ووصفوا حكومة اليمن أنها شنت حملة على وسائل الإعلام قبل الانتخابات الرئاسية وهددت الصحافيين الذين يعتبرون مبالغين في انتقادهم للحكومة.

الثلاثاء 11 إبريل-نيسان 2006 الساعة 07 صباحاً / مأرب برس
عدد القراءات 2800

تسير ببطء جهود نشر الديمقراطية في العالم العربي، وهي هدف أميركي حاسم كان قبل اشهر مضت سببا للتفاؤل، وذلك بسبب مناورات قانونية وتغيرات في المواقف عبر أنحاء المنطقة. ويقول محللون ومسؤولون ان الصعود السياسي للاسلاميين، والفوضى في العراق، والقوة الشيعية الجديدة في العراق بما تعنيه من نفوذ ايراني متزايد، والاحساس بين بعض الحكام بأنهم يمكن ان ينتظروا حتى نهاية فترة الرئيس الاميركي جورج بوش، كل ذلك ساهم في اعاقة عملية نشر الديمقراطية في المنطقة. ففي مصر اجلت الحكومة التي سمحت العام الماضي باجراء انتخابات رئاسية تعددية، الانتخابات البلدية لمدة عامين بعد أن حققت جماعة «الاخوان المسلمين» مكاسب كبيرة في الانتخابات البرلمانية اواخر العام الماضي، على الرغم من العنف الذي لجأت اليه الحكومة لايقاف مؤيدي الجماعة. وفي الأردن، حيث قام الملك عبد الله الثاني بتغييرات سياسية واجراءات نحو الديمقراطية، يرى المؤيدون ان موقفهم صار اضعف بعد نشر وثيقة تؤيد التغيير في موضع خلفي. وأجلت الانتخابات البرلمانية في قطر مرة اخرى الى عام 2007، بينما تقول جماعات حقوقية ان القوانين التي تنظم انشاء المنظمات غير الحكومية تعوق تطورها.

وفي اليمن شنت الحكومة حملة على وسائل الاعلام قبل الانتخابات الرئاسية المقررة العام الحالي، مهددة الصحافيين الذين يعتبرون مبالغين في انتقادهم للحكومة. وفي السعودية، هناك تساؤلات حول المدى الذي يمكن ان يصل اليه الانفتاح في المملكة. وفي سورية تشن الحكومة حملة شديدة ضد المعارضة بعد وعود سابقة بالاصلاح. ولا ينفي مسؤولو الادارة الأميركية وجود عقبات وتراجعات في تعزيز الديمقراطية في منطقة الشرق الأوسط، لكنهم يقولون ان الاتجاهات السلبية لا تؤثر على مصداقية جهود الاصلاح. وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية، مشترطا عدم الاشارة الى اسمه ان «التطور الديمقراطي لا يسير دائماً في منحنى مستقيم. انها عملية تستغرق وقتا، وهي ارتقائية وتستدعي دعما ثابتا قويا». ففي مصر، الدولة الحليفة للولايات المتحدة والتي تتلقى منها مساعدات مالية وعسكرية بملياري دولار سنوياً، وعد الرئيس حسني مبارك اثناء حملة اعادة انتخابه الصيف الماضي بمزيد من الاصلاح وفسح المجال امام الأحزاب السياسية الأخرى. لكن حتى الآن لم تتحقق، في الواقع الفعلي، حركة في أي من الجبهتين. وتواصل الحكومة تