هكذا سلّحت فرنسا أذربيجان رغم دعمها لأرمينيا

الجمعة 16 أكتوبر-تشرين الأول 2020 الساعة 07 مساءً / مأرب برس-القدس العربي
عدد القراءات 4083

مع أن فرنسا تعتبر أرمينيا “دولة صديقة” إلا أن ذلك لم يمنعها من إبرام صفقات أسلحة كبيرة جدا مع أذربيجان، على الرغم من الصراع العنيف بين هذين البلدين في جنوب القوقاز.

ففي تقرير لها، قالت مجلة ”لوبس” الفرنسية، إن فرنسا التي تعد ثالث أكبر مصدّر للأسلحة في العالم، والتي يبدو أنها تميل الآن إلى جانب أرمينيا في نزاع إقليم ناغورني قره باغ، لم تتردد في بيع المعدات العسكرية لأذربيجان عدو أرمينيا اللدود.

ومع ذلك، فإن العلاقات بين باريس وباكو عرفت برودة أكثر فأكثر بعد العقود الاقتصادية المثيرة الموقعة بينهما، ومن شأن هذا التوتر أن يعرض للخطر صفقة أسلحة جديدة مربحة للغاية بالنسبة لفرنسا تتعلق ببيع ثلاث سفن حربية لأذربيجان، بمبلغ يقدر بـ430 مليون يورو.

فمن أجل تزويد أذربيجان بهذه السفن من نوع Adroit والتي تهدف رسميا إلى حماية منشآت التنقيب عن النفط البحرية في بحر قزوين، ويمكنها تجهيزها بالصواريخ؛ فإن فرنسا تواجه منافسة من إسرائيل على وجه الخصوص، حيث أصبحت الدولة العبرية أكبر مورد للأسلحة إلى باكو متقدمة على موسكو.

فوفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، كان لإسرائيل حصة 60% من الأسلحة التي تم تصديرها إلى أذربيجان بين عامي 2015 و2019، مقارنة بـ31 % لروسيا التي تزود الجيش الأرميني تقريبا بجميع عتاده العسكري.

وأضحت ”لوبس” أن الانتكاسات في صفقة الأسلحة الفرنسية الأخيرة مع أذربيجان لا تعود إلى استئناف القتال بين باكو ويريفان هذا الخريف، بل إن الرئيس الأذري إلهام علييف أوقف منذ نوفمبر 2018 عقد شراء السفن الفرنسية الثلاث رغم أنه كان “جاهزا للتوقيع” وذلك بسبب استياء الزعيم الأذربيجاني من إلغاء ماكرون – الذي كان في أرمينيا في أكتوبر 2018 لحضور قمة الفرانكوفونية – للزيارة التي كان المفترض أن يقوم بها إلى باكو والتي كان من المقرر أن يتم خلالها توقيع هذا العقد.

بعد ذلك حاول ماكرون إصلاح الأمور مع الرئيس علييف، حيث بعث بالرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي كموفد خاص إلى أذربيجان في يناير 2019. فرغم أن الرواية الرسمية الفرنسية أكدت أن ساركوزي كان في “زيارة عادية” لكن وكالة الأنباء الرسمية لأذربيجان أفادت أنه “تفقّد أعمال البناء والتطوير الضخمة التي تم تنفيذها في باكو تحت رئاسة إلهام علييف وقد تأثر بشدة بهذه العمليات التنموية”.

انعدام الشفافية لدى الجانب الفرنسي

ومضت “لوبس” موضحة أن يريفان تمارس ضغوطا قوية على باريس وتصر على حظر مبيعات الأسلحة الفرنسية لأذربيجان؛ فيما تدافع باريس عن نفسها فيما يتعلق بانتهاك الحظر الذي فرضته منظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE) والأمم المتحدة على الأسلحة، ضد باكو ويريفان منذ 1992 و1993.

وتتحدث فرنسا عن “نصوص للغاية وغير ملزمة قانوناً”، حيث أوضح مدير العلاقات الدولية والاستراتيجية في وزارة الدفاع الفرنسية، فيليب إيريرا، في شهر نوفمبر 2016 أمام لجنة برلمانية فرنسية، أوضح أن باريس “فهمت أن هذه النصوص تقيّد فقط الصادرات إلى باكو أو يريفان من المواد التي يُرجح استخدامها في النزاع في ناغورني قره باغ” وليس ”حظرا شاملا” على تصدير الأسلحة إلى البلدين.

وعليه، ووفقاً لهذا ”التفسير” الفرنسي، فإن الشراكة الصناعية مع أذربيجان تحترم الحظر لأنها “تهدف حصريا إلى مساعدة باكو على حماية البنى التحتية الحيوية في بحر قزوين والمساهمة في أمن الطاقة لأذربيجان”.

