عندما يصبح الغذاء أداة سياسية

الجمعة 21 يونيو-حزيران 2019 الساعة 09 صباحاً / مأرب برس-متابعات
عدد القراءات 2777

  

بدأ برنامج الأغذية العالمي ،مساء الخميس ، تعليق مساعداته الغذائية بشكل جزئي في اليمن، وتحديدًا في المناطق الواقعة تحت سيطرة ميليشيات الحوثي، بسبب عدم التوصل لاتفاق بشأن ضوابط تمنع تحويل الغذاء بعيدا عن بعض الناس الأكثر احتياجًا في البلاد.
 

ويقدم البرنامج التابع للأمم المتحدة الغذاء لما يربو على 10 ملايين شخص في اليمن الذي يشهد حربا للعام الخامس على التوالي، بين القوات الموالية للحكومة ومسلحي جماعة "الحوثي" المتهمين بتلقي دعم إيراني، والمسيطرين على محافظات، بينها العاصمة صنعاء منذ سبتمبر2014.
 
ويؤثر قرار برنامج التغذية على 850 ألف شخص في العاصمة صنعاء لكن برامج التغذية للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية وللحوامل والمرضعات ستستمر.
 
وكانت جماعة الحوثي اتهمت برنامج الأغذية العالمي بالفساد وإرسال أغذية فاسدة إلى اليمن، وأتى الرد الأممي، نافياً ادعاءات ميليشيات الحوثي.
وقال بيان صادر عن البرنامج في وقت سابق إن "البرنامج يعمل عن كثب من أجل ضمان تلبیة كافة المواد الغذائیة التي یتم تسلیمھا للأشخاص المحتاجین، وفقا للمعاییر العلیا للسلامة".
 
وأضاف: "نتشارك جمیعًا في إیصال مواد غذائیة ذات جودة إلى الأشخاص الذین یعانون من الجوع في الیمن".
 
تعليق جزئي للمساعدات
 
وأعلنت منظمة الأغذية العالمية "الفاو" التابعة للأمم المتحدة، الخميس، في بيان لها :"بدأ برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة تعليقًا جزئيًا لعمليات تقديم المساعدات الغذائية في المناطق الواقعة تحت سيطرة سلطات صنعاء في اليمن".
 
وأضاف البيان أنه "تم أيضًا اتخاذ هذا القرار بوصفه الحل الأخير، بعد توقف مفاوضات مطولة بشأن الاتفاق على إدخال ضوابط لمنع تحويل مسار الأغذية بعيدًا عن الفئات الأشد احتياجًا في اليمن".

ولفت إلى أن "توفير الغذاء للأطفال والنساء والرجال الأشد معاناة من الجوع في اليمن، يظل على رأس أولويات برنامج الأغذية العالمي".
 
ووجه بيان منظمة الأغذية العالمي، اتهامًا مباشرًا لقيادات الحوثيين، يتعلق بمحاولاتها التربح والاستفادة مما تقدمه الفاو من مساعدات للمحتاجين، إذ قالت: "كما هو الحال في أي منطقة نزاع، يسعى بعض الأفراد للتربح على حساب المحتاجين وتحويل مسار الأغذية بعيدًا عن الأماكن التي تكون في أمس الحاجة إليه".
 
وأشار البيان إلى أنه "لطالما كان البرنامج يسعى للحصول على الدعم من القياديين بصنعاء من أجل إدخال نظام التسجيل البيومتري للمستفيدين (نظام البصمة البيولوجية)، الذي من شأنه أن يحول دون التلاعب بالأغذية ويحمي الأسر اليمنية التي يخدمها البرنامج ويضمن وصول الغذاء لمن هم في أمس الحاجة إليه".
 
وأكد البيان أنه "ولسوء الحظ، لم نتوصل إلى اتفاق بعد“، معتبرًا أن "نزاهة عملياتنا أصبحت مهددة، كما أن مسؤوليتنا تجاه من نساعدهم أصبحت مقيدة".
 
وأشار بيان "الفاو" إلى أنه "وفي هذه المرحلة، وبدعم من جميع هيئات الأمم المتحدة، قررنا تعليق أعمالنا في مدينة صنعاء فقط، مما سيؤثر على حوالي 850 ألف شخص، وسيواصل البرنامج تقديم مساعداته الغذائية للأطفال والحوامل والمرضعات الذين يعانون من سوء التغذية طوال فترة التعليق".
 
تلاعب حوثي بالمساعدات
 
وكان برنامج الأغذية العالمي قد اكتشف في ديسمبر 2018 حدوث تلاعب ممنهج في الأغذية التي يجري توزيعها في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين من خلال شريك محلي على صلة بالسلطات. ويقولالحوثيون إن إصرار البرنامج على التحكم في تلك البيانات يخالف القانون اليمني.
 
واستخدم طرفا الحرب الدائرة في اليمن إمكانية الحصول على مساعدات ومواد غذائية كأداة سياسية مما أدى إلى تفاقم ما وصفته الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية في العالم حيث أودت الكوليرا بحياة الآلاف بالفعل.
 
ويتضمن نظام بيانات القياسات الحيوية عمل مسح لقزحية العين ورفع بصمات الأصابع والتعرف على الوجه لتحديد الهوية، وهو معمول به بالفعل في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دوليا.
 
بدورها، حملت الحكومة اليمنية عبر بيان لها، وزارة خارجية القوات الحوثية، مسئولية قرار برنامج الأغذية العالمي بشأن التعليق الجزئي لعمليات المساعدات الإنسانية في مناطق سيطرتها، خاصة في صنعاء.
 
وشددت الخارجية اليمنية، على أن "استمرار تعنتالحوثيين، وإصرارهم على استهداف وسرقة قوت المواطنين الأكثر حاجة في اليمن، وضلوع قيادات منهم في هذه الممارسات دون مراعاة لأي قيم إنسانية وأخلاقية يعد جريمة وانتهاكًا صارخًا للأعراف والقوانين الدولية".
 
وفي سياق متصل، قال المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي في اليمن ديفيد بيزلي، في إحاطته التي قدمها يوم الإثنين الماضي، أمام مجلس الأمن الدولي: "يحزنني أن أبلغكم أن برنامج الأغذية العالمي، يتم منعه من تقديم الغذاء للأشخاص الأكثر معاناة من الجوع في اليمن".
 
وأكد أن "المساعدات الغذائية التي تقدمها الأمم المتحدة، يتم تحويل مسارها في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي على حساب الأطفال والنساء والرجال الذين يعانون الجوع".
 
 
المركز الأول على خارطة أزمات الغذاء 
 
وأظهرت نتائج التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي في ديسمبر 2018، لمنظمة "الفاو"، أن 63 ألفاً و500 شخص في اليمن وصلوا لأول مرة لمرحلة الكارثة، ولا يملكون ما يأكلون.
 
وأشارت نتائج تحليل التصنيف المرحلي المتكامل الأخير للفترة من ديسمبر 2018 إلى يناير 2019، إلى أن المناطق الأشد تأثراً من انعدام الأمن الغذائي -المرحلة الثالثة وما فوقها- في محافظات الحديدة وعمران وحجة وتعز وصعدة.
 
وتنقسم مراحل انعدام الأمن الغذائي إلى خمس مراحل هي، الأولى الحد الأدنى، والثانية الشدة، والمرحلة الثالثة الأزمة، والرابعة الطوارئ، والمرحلة الخامسة الكارثة، وتعبر المرحلة الثالثة وما فوقها عن انعدام الأمن الغذائي الحاد الشديد.
 
وجاء اليمن في المركز الأول على خارطة أزمات الغذاء في العالم عام 2018، حيث بلغ عدد الأشخاص غير الآمنين غذائياً في اليمن 20.1 مليون شخص بدون المساعدات الغذائية الإنسانية أو 15.9 مليون شخص مع المساعدات الغذائية الإنسانية.
 
وعلى الرغم من وجود المساعدة الغذائية الإنسانية، باتت مشكلة انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في اليمن خطراً داهماً يهدد حياة ملايين اليمنيين، مما يعكس الشدة العالية جداً لانعدام الأمن الغذائي بين بعض الفئات السكانية التي باتت تقاسي الجوع وغير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الأساسية.