حصاد اليمن في 2018.. بعد 4 سنوات من انقلاب الحوثي

الجمعة 28 ديسمبر-كانون الأول 2018 الساعة 07 صباحاً / مأرب برس- متابعات
عدد القراءات 3158

 


بعد مرور 4 أعوام على الانقلاب الحوثي المشئوم على الحكومة اليمنية الشرعية، ودخول اليمن معترك حربٍ أهلية أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف وتجويع الملايين في أسوأ كارثة إنسانية شهدتها المنطقة العربية والعالمية منذ عقود، لا يزال الشعب اليمني يعاني من مغبة سيطرة الميليشيات الانقلابية رغم الجهود الحثيثة التي يبذلها تحالف دعم الشرعية باليمن بقيادة المملكة العربية السعودية. 

وعلى مدار عام 2018 وبعد مرور شهور قليلة من اغتيال الرئيس اليمني، علي عبد الله صالح، على يد الميليشيات الحوثية، التي لا تزال تسيطر على العاصمة صنعاء، شهد اليمن تطورات هامة على أصعدةٍ شتى ربما أهمها الانكسارات الميدانية التي تلقتها الجماعة الموالية لإيران في جبهات الساحل الغربي وصعدة، وما أحرزته الجهود الدولية والإقليمية من أجل بصيص للسلام، في حين يرى بعض المراقبون حلم تحرير اليمن بعيد المنال.

وعلى الصعيد الإنساني وبعد مطالبة الأمم المتحدة بتكثيف الدعم الإنساني للشعب اليمني، شهد هذا النداء أكبر نسبة استجابة من دول تحالف دعم الشرعية في اليمن، إذ أوفت السعودية والإمارات بمليار دولار، تبعتها الكويت بنحو 250 مليون دولار، في حين تحاول الأمم المتحدة عبر منظماتها العاملة في اليمن، في التخفيف، ولو قليلًا، من حجم المأساة الإنسانية التي تسبب بها الانقلاب الحوثي إلى جانب ما حققته دول التحالف الداعم للشرعية بقيادة السعودية في تطبيع الأوضاع في المناطق المحررة على صعيد توفير الخدمات الضرورية وتوزيع المواد الإغاثية. 

وقبل ذلك تفادى الاقتصاد اليمني كارثة الانهيار عبر تقديم وديعة للبنك المركزي اليمني في عدن بمبلغ ملياري دولار، فضلًا عن 200 مليون دولار قدَّمَتها حكومة المملكة العربية السعودية منحة للبنك إلى جانب ما قامت به من توفير للمشتقات النفطية بمبلغ 60 مليون دولار شهريًا. 

ومؤخرًا أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة بالاشتراك مع المملكة بتقديم مساهمة للتعليم بنحو 500 مليون دولار، بعد أن بدأ العام باستحداث مركز "إسناد" العمليات الإنسانية الشاملة الذي برز أداؤه في تحسين مختلف القطاعات والخدمات وتدفق المساعدات والتجارة وعبور قوافل الإغاثة، فضلًا عن البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، الذي بدأ بعد منتصف العام لكنه حقق تقدمًا لافتًا في محافظات سقطرى والمهرة ودشن من حضرموت مساعدات نفطية تسهم في توفير الكهرباء لجميع أرجاء المناطق المحررة بواقع 60 مليون دولار شهريًا، لتوفير الكهرباء على مدار الساعة.

ووفقًا لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، تمكنت الحكومة اليمنية الشعرية خلال العام الجاري من الوفاء بالتزاماتها من أجل كل الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرتها، إلى جانب أنها حققت، بدعم من التحالف العربي، الاستقرار النسبي في نحو 85% من الأراضي اليمنية المحررة، بالتوازي مع إحلال الأمن والسكينة ودحر الخلايا الإرهابية في معظم مناطق حضرموت وشبوة وأبين وعدن، واستعادة النسبة المعقولة من الحياة الطبيعية.

أما أكبر اختراق حققته قوات الشرعية اليمنية بدعم من التحالف الداعم لها فهو تقليص السيطرة الحوثية على الأرض في الساحل الغربي، وفي مناطق واسعة من محافظة صعدة، وهو الأمر الذي أجبر الميليشيات المدعومة من إيران على الرضوخ للمساعي الأممية للسلام والحضور أخيرًا إلى السويد لإبرام اتفاقها مع الشرعية على تسليم الحديدة وموانئها، والرضوخ لتبادل الأسرى والمعتقلين وفتح الممرات الإنسانية في محافظة تعز، وهو الاتفاق الذي شدد عليه القرار الأممي "2451" الداعم لاتفاقات السويد، التي يرى فيها كثير من المراقبين للشأن اليمني الخطوة الأولى نحو إحلال السلام واستعادة الشرعية واستئناف العملية السياسية الانتقالية بموجب القرار الأممي "2216".

