إمبراطوريات الحرب ومليارديرات الكهوف .. هكذا تحولت الحرب من أهدافها المعلنة إلى أهدفها السرية .. خفايا الثروة والأثرياء

الإثنين 01 إبريل-نيسان 2019 الساعة 07 مساءً / مأرب برس - خاص
عدد القراءات 5015

  

قال تقرير حديث لمركز أبعاد للدراسات والبحوث، إن الحرب في اليمن لم تعد حرباً سياسية عسكرية بين الرئيس الشرعي المعترف به دولياً وبين ميلشيات الحوثي، فقد أضحت- بعد أربع سنوات- حرباً اقتصادية وتنافساً مالياً وعبئاً إنسانياً.

وأكد التقرير أنه لم يعد من نشاط اقتصادي في اليمن، سوى اقتصاد الحرب ولم يعد هناك مشروع دولة بل مشاريع صغيرة تتحارب، كما أن موقع اليمن الاستراتيجي تحوّل إلى محنة في هذا التوقيت الصعب، ما قد ينذر بتدخلات إقليمية ودولية تعقد المشهد أكثر مع طول فترة الحرب.

وأشار التقرير إلى أن الحرب أثّرت في اقتصاد البلاد وضاعفت مأساة المواطنين الإنسانية، وأصبح ملايين اليمنيين تحت خط الفقر بل أصبح الكثير منهم على خط الجوع وسببت سياسات الحوثيين إلى هذه المأساة، حيث سحبت جماعة الحوثي احتياطي البنك المركزي من العملات الصعبة (4.8مليار دولار).

وأكد التقرير أن مليشيا الانقلاب أسست- خلال الحرب- مراكز اقتصاد جديدة، تظهر وضوحاً في العاصمة صنعاء، فقد وضعوا أيديهم على البنوك وشركات الاتصالات واحتكروا تجارة النفط والغاز والغذاء وعملوا نقاط جمارك داخل المدن.

وفيما يلي نص التقرير:

- صراع المصالح:

إمبراطوريات الحرب: استغلت بعض الشخصيات والجماعات دعمها للشرعية والتحالف في الحصول على أموال غير مشروعة من تجارة النفط والسلاح فشكلت إمبراطوريات متداخلة ترفع من شأن مصالحها فقط، وتورط البعض منهم في التعامل مع الحوثيين.

حرب الموانئ: تحاول الإمارات وضع يدها على موانئ اليمن في الجنوب وأدى ذلك إلى تجميدها وتضرر الاقتصاد اليمني. فبحسب معلومات فإن الإمارات تُقدم تسهيلات في ميناء عدن للسفن القادمة من موانئ إماراتية، وتعرقل- لأسابيع وربما أشهر- السفن القادمة من موانئ أخرى، وسبق أن أُتلفت بضائع في عرض البحر أو عادت سُفن بسبب القيود المفروضة.

وقد قال رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة موانئ دبي العالمية/ سلطان أحمد بن سليم، إن المجموعة مهتمة باليمن وستبدأ الاستثمار هناك مع بدء الاستقرار، وقد استطاعت المنطقة الحرة لجبل علي “جافزا”، التابعة لمجموعة موانئ دبي العالمية، تحقيق نمو في تجارتها الخارجية تصل إلى 83.1 مليار دولار في 2017، بما يعادل 29.4 مليون طن متري، وهو الرقم الأعلى منذ 2013 (العام الذي سبق انقلاب الحوثيين في اليمن وقبل دخول الإمارات)، حيث كان حجم التجارة آنذاك 19.5 مليون طن بزيادة بلغت 9.9 مليون طن متري.

في نفس الوقت انتعشت الموانئ السعودية جراء الحرب في اليمن، في المقابل تضررت الموانئ اليمنية بشكل كبير خلال سنوات الحرب بفعل إجراءات التحالف العربي عبر آلية الأمم المتحدة للتفتيش، حيث تستمر السفن أسابيع وربما أشهر في البحر بانتظار دورها للتفتيش ما يؤدي إلى تلف بعض البضائع ودفع رجال الأعمال اليمنيين المستوردين إلى الوصول إلى ميناء "الملك عبدالله" على البحر الأحمر -على سبيل المثال لا الحصر- ونقل البضائع براً فقد أدى ذلك إلى انتعاش الميناء الناشئ فبدلاً 1.3 مليون حاوية قياسية في العام 2015، استقبل الميناء بنهاية 2018 إلى 2,301,595 حاوية قياسية، فيما يقارب من الضعف. وارتفعت السفن التي وصلت خلال الثلاث السنوات من 637 سفينة عام 2015 إلى 911 سفينة. وكان عام 2015 في المرتبة 104 عالمياً وعام 2018 في المرتبة 69 عالمياً وفقاً لتقرير اقتصادي عالمي يقيس بيانات النقل البحري وقدرات الموانئ ومستقبل تطور السفن والطرق الملاحية حول العالم.

