تقسيم المقسم.. كيف تعمل الأجندات الحوثية الإماراتية على ترويض حزب المؤتمر الشعبي العام المنصهر؟ (تقرير)

الأحد 19 إبريل-نيسان 2020 الساعة 06 مساءً / مأرب برس ـ صحيفة أخبار اليوم
عدد القراءات 4633

ان الإزاحة الغير مفاجئة للرئيس اليمني السابق "علي عبد الله صالح" من المشهد السياسي والعسكري عقب انقلابه على حلفائه في الانقلاب (الحوثيون) في 2 ديسمبر 2017، و أسفرت مقتله داخل منزله بصنعاء في الرابع من الشهر ذاته، تسببت في انصهار حزب المؤتمر الشعبي الذي ضل الحزب الحاكم لليمن لأكثر من ثلاثة عقود.

 

الحزب الذي تشظى إلى تيارين عقب الانقلاب العسكري (21 سبتمبر 2014) على السلطة، الذي نفذه جماعة الحوثي الانقلابية بدعم من الرئيس السابق، "علي صالح" الذي أمسك بقيادة الحزب منذ تأسيسه.. طغت علية متغيرات عسكرية وسياسية فرضتها جماعة الحوثي، عقب مقتل زعيم الحزب "صالح" شريك الانقلاب، و تعرض بعدها الحزب الذي تأسس 24 أغسطس 1982، لعملية تقسيم مقسم.

 

فبعد أن كان هناك تيار مع الشرعية والرئيس "عبد ربه هادي" بوصفه الأمين العام للحزب، وآخر في صنعاء مع صالح، أصبح الأخير منقسماً؛ جزء مذعن للانقلابيين الحوثيين الذين بدؤوا بترتيبه كحزب خاضع لهم ويخدم أجندتهم، وجزء آخر في القاهرة، وتيار تديره أبوظبي التي يوجد بها أبناء صالح بزعامة نجل الرئيس اليمني السابق "أحمد علي عبدالله صالح".

 

الحزب الذي كان يشمل الخارطة اليمنية من أقصاها إلى أدناها، بقواعده الحزبية وقادته الميدانية وإمكاناته المادية الضخمة التي توازي ميزانية دولة صغيرة، والتي سخرها صالح من ميزانية الدولة في محاولة منه للبقاء على كرسي الحكم وعائلته لأطول فترة ممكنة، بدء في دخول مرحلة الانصهار وإعادة البلورة من منظور تبعي نتيجة التشظي والشتات الذي تخلخل في جسد الحزب.

 

تفتت قيادات الحزب إلى خمس فصائل تعمل على النقيض بأجندات متباينة، متعددة الولاءات والاتجاهات والأهداف والوسائل، الفصيل الأول في صنعاء تحت قبضة الانقلابيين الحوثيين، ويعمل وفقاً للأجندة الحوثية وموالياً لهم، ويضم أبرز القيادات الحزبية والسياسية والبرلمانية، والفصيل الثاني في الرياض تحت قيادة الرئيس هادي، ويضم أيضاً عدداً كبيراً من البرلمانيين وبعض السياسيين ، أما الفصيل الثالث ففي أبوظبي، ويضم القيادات العليا للحزب بمن فيهم "أحمد علي عبدالله صالح"، ويتبع دولة الإمارات تمويلاً وولاء. ثم الفصيل الرابع في الجنوب اليمني، الذي ذاب في إطار الصراع الجنوبي- الجنوبي هناك وانخرط في مكونات الحراك الجنوبي المطالب بالانفصال تحت لافتة المجلس الانتقالي الجنوبي الموالي والممول إماراتياً أيضاً.

 

* جناح هادي

عينت اللجنة العامة لحزب المؤتمر، من الرياض، الرئيس هادي رئيسا للحزب، في 22 أكتوبر 2015، وأصدرت قرارا بعزل الرئيس السابق علي عبد الله صالح ومن معه وإحالتهم للمحاسبة التنظيمية في الحزب، «لمحاسبتهم على ما ارتكبوه من جرائم بحق الشعب اليمني، وما ألحقوه من أضرار جسيمة بحق الوطن ووحدته الاجتماعية، وبحق التنظيم الذي منحهم ثقته»

 

وأقر الاجتماع ترشيح "أحمد عبيد بن دغر" نائباً أول لرئيس الحزب، وعبد الكريم الإرياني نائب ثاني، واختيار النائبين متحدثين رسميين لحزب المؤتمر الشعبي العام وتمثيله في أي محافل دولية وكان من بين القياديين والبرلمانيين من المؤتمر الذين حضروا الاجتماع محمد بن ناجي الشائف، عضو اللجنة العامة لحزب المؤتمر الشعبي العام.

 

ويعد هذا التيار، هو الأقوى بين مكونات حزب المؤتمر الشعبي العام، بحكم رئاسة "هادي" لأمانته العامة.

 

إلى ذلك عملت الحكومة الشرعية مع عدد من الأحزاب المؤيدة لها، بدعم سعودي على بعث الروح في حزب المؤتمر واستقطاب أعضائه الفارين من البطش الحوثي عقب مقتل "صالح"، عبر الدفع بقياداته إلى الواجهة من جديد، وتمثل ذلك بتعيين سلطان البركاني الذي يتزعم تيار حزب المؤتمر في القاهر رئيسا لمجلس النواب.

 

* تيار الإمارات

وهو التيار الذي غادر صنعاء تحت تأثير الرعب من مقتل "علي عبدالله صالح"، وتوزع على عدة عواصم خارجية، وارتبط بشكل وثيق بدولة الإمارات العربية المتحدة، ومثل نجل الرئيس السابق "أحمد علي عبدالله صالح"، و "طارق صالح"، وعدد من القيادات.

 

صعد هذا التيار بسرعة كبيرة، بفضل الدعم والرعاية التي تلقاها من دولة الإمارات، وتحولت مدينة عدن التي يسيطروا يشرف عليها قوات الإمارات مقصدا ووجهة مفضلة، احتضنت المنضمين له عسكريا وإعلاميا وسياسيا، ووفرت له الإمارات كل عوامل البقاء بما في ذلك عدم تعرضه للتحريض ألمناطقي التشطيري من قبل الجماعات والكيانات الجنوبية التي ترعاها أبوظبي في عدن، ومختلف مدن جنوب اليمن.

 

لم يعلن هذا التيار اعترافه بشرعية الرئيس هادي، ولا تبرؤه من ممارسات الحوثيين في صنعاء وغيرها من المدن اليمنية، بل واصل مهاجمة القوى التي تتقاطع توجهاتها مع جماعة الحوثي، وانخرط في الأجندة الإماراتية الواضحة في اليمن والمنطقة، وسعى لتقديم نفسه كطرف مختلف يجمع بين استعداء الشرعية ومكوناتها، والترويج للدور الإماراتي في اليمن.

 

على الصعيد العسكري جرى إسناد العديد من المهام العسكرية لهذا التيار الذي ابتدع لنفسه مسمى "حراس الجمهورية" وكانت جبهات الساحل الغربي هي أبرز الأماكن التي تواجد بها ليستلم المواقع التي تستردها جموع القوة السلفية والمقاومة التي رفضت القتال تحت قيادة هذا التيار.

 

يتخندق هذا التيار خلف الأجندة الإماراتية، مخالفا التوجهات السعودية، ويسعى إلى عرقلة الحكومة الشرعية، ويتضح ذلك من خلال مقاطعة هذا التيار لجلسات مجلس النواب التي انعقدت في مدينة سيئون برعاية سعودية، وتأييده لأدوات أبوظبي في جنوب اليمن، وكلما ازداد الشرخ بين الإمارات والسعودية تزداد توجهات وانحيازات هذا التيار وضوحا.

 

* مؤتمر الداخل

بعد تمكن المثمرين الحوثيين من إحكام قبضتهم السياسية والعسكرية على الجغرافيا الشمالية التي كانوا يتشطرونها مع حليفهم في الانقلاب "علي عبدالله صالح"، عينت الجماعة الانقلابية "صادق أمين أبو راس" خليفة لصالح، في رئاسة حزب المؤتمر الشعبي العام، في اجتماع عقد بصنعاء في يناير 2018.

 

زعامة أبو رأس للحزب، وظروف اختياره، أثارت جدلا واسعا، ولاقى رفضا من قبل جناحي "المؤتمر" في الخارج، رغم أنه من أبرز القيادات التنظيمية الفاعلة في الحزب.

 

وكان لافتا صدور بيانين؛ الأول "مؤتمر القاهرة" الذي يترأسه رئيس الكتلة البرلمانية في مجلس النواب، سلطان البركاني، والثاني عن قيادة المؤتمر الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي، وكلاهما عبّر عن عدم قبوله بمخرجات "اجتماع صنعاء".

 

ومن المفارقات أنه في اجتماع جناح المؤتمر الشعبي بصنعاء والموالي لجماعة الحوثي الانقلابية، في يناير 2018 أعلن الحزب في صنعاء تعيين أحمد علي عبدالله صالح النجل الأكبر للرئيس السابق نائبا لرئيس الحزب، بالإضافة لتعيين شخصيات أخرى بعضها مقيمة خارج اليمن في مواقع داخل الحزب.

 

ويضم هذا الجناح بجور أبو رأس، يحي الراعي رئيس مجلس النواب السابق، وأحمد الكحلاني، والعديد من الشخصيات.

 

ويعد هذا الجناح هو الجناح الأضعف في تيارات حزب المؤتمر الشعبي المبعثر.

 

إلى ذلك اعتبر مراقبون أن نجح الحوثيون في إنتاج قيادة مؤتمرية متماهية معهم، تؤمن بخياراتهم، وتؤيد نهج قادة الجماعة الموالية لإيران، ستمكنهم من التخفي داخل اطر حزب المؤتمر الشعبي العام وتعيد إنتاج نفسها من جديد، في حال تم القضاء على الجماعة الحوثية.

 

لا يُستبعد المراقبون أن تلك القرارات الحوثية بإعادة تشكيل حزب المؤتمر، جاءت بإيعاز وتنسيق مع أبو ظبي، وذلك للرد على الدور الذي لعبته السعودية مؤخراً في تمكين مجلس النواب من استعادة عقد جلساته بحضرموت، وتعيين سلطان البركاني رئيساً للمجلس، القيادي في المؤتمر، وكذلك اختيار رشاد العليمي من المؤتمر لرئاسة التحالف السياسي الذي تم إشهاره.

 

وفي أطار الدور الخفي الذي تلعبه أبو ظبي في إطار السباق مع الرياض من خلال استخدامها ورقة حزب المؤتمر في أبوظبي بقيادة "أحمد علي صالح" لقويض مشروع الرياض و الشرعية اليمنية في لملمة الحزب.

 

أعاز مراقبون ذلك التقارب الخفي في استثمار بعثرة حزب المؤتمر الشعبي العام بين أبوظبي والانقلابين الحوثيين، تمثل في أعلن قيادة المؤتمر في العاصمة صنعاء عن قرار بفصل عدد من قيادات الحزب المتواجدة خارج اليمن والتي تؤيد التحالف العربي بقيادة السعودية وشرعية اليمنية وتقف ضد حلفاء إيران والإمارات في اليمن.

 

التخادم الإماراتي الحوثي في ورقة المؤتمر الشعبي العام أسفر عن فصل نحو 31 قيادياً مؤتمرياً مؤيداً للشرعية اليمنية، من أصحاب المواقف المتشددة تجاه الانقلاب الحوثي من جهة، ومن جهة أخر تعد هذه الشخصيات من ابرز القيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام المناهضة للمشروع الإماراتي في اليمن.

 

* قرار فصل

أعلن حزب المؤتمر الشعبي العام في صنعاء المولي لجماعة الحوثي الانقلابية، 9 أبريل, 2020 ، فصل عدد من أعضائه الموالين للحكومة الشرعية من عضوية الحزب.