وتوضح “لوبس” أن إحدى المشكلات تتمثل في الافتقار إلى التفاصيل والشفافية في الرواية الفرنسية، حيث إنه من غير الواضح بالضبط ما هي الأسلحة التي تبيعها فرنسا لأذربيجان.

فبدون إعطاء تفاصيل، تشير التقارير الموجهة إلى البرلمان الفرنسي حول صادرات الأسلحة، إلى أنه في عامي 2015 و2016 فقط، تم تسليم معدات عسكرية من قبل فرنسا إلى أذربيجان، بقيمة إجمالية قدرها 148.2 مليون يورو.

كما تم في عام 2019 منح “تراخيص” بمبلغ إجمالي قدره 216.4 مليون يورو، منها 190 مليوناً لـ”معدات مكافحة الحرائق والإنذار”. وهو رقم تحدث عنه أيضا نواب برلمانيون في مجموعة التضامن من أجل الإيكولوجيا والديمقراطية، المكونة بشكل خاص من المنشقين من حركة الرئيس إيمانويل ماكرون ”الجمهورية إلى الأمام” الحاكمة؛ والذين طالبوا الحكومة الفرنسية، يوم الأربعاء الماضي، بـ”تعليق هذه المبيعات دون تأخير”.

وكتب البرلمانيون في بيان أن “صادرات الأسلحة الفرنسية إلى أذربيجان مربكة وتقيد بشدة الموقف الواضح الذي اتخذته فرنسا بشأن نزاع ناغورني قره باغ”.

بالإضافة إلى مشكلة الافتقار إلى التفاصيل والشفافية في الرواية الفرنسية، فإنه ثمة مشكلة أخرى كما توضح المجلة، وتتمثل في أن بعض المعدات التي من المفترض أن تكون للاستخدام المدني، تستخدم بالفعل من قبل القوات الأذربيجانية لشن الحرب.

فقد كان من المفترض أن يقوم قمر المراقبة AZERSky عالي الدقة التابع لشركة Airbus Defense and Space ، والذي تم إطلاقه في عام 2014، بمراقبة حقول النفط والغاز في باكو رسميا بشكل حصري، ولكن، كما ذكرت Caspian News، فإن AzerSky يقدم خدمات في مجالات الدفاع والأمن”.

فقد كشف موقع Le Caucase في مايو 2015 أن مجموعة عمل قد اجتمعت بالشراكة مع خبراء من Airbus Defense and Space وهي شركة تابعة لشركة إيرباص متخصصة في بناء قمر صناعي في محطة التحكم الأرضية الرئيسية في أذربيجان.

وتم تنظيم هذه الندوة بشكل مشترك بين شركة إيرباص وممثلي وزارات الأمن القومي أو الدفاع أو الداخلية الأذربيجانية. كان الهدف هو “إظهار خصائص القمر الصناعي، والاستخدام العملي للصور في المهام العسكرية ومزايا بيانات الاستخبارات الجغرافية لضمان التحكم في العمليات العسكرية عن بُعد”.

باختصار، يسمح القمر الصناعي “المدني” AzerSky لباكو بتنفيذ عمليات عسكرية مباشرة عن بعد ضد الأرمن. تقدر تكلفة برنامج AzerSky وفقاً لوزير الاتصالات الأذربيجاني، بـ157 مليون يورو.

 

ثمة أيضا عقد آخر تقدمه باريس على أنه “دفاعي بحت”، سيمكن أذربيجان من شراء صواريخ من MBDA، وهي شركة تابعة لشركة Airbus وBAE Systems وLeonardo.

ويتعلق الأمر بنظام الدفاع ASTER-30-SAMP / T متوسط ​​المدى وطويل المدى، بالإضافة إلى نظام الدفاع الثابت Vertical Launch-MICA.

فأنظمة الدفاع هذه عالية الأداء، حتى وإن لم يتم وصفها بأنها ”هجومية”، فإنه من خلال تحييد الصواريخ الأرمنية، يمكنها أن “تحمي” باكو، وبالتالي تغيير ميزان القوى بشكل كبير. وتقدر قيمة هذا العقد بين 1 و3 مليارات يورو.

وخلصت مجلة ”لوبس” إلى القول إن قلب باريس يتأرجح بين الصداقة مع أرمينيا (الجالية الأرمينية الكبيرة الموجودة على أراضيها وميولها الأرمينية) من جهة؛ وحقيبة مليئة بالدولارات النفطية الأذربيجانية، من جهة أخرى.