مناطق سيطرة الحوثي.. المناصب والامتيازات للسلالة الهاشمية والموت والاذلال للمواطن والقبيلة اليمنية

الثلاثاء 07 ديسمبر-كانون الأول 2021 الساعة 10 صباحاً / مأرب برس ـ غرفة الاخبار
عدد القراءات 2598

بعد 6 سنوات من احتلال مليشيا الحوثي الانقلابية للعاصمة صنعاء وسيطرتها على مؤسسات الدولة، لم تكتفي بحرب اليمنيين والتنكيل بهم واعتقالهم ونهبهم، بل اصبحت تهدد مصادر عيشهم بعد ان جعلت كل التعيينات والمناصب حكرا على السلالة "الهاشمية"، فيما المواطن اليمني ليس له حق سوى الموت في الجبهات حفاظا على حكم السلالة.

فبعد ان سيطرة الجماعة على جميع مؤسسات الدولة، سخرتها لصالحها. وقد تمت السيطرة في البداية من خلال ما أسموها "اللجان الثورية"، التي أصبحت –عملياً- هي المتحكمة بشؤون المؤسسات الحكومية، وفي مرحلة لاحقة قاموا بتعيين عناصرهم في الوظائف الرئيسة، دون أي اعتبار للمؤهلات أو الخبرات أو القوانين المنظمة للعمل في هذه المؤسسات.

مصادر أمنية بوزارة الداخلية التابعة لسلطات الانقلاب الغير معترف بها، قالت ان الجماعة، قامت بترفيع عناصرها الهاشميين في الوزارة من رتبة جندي إلى رتبة لواء، وهي أعلى رتبة في هذه الوزارة. في الوقت نفسه؛ تم فصل الكثير من الموظفين الغير الهاشميين والذين يشكون في معارضتهم.

مراقبون قالوا لـ”مأرب برس“، ان "سيطرة الأقلية الهاشمية، واستحواذها على جميع الوظائف العليا والحساسة، ومعظم الوظائف الوسطى، وأصبحت -عملياً- بمثابة الأقلية المختارة صاحبة الامتيازات والحظوة، تكون الجماعة قد طبقت مبعدئ الأنظمة الاستبدادية التقليدية التي تحصر المناصب الرئيسة في سلالة معينة".

ومن شأن هذه السيطرة، زيادة نفوذه الجماعة بشكل واضح، حيث أظهر الكثير من الموظفين ولاءهم للحوثيين رغبة في الحصول على منافع أو خوفا منهم، أما من لم يرغب في القبول بهم فقد انسحب من موقع عمله"، بحسب المراقبين.

وأشاروا الى ان "حصر الحكم والتعيينات في السادة الهاشميين، لان هؤلاء هم الأنصار الطبيعيون للحركة؛ لكونها ستمنحهم حق الحكم والمكانة العليا في المجتمع، وهو ما يجعلهم أقلية ذات امتيازات خاصة؛ تشمل التمتع بالوظائف العليا في الدولة، والمكانة الاجتماعية المرموقة، وغيرهما من الامتيازات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية".

وقد تأكد هذا الأمر - بحسب المراقبين ـ في كل المناطق والمواقع التي سيطر عليها الحوثيون، فجميع المناصب المهمة والحساسة داخل الحركة يشغلها أشخاص ينتمون للسادة الهاشميين، وجميع التعيينات الرسمية في المواقع الحساسة في الدولة، والتي صدرت عن الحوثيين بعد دخولهم صنعاء، مُنحت لأشخاص من هذه الفئة نفسها. ومعظم الوظائف في المستويات الوسطى أعطيت لهم أيضاً. وقد تم ذلك دون أي اعتبار للكفاءة أو الخبرة أو الشهادة العلمية.

وبنظرة سريعة لجميع التعيينات التي تمت من قبل الحوثيين في مؤسسات الدولة، نجد أن أكثر من (90%) قد تمت لهاشميين، وهو ما يؤكد توجه الحركة لجعل هؤلاء بمثابة الأقلية المهيمنة على الدولة، وصاحبة الامتيازات الخاصة بها، وأداة السيطرة العسكرية والمالية والاجتماعية والثقافية. والحركة الحوثية تعيد استنساخ أنموذج الحكم الإمامي، الذي كان يمنح السادة الهاشميين معظم المناصب السياسية والإدارية والقضائية والعسكرية في الدولة.

صراع المناصب

وفي وقت سابق، كشفت وثيقتان عن حجم الصراع القائم بين التيارين الرئيسين في ميليشيات الحوثي، ”القبائل والهاشميين“ على المناصب العليا لا سيما منصب محافظ محافظة صنعاء.

وتظهر الوثيقة الأولى، استنكار المجلس المحلي بمحافظة صنعاء، التي تسيطر عليها ميليشيات الحوثي، “ التجاوزات غير الدستورية والقانونية “ والتي هدفت إلى إزاحة المحافظ الحالي عبد الباسط علي مهدي ”تيار الهاشميين“، مقابل وضع القيادي الحوثي فارس الحباري ”تيار القبائل“ في ذات المنصب.

وزادت وتيرة الصراع القائم بين التيارين ”القبائل، الهاشميين“ في الآونة الأخيرة، لتكشف حجم الصراع الداخلي ومساعي كل تيار الاستحواذ على أكبر قدر من تلك المناصب، بعيدًا عما يعانيه أغلب اليمنيين جراء الحرب التي تعصف باليمن منذ 7 سنوات إثر انقلاب المتمردين الحوثيين على الشرعية.

وطورت تيارات داخل جماعة الحوثي من أدوات صراعها لتصل الى مرحلة استخدام القوة في فرض مسؤولين محليين على بعض المكاتب الحكومية، وهو ما مارسه القيادي الحوثي محمد البخيتي الذي تم تعيينه محافظًا لمحافظة ذمار – 100 كم جنوب صنعاء- عندما استدعى قوة عسكرية لفرض مدير عام جديد لمكتب الصحة في المحافظة.

وأكدت وثيقة اخرى، مطالبات لوزير الصحة في حكومة الحوثيين، بإعادة مدير مكتب الصحة خالد الحجي إلى منصبه، وأدانت تلك الوثيقة ”التهجم على مكتب الصحة وفرض شخص آخر في منصب مدير مكتب الصحة“.

وينخرط البخيتي ضمن تيار أبناء القبائل الذي يقوده رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط.

فيما يتزعم عبد الكريم الحوثي – وزير الداخلية في حكومة الحوثيين، ”تيار الهاشميين“ أو ما يعرف محليًا بـ “ العقائديين“ وهو التيار الذي يرى في السيطرة على مفاصل المؤسسات الرسمية حقًا أصيلًا لكل من ينتمي إلى الهاشميين الذين تتصل جذورهم – وفق قولهم – بالعائلة الهاشمية.

وبدأ تيار الهاشميين بعد سيطرة المتمردين الحوثيين على صنعاء وانقلابهم على الشرعية، في العام 2014، في خطوات السيطرة على المناصب العليا في المؤسسات الحكومية وصولًا إلى المناصب الإدارية لبعض المؤسسات الحيوية في المحافظات الخاضعة لسيطرة الميليشيات.

واستطاع تيار ”الهاشميين“ أن يحكم سيطرته تمامًا على المناصب العليا في المؤسسات الحكومية والوزرات في حكومة الحوثيين، وهو ما تسبب بصراع مع تيار أبناء القبائل .

اذلال القبائل

وطيلة 6 سنوات من عمر الانقلاب الحوثي، تعرضت القبائل لحرب ممنهجة من قبل المليشيات وخبراء إيرانيين، من بينها النظرة الدونية والتي تحتقر القبائل في مسعى للتحكم بالمشهد القبلي وإضعاف إرثها المقاوم على المدى البعيد، وجعل القبائل فقط وقودا لحربها على السلطة.

وقال زعماء قبليون، إن مليشيا الحوثي تتعمد ممارسة العنصرية ضد القبائل وترغمها على ذكر صفة تمجد زعيمها عند الحديث عنه.

