آخر الاخبار

تصريحات مفاجئة لرئيس الأركان الأمريكي: هناك قدرات لا نرغب في تقديمها لإسرائيل! تصريحات مفاجئة لرئيس الأركان الأمريكي: هناك قدرات لا نرغب في تقديمها لإسرائيل! تصريحات مفاجئة لرئيس الأركان الأمريكي: هناك قدرات لا نرغب في تقديمها لإسرائيل! مجلس الوزراء يُغرق وزارة الدفاع بالثناء اللفظي ويتجاهل صرف رواتب الجيش واستحقاقات وزارة الدفاع المالية صناعة القرارات الرئاسية في زمن رئيس مجلس القيادة الرئاسي.. قرارات تعيين رغم اعتراض غالبية الرئاسي وقرات يتم تهريبها بسرية .. تفاصيل لجنة المناصرة والتأثير بمحافظة مأرب تعقد ورشة عمل ناقشت دور السلطة المحلية والأحزاب والمنظمات في مناصرة قضايا المرأة رسالة من أمهات وزوجات المختطفين لقيادات جماعة الحوثي : ''نأمل أن نجد آذانا صاغية'' في اجتماع بقصر معاشيق.. قرارات وموجهات جديدة للحكومة اليمنية خلال رمضان فقط.. رابع حادثة وفاة لمختطفين في سجون الإنقلاب الحوثي قضاة محكمة العدل الدولية بالإجماع يوجهون امرا لإسرائيل .. تفاصيل

آثار مأرب...بين نار التهريب وجحيم الإهمـــال

الأربعاء 21 ديسمبر-كانون الأول 2005 الساعة 08 صباحاً / مأرب برس / خاص /علي الغليسي
عدد القراءات 4471

