلطات البريطانية مع الأمراء والسلاطين والمشايخ تتضمن تبعيتهم لسلطات الاحتلال مقابل حصولهم على الحماية والدعم المالي المحدود.

كان عام 1967 هو الأشد وطأة على الاستعمار البريطاني وأتباعه، بعدما تصاعدت عمليات الثوار والفدائيين، لذلك أعلنت السلطات البريطانية في شهر فبراير من هذا العام، أن بداية العام القادم (1968) سيكون موعد مغادرتها جنوب اليمن، كما أعلنت أن جيش الاتحاد النظامي سيتسلم مهام القوات البريطانية بعد رحيلها، وعمدت لإجراء بعض التعديلات في قيادة الجيش، منها تعيين قائد عربي للجيش الاتحادي، لأول مرة بدلاً عن القادة الانجليز الذين ظلوا يتعاقبون على قيادته في الفترة الماضية.

الانتفاضة والسيطرة على كريتر

عينت حكومة الاتحاد التابعة لسلطات الاحتلال البريطاني العقيد ناصر بن بريك قائداً لجيش الاتحاد، وهو أول قائد عربي للجيش، غير أن هذا التعيين قوبل برفض الغالبية من ضباط الجيش، وسارع أربعة من كبار الضباط لتقديم رسالة احتجاج على تعيين بن بريك مطالبين بتغييره، ومن جهتها أصدرت حكومة الاتحاد أمراً بتوقيف الضباط الأربعة المحتجين وفي مقدمتهم العقيد/حسين عثمان عشال الذي كان قد بدأ التنسيق مع قيادة الجبهة القومية، وعندما تسرب هذا القرار في أوساط الجيش والشرطة بدأ الأفراد يعلنون عن احتجاجهم، وقرر القادة والضباط المحتجون بعد التنسيق فيما بينهم على القيام بحركة تمرد داخل معسكرات الجيش بتاريخ 20 يونيو 1967، وكان معهم في تلك الترتيبات بعض عناصر الجبهة القومية.

ومما زاد في الاحتقان وإثارة الغضب لدى الثوار وأفراد الجيش والشرطة إعلان الحكومة البريطانية أن قواتها البحرية ستبقى في الجنوب بعد استقلاله، وفقاً لبيان أدلى به المستر جورج براون وزير الخارجية البريطانية في 19 يونيو 1967 أمام مجلس العموم ، وكشف هذا الإعلان عن تناقض البريطانيين مع إعلانات سابقة لحكومتهم – خاصة إعلان شهر فبراير 1967، الذي أكدت فيه حكومة بريطانيا أنها ستترك الجنوب وشأنه بعد الاستقلال، فيما هذا الإعلان يؤكد أنها ستظل تسيطر على الدولة الجديدة من خلال “بقاء قوة بحرية مرابطة في الجنوب لستة أشهر بعد الاستقلال”، وأرجع مراقبون ذلك التحول في الموقف البريطاني إلى هزيمة الجيوش العربية أمام إسرائيل في حرب يونيو 1967 الذي اعتبرته انتصاراً جديداً لها يستدعي احتفاظها بمستعمراتها الواقعة جنوب اليمن، ولو لعدة أشهر إضافية، وهو ما أدى لتأزم جديد في الوضع فوق ما هو متأزم بسبب تعيين أحد الضباط الموالين للإنجليز، وهو ناصر بن بريك قائداً للجيش وإيقاف القيادات التي طالبت بتغييره.

وفي صبيحة 20 يونيو بدأت الإضرابات وحركات التمرد في عدد من المعسكرات، بداية بثكنات الجيش في معسكر (ليك لين) حيث أحرق المحتجون قسماً من المباني، ثم توسعت أعمال التمرد لتشمل ثكنات الشرطة المسلحة (شامبيون لين) الواقعة بالقرب من المطار، وفي ذلك الوقت تعرضت سيارة نقل تابعة للقوات البريطانية لإطلاق نار ما أدى لمقتل 9 من الجنود، وتوسعت حركة التمرد وإطلاق النار لتصل إلى فصيلة الشرطة في مدينة الاتحاد (مدينة الشعب حالياً)، حيث قام الجنود والضباط المحتجون بتكسير الأبواب والنوافذ واقتلاع أعلام السلطات البريطانية وحكومة الاتحاد الموالية لها.

وفي تطور لافت انتقلت أعمال التمرد إلى كريتر، حيث اشتبك الثوار مع البريطانيين في معسكر البوليس المسلح (معسكر 20 يونيو حالياً)، وهاجموا مبنى السجن وقاموا بتحرير المئات من المعتقلين، وعندما حاولت السلطات البريطانية التعزيز بقوات جديدة إلى كريتر وقفت عاجزة بسبب تصدي المحتجين ومعهم عناصر الجبهة القومية الذين نسقوا مع قيادات بارزة في الجيش والشرطة من أجل المواجهة مع الانجليز، وظلت كريتر تحت سيطرة الثوار نحو أسبوعين، ولم تتمكن قوات الانجليز من الدخول إليها إلا في الرابع من يوليو- أي بعد 14 يوماً من بدء أعمال التمرد التي انطلقت في 20 يونيو.

تداعيات الانتفاضة وتحقيق الاستقلال

كشفت انتفاضة 20 يونيو عن قدرة الثوار على إلحاق الهزيمة بسلطات الاحتلال وحكومتها العميلة- حكومة اتحاد الجنوب العربي، ذلك أن الثوار حققوا انتصاراً مدوياً داخل معسكراتها ووسط ثكناتها المسلحة في أحياء عدن المختلفة، بما فيها كريتر- المركز الأكثر حيوية وأهمية للاستعمار البريطاني وحكومة الاتحاد، وشكل ذلك الانتصار عاملاً حاسماً لدى الثوار في بقية مناطق الجنوب. بالإضافة إلى أن هذا الانتصار كان له بعد وطني وقومي لا يمكن إغفاله، ذلك أنه جاء بعد أيام قليلة على تحقيق جيش إسرائيل انتصاراً خاطفاً في سيناء مصر وجولان سورية وأجزاء من فلسطين في حرب 5 يونيو المعروفة بـ”نكسة حزيران/يونيو 1967″، وبما أن بريطانيا هي الداعم والراعي الأكبر لإسرائيل فإن الانتصار عليها يعد انتصاراً عربياً على أكبر حلفاء العدو الإسرائيلي وداعميه.

وعن تداعيات انتفاضة 20 يونيو لدى قادة الاحتلال البريطاني يقول المندوب السامي البريطاني السير كينيدي ترافيسكس: “لقد كان ذلك هزيمة ساحقة بالنسبة للبريطانيين، وأكثر سحقاً بالنسبة للحكومة الاتحادية، وإن هذه الهزيمة تعتبر آخر مسمار في نعش الحكومة”، وقال المندوب البريطاني “إن أكثر العرب يعتقدون أن حكومة الاتحاد قامت بكل غدر وخيانة باستدعاء حلفاء إسرائيل، لقتال إخوانها العرب، وزاد ذلك في تأليب الشارع ضد الاستعمار البريطاني- الداعم لإسرائيل، وأدواته ومشاريعه وفي مقدمتها حكومة الاتحاد ومشروعها المسمى “اتحاد الجنوب العربي”، سيما وأن الشارع كان في غاية التأثر بما وقع للعرب من هزيمة قاسية في حرب يونيو 1967.

وبالفعل كانت هذه الانتفاضة هي المسمار الأخير في نعش الاحتلال وحكومة الاتحاد، ففي 22 يونيو (بعد يومين فقط من انتفاضة عدن)، تمكن ثوار الجبهة القومية من السيطرة على إمارة الضالع، وهي أول إمارة يسقطها الثوار، ولحقتها بقية المناطق التي تتابعت أنباء سقوطها وسيطرة الثوار عليها، فبعد ثلاثة أيام سقطت منطقة الشعيب، وفي شهر أغسطس من العام نفسه سيطر الثوار على سلطنة لحج، وسلطنة الفضلي في زنجبار، وهما من أكبر وأهم الكيانات الإدارية في جنوب اليمن، سيما وأن السلطنتين تجاوران العاصمة عدن من جهتي الشمال والشرق، وفي الشهر نفسه سقطت منطقتا دثينة والعواذل في أبين، وفي شهر سبتمبر سيطر الثوار على مشيخة العقربي بين لحج وعدن، وسلطنة القعيطي بحضرموت (الساحل)، وإمارة بيحان بشبوة، وفي أكتوبر تمت السيطرة على سلطنة الكثيري في وادي حضرموت والمهرة.

ويمكن تفصيل تاريخ سقوط المناطق كما يلي:

اسم المنطقة تاريخ السقوط

الضالع 22 يونيو 1967

الشعيب 25 يونيو 1967

المفلحي 12 أغسطس 1967

لحج 13 أغسطس 1967

دثينة 13 أغسطس 1967

العواذل 27 أغسطس 1967

الفضلي (زنجبار) 28 أغسطس 1967

يافع السفلى 28 أغسطس 1967

يافع العليا 2 سبتمبر 1967

مشيخة العقربي 2 سبتمبر 1967

العوالق السفلى 9 سبتمبر 1967

القعيطي (حضرموت الساحل) 16 سبتمبر 1967

بيحان 18 سبتمبر 1967

الكثيري 2 أكتوبر 1967

المهرة 14 أكتوبر 1967

مشيخة العوالق العليا 27 أكتوبر 1967

عدن وضواحيها 6 نوفمبر 1967

سلطنة العوالق العليا 29 نوفمبر 1967

جزيرة سقطرى 30 نوفمبر 1967

 وهكذا انفرط عقد الاستعمار وتساقطت المناطق في أيدي الثوار، وأخذت أعلام الثورة ترفرف في سماء الوطن، فيما قوات الانجليز تتراجع وينحسر نفوذها بانحسار حكومة الاتحاد وانهيار سلطة الأمراء والسلاطين، وذلك بفعل العمل الثوري المتنامي الذي لم توقفه أعمال القمع والقتل والقصف الجوي واستخدام الأسلحة الحديثة والمتطورة، كما لم تتمكن مؤامرات الاستعمار وعملائه من النيل من إرادة الثوار وإصرارهم على تحقيق الهدف السامي الذي بذلوا لأجله أرواحهم ودماءهم، وهو تحرير الأرض اليمنية من الاحتلال ومخلفاته، وتحقيق الاستقلال الوطني كاملاً غير منقوص أو مشروط، وهو ما وصلت إليه تطورات الأحداث، فبعدما استنفد الاستعمار الأجنبي كل أوراقه أعلن عن قرب موعد انسحابه، وجاءت مفاوضات جنيف بين الحكومة البريطانية وقيادة الجبهة القومية، وأفضت إلى خروج الاستعمار البريطاني بعدما ظل جاثماً 129 سنة، وتم إعلان الاستقلال في 30 نوفمبر 1967، وقيام الدولة الوطنية في جنوب اليمن.

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن