الوضع الوطني يتسم بالتعقيد والتأزم وحرب 94 أفرزت انقساماً وطنياً وتمييزاً ضد سكان المحافظات الجنوبية

الثلاثاء 10 مارس - آذار 2009 الساعة 07 صباحاً / مأرب برس - صنعاء
عدد القراءات 5507
 
 

خلصت الدورة السابعة للجنة الحزب الاشتراكي المركزية المنعقدة بعدن من 4 – 6 مارس الحالي إلى أن الوضع الوطني في البلاد "يتسم بالتعقيد والتأزم وأبرز ملامحه شدة الانقسامات الوطنية والتمايزات الاجتماعية وانسداد الحياة السياسية وعجز الدولة عن الاضطلاع بوظائفها وتفاقم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية".

وقال البيان الختامي للدورة إن حرب 94 الأهلية والسياسات الرسمية اللاحقة أفرزت "وضعاً عاماً يتسم بالانقسام الوطني القائم على التمييز ضد سكان المحافظات الجنوبية، واعتماد مجموعة من الإجراءات الهادفة إلى تدمير التراث السياسي والإداري للجنوب، وكذا تدمير الخبرات التي اكتسبها المواطنون في سياق تجاربه التاريخية".

وأضاف البيان " وبعقلية الغلبة البدائية راحت السلطة تدمر جهاز الدولة الجنوبية السابقة، وتلغي تراكمات خبراته، وتسرح عشرات الآلاف من موظفيه المدنيين والعسكريين دون مراعاة للحد الأدنى من حقوقهم المشروعة، وجرى خصخصة مؤسسات القطاع العام من خلال عملية نهب فاسدة، كان المتنفذون هم المستفيد الوحيد منها وقذف بالعاملين فيها إلى سوق البطالة بدون حقوق أو تعويضات، وبالمثل طرد الفلاحون من أراضيهم وصودرت مزارع الدولة وأعيد توزيعها على حفنة من المتنفذين ونهبت أراضي الدولة لصالح فئة صغيرة من كبار المسئولين والضباط وعلى حساب الاحتياجات الاستثمارية والسكنية وتجاوز ذلك إلى نهب الأراضي والممتلكات الخاصة لأعداد كبيرة من المواطنين".

وتابع: وأخضعت المحافظات الجنوبية لإدارة عسكرية وأمنية ذات طبيعة استثنائية همشت معها الإدارة المدنية ومورست الكثير من إجراءات التصفية والانتقام السياسي وأشيعت حالة مفتعلة من الفوضى ومن الانتهاكات للقانون وجرى إحياء مختلف تنوع النزاعات القديمة من سياسية وقبلية وجهوية".

وطالبت اللجنة المركزية بوقف محاكمات نشطاء الحراك السياسي والاجتماعي التي وصفتها بالصورية ووقف مطارداتهم والإفراج عن معاشاتهم . وجددت مطالبة السلطة برفع المظاهر العسكرية من مناطق التواجد العسكري وتقديم المتورطين في استهداف نشطاء الحراك السلمي.

كما عبرت اللجنة المركزية عن تضامنها الكامل مع حقوق أسر الشهداء والجرحى ومطالبها ودعت المنظمات الإنسانية الحقوقية إلى الاضطلاع بدورها في هذا الجانب.

ووجهت اللجنة المركزية تحية لمنظمات الحزب وأعضائه وثمنت عالياً "التضحيات الكبيرة التي قدمها الاشتراكيون والاشتراكيات وهم يؤدون أدوارهم الكفاحية بشرف في إنجاح فعاليات الحراك وتجسيدهم لخط الحزب في تبني القضية الجنوبية وغيرها من القضايا الوطنية دون أن تنال أعمال القمع السلطوية وما بذلته من إغراءات وكذا الدعاية التشهيرية الموجهة نحوهم من أجل إضعاف عزائمهم أو تشويش قناعاتهم".

وقال البيان "لقد كانوا (أعضاء الحزب) جديرين بتمثيل حزبهم وإعلاء القيم النبيلة التي طالما رفعها عالياً ومحضها الإخلاص والوفاء".

وحول حروب صعدة، عزت اللجنة المركزية تلك الحروب إلى "غياب الدولة والشراكة الوطنية والسير من ثم في طريق العنف ومنهج القوة لحسم المشكلات الناجمة عن التوترات الاجتماعية والاحتقانات السياسية".

وأكدت أن المخرج السليم هو "قيام دولة وطنية وبناء شراكة على أسس عادلة وعلى قاعدة المواطنة المتساوية والتمسك بالقواعد المنظمة للحياة الديمقراطية والحريات العامة وحرية الفكر".

وطالبت بإطلاق سراح المعتقلين وتعويض المواطنين عن الآثار الناجمة عن حروب صعدة تعويضاً عادلاً ومنصفاً بما يضمن إنهاء هذه الحروب ووقفها وحقن الدماء بين اليمنيين ويحقق تسوية وطنية حقيقة.

وأدنت اللجنة المركزية للسياسات التي قالت إن دوائر في السلطة تتبعها لتغذية الصراعات والحروب القبلية وتشجيع أعمال الانتقام والثارات .

وقالت إن هذه السياسة "أدت إلى إلحاق أفدح الأضرار بالنسيج الوطني والسلم الاجتماعي وتكريس القيم الثقافية والاجتماعية لمرحلة ما قبل الدولة". وأشارت إلى الاقتتال القبلي في مناطق بعمران وشبوة ولحج والبيضاء.

ودعت اللجنة المركزية السلطة إلى "وضع حد لهذا النهج واحترام مسؤولياتها نحو حماية أمن واستقرار المجتمع" كما دعت الأطراف القبلية المتناحرة إلى "عدم الانسياق وراء تنفيذ رغبات المتنفدين وتجار الحروب".

وناقشت اللجنة المركزية مجمل الأوضاع الوطنية وأصدرت حيالها موقف تضمنها البيان .

مارب برس تنشر نص البيان الختامي

بسم الله الرحمن الرحيم

  عقدت اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني دورتها السابعة الاعتيادية (دورة الوفاء لعدن) خلال الفترة من 4 - 6 مارس 2009م في مقر منظمة الحزب بعدن برئاسة الأخ الدكتور ياسين سعيد نعمان الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني ، وبمشاركة رئيس وأعضاء لجنة الرقابة والتفتيش المالي المركزية وعدد من كوادر الحزب .

وعبرت اللجنة المركزية عن اعتزازها لانعقاد دورتها هذه في عدن تثميناً لدورها الوطني والتاريخي كمركز إشعاع حضاري ، انطلقت أنواره لتشع في عموم مناطق البلاد ولتفتح أمامها سبل الخروج من ظلمات الاستعباد والتخلف والتمزق ..

لقد لعبت عدن دورها الريادي كحاضنة لقيم الحرية والحداثة والتقدم ،وفي أجوائها نمت وترعرعت أجيال من قادة الفكر والسياسة ومبدعي الأدب والشعر والفن والصحافة ، وظلت عدن موئلاً للمكافحين من أجل الحرية وملاذا لهم ، وفيها نشأت البواكير الأولى للطلائع الحزبية والنقابية وانطلقت أضواء الثقافة الوطنية، مضيئة أرجاء البلاد كلها التي كانت ترزح يومها تحت وطأة الاستعمار والاستبداد والعصبيات العشائرية المتناحرة.

إن عدن كانت ولا تزال الوجهة الأولى التي تتجه صوبها مشاعر المتطلعين إلى قيم المدنية والحداثة والتسامح وبقية المعاني الإنسانية السامية.

وفي الجلسة الافتتاحية وقف أعضاء اللجنة المركزية دقيقة حداد وقرأوا الفاتحة ترحماً على أرواح الفقداء من أعضاء اللجنة المركزية وشهداء الحزب والحراك السلمي وشهداء الحركة الوطنية.

وألقى الدكتور ياسين سعيد نعمان، الأمين العام كلمة ضافية تطرق فيها إلى اعتزاز الحزب الاشتراكي اليمني بعدن حيث إنها في ذاكرة مناضليه سفر التكوين الذي يحكي قصة الحلم العظيم للرعيل الأول من مناضليه وهم يتصدرون المنازلة التاريخية من أجل عدن حرة مستقلة وقاطرة حضارية لجنوب ممزق الأوصال، غارق في التخلف تحاصره المشاريع الاستعمارية والمحدقة به من كل صوب.