ودرج الحوثيون منذ حروبهم الست بصعدة 2004-2009 على تكوين خارطة معلوماتية دقيقة للتحالفات القبلية شمالا عبر أساليب مختلفة في التجسس وشراء الولاءات وتغذية نزعة الثأر والاغتيالات وبناء كيانات للهيمنة على القبائل وحصر تحركاتها في مساحات ضيقة.

وفككت مليشيات الحوثي بشكل ممنهج ومدروس المنظومة القبلية بشقيها التقليدي والسياسي، المتمثل بشيوخ القبائل أو ممن يمثلها في الدولة وكرست الانقسام الجغرافي والطبقي على أسس طائفية واجتماعية بشكل خطير، حد وصل إلى إصدار قانون "الخمس"، الذي يشرعن نهب أموال اليمنيين ويلزم الجميع، باستثناء العائلات الهاشمية، دفع 20 بالمائة من رأس المال والأملاك.

ولشرعنة قمع القبيلة وضربها، سعت مليشيا الحوثي لإقصاء زعماء القبائل خصوصا قبائل طوق صنعاء، من الوزارات والوظائف الحكومية وعينت بدلا عنهم مشرفين من العائلات الهاشمية.

كما عينت مشرفين من أبناء النسب المقدس في المناطق القبلية، ووصل الأمر إلى هيكلة جذرية للقبيلة بتنصيب زعماء قبليين موالين لها لحكم الكثير من القبائل الخاضعة لسيطرتها.

وقالت مصادر قبلية إن المليشيات الحوثية باتت تهيمن بشكل كبير على قبائل "سفيان"، "حاشد"، "بكيل"، "لهنوم"، "خولان"، "ريمة" بعد فرض زعماء موالين لها وملاحقة آخرين سيما الزعماء الموالين للرئيس اليمني السابق.

كما أوكلت لرئيس جهاز الاستخبارات القيادي الحوثي، أبو علي الحاكم، وكذا القيادي النافذ، محمد علي الحوثي، مهمة تغذية الصراع تحت يافطة التحكيم القبلي معتمدا على سياسة ضرب القبائل ببعضها ببعض.

إهانة زعماء القبائل

وفي 2015، استحدث الحوثيون ما يسمى وثيقة "الشرف القبلي" لاستباحة ومصادرة ممتلكات كل من يرفض القتال في صفوفها من زعماء القبائل واتخاذهم دروع بشرية تحت مسمى "الغرم القبلي".

وبعد الانقلاب في 21 سبتمبر/أيلول 2014، أسس الحوثيون ما يسمى "مجلس التلاحم القبلي" وعينوا القيادي الحوثي، ضيف الله رسام، المتحدر من مديرية "حيدان" بصعدة المعقل الأم للجماعة المدعومة إيرانيا، وذلك من أجل تطويع القبيلة وبسط نفوذهم العسكري.

وتمارس قيادات المليشيات الحوثية أساليب متنوعة للسيطرة على القبائل والتلاعب بأطرها التقليدية بغية فرض سيطرتهم السياسية.

ويرى الخبير اليمني، عصام محمد، أن مليشيا الحوثي استخدمت القوة المفرطة في قمع قبائل اليمن لشرعنة تطويعها لخدمة الهاشميين أو ما يسمى قيادات "النسب المقدس"، كان آخرها اجتياح قبائل حجور في حجة وسبقها حاشد وبكيل وهمدان.

وقال إن مليشيا الحوثي تتعمد إهانة زعماء القبائل وملاحقتهم وإرهابهم بتفجير منازلهم، وأخذ الأبناء كرهائن وابتزاز البعض بمشاهد مخلة، وذلك لأن هذه الجماعة لا تثق إلا بـ"الهاشميين" لتقلد المناصب الحساسة والمهمة.

ولفت إلى أن المليشيات تمهد لإعادة الإمامة بعد 4 عقود من الإطاحة بها وتأسيس الجمهورية، وذلك لأن منصب الإمام هو حصريا من نصيب العائلات الهاشمية السلالية.