وفي 15 فبراير 2018، وافق مجلس الأمن على تعيين مارتن جريفيث مبعوثًا أمميًا خاصًا لليمن ليخلف بذلك إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وفي 13 يونيو، حدث تطوّر هام الحرب اليمنية حيث شن التحالف العربي لدعم الشرعية حملة عسكرية ضخمة لانتزاع السيطرة على ميناء الحديدة من قبضة الحوثي. 

وفي نفس اليوم طلبت بريطانيا اجتماعًا عاجلًا لمجلس الأمن الدولي لمناقشة التطورات الأخيرة في اليمن بعد الهجوم العسكري على مطار الحديدة، وفي 15 يونيو دعا مجلس الأمن في جلسته الطارئة لإبقاء ميناء الحديدة اليمني مفتوحًا في ضوء استمرار عمليات قوات التحالف للسيطرة على الميناء.

وبعد ذلك بيومين وصل جريفيث إلى صنعاء لأول مرة لإجراء مباحثات عاجلة بين الأطراف المتقاتلة في مدينة الحديدة، حيث عرض على الحوثيين الانسحاب من ميناء الحديدة ليصبح تحت إشراف الأمم المتحدة، وفي 19 يونيو دخل الجيش اليمني مدعومًا بقوات التحالف مجمع مطار الحديدة اليمني بعد أسبوع من المعارك العنيفة.

وخلال نوفمبر، استهدف التحالف العسكري لدعم الشرعية بقيادة السعودية قاعدة الديلمي الجوية ومواقع لإطلاق الصواريخ في صنعاء، كما تقدمت قوات التحالف باتجاه مدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

وفي 7 نوفمبر رفض زعيم الحركة الحوثية في اليمن عبد الملك الحوثي الاستسلام لقوات التحالف بالرغم من إقراره بهزيمة قواته في معركة الحديدة.

وبعد فشل جهود الأمم المتحدة في عقد مشاورات السلام اليمنية في جنيف في 8 سبتمبر، التقى طرفا النزاع في مفاوضات سلام برعاية الأمم المتحدة في السويد بداية ديسمبر، وتوصّلا إلى اتفاق لسحب القوات المقاتلة من مدينة الحديدة ومينائها ووقف النار في المحافظة، بالإضافة إلى "تفاهم مشترك" حول مدينة تعز واتفاق حول تبادل الأسرى، في حين تعثّرت بعض القضايا في المحادثات، منها فتح مطار صنعاء.

لقد استطاعت القوات الحكومية الشرعية على مدار العام الماضي تأمين أغلب مناطق الساحل الغربي وصولًا إلى مدينة الحديدة، حتى باتت على بُعد كيلومترات من مينائها، قاطعة أكثر من 165 كيلومترًا شمالًا، من مدينة الخوخة أولى مديريات الحديدة المحررة جنوبًا. 

واستفادت الحكومة من الزخم العسكري الذي أتاحه لها انضمام القوات التي يقودها نجل شقيق الرئيس اليمني الراحل إلى صف القوات الحكومية، وانخراطه في معارك مواجهة الميليشيات الحوثية مع ألوية العمالقة والمقاومة التهامية.

وفي حين استطاعت القوات اليمنية بإسناد من تحالف دعم الشرعية، تكبيد الميليشيات الحوثية آلاف القتلى والجرحى منذ انطلاق عمليات تحرير الحديدة والساحل الغربي، نجحت كذلك في تضييق الخناق على الميليشيات في الجزء الشمالي من السهل الغربي، حيث مديريات ميدي وحرض وحيران في محافظة حجة الحدودية، مستعيدةً أغلب مناطق المديريات الثلاث مع تقدمها باتجاه مديرتي مستبأ شرقًا وعبس جنوبًا.

وبذلك تم إجبار الحوثيين على الجلوس إلى طاولة، وبحث الحل الذي تصر الحكومة اليمنية ومعها دول التحالف منذ بداية الأزمات بأنه سياسي، وفقًا لمرجعيات الحل الثلاث.

وفي 26 ديسمبر، بدأ في مدينة الحديدة اليمنية أول اجتماع للجنة تضم طرفي النزاع اليمني والأمم المتحدة، وهي اللجنة التي يقودها الجنرال الهولندي المتقاعد باتريك كمارت، والمكلّفة مراقبة وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة والذي تم التوصل إليه في محادثات سلام في السويد هذا الشهر، وتطبيق بندين آخرين في الاتفاق ينصان على انسحاب المتمردين من موانئ المحافظة، ثم انسحاب الأطراف المتقاتلة من مدينة الحديدة.

ويرى مراقبون إنه إذ لم يكن العام الماضي كما يريده اليمنيون على صعيد إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة الدولة اليمنية، فإنه فتح لهم مع نهاياته آمال السلام، في ظل المساعي الأممية والدولية الرامية إلى وضع حد للتمرد الحوثي واستئناف العملية الانتقالية التي كان انقض عليها الحوثيون بدعم إيراني في سبتمبر 2014، وما تلا ذلك من تدمير ممنهج لبنية الدولة اليمنية من قبل الجماعة على الصعيد الإنساني والاقتصادي والثقافي والمذهبي.

ونقلت "الشرق الأوسط" عن مراقبين قولهم إنه "فيما تحاول الجماعة الحوثية المناورة بالملفات الإنسانية، ومحاولة كسب المزيد من الوقت من أجل استكمال حوثنة المجتمع اليمني بعد قضائها على الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، ومحاولة "تدجين" مَن بقي من قيادات حزبه تحت إمرتها خلال أكثر من سنة كاملة، فإن هناك توقعات بأن الاستمرار في كسر الجماعة عسكريًا هو الخيار الأمثل في إجبارها على توفير الكلفة الناتجة عن إطالة أمد الحرب، من خلال مراوغاتها، خلال مشاورات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة".

وقال الباحث والسياسي اليمني فارس البيل، في تصريحات لـ"الشرق الأوسط"، إن "اليمنيين باتوا متلهفين أكثر من أي وقت مضى، لتوقُّف الحرب وعودة الاستقرار وعودتهم إلى طبيعة أحلامهم بالحياة الآمنة، ربما في العامين الأولين للحرب كان انشغال اليمنيين كبيرًا بالترقب، لكن ما إن طالت الحرب، وتطبعت للأسف، فإنهم الآن على الأكثر لا ينظرون إلى انتهاء الحرب، بقدر ما ينظرون إلى كيف سيمررون الأيام، وقد وطَّنوا أنفسهم على أزمة لا معالم لانتهائها".

وأضاف: "لم يعد يكترث اليمنيون كثيرًا بأخبار المفاوضات أو المعارك على الأرض، فهم يعتقدون أن جميعها لا تفضي إلى شيء وسط حالة اليأس العامة وحالة الحاجة التي صرفتهم عن ذلك كله، بالإضافة إلى أنهم فقدوا تفاؤلهم وهم ينظرون إلى حالة النهب والخراب والدمار التي تحيق ببلدهم".


وفي رأي الدكتور البيل: "لم يتحقق لليمنيين الكثير على مستوى الكلي، باستثناءات بسيطة في الأشهر الأخيرة مع حركة الحكومة الشرعية وتحسن أدائها، وإن كان ذلك لا يكفي، إذ إن منظومة إصلاح اليمن، وإعادة توجيهها للتنمية تحتاج إلى جهود أكبر وصلاحيات ودعم ونزاهة وكفاءات شريفة وتخطيط ذكي يرتب حاجات الناس".

وأشاد البيل بالجهود السعودية والإماراتية من أجل إنعاش الاقتصاد وإزالة المعاناة الإنسانية في جميع مناطق اليمن، لكنه أكد وجود حالة عامة باتت تسيطر على اليمنيين مردها إلى أنهم باتوا يشعرون بأنهم "وقعوا بين إرهاب ووحشية ولصوصية الحوثيين، وتقصير وتقاعس وغياب الحكومة الشرعية"، وهو الاعتقاد الذي يخلق، بحسب قوله "جوًّا عامًّا من الأداء السلبي في الحياة، ويؤثر على مدى تفاؤل ورغبة اليمنيين في عودة الأوضاع سريعًا إلى حالتها الطبيعية".

ويرى كثير من النشطاء اليمنيين، أن أغلب آمال الشعب اليمني في السنة الجديدة، تتمحور حول حاجتهم، إلى انتصارات عسكرية مهمة تزيل حالة "اللاسلم واللاحرب"، مع الحوثيين، وتؤدي كذلك إلى تحقيق تحسن سريع في الخدمات الضرورية وصرف الرواتب وفتح الطرق والمنافذ.

وقالت تقارير إعلامية إنه على الرغم من الجهود الملحوظة لدول تحالف دعم الشرعية، فإن هذا الأمر لن يكون كافيًا في المستقبل مادام هناك وجود على الأرض للحوثي خاصة في العاصمة صنعاء.

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن