تفجيرات عدن.. خيوط التقاربات المحرمة بين الإمارات وإيران

السبت 03 أغسطس-آب 2019 الساعة 09 صباحاً / مأرب برس-اخبار اليوم
عدد القراءات 5785



يبدو أن لنَّخْبُ التقاربات المحرمة "غرابيل" مضجرة بالدماء، برتوكولات الحسابات السياسية على ماراثون الفوضى والعبث السياسي في المنطقة. 
خيوط التقاربات المحرمة كان آخرها التقارب بين النظام الإيراني الإماراتي، الذي أفضى إلى توقيع مذكرة تفاهم بين الطرفين لتأمين الملاحة في مضيق هرمز وتعزيز أمن حدودهما المشتركة، عقب التوترات العسكرية التي تشهدها الضفة الخليجية بين إيران والولايات المتحدة الأميركية وحلفائها. 
طلاسم التحولات في المواقف الإماراتية الإيرانية انعكست سلباً على ملف الحرب في اليمن، التي يراها الطرفان ساحة تخادم مشترك، تتقاسم فيها الأدوات الإيرانية والإماراتية مساحة لا تستهان بها في خارطة النفوذ الجغرافي. 
التفاهمات الخفية بين أبوظبي وطهران، شكلّ أحد العوامل الرئيسية للانسحاب العسكري لدولة الإمارات- الشريك الثاني في التحالف العربي- من الساحة اليمنية. 
سيناريوهات التقارب الإماراتي الإيراني في اليمن، قوبلت بترحيب جماعة الحوثي الانقلابية، والتي سبقها اتصالات بين جماعة الحوثي الانقلابية وحكومة أبوظبي، كشف عنها نائب الأمين العام لحزب الله اللبناني، "نعيم قاسم". 
قاسم قال- خلال لقائه مع قناة الميادين اللبنانية- "إن هناك لقاءات تحصل بين مسؤولين إماراتيين وآخرين من الحوثيين، لتنظيم خطوات لاحقة للانسحاب من اليمن". 
وكان متحدث عسكري حوثي صرّح- في حديث مع "تي آر تي" التركية، قبيل أيام من تصريحات القيادي في حزب الله- عن وجود قنوات تواصل سرية مع الإمارات بشأن عملية الانسحاب، وأن تطبيعاً حوثياً إعلامياً مع الإمارات تم بالفعل، حيث لم تعد تشير وسائل الإعلام الحوثية للدور العسكري الإماراتي في اليمن منذ ذلك الحين، وفق تلك التفاهمات. 
التطور الدراماتيكي في العلاقات الإيرانية الإماراتية، لم تشفع لحلفاء الأخير جنوب اليمن، والذي بحسب خبراء قدّم كـ "غرابيل" لهذا التقاربات المحرمة. 
* يوم دامٍ في عدن 
الخميس 1 أغسطس 2019 كانت العاصمة المؤقتة مع موعد هو الأكثر داموية منذ عامين، عقب استهداف جماعة الحوثي الانقلابية وتنظيم "داعش" الإرهابي وفي وقت متزامن، هجومًا مزدوجًا، بطائرة مسيرة، بمركبة مفخخة، سقط خلالها أكثر من 50 قتيلاً من منتسبي الشرطة والحزام الأمني، بينهم القيادي الكبير بينهم القائد منير اليافعي (أبو اليمامة). 
بحسب مصادر أمنية وطبية، قُتل 13 جنديًا من قوات الأمن في هجوم بسيارة مفخخة استهدفت مركز شرطة الشيخ عثمان شمالي مدينة عدن بينما كان الجنود يقفون في الطابور الصباحي. 
المصادر قالت، إن سيارة مفخخة وقفت عند بوابة مركز شرطة الشيخ عثمان حوالي دقيقتين قبل أن تتجاوز البوابة الحديدية ما أدى إلى انفجارها بعد ذلك وتصاعد عمود من الدخان من المبنى الواقع في حي عمر المختار المأهول بالسكان بالقرب من مستشفى لعلاج المرضى النفسيين. 
وأضافت إنه مع تجاوز السيارة المفخخة الحاجز الحديدي وبعض الخرسانات انفجرت مباشرة قبل أن يشاهد عيان جنوداً يرتدون زي الأمن وهم مضرجين بالدماء في محيط مبنى الشرطة. 
وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" مسؤوليته عن الهجوم الذي استهدف مركز شرطة الشيخ عثمان بمدينة عدن يوم أمس. 
وفي حساب يتبع التنظيم المتطرف على تويتر قال إن من وصفه بـ"الإستشهادي" عقيل المهاجر هاجم مركز شرطة الشيخ عثمان بسيارة مفخخة صباح الخميس. 
وكان مركز شرطة الشيخ عثمان تعرض- أمس الأول الخميس- لهجوم بسيارة مفخخة ما أدى لمقتل 13 من عناصر الشرطة وإصابة آخرين. 
وحسب بلاغ مقتضب منسوب لـ"داعش" على التويتر قال أن ذلك يأتي ضمن "غزوة الاستنزاف" ولم يكشف البلاغ أي تفاصيل أخرى عن هوية المنفذ الذي نشر صورته مرفقة بالبلاغ وبيده قنبلة. 
وفي وقت متزامن نفذت جماعة الحوثي الانقلابية، هجومًا مزدوجًا بطائرة مسيرة وصاروخ متوسط المدى على معسكر الجلاء في مديرية البريقة غربي مدينة عدن جنوبي البلاد، ما أدى إلى سقوط 36 قتيلًا بينهم العميد منير اليافعي قائد قوات الدعم والإسناد وقياديين آخرين فذ القوات ذاته أحدهما يحمل رتبة عميد وهو راجح بن نصور، بالإضافة إلى محمود اليعزبة الردفاني وهو قائد فصيل في القوات ذاتها. 
وأصيب في الهجوم حوالى 15 جنديًا، وبحسب مصادر محلية في العاصمة المؤقتة عدن، فإن العدد الأكبر ممن قُتلوا في الهجوم الذي أستهدف العرض العسكري في البريقة كانوا مقربين من العميد اليافعي ومرافقين له. 
وأقيم الحفل لتخرج دفعة من قوات الصاعقة التابعة لقوات الحزام الأمني المدعومة من الإمارات. 
ونقلت مصادر إعلامية عن جنود نجوا من الهجوم أن العميد اليافعي كان واقفًا في المنصة لكنه ترجل وقطع أمتارا قليلة للأمام لاستقبال ضيف قادم قدم للمشاركة قبل أن يسقط على الأرض متأثرًا بالانفجار الذي أستهدف المنصة وفي الإثناء ذاتها تساقط جنود في الجهة المقابلة كانوا يقفون في الطابور. 
وبحسب المصدر فإن بقايا ما يعتقد أنها طائرة مسيرة عُثر عليها في موقع الهجوم، إلى جانب شظايا متوسطة وصغيرة ما يرجح فرضية الهجوم بالطائرة المسيرة والصاروخ. 
بدورها قناة المسيرة التابعة للحوثي نقلت عن المتحدث باسم "القوات المسلحة" يحيى سريع قوله إن "العملية المشتركة استهدفت عرضاً عسكرياً للغزاة والمرتزقة وكانت الإصابة دقيقة". 
وأضاف: "تم استهداف العرض العسكري بطائرة قاصف2K وصاروخ باليستي متوسط المدى لم يكشف عنه حتى الآن". 
ويأتي الهجوم بعد يوم واحد من عملية استهدفت موكب أمين عام المجلس الانتقالي أحمد حامد لملس في مديرية الرضوم بمحافظة شبوة، وتوفي ثلاثة من قيادات الانتقالي. 
إلى ذلك قالت مصادر أمنية يمنية الجمعة، أن 17 جنديا قتلوا وأصيب آخرون في هجوم استهدف نقاطا ومعسكرا لقوات "الحزام الأمني" المدعومة من الإمارات في محافظة أبين جنوبي اليمن. 
ونقلت وكالة الأناضول عن المصادر قولها، أن الهجوم نفذه ما يعرف بـ"تنظيم "أنصار الشريعة" التابع لـ"تنظيم القاعدة في جزيرة العرب"، حيث قتل عدد من عناصر التنظيم خلال الهجوم. 
وفي الساعات الأولى من صباح الجمعة، شن مسلحو "أنصار الشريعة" هجوما على معسكر ونقاط عسكرية لقوات "الحزام الأمني" بمنطقة الخيالة بمديرية المحفد في أبين، وانتهى بسيطرة عناصر التنظيم على مقر المعسكر والنقاط العسكرية في المديرية. 
وسيطر التنظيم على المعسكر لساعات قبل أن تشن قوات الحزام الأمني هجوما مضادا وتستعيده، وفق المصدر الأمني ذاته. 
* دلالات الاستهداف 
يعكس هجوم جماعة الحوثي الانقلابية على معسكر للحزام الأمني في العاصمة المؤقتة عدن، أثناء حفل بتخرج دفعة جديدة، وقتل أبرز قيادي عسكري هناك، العديد من السيناريوهات المزدوجة السياسية والعسكرية. 
يحسب خبراء في الشأن اليمني فأن جماعة الحوثي المدعومة من إيران استطاعت تغيرت قواعد الاشتباك من خلال مثل هذه الهجمات النوعية التي تستهدف قيادات الصف الأول في التشكيلات المسلحة التابعة لدولة الإمارات، وانتقلت من موقف الدفاع إلى موقف الهجوم بما من شأنه تغيير معادلة الصراع لصالحها بشكل كبير. 
رئيس مركز "أبعاد" للدراسات "عبد السلام محمد" قال، إن المتمردين الحوثيين لا تهمهم أي اتفاقات أو تفاهمات معهم أو مع إيران، وأنهم إذا وجدوا الفرصة سانحة لتعزيز قوتهم وإعادة سيطرتهم فلن يترددوا في القيام بذلك. 
وتابع إن الحوثيين ربما تعاونوا مع نظام أو دولة أخرى لجمع معلومات تساعدهم على تعزيز رصيد "الانتصارات" على الإمارات، وتمكين إيران من ممارسة ضغط أكبر. 
وفي السياق يرى الخبراء ارتباط توقيت هذه الهجمات مع تحولات الموقف الإماراتي فأن الهدف من الهجوم الحوثي هو إحداث شرخ دولة الإمارات وبعض الأطراف المناهضة للحوثيين في الداخل، بمن فيهم أتباع الإمارات، كون توقيت مثل هكذا هجمات يشي بأن الإمارات باعت أتباعها للحوثيين، وبالتالي زعزعة الثقة بينها وبين أتباعها وغيرهم. 
ونوه الخبراء أن مثل هذه الهجمات الحوثية توكد على اختراق أمني للجماعة الانقلابية في العاصمة المؤقتة وطالما أنهم أعلنوا مسؤوليتهم عن قصف معسكر الجلاء، فيجب البحث عمن تعاون معهم استخباراتيا لإنجاح هذا الهجوم. 
*حرف مسار الهجوم 
يعد التنسيق مع الجماعات التي نقيض بعضها البعض ، هو عمل لا يمكن النظر إليه إلا بأنه يتم برعاية كاملة من قبل أطراف ضالعة في توظيف الإرهاب كإيران وحلفائها في المنطقة، لكن بعض الأطراف الانفصالية الموالية لحكومة أبوظبي اتهمت أطرافاً أخرى، وحاولت استغلال الحداثة من باب التحريض على أبناء المناطق الشمالية في وتحميلها مسؤولية الإختلالات الأمنية التي تشهدها المدينة. 
الأمر الذي أسفر عن إقدام جنوداً يتبعون قوات الحزام الأمني في عدن على أحرقوا بسطات لبيع الخضروات تابعة لمواطنين من المحافظات الشمالية. 
وتذكر هذه الممارسات بعمليات تضييق مماثلة وترحيل واعتقالات قادتها قوات محلية مدعومة من الإمارات ضد عمال وباعة ينتمون للمحافظات الشمالية قبل عامين. 
التحريض الممنهج من قبل بعض القيادات الجنوبية يثير الكثير من التساؤلات والشكوك حول أسباب حرف مسار الهجمات الحوثية على حلفاء الإمارات والذي تزامن مع هجمات لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" في عدن وأبين. 
يستبعد عدد من المراقبين اليمنيين، أن تكون الهجمات الحوثية بمعزل عن ترتيبات محلية ومعلومات استخباراتية دقيقة قادمة من عدن فطالما أنهم أعلنوا مسؤوليتهم عن قصف معسكر الجلاء، فيجب البحث عمن تعاون معهم استخباراتيا لإنجاح هذا الهجوم. 
ويتوقع المراقبون وجود تنسيق حوثي مع بعض دول القيادات في الحراك الجنوبي أو ما يعرف بالمجلس الانتقالي، المنخرطة في عمليات التصفيات الداخلية جنوبي اليمن، والتي سربت بعض المعلومات للجماعة ومكنتها من استهداف المعسكر، وقتل العميد منير اليافعي قائد اللواء الأول دعم وإسناد، الذي يعد اللواء الضارب والأكثر تسليحا، ويحظى بدعم إماراتي. 
*استهداف قيادات يافع
فتح مقتل العميد/ منير اليافعي- قائد اللواء الأول دعم وإسناد- أبواباً كثيرة من التساؤلات والتكهنات حول المسؤول الرئيسي في استهداف قيادات الصف الأول "اليافعية"؟ وهل هناك تنسيق بين بعض الأطراف الجنوبية مع المتمردين الحوثيين باستهداف قيادات يافع، التي يعد اللواء "منير اليافعي" ثالث قيادي يافعي كبير يلقى مصرعه على يد جماعة الحوثي الانقلابية. 