المنحة السعودية: لا توجد المنحة السعودية في حسابات البنك المركزي في الداخل أو الخارج بل في البنك الأهلي السعودي، ويتم الصرف بموافقة السلطات السعودية وليس فقط السلطات اليمنية، هذه البيروقراطية في صناعة القرار قد يؤدي إلى تأخر بشكل كبير الاستفادة منها. كما أنه بشكل ما يعني أن السعودية وصية على البنك المركزي اليمني.

ثانيا: الوضع الإنساني

انهارت البلاد في جحيم المجاعة والأوبئة، واليمن -التي بالفعل أفقر بلدان الوطن العربي قبل الحرب- تعيش وضعاً مأساوياً ما تشير إليه أرقام الأمم المتحدة، ف83% من اليمنيين بحاجة للمساعدات الإنسانية.

الجوع والمرض: يعاني أكثر من 20 مليون شخص في جميع أنحاء البلاد من انعدام الأمن الغذائي، بما في ذلك ما يقرب من 10 ملايين شخص يعانون من مستويات شديدة من الجوع. يحتاج حوالي 7.4 مليون شخص إلى خدمات لعلاج سوء التغذية أو الوقاية منه، بما في ذلك 3.2 مليون شخص يحتاجون إلى علاج لسوء التغذية الحاد - مليوني طفل دون سن الخامسة وأكثر من مليون امرأة حامل ومرضعة.

يفتقر 17.8 مليون شخص إلى المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي، و 19.7 مليون شخص لا يحصلون على الرعاية الصحية الكافية.

تسبب سوء الصرف الصحي والأمراض المنقولة عن طريق المياه- بما في ذلك الكوليرا- في إصابة مئات الآلاف من الأشخاص بالمرض 2018. الملايين من اليمنيين يعانون من الجوع والمرض والضعف يتزايد عاماً بعد آخر بفعل الحرب، مما يدفع عدداً متزايدًا من الناس إلى الاعتماد على المساعدات الإنسانية.

لكن وصول المساعدات يمر بصعوبات كبيرة للغاية، فحسب الأرقام فإن 6.5 مليون شخص يعيشون حاليًا في 83 بلدة يمنية يصعب الوصول إليها، حيث يواجه العاملون في المجال الإنساني قيود وصول متوسطة أو عالية.. من بين هؤلاء، يقدر المجلس النرويجي للاجئين أن 63 في المائة من السكان الذين يعيشون في هذه المناطق، أي 4.1 مليون شخص، في حاجة ماسة للمساعدة. من بين المناطق التي يصعب الوصول إليها والبالغ عددها 83 مقاطعة، يواجه 23 مقاطعة قيودًا شديدة و 60 يواجهون قيودًا متوسطة. في 46 من أصل 83 منطقة يصعب الوصول إليها، يتأثر وصول المساعدات في الأساس بالحرب، في الغالب معظمها في البيضاء والحديدة وصعدة وحجة. وتمثل هذه المناطق 51 في المائة من السكان الذين يعيشون في مناطق يصعب الوصول إليها.

هناك مشكلة أخرى متعلقة بالمساعدات الإنسانية، تتمثل في عدم وصولها إلى المستهدفين، حيث يقوم الحوثيون بتحويل تلك المساعدات إلى ثلاثة طرق: الأولى، بيعها في السوق السوداء، والثانية، تسليمها لحلفاء الجماعة وعائلات مقاتليهم، الثالثة، يقوم الحوثيون بنقلها إلى جبهات القتال لإطعام مقاتليهم.

السفر والمواصلات: لا يستطيع اليمنيون السفر بحرية في البلاد، إذ أن بعض المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة تديرها وحدات أمن تملك هوية مناطقية، ما يجعل من اليمنيين الفارين من جحيم مطاردات الحوثيين في المحافظات الشمالية يتعرضون للمعاناة في المحافظات الجنوبية وقد يتعرضون للقتل أو الطرد.. أو يتم معاملتهم معاملة أجانب في بلادهم. أما في مناطق الحوثيين فإن الرقابة صارمة للغاية ضد المنتقلين الجدد إلى الأحياء السكنية، عبر مأموري ضبط اجتماعيين تابعين للجماعة، وعادة يتم اعتقال الأشخاص من أجل الاشتباه أو للحصول على أموال مقابل الإفراج عنهم.

التنقل من محافظة إلى أخرى أصبح أكثر صعوبة مع تدمير الجسور وغياب الاهتمام بالطرقات، ويلجأ السكان للمرور عبر خطوط فرعية عبر القرى للوصول إلى المُدن قد تأخذ ساعات طويلة، فبدلاً من السفر قبل الحرب من صنعاء إلى تعز يأخذ 5 ساعات أصبح يأخذ قرابة 16 ساعة.