تحقيق علي الغليسي

تم الكشف مؤخراً عن نقش أثري هام عثرت عليه بعثة ألمانية في "معبد إلمقه" بمدينة صرواح، وقد احتوى النقش على معلومات جديدة حول عهد الملك السبئي »يسع أماروتر بن يكرب« والحملات العسكرية التي قام بها، ويوضح النقش أنه في القرن الرابع قبل الميلاد قام الملك السبئي »يسع« الذي حكم اليمن في ذلك الوقت بعدة حملات عسكرية مماثلة للحملات التي قام بها من قبله الملك »كرب إيل وتر بن ذمار علي«.ويضيف النقش: إن الملك »يسع« قام بشن حرب على قتبان وردمان ودهسم »يافع« ومناطق في الجوف منها مدينة »كمنة« ومدينة »كُثل« وقتل منهم الآلاف وشرد الكثير.وقد أوضحت البعثة الأثرية الألمانية برئاسة الدكتورة/ إيرز جير لاخ بان هذا النقش الذي عثرت عليه خلال موسمها الأثري الحالي في المعبد الذي بدأ مطلع نوفمبر ويستمر حتى منتصف يناير القادم يبلغ طوله »7.24 متر« وارتفاعه ٢٧ سنتيمتراً بسُمك »١٥ سنتيمتراً«، ويتكون من قطعة واحدة من الحجر الجيري ويزن حوالى »٧« أطنان وينتمي للمحاجر القديمة في باطن الجبال على بُعد حوالى »٥ كيلومترات«، وقالت البعثة: إن نص النقش لم يتضح بعد بالكامل نتيجة للوضع الذي وجد عليه النصب الحجري. مؤكدة: إن النقش الضخم ينتمي لعصر ما قبل الإسلام ولم يسبق وأن كشفت الحفريات الأثرية العلمية في اليمن مثيلاً له حتى الآن.ويأتي اكتشافُ هذا النقش لتعزيز الأهمية الأثرية »لمعبد إلمقه« التي جاء باكتشاف »نقش النصر« في فترة سابقة، حيث وجد النقش على عمود من المرمر في وسط المعبد وعليه نقوش تشير إلى أن صاحبه هو »كرب إيل وتر«، وأنه قام بفتوحات كبيرة في البلاد المجاورة.وتؤكد النقوش القديمة التي أمكن العثورُ عليها في المنطقة أن تأريخَ إنشاء معبد إلمقه يعود إلى أوائل القرن السابع قبل الميلاد، أما الكتابات المنقوشة في إحدى دعائم البوابة الخارجية للمعبد والتي تتألف من عدة سطور فيقال إنها لا تنتمي للمعبد مباشرة إذ أن واضعَها هو يكرب ملك وتر الثاني -ملك سبأ وابن »يدع إيل بين«- وذلك حوالى عام ٥٤٢ قبل الميلاد، واحتلت مديرية صرواح التي تبعد نحو »٠٤ كيلومتراً« غرب مدينة مأرب موقعاً تأريخياً مهماً في عهد مملكة سبأ القديمة، حيث كانت تعتبر المركز السياسي والديني الثاني لمملكة سبأ، كما أن هناك اكتشافات أخرى أشرنا لها في حينها وكان لنا السبق في ذلك وتناقلتها عنا العديد من الوسائل الإعلامية الخارجية ومنها »معبد أوام« الذي رشحه الخبراءُ ليكون أعجوبة الدنيا الثامنة، والذي تسعى المؤسسة الأمريكية لدراسة الإنسان لانتشال ذلك المعبد من بين الرمال وكان يعتبر المعبد مركزاً دينياً وقومياً للجزيرة العربية بحسب النقوش التي تم الكشفُ عنها، كما سلطت عددٌ منها الضوء على تأريخ اليمن في الحقب الزمنية الغابرة، وتجري حالياً عمليات المسح والدراسة لبدء الترميم والتنقيب في ذلك المعبد.الخبراءُ يشيدون بالإكتشافات❊ بعد هذه الإكتشافات الأثرية الأخيرة توقع عدد من الخبراء والمهتمين الأثريين الأجانب واليمنيين أن هذه الإكتشافات الأثرية في مأرب ستغير الخارطة التأريخية للجزيرة العربية والمنطقة، حيث أن هذه الإكتشافات تشيرُ إلى حواضر إنسانية عريقة إزدهرت في جنوب الجزيرة العربية وتؤكد أنه كان لهذه الحواضر قدرٌ عالٍ من الإنجاز البشري الحضاري، فمثلما حولت الصحراء البور إلى حواضر غنـَّاء عامرة فقد كان لها أهمية قصوى بالنسبة للإقتصاد العالمي القديم الذي ساهمت حضارات اليمن السعيد في ازدهاره إلى جانب دول وحضارات مصر واليونان وبلاد الرافدين وروما، وقد كشف الفريق الأثري التابع للمؤسسة الأمريكية لدراسة الإنسان العاملة في محرم بلقيس »معبد أوام« عن نماذج أولية لمحركات هيدروليكية تعمل على طاقة المياه في إنجاز علمي وسابقة للحضارة اليمنية القديمة.عشوائيةُُُ التنقيب أضرمت نارَ التهريب❊ بدأ البحثُ عن المخزون الأثري في مأرب والتفتيش عن خفايا الحضارة اليمنية القديمة منذ النصف الثاني من القرن الثامن عشر، وذلك من خلال تقارير الرحالة المستكشفين الذين وصلوا إلى مواقع الآثار والنقوش كمغامرة في البداية للتأكد مما جاء في الكتب السماوية وغيرها عن مملكة سبأ والعربية السعيدة، ولم تتعد اكتشافاتهم غير الوصف العام لمواقع الاستيطان القديمة وبقايا الأطلال، إلى جانب نقلهم بعض القطع الأثرية والنقوش وبيعها في الخارج للمتاحف والمعاهد العالمية وكانت أهم بعثة في تلك الفترة هي بعثة »كارستن نيور« »٧٧١١هـ- ٣٦٧١م التي زارت مأرب ووصفت بقايا سدها العظيم.