ففي الناحية المقابلة من معسكر الجلاء الذي تم استهدافه من قبل المتمردين، يقع معسكر بئر أحمد في مديرية البريقة، حيث تتمركز قيادة التحالف العربي العسكري الخاضع لسيطرة الإمارات، والتي تتهم بعدم تفعل ببطاريات الدفاع جوي بالإضافة إلى الدفاعات الأرضية لردع الهجمات الحوثية الأخير.
في 2017-02-22 استشهد اللواء "أحمد سيف اليافعي"، نائب رئيس هيئة أركان الجيش الوطني، اللواء "أحمد سيف اليافعي"، نائب رئيس هيئة أركان الجيش الوطني. 
في مطلع كانون الثاني – يناير من العام الحالي، استهداف جماعة الحوثي الانقلابية قاعدة العند العسكرية بطائرة مسيرة في لحج جنوبي اليمن، أسفرت عن مصرع رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، اللواء "محمد صالح طماح"، ونائب رئيس هيئة الأركان العامة اللواء "صالح الزنداني" وقادة آخرين في قوات الجيش الوطني. 
واتهمت- أيضاً- دولة الإمارات باستهداف قيادات الجيش الوطني من خلال تنسيقهما مع جماعة الحوثي وعدم تفعيلها لمنظومة الدفاع الجوي التي هي مكلفة بها. 
في خضم هذه التطورات على الساحة الجنوبية، يتخوف كثير من مراقبين من اتساع خارطة الصراع، بين التكوينات السياسية والفصائل المسلحة الموالية للإمارات، جنوبي اليمن، مع تبني الأخيرة إستراتيجية إعادة إنتاج الصراع بين مثلث القوة العسكرية للجنوب (الضالع، يافع، ردفان)، وإنعاش سيناريو صراع 1986 بين «الزمرة» و«الطغمة»، من خلال إزاحة بعض القيادات في قوات الحزام الأمني التي تثير مخاوفها المستقبلية، ودعم بعض القيادات الأخرى التي تساهم في تعزيز نفوذها وتعمل على مزيد من الانقسام والتشظي بما يخدم مشروعها ألتشطيري. 
* الخلاصة 
في ظل خيوط التقارب المضجرة بالدماء بين إيران والإمارات والذي قدّم فيه أكثر من خمسين شهيداً من أبناء المناطق الجنوبية قرابين لهذا التقارب، الذي يخدم الطرفين، من خلال تعميق فكرة الانفصال الذي تمكن الجماعة الانقلابية من ترسيخ وجودها السياسي والعسكري في شمال اليمني من جهة، وحرف حلفاء الإمارات لمسار الهجوم الحوثي، بما يخدم مصالحهم الانفصالية التي تزيح الحكومة اليمنية من المشهد وتعمق الكراهية ضد المناطق الشمالية. 
يبدو أن العاصمة المؤقتة عدن مهيأة لمرحلة جديدة، مرحلة سيدفع ثمنها المعسكر المضاد للجماعة الحوثية، نتيحة ضيق أفقه. 
فبعض القوى في جنوب اليمني تسعى إلى اقتناص الفرصة والاصطياد في المياه العكرة على حساب تلك الدماء الزكية، والتي تستفيد منها الجماعة الانقلابية كثيراً وتحاول استثمارها لصالح مشروعها الطائفي في اليمن. 
كل ذلك نتيجة طبيعة لانحراف مسار التحالف العربي عن أهدافه الرئيسية، الهجمات التي تعرضت لها عدن، تؤكد أن الخطر لن يزول عن أي مدينة يمنية ما لم يتم إنهاء مراجعة سياسة التحالف العربي بما يخدم فتح ملف عرقلة تحرير المدن التي لاتزال خاضعة لسيطرة الانقلابيين، وترسيخ التواجد الحكومي في تلك المناطق التي تسمى محررة. 
في الأخير يبدو أن السلام المزعوم من قبل أمراء أبوظبي هو عمل استخباراتي متناسق مع إيران يجمع تلك الجماعات التي تعمل على نقيض من بعضها (الحوثيون، داعش)، لضرب فكرة الوحدة اليمنية، ويسعى إلى إزاحة بعض القيادات الجنوبية الرافضة لفكرة التقارب بين أبوظبي وطهران في الملف اليمني، ويعمل على إبعاد الحكومة اليمنية من المشاهد السياسي والعسكري في شمال وجنوب اليمن.
 

 
اكثر خبر قراءة أخبار اليمن