ما يزال مطار صنعاء مغلقاً أمام الطيران التجاري، ويسمح فقط لطائرات الأمم المتحدة بالهبوط على أراضيه، حيث يحظر التحالف الوصول إليه منذ أغسطس/آب 2016م، ويعاني اليمنيون من تكاليف السفر الباهظة والاضطهاد في المطارات الموجودة في عدن وسيئون.

الخسائر في صفوف المدنيين:

من المؤكد أن توسيع رقعة القِتال في البلاد بمرور الوقت خلال الحرب أدى إلى زيادة في عدد الضحايا المدنيين، كما أن ذلك أعاق وصول الإغاثة إلى المناطق المحاصرة أو التي تخضع لإدارة الحوثيين. كما أن زيادة ضربات الحوثيين بطائرات دون طيار وصواريخ باليستية على الأراضي السعودية قد أدى إلى زيادة في حملة القصف الجوية للتحالف.

يرفض التحالف العربي- الذي يتخذ من الرياض مقراً لعملياته الجوية ومن قاعدة عسكرية قُرب الحدود مكاناً للتوجيه- تقديم قواعد الاشتباكات وعرض البيانات لوسائل الإعلام حول الغارات المشكوك فيها من قِبل المنظَّمات الحقوقية الدولية، وتسبب بذلك بفقدان مصداقية لجنة شكلها التحالف لبحث الغارات الخاطئة.

ورصد مركز أبعاد للدراسات والبحوث مقتل 14100 مدني خلال سنوات الحرب الأربع. وتشير تقديرات "أبعاد" إلى مقتل أكثر من تسعين ألفاً من المدنيين والعسكريين ومسلحي الميلشيات خلال الأربع السنوات الماضية.

في 2018 رصد مركز أبعاد للدراسات (2029) حالة قتل لمدنيين على النحو التالي:

حوادث القصف: (378) قتيلاً بقصف الحوثيين و (352) قتيلا بغارات التحالف..

 أما القتلى بغارات الدرونز الأميركية حوالي (42) وهناك (40) قتيلاً بهجمات إرهابية.

الاغتيال أو الموت تحت التعذيب: قَتل (74) شخصاً في عمليات اغتيال وتحت التعذيب في سجون الحوثيين. وتعرض (43) شخصاً للاغتيال والقتل تحت التعذيب على يد قوات خارج الحكومة الشرعية وتمولها دولة الإمارات. و(38) شخصاً لم تحدد الجهة التي اغتالته. وقام تنظيم القاعدة باغتيال (15)، وعلى يد مسلحين قبليين قُتل (3) يمنيين، وعلى يد القوات الحكومية (2).

القنص والرصاص الحي: قتلت جماعة الحوثي (477) شخصاً بالقنص خلال العام، فيما قُتل (81) برصاص تشكيلات خارج الحكومة الشرعية، و(43) برصاص القوات الحكومية، وقُتل (41) شخصاً قيدت ضد مجهول، وعلى يد رجال القبائل قُتل (39) شخصاً، أما على يد تنظيم القاعدة فقُتل (36) شخصاً.

أما حالات الإصابة فقد أصيب (904) بحالات القصف، (650) منهم بقصف الحوثيين، و(195) بقصف التحالف العربي، و(56) بهجمات إرهابية. و(3) أشخاص بقصف طائرات دون طيار.

أما حالات الإصابة بالقنص والرصاص الحي فتم تسجيل (781) حالة إصابة خلال العام، منها ((575برصاص الحوثيين، و(76) برصاص ميليشيات خارج الشرعية، و(56) برصاص القوات الحكومية، و(38) برصاص مسحين قبليين، 22 برصاص مسلحين مجهولين، و(14) برصاص تنظيم القاعدة.

وتم تسجيل (330) حالة قتل و (268) حالة إصابة بالألغام الأرضية التي زرعها الحوثيون.

أما حالات الاختطاف والإخفاء والتعذيب في اليمن خلال عام 2018 على النحو التالي:

اختطف الحوثيون (1970)، حيث عرف مكان اختطافهم، ويوجد (402) مخفيين لدى الحوثيين ولا يعرف مكانهم.. كما تم تسجيل (267) حالة تعذيب في سجون الجماعة.

أما الحكومة الشرعية فقد تم تسجيل (175) حالة اعتقال و (24) حالة إخفاء في مكان مجهول، و(3) أشخاص قالوا إنهم تعرضوا للتعذيب في سجون حكومية.

أما التشكيلات خارجها فقد تم تسجيل (80) حالة اختطاف، و(15) حالة إخفاء، و(4) حالات تعذيب. وتم تسجيل اختطاف (12) شخصاً في جهات مجهولة، وتحدث (5) أشخاص عن تعرضهم للتعذيب على يد جهات سعودية.