قانون قبلي في دولة عربية يرغم العذارى والشابات على الانتحار

السبت 20 إبريل-نيسان 2019 الساعة 08 مساءً / مأرب برس - وكالات
عدد القراءات 7862

 

لم يكن صيف 2018 كأي صيف آخر بالنسبة للطالبة العشرينية "مريم".. فقد كان حارقا بالمعنى الحرفي للكلمة.. ففي هذا الصيف استقبلت إحدى مستشفيات محافظة ميسان، جنوبي العراق، جسد الشابة المحترق بعد أن سكبت عليه البنزين وأشعلت في نفسها النيران احتجاجا على عرف عشائري يدعى "النهوة".

و"النهوة"، التي كشفت عنها وكالة الأنباء الفرنسية في تقرير، الجمعة، دفعت عشرات الشابات العراقيات إلى الانتحار، حيث تمنح لأبناء عمومتهن حق رفض من يتقدم لخطبتهن من خارج العشيرة، وإجبارهن على الزواج من شباب العائلة فقط.

وبعد 3 أيام في المستشفى، توفيت "مريم" (22 عامًا)، بحسب الشيخ "حيدر سعدون"، أحد زعماء عشائر مدينة العمارة، كبرى مدن محافظة ميسان.

ويقول "سعدون" في تصريحاته لوكالة "فرانس برس"، وهو أيضًا أحد وجهاء قبيلة بني لام، الذي كان شاهدًا على تلك الحادثة، أن "الفتاة طالبة جامعية تقدم للزواج بها شاب من قبيلة أخرى، لكن أبناء عمها رفضوا أن يتزوجها بحسب العرف العشائري المعروف بالنهوة".

وقد حاول الشيخ "سعدون" إقناع ابن عم مريم بالعدول عن الفكرة، لكن الأخير تمسك بالأمر قائلا "سأكسر أنفها"، في إشارة لإرغامها على الزواج منه، رغم كونها طالبة جامعية، وهو أمّي.

وتُعرف محافظة ميسان الجنوبية بتمسكها بتلك العادات، وتشهد بين الفينة والأخرى صدامات بين بعض العشائر.

   الفصلية.. نساء في الجحيم

وبحسب الوكالة، ليس تقليد "النهوة" فقط ما يجعل من حياة النساء صعبة، بل هناك ما يحول المرأة إلى سلعة مقايضة، تشتعل بموجبها نزاعات وعمليات ثأر.

فمنذ عقدين من الزمن، تعيش "سحر" في جحيم بسبب ما يسمى بـ"الفصلية" في مدينة الديوانية (جنوبي العراق)، بعدما وهبتها عشيرتها إلى أخرى قُتل أحد أبنائها.

وتقول الناشطة في مجال حقوق المرأة، ابنة عم "سحر"، "كريمة الطائي" (50 عامًا): "نشب قبل نحو عشرين عامًا صراع بين عشيرتي وعشيرة أخرى، وتطور حتى قتل شاب من تلك العشيرة. وبعد تدخل الوسطاء بين الطرفين، قام شيخ عشيرتنا بفصلها (وهبها)، مع خمس فتيات عذارى، وتزويجهن بالإكراه من أبناء عشيرة المقتول".

ورغم مرور سنوات، تلاحق وصمة العار الأطفال الأربعة الذين أنجبتهم "سحر"، ويعاملهم أهل زوجها بأسلوب قاس، وينادونهم بـ"أولاد الفصلية"، وفقا "كريمة الطائي".

ففي العراق، البلد المحافظ الذي يلعب فيه الأصل واللقب دورًا مهمًا في جميع مجالات الحياة، بينها الزواج والحصول على وظيفة والسياسة، عادة ما تتم تسوية النزاعات القبلية دون الرجوع إلى القانون.

وحتى سقوط نظام "صدام حسين" عام 2003، كان القانون نافذا وله السلطة أكثر من أعراف العشائر. لكن بعد ذلك التاريخ، لم يعد القانون مطبقًا في كثير من المجالات، لأسباب عدة بينها الخوف من التعرض للانتقام، وقد يلعب المجلس المحلي والوجهاء دورًا حاسمًا في تسوية النزاعات واتخاذ قرار بشأن الدية.

وبحسب مصادر رسمية، أقدمت 14 امرأة على الانتحار في محافظة ميسان خلال العامين الأخيرين فقط، فيما حاولت 184 امرأة قتل أنفسهن.

 

ووفق دراسة أجريت في البصرة (جنوبي العراق) عام 2017، وشملت 62 امرأة حاولن الانتحار بإضرام النار في أجسامهن، يمكن التحقق من بعض المؤشرات. ففي 80% من الحالات قالت هؤلاء النساء إنهن فعلن ذلك بسبب خلافات عائلية تتعلق خصوصًا بزواجهن.