وتطرق في كلمته إلى الأزمة الوطنية، مشيراً إلى أن الحزب قد اضطلع وعلى نحو مسؤول بدوره السياسي والنضالي تجاه كافة ظواهر وعناصر هذه الأزمة ، بالرغم من الظروف الصعبة والحصار والمواجهة والمطاردات والمحاكمات والسجن التي تعرض لها أعضاؤه ، مذكراً أن الحزب أطلق جملة من المبادرات السياسية اتجهت كلها نحو دعم القضية الجنوبية والحراك السياسي والاجتماعي السلمي في الجنوب والمعبر عنها وترشيد الدفاع عن القضية الجنوبية بإسهامات سياسية وفكرية ونضالية وتضحيات أعضاء الحزب في مختلف ميادين النضال السلمي الديمقراطي وحركة التصالح والتسامح مشيداً بالقيم النبيلة التي مثلتها، ومقاومة الانتهاكات التي تعرض لها نشطاء الحراك .

  وقال الأمين العام : "إن مبادرات الحزب قد استهدفت أيضاً وقف الحرب في صعدة والدعوة إلى حوار جاد يفضي إلى إنهاء النزاع والصراعات لتجنب البلاد كوارث الانقسامات العرقية والطائفية كما اتجهت جهود الحزب إلى النضال لحماية الخيار الديمقراطي مع بقية أحزاب اللقاء المشترك والدفاع عن الحريات وصيانة حق التعبير السياسي والفكري وغيرها من حقوق التعبيرات السلمية لكل فئات وقوى المجتمع والأفراد وأصحاب الرأي ونضال المعلمين والصحفيين والأكاديميين والأطباء وغيرهم من أجل حقوقهم المشروعة ونضال المرأة السياسي والاجتماعي ونضال الشباب وحقهم في التعليم والعمل والرعاية"، وقد أقرت اللجنة المركزية كلمة الأمين العام كوثيقة من وثائق دورتها هذه .

ووقفت اللجنة المركزية في دورتها أمام التقرير السياسي والتنظيمي العام المقدم إليها من المكتب السياسي والأمانة العامة والذي استعرض الوضع الراهن في البلاد ومواقف الحزب إزاء مختلف التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية.

وعند استعراض اللجنة المركزية للتقرير السياسي والمناقشات التي دارت حول موضوعاته رأت أن الوضع السياسي والاقتصادي والوطني عموماً في البلاد يتسم بالتعقيد والتأزم وأبرز ملامحه شدة الانقسامات الوطنية والتمايزات الاجتماعية وانسداد الحياة السياسية وعجز الدولة عن الاضطلاع بوظائفها وتفاقم المشكلات الاقتصادية والاجتماعية لما يترتب عليها من أعباء على المجتمع، ومن مظاهرها ارتفاع معدلات البطالة والفقر وتراجع مستوى الخدمات واضطرابات الحالة الأمنية وتفشي الثارات القبلية وارتفاع نسبة الأمية واتساع مدى الانتهاكات للحقوق والحريات وتغول قوى الفساد واستحكام هيمنتها على مقدرات البلاد .

وفي هذا السياق أكدت اللجنة المركزية أن بروز القضية الجنوبية يرتبط بالنتائج والآثار المترتبة على حرب صيف 1994م التي أدت إلى إجهاض الوحدة ومشروعها الحضاري وإخراج الجنوب من الشراكة في الوحدة والثروة والسلطة حيث إن المشروع السياسي الذي تبنته السلطة بعد الحرب وقامت بتنفيذه في المحافظات الجنوبية تأسس على التراجع عن العقد الاجتماعي والسياسي بين شريكي الوحدة وتعميم أسوأ ما في المشروع الشطري الذي مارسته السلطة على الجنوب بإجراء عملية ضم وإلحاق تمثل في جوهرها إطاحة بالمشروع الوحدوي الديمقراطي الذي قامت على أساسه وحدة 22 مايو 1990م.

لقد أفرزت الحرب والسياسات الرسمية اللاحقة لها وضعاً عاماً يتسم بالانقسام الوطني القائم على التمييز ضد سكان المحافظات الجنوبية، واعتماد مجموعة من الإجراءات الهادفة إلى تدمير التراث السياسي والإداري للجنوب، وكذا تدمير الخبرات التي اكتسبها المواطنون في سياق تجاربه التاريخية، وبعقلية الغلبة البدائية راحت السلطة تدمر جهاز الدولة الجنوبية السابقة، وتلغي تراكمات خبراته، وتسرح عشرات الآلاف من موظفيه المدنيين والعسكريين دون مراعاة للحد الأدنى من حقوقهم المشروعة، وجرى خصخصة مؤسسات القطاع العام من خلال عملية نهب فاسدة، كان المتنفذون هم المستفيد الوحيد منها وقذف بالعاملين فيها إلى سوق البطالة بدون حقوق أو تعويضات، وبالمثل طرد الفلاحون من أراضيهم وصودرت مزارع الدولة وأعيد توزيعها على حفنة من المتنفذين ونهبت أراضي الدولة لصالح فئة صغيرة من كبار المسئولين والضباط وعلى حساب الاحتياجات الاستثمارية والسكنية وتجاوز ذلك إلى نهب الأراضي والممتلكات الخاصة لأعداد كبيرة من المواطنين وأخضعت المحافظات الجنوبية لإدارة عسكرية وأمنية ذات طبيعة استثنائية همشت معها الإدارة المدنية ومورست الكثير من إجراءات التصفية والانتقام السياسي وأشيعت حالة مفتعلة من الفوضى ومن الانتهاكات للقانون وجرى إحياء مختلف تنوع النزاعات القديمة من سياسية وقبلية وجهوية.

إن التفاعلات السياسية والشعبية التي شهدتها المحافظات الجنوبية منذ نهاية حرب 1994م قد أفضت إلى نشوء حراك سياسي واجتماعي سلمي ظل ولا يزال يتنامى باستمرار متسلحاً بالقضية الجنوبية كرد فعل طبيعي لفشل سلطة 7يوليو في إدارة مشروع الوحدة وتحويله من مشروع وطني قائم على الشراكة والاستعاضة عنه بمشروع صغير يتمثل في احتكار فئة ضئيلة للسلطة والثروة والقرار.

وفي مواجهة التنامي المضطرد للحراك السلمي لجأت السلطة إلى استخدام صنوف شتى من الأعمال القمعية والدعاية المضللة، وفي هذا السياق ارتكبت أعمال قمعية دموية ضد المهرجانات السلمية ونتيجة لها سقط عدد كبير من الشهداء والجرحى على يد أجهزة السلطة ونفذت حملات عديدة من الاعتقالات والمطاردات والمحاكمات الصورية التي طالت عدداً من نشطاء وقادة الحراك التي لا يزال بعضها مستمراً حتى اللحظة.

وهنا توجه اللجنة المركزية تحية إجلال وتقدير للشهداء والجرحى ومعتقلي النضال السلمي وكذلك إلى المطاردين منهم والماثلين أمام المحاكم، و تطالب اللجنة المركزية وقف المحاكم الصورية التي يتعرض لها نشطاء الحراك السياسي والاجتماعي في مختلف المحافظات والمديريات في الجنوب ووقف المطاردات بشأنهم والإفراج عن رواتبهم ومعاشاتهم، وإلى ذلك تجدد اللجنة المركزية مطالباتها السلطة رفع المظاهر العسكرية من المناطق التي تتواجد بها وتقديم الجناة من الذين أعطوا الأوامر والذين نفذوا إطلاق الرصاص بحق نشطاء الحراك السلمي.

و تعبر عن تضامنها الكامل مع حقوق ومطالب أسر الشهداء والجرحى وتدعو المنظمات الإنسانية الحقوقية إلى التعبير عن تضامنها والاضطلاع بدورها على هذا الصعيد.

إن اللجنة المركزية توجه التحية والتقدير لمنظمات الحزب وأعضائه وتثمن عالياً التضحيات الكبيرة التي قدمها الاشتراكيون والاشتراكيات وهم يؤدون أدوارهم الكفاحية بشرف في إنجاح فعاليات الحراك وتجسيدهم لخط الحزب في تبني القضية الجنوبية وغيرها من القضايا الوطنية دون أن تنال أعمال القمع السلطوية وما بذلته من إغراءات وكذا الدعاية التشهيرية الموجهة نحوهم من أجل إضعاف عزائمهم أو تشويش قناعاتهم، لقد كانوا جديرين بتمثيل حزبهم وإعلاء القيم النبيلة التي طالما رفعها عالياً ومحضها الإخلاص والوفاء .