 

وأقرت اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي في اجتماعها المشترك، الذي عقد في 9 أبريل, مع رؤساء فروع الحزب بالمحافظات، سحب العضوية عن: سلطان سعيد البركاني، معمر الإرياني، ناصر باعوم، ابتهاج الكمال، محمد عبد المجيد قباطي، عبد الغني حفظ الله جميل، قاسم الكسادي، عبد الرحمن معزب، محمد مقبل الحميري، عبد الكريم السنيني، أبو الفضل الصعدي، مهدي علي عبد السلام، عبد الوهاب محمود معوضة، عثمان حسين قائد مجلي، فتحي توفيق عبد الرحيم، عبد القوي أحمد عباد الشريف، أحمد صالح العيسي، صغير حمود عزيز، صالح سميع، محمد حسين الدهبلي، محمد صالح عفيف الحميري، حاشد عبد الله الأحمر، أحمد الصوفي، محمد عبد الله القوسي، عادل الشجاع، محمد المسوري، فيصل الشبيبي، فارس الصليحي، نورا الجروي، عبد الكريم المدى، عبد القوي الشميري.

 

واتهم الحزب في تقرير هيئة الرقابة التنظيمية والمجلس التأديبي، الذي شٌكل لمحاكمة أعضائه الموالين للشرعية، الأعضاء المفصولين بارتكاب جرائم تمثلت في مخالفة نصوص الميثاق الوطني للحزب، في الدفاع عن الوطن وسيادته واستقلاله، وفق ما ذكر موقع الموتمر نت.

 

ووجّه الحزب لأعضائه المشمولين بقرار الفصل تُهما منها خيانة دستور الجمهورية اليمنية، ومخالفة نصوص النظام الداخلي للمؤتمر من خلال تأييدهم ما وصفه بالعدوان، في إشارة للتحالف العربي.

 

وتضمنت الاتهامات الموجهة لأعضاء المؤتمر الذين التحقوا بالشرعية: الإضرار بالوحدة الوطنية، والخروج على الثوابت الوطنية، والإخلال بمبادئ الثورة، والإضرار بوحدة الحزب، والإخلال بواجبات العضوية، والإخلال بأهداف ومبادئ الميثاق الوطني.

 

وقال رئيس حزب المؤتمر جناح صنعاء، "صادق أبو راس"، إن "قيادات المؤتمر الملتحقة بالشرعية لا تشرفنا، حتى لو كان بيننا وبين أنصار الله ما بين السامري وموسى".

 

وأعلن الحزب تأييده لأي مبادرات لوقف إطلاق النار، مؤكداً مساندته لجماعة الحوثي حتى التوصل إلى سلام ينهي أزمة الصراع في اليمن.

 

* موقف سلبي

في سياق قرار الفصل يصف مراقبين ردة الفعل من قبل قيادات المؤتمر المشمولة بقرار الفصل من قبل اللجنة العامة لحزب المؤتمر الشعبي جناح صنعاء، بالضعيفة والسلبية ومحصورة في بعض القيادات.

 

صحيفة "أخبار اليوم"، رصدت في تقريرها أبرز ردود الفعل على قرار مؤتمر صنعاء فصل بعض قياداته الموالية للشرعية .

 

بن دغر يعلق

في أول ردة فعل من قبل قيادات حزب المؤتمر المؤيدة للشرعية اليمن، لمح مستشار الرئيس اليمني، أحمد عبيد بن دغر، إلى أن القرار نابع من الظروف والضغوط التي يعيشها أعضاء الحزب في العاصمة صنعاء تحت الاحتلال الحوثي.

 

وكتب بن دغر على حسابه في فيسبوك: "من الأفضل أن نتجنب ردود الفعل على قرارات الفصل، التي أعلن عنها البعض، الرد في مثل هذه الظروف ظروفهم التي هم عليها، والظروف المحيطة بمرحلة المواجهة مع الأعداء تكون بإحداث المزيد من التلاحم، والوحدة مع أنفسنا ومع من هم على موقفنا ممن يقاتلون معنا في الصفوف الأمامية، ومن يقدمون لنا كل أشكال الدعم والمساندة".