وقد إهتمت تلك البعثات بدراسة حضارة وتأريخ الممالك اليمنية القديمة ولغاتها ولهجات وعادات البلاد، وأهمُّ تلك البعثات بعثةُ الألماني »فون وريد« ٣٤٨١م، و»المستر كولان -٥٦٨١م«، وفريق أكاديمية النقوش الفرنسية »هاليفيوم -٠٧٨١م، وبعثة جلاسير في الفتر ٢٨٨١- ٤٩٨١م، وبعثة الأكاديمية النمساوية.. وتعتبر البعثة الألمانية أهم بعثة قامت بالتنقيب في اليمن ٨٢٩١م، وفي عام ٨٣٩١ نقب فريق نسائي من ثلاث بريطانيات حيث كشفن عن معبد إله القمر وطبقاته، إلى جانب الكشف عن بعض المقابر الكهفية المجاورة للمعبد.إلا أن الدراسات الأثرية تشير إلى أن بعثة »وندل فيليبس« المؤسسة الأمريكية لدراسة الإنسان تعد من أكبر البعثات الأثرية التي عملت في البلاد، حيث نفذت حفرياتها في مدينة تمنع »هجر كحلان« العاصمة القتبانية ومسحت قنوات الري القديمة والنقوش في مدينة بيحان »١٥٩١- ٢٥٩١م« لتنتقل البعثة إلى مأرب للعمل في محرم بلقيس.وتشير مصادر أثرية إلى أن هناك عشوائية متبعة في التنقيب عن الآثار، وحيث تأتي كلُّ بعثة بخطة عمل مغايرة لسابقتها مما يؤدي إلى دفن العديد من الأماكن الأثرية، بالإضافة إلى تشجيع عملية بيع وتهريب الآثار للخارج وذلك من خلال شبكات تقومُ بجمع الآثار ونقلها للبيع!!، لكننا نجدُ مع هذا أن الدراسات التي تناولت ظاهرة التهريب قليلة جداً إلا أن المتوفر منها يشير إلى وجود كميات كبيرة من النقوش والقطع الأثرية في المتاحف العالمية ولدى أرباب المجموعات الأثرية الخاصة، بل إنها تتطرق إلى أسماء هذه المتاحف كمتحف »بومباي الهند« ومتحف »هامبورج ألمانيا« ومتحف: »اسطنبول تركيا« ومتحف »بلندي بريطانيا«، بالإضافة إلى متاحف في النمسا وفرنسا وروسيا وأمريكا وغيرها، ومن المجموعات الخاصة في الخارج مجموعة »برنادر كاسل درهام بريطانيا«، ومجموعة »إيفرسون ليتمن« ومجموعة »ايبيسكوبي قبرص« وغيرها.والمثيرُ للأسف تورُّطُ مسؤولين في شبكات تهريب وبيع الآثار في الخارج، حيث تم رصْدُ زيارات سرية مفاجئة من دبلوماسيين ومسؤولين كبار لتلك المواقع الأثرية ومعهم أفرادٌ من الفرق الأثرية!! مما يجعلنا نقرع الأجراسَ، حيث ثبت أنه عقب كل زيارة يتم إلقاء القبض على آثار مهرَّب أو ضبط عصابة تهريب الآثار ما يجعلنا نضع أكثر من علامة استفهام حول الزيارة وعملية الضبط والقبض على العصابات وآخرها ما تم عرضه من آثار ونقوش لمحافظة مأرب في متحف باريس بفرنسا.جحيمُ الإهمال❊ ظلت آثار محافظة مأرب بعيدة عن دائرة اهتمام الدولة، ولعدم وجود الوعي بأهمية هذه الآثار تعرضت الكثير منها لأعمال التخريب والسطو والسرقة، وقد أدى ضعفُ الوعي إلى قيام بعض المواطنين بهدم وتخريب المواقع الأثرية ونقل أحجارها لبناء المنازل وذلك ما يجبُ أن تأخذَه الجهاتُ المختصة بحزم وإعداد استراتيجيات للحيلولة دون التهريب والوقوع في فخ الإهمال، والإهتمام بتلك المعالم الأثرية؛ كونها تعني لنا التأريخَ والحضارةَ، ومسؤولية الحفاظ على الآثار مشتركةٌ، فالمواطنُ مسؤولٌ بالدرجة الأولى، والهيئة العامة للآثار تقعُ على عاتقها مسؤولية كبرى، منها وضعُ أسوار شائكة حول جميع المواقع الأثرية ووضع حراسة أمنية لكل موقع فمعظمُ المواقع بدون حراسة وإن وُجدت فتراهم يستلمون رواتبَهم دون تقديم أي عمل، بالإضافة إلى تعميم حرمة البناء بالأحجار الأثرية وإنزال أقصى العقوبات بكل من تثبت ضده ممارسة ذلك العمل.وختاماً.. مع هذه الإكتشافات الأثرية الجديدة نتوجه بالنداء العاجل للهيئة العامة للآثار بضرورة إيجاد حلول ناجعة لقضايا التهريب والإهمال، فوجودُ آثار جديدة واكتشافات مهمة يتطلب جهوداً ويضيفُ أعباءً على إدارات الآثار نقترحُ منها:> إقامة ندوات في أوساط المواطنين للتوعية بأهمية تلك الآثار وإيجاد مشاركة مجتمعية في سبيل الحفاظ عليها.> تزويد الجهات المختصة في المحافظة بكل الوسائل التي تمكنها من القيام بواجبها.> القطاعُ السياحي والترويجُ له يبدأ من الاهتمام الجاد بهذه الآثار.وخلاصةُ القول: فإن الهيئةَ العامةَ للآثار يعتبر دورها سلبياً حتى اللحظة، وما لم تتمكن الحكومةٍ من إيجاد حلول فإن التهريبَ والإهمالَ سيصبحان ظاهرتين مستعصيتين يصعُبُ علينا جميعاً استئصالـُهما أو الحد من تفشيهما.