ولدى استعراض اللجنة المركزية لحرب صعدة رأت انه من الأهمية بمكان النظر إلى مشكلة صعدة والحروب المتكررة هناك التي بلغت خمس حروب طاحنة تأتي نتيجة للمشكلة البنيوية الخطيرة المتمثلة في غياب الدولة والشراكة الوطنية والسير من ثم في طريق العنف ومنهج القوة لحسم المشكلات الناجمة عن التوترات الاجتماعية والاحتقانات السياسية، وبهذا الصدد تؤكد اللجنة المركزية أن المخرج السليم من هذا النوع من الأوضاع قيام دولة وطنية وبناء شراكة على أسس عادلة وعلى قاعدة المواطنة المتساوية والتمسك بالقواعد المنظمة للحياة الديمقراطية والحريات العامة وحرية الفكر. لقد بات من الأهمية بمكان الانطلاق من هذه الأسس إذا ما أردنا أن نعالج الأزمات الوطنية التي أخذت تتعقد على نحو بات يخشى معه أن تسهم في إنتاج المزيد والمزيد من التحديات السياسية والثقافية على النحو الذي يصب في المجرى العام لمواصلة إنتاج الأزمات في هذا البلد الذي لن يجد استقراره إلا في الاعتراف بحق الآخر في الحياة والعيش الكريم.

إن الآثار الاقتصادية والاجتماعية التي خلفتها هذه الحروب في صورة مآس ، لا يمكن التكهن بنتائجها المستقبلية، وغدت من الخطورة إلى درجة لم يعد معها ممكنا الصمت على الأسلوب الذي تتعامل به السلطة مما يوحي بأن ملف الحرب لا يزال مفتوحاً ، وأن القرار بوقفها لم يكن سوى الإعداد لجولة أخرى وهكذا .

وهنا تطالب اللجنة المركزية بإطلاق سراح المعتقلين وتعويض المواطنين عن الآثار الناجمة عن هذه الحروب تعويضاً عادلاً ومنصفاً بما يضمن إنهاء هذه الحروب ووقفها وحقن الدماء بين اليمنيين ويحقق تسوية وطنية حقة.

ولقد شهدت البلاد العديد من الاختلالات الأمنية الفظيعة التي حصلت في عدد من المحافظات في ظل صمت وتواطؤ من قبل السلطة وأجهزتها مما ترتب على ذلك انفلات أمني حقيقي مس بشكل مباشر حياة المواطنين واستقرارهم ومصالحهم المختلفة .

وقد برزت في مقدمة تلك الاختلالات أعمال الاختطاف والتقطع والنهب البارز في بعض المحافظات واستهداف أرواح المواطنين الأبرياء والاعتداء على السياح والتفجيرات التي حدثت في بعض المناطق وقوبلت من قبل الدولة بالتعاطي مع مرتكبيها والقبول بشروطهم خلافاً للقانون والنظام وبالعكس تقمع أصحاب المطالب القانونية بالحديد والنار مخلفة بذلك عشرات القتلى والجرحى .

وبهذا الصدد تعبر اللجنة المركزية عن إدانتها للسياسات التي تتبعها بعض دوائر السلطة والمتمثلة في تغذية الصراعات والحروب القبلية وتشجيع أعمال الانتقام والثارات كجزء من النهج العام الهادف إلى إنهاك المجتمع واستنزاف قواه .

وترى اللجنة المركزية أن هذه السياسة أدت إلى إلحاق أفدح الأضرار بالنسيج الوطني والسلم الاجتماعي وتكريس القيم الثقافية والاجتماعية لمرحلة ما قبل الدولة ويسقط سنوياً مئات القتلى ضحية لها وإذا كانت السلطة تعتقد أن هذا يؤمن لها سبل الاستمرار في احتكار النفوذ والثروة فإن النتيجة الطبيعية لهذه السياسة تؤدي إلى إضعاف قيم الاستقرار والتعايش وضرب المناخات الضرورية التي يحتاجها الاستثمار وعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

إن اللجنة المركزية تدعو السلطة إلى وضع حد لهذا النهج واحترام مسؤولياتها نحو حماية أمن واستقرار المجتمع ، وفي الوقت نفسه تدعو الأطراف القبلية التي تكتوي بنار الحروب والثأرات إلى عدم الانسياق وراء تنفيذ رغبات المتنفدين وتجار الحروب، كما تدعو طرفي النزاع الآخر بين قبيلتي قيفة ومراد إلى تحكيم العقل وحقن دماء أبنائهم والبحث عن حلول للخلافات من خلال الحوار والتفاهم وتغليب الحلول الودية على رغبات الثأر والانتقام وكذلك النزاع القائم بين العصيمات وسفيان وفي شبوة والمسيمير والصبيحة .