 

وتابع: "إن أردنا مواصلة النضال ضد المشروع الحوثي الإيراني في اليمن وضد عمليات الإقصاء، فالرد الذي يستجيب لمتطلبات مرحلة الصراع هو في توحيد صفوف الخارج وتعزيز العلاقة بالداخل بما في ذلك الداخل تحت الاحتلال، لا ينبغي أن نسمح لفاقدي الحرية أن يذهبوا بنا بعيداً عن الأهداف النبيلة في الانتصار للشرعية والجمهورية والوحدة، ودعم التحالف. ذاك هو الرد لمن يبحث عنه".

 

* البركاني يرد

من جانبه وصف القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام "سلطان البركاني"، قرار الحزب في صنعاء بفصله من عضوية اللجنة الدائمة بالعدمي.

 

وقال البركاني في تغريدة على حسابه في تويتر: لستُ أدري إن كان مثيراً للحيرة أم للحسرة ان بعض من كانوا في المؤتمر تجرأوا وأدعو فصل بعض من قياداته وأعضاءه ذلك حدث للأسف اليوم.

 

واتهم البركاني قيادة مؤتمر صنعاء بخيانة الحزب والمشاركة في قتل علي عبدالله صالح.

 

وأشار البركاني إلى أن من أصدر قرار الفصل بحق 31 من أعضاء المؤتمر، لا يمتلك الحق في إصداره، وأنهم فرع، صاروا يحكمون على الأصل.

 

وأضاف أنه لن يتم تطبيق اللوائح على قيادات مؤتمر صنعاء، وأنه سيتم النظر في أمرهم بعد هزيمة الحوثيين.

 

*  الاختراق الحوثي

يكشف قرار الفصل من قبل مؤتمر صنعاء، لبعض قيادات الحزب الموالي للشرعية اليمنية، واستثناء تلك القيادات الغير مؤيدة للشرعية والموالية والمتورطة مع دولة الإمارات، مثل "أحمد علي عبدالله صالح"، المقيم في الإمارات، ورئيس البنك المركزي المقال "حافظ معياد" والقيادي المؤتمري "احمد الكحلاني" والقيادي "نبيل الفقية" وآخرين.

 

أن قرار مؤتمر صنعاء يكشف مدى حجم الضعف والتمزق الذي يعاني منه حزب المؤتمر الشعبي العام، بالإضافة إلى مدى الاختراق الحوثي في قرارات الحزب، وتعطيل دورة السياسي وإعادة بناءة، بما يخدم بصورة جازمة الجماعة الحوثية الانقلابية في الداخل.

 

وفي ذات الاتجاه كشف القرار الرضوخ مؤتمر صنعاء لقرار الجماعة الحوثية الانقلابية، مدى التخادم الإماراتي مع الجماعة المدعومة إيراني في اليمن، من خلال قرارات الحزب التي تستهدف قيادات المؤتمر المؤيدة للشرعية والرافضة لمشروع أبناء زايد في اليمن.

 

وعلى صعيد متصل قالت مصادر مطلعة، أنه عقب إحداث ديسمبر العام 2017م ومنذ أول اجتماع عقدته قيادة المؤتمر في صنعاء في يناير 2018م سعى التيار الحوثي داخل المؤتمر الشعبي العام، إلى مصادرة قرار قيادة المؤتمر والسعي للسيطرة عليه وتحويله إلى مجرد تنظيم تابع للمليشيات ينفذ توجيهات مشرفيها ويمارس دور المشرعن لكل ما تمارسه من عمليات فساد داخل مؤسسات الدولة.

 

وبحسب المصادر، فقد لعب التيار الحوثي داخل مؤتمر صنعاء دوراً كبيراً وحاسماً في منع قيادة المؤتمر هناك من اتخاذ قرار بفض الشراكة مع المليشيات الحوثية عقب أحداث ديسمبر وصلت حد ممارسته لتهديدات واضحة مع قيادة الصف الأول وخصوصا "صادق ابوراس" و "يحيى الراعي".