لقد وقفت اللجنة المركزية أمام الانتهاكات المتزايدة للحقوق والحريات والعمل المدني .و تعبر عن تضامنها مع المناضلين في مجال الحقوق والحريات والعمل المدني والبرلماني ، كما تعبر عن إدانتها للمحاكمة الصورة للصحفيين وأصحاب الرأي وضد الصحف الحزبية والمستقلة وكذا إدانتها لسياسات السلطة وإجراءاتها الهادفة للتضييق على النشطاء السياسيين والمدنيين وتطالب بالإفراج عن كافة المعتقلين على ذمة الحراك السلمي وتحديداً المعتقلين في كرش وفي مقدمتهم عماد أحمد غانم سكرتير منظمة الحزب بكرش ووليد علي حميدة رئيس جمعية العاطلين عن العمل في كرش وعبده محمد هزاع عضو مجلس النواب الأسبق رئيس جمعية الشط التعاونية.

كما تعبر اللجنة المركزية عن إدانتها للإجراءات الحكومية الهادفة إلى إفراغ العمل النقابي من مضمونه وتفريخ منظمات المجتمع المدني وكذا تفريخ الأحزاب و التدخل في شئونها الداخلية وحجز ممتلكاتها وأموالها بصورة غير قانونية وتعبر اللجنة المركزية عن تضامن الحزب الاشتراكي اليمني مع فعاليات العاملين في القطاع الطبي احتجاجاً على تهاون السلطات مع قتلة الشهيد الدكتور درهم القدسي . وتطالب السلطات بإلقاء القبض على القتلة وتطبيق العدالة عليهم، كما تعبر عن تضامن الحزب مع الصحفيين العاملين في الوسائل الإعلامية الرسمية الذين يطالبون بحقوقهم الوظيفية المشروعة ويلقون العنت والإهمال من الجهات الحكومية المسئولة وتعبر اللجنة المركزية عن تضامنها مع الصيادين في منطقة الحسوة وساحل فقم وعمران بمحافظة عدن الذين يتعرضون للمنع من العمل في عدد من مواقع الاصطياد مصدر رزق أسرهم الوحيد .

تعبر اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني مجدداً عن تعاطفها المطلق مع المتضررين من كوارث الأمطار والسيول التي لحقت بعدد من محافظات الجمهورية مؤخراً (حضرموت والمهرة وسقطرى والحديدة) وفي الوقت ذاته تعبر عن تقديرها العالي لكل من قدم المساعدات من أبناء الوطن والدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية والصناديق للمتضررين بما في ذلك استعدادها للمساعدة في إعادة بناء ما دمرته الكارثة من مساكن المواطنين وبنى تحتية في تلك المحافظات.

وتعبر اللجنة المركزية عن أسفها للآلية المستخدمة في التعاطي مع تلك المساعدات والتلكؤ في إعادة البناء وترى أن الحل يكمن في إيصال المساعدات إلى أصحابها وتمكينهم من إعادة بناء منازلهم وبإشراف من السلطات المحلية المنتخبة.

إن اللجنة المركزية ترى أن الجذر الحقيقي لجملة تلك الأزمات يكمن في أن السلطة ومراكز القوى المتنفدة عاجزة تماماً عن الأخذ بأية إصلاحات سياسية واقتصادية جادة وإنكار الحقائق التي تشكل الأزمات الوطنية الشاملة وعدم الاعتراف بالضرورات الحاسمة للقيام بالمصالحة الوطنية الشاملة وهي لم تمتلك في كل الفترات الماضية حلولاً جادة وواقعية وفعالة .

لقد بين حزبنا الأهمية الاستثنائية للإصلاحات السياسية الجذرية بهدف تطوير النظام السياسي ونظام الحكم في اليمن بهدف معالجة الاختلالات القائمة بنظام الحكم القائم ودعاها للحوار حول إصلاحات جذرية تحتاجها البلاد ، غير أنها في كل مرة كانت السلطة إذا استجابت لدعوات الحوار تستخدمه لمجرد المناورة السياسية .

وفي هذا الصدد ترى اللجنة المركزية أن هذا النهج والسلوك للحزب الحاكم لن يؤدي إلا الى انسداد سياسي وقد ظهرت هذه الحالة بمعطياتها الموضوعية والذاتية وتجسدت في صورة منزلق سياسي خطر قبل الاتفاق على تأجيل الانتخابات النيابية الرابعة .

ترى اللجنة المركزية أن توافق القوى السياسية على تعديل المادة (65) من الدستور وتأجيل الانتخابات البرلمانية قد جاء تحصيل حاصل بعد أن أغٌلقت كل الأبواب أمام الإصلاحات السياسية الحقيقية التي تخرج البلاد من دائرة الأزمات المتواصلة ، حيث جاء هذا الاتفاق لإيقاف الاندفاع نحو المجهول .وتؤكد اللجنة المركزية أن التعديلات الدستورية والقانونية والإصلاحات السياسية العامة بما في ذلك تطوير قانون الانتخابات وإجراء الانتخابات النيابية ينبغي أن تتضمن حل أزمة الوحدة ورديفها الديمقراطية والاعتراف بالقضية الجنوبية كقضية سياسية عادلة ومعالجة الأسباب التي أدت إلى تأجيل الانتخابات .

وبهذا الصدد تؤكد اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني بأن الحراك السلمي في محافظات الجنوب قد خلق معطيات جديدة لا مناص من الإقرار بها وأخذها بالحسبان عند معالجة الأزمة الوطنية مشددة على أن نهج المكابرة والإنكار الذي دأبت السلطة على اتباعه لا يصب إلا في خانة مضاعفة التأزيم وتعميق الشرخ الوطني المتفاقم منذ نهاية حرب 1994م .

ولدى استعراض اللجنة المركزية لنشاط اللقاء المشترك حيت بحرارة عالية جهوده وفعالياته خلال فترة ما بين دورتي اللجنة المركزية وأكدت على أهمية تعزيز مواقفه وثباتها وتطويرها بما يؤدي إلى تحقيق الأهداف السياسية والوطنية التي أنشئ من أجلها وفي سبيل تحقيق برامجه السياسية ورؤاه المشتركة تجاه الأوضاع السائدة في الوطن.

وفي السياق ذاته تحيي اللجنة المركزية الجهود المبذولة في الإعداد والتحضير لملتقى التشاور الوطني على طريق الحوار الوطني ، وتدعو منظمات الحزب إلى الانخراط في الفعاليات التشاورية مع بقية فروع وأعضاء أحزاب اللقاء المشترك الأخرى من أجل إنجاح الحوار الوطني الشامل الهادف لحشد الطاقات الوطنية للخروج بمشروع إنقاذ وطني يخرج البلاد من الأزمات المتفاقمة التي تثقل كاهلها باعتبار أن الحوار الوطني الشامل يمثل موقفاً إستراتيجياً لا يمكن إخراج اليمن من نفق الأزمات إلا من خلال السير على هذا الطريق الذي يكفل تضافر الجهود والطاقات الوطنية ووضعها في المجرى الصحيح لخدمة قضايا اليمن واليمنيين .

وفي دورتها هذه وجهت اللجنة المركزية تحيات الحزب الاشتراكي اليمني إلى المرأة اليمنية بمناسبة حلول الذكرى التاسعة والتسعين ليوم المرأة العالمي وأكدت من خلالها على اعتزاز الحزب الاشتراكي بالدور الذي اضطلعت به المرأة اليمنية وفي مختلف مراحل الكفاح والتطور الوطني ومجالاته مؤكدة ثقة الحزب بالقدرات والكفاءات التي يمتلكها الكادر النسائي بما يمكن المرأة من المشاركة الحقيقية وبكل جدارة واقتدار بالمساهمة الواسعة في شتى مناحي الحياة وفي مختلف مفاصل الدولة والمجتمع والمنظمات السياسية والمدنية ومواقع صنع القرار .

وسيظل الحزب الاشتراكي اليمني وفياً مخلصاً لنضالات المرأة وكفاحها في مختلف المراحل وداعماً لها في الحاضر والمستقبل .

هذا وقد اتخذت اللجنة المركزية في دورتها هذه عدداً من القرارات السياسية والتنظيمية وبخاصة ما يتعلق بالإعداد والتحضير لعقد المؤتمر العام السادس للحزب.

عدن – 6 مارس 2009م

 
اكثر خبر قراءة أخبار اليمن