 

وأضافت، أن التيار الحوثي داخل المؤتمر عمد ومنذ ما بعد اجتماع اللجنة الدائمة إلى استخدام كل إمكانياته وبدعم مباشر وقوي من مليشيات الحوثي في افتعال الكثير من المشاكل لمؤتمري صنعاء وممارسة أشكال مختلفة من الضغوط عليهم، منها إفشال بعض مواقف وقرارات مؤتمر صنعاء بتجميد وتعليق عمله في إطار مؤسسات الدولة الذي اتخذ مرتين آخرهما عقب إفراج المليشيات الحوثية عن المتهمين الخمسة بتفجير جامع دار الرئاسة.

 

ولفتت، إلى إن عناصر التيار الحوثي داخل المؤتمر عملت على استقطاب الكثير من قيادات الصف الأول في صنعاء ومنهم الوزراء وبعض النواب وأعضاء الشورى والقيادات التنفيذية إلى صف المليشيات وارغمتهم على الوقوف ضد توجيهات قيادة حزبهم بشأن أي قضايا خلافية مع المليشيات الحوثية.

 

وتابعت، إن كثيراً من الوزراء المحسوبين على المؤتمر وبتأثير من عناصر التيار الحوثي داخل الحزب كانت تصوت داخل الحكومة لكافة القرارات التي تطرحها المليشيات الحوثية، بل إن كثيرا منهم عمد إلى استبعاد وتغيير كافة القيادات المحسوبة على المؤتمر داخل وزارته واستبدالهم بعناصر موالية للمليشيات الحوثية، مشيرة إلى أن هذا الأمر مثل ضغطا هائلا على قيادة مؤتمر صنعاء وحد من قدرتها على الحركة والمناورة.

 

* ترويض المؤتمر

يكشف من ما سبق أن الشتات في منظومة حزب المؤتمر الشعبي العام، يكشف حجم الانقسام في صفوف قادته المبعثرة بين الانقلاب الحوثي والاستغلال الإماراتي، الاتلاف الذي يعمل على توظيف هذا التشظي بما يخدم المخطط المحلي الإقليمي القائم على إضعاف الشرعية، وتقوية المكونات غير الوطنية.

 

تشتت الجسم الكبير لحزب المؤتمر وسع هوة الحزب، بما اسهم للتك التقاربات المحرمة بين أبوظبي وطهران، على ضبط إيقاع محور الانقلاب السابق من جديد، ممثل في تيارات حزب المؤتمر، المبعثرة في الخارج، وقيادات الحزب في الداخل، مع المتمردين الحوثيين، في الشمال، بتنسيق تام مع أذرع الإمارات في جنوب اليمن، بما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي.

 

وأفضى هذا التمزق الذي يعاني منه حزب المؤتمر الشعبي إلى هوى صخور ما يسمى المؤتمر الشعبي العام في الجغرافيا الجنوبية لليمن.

 

إلى ذلك سعت الترتيبات الإماراتية الإيرانية، إلى خلق قيادة جديدة لحزب المؤتمر الشعبي العام في الشمال والجنوب من جغرافيا البلاد، محصورة في ثلاث قوى هي حزب المؤتمر الشعبي العام، الموالي للإمارات، في الخارج، والمتمردين الحوثيين وحزب المؤتمر في الداخل الموالي لإيران، وأقصت قيادته الحزب المؤيدة للشرعية.

 

الإستراتيجية الإيرانية الإماراتية تهدف إلى إعادة ترويض حزب المؤتمر الشعبي العام، من خلال تشتيت وبعثرة قياداته القديمة وفرزها حسب ولائها، بما يسمح بعدم لملمة الحزب من جديد، سعياً منهما إلى استخدام المؤتمر الشعبي العام عن الاقتضاء للقيام بأدوار سياسية تخدمها حالياً ومستقبلاً.

 

هي وسائل إخضاع الإماراتية والإيرانية، يصفها البعض، ترمي إلى تهيئة حزب المؤتمر، لتنفيذ تلك الأجندات المشبوه، كناتج طبيعي لتلك التركة السياسية السائبة والمنهكة لقياداته المتنافرة.

 

فريق أخر يرى أن الإستراتيجية الإماراتية والإيرانية من خلال إخضاع حزب المؤتمر تسعى إلى إعادة توظيف الحزب، بمهمة بناء سلطة شمولية تحل بديلاً عن تركة ثورة التغيير والسطوة الحوثية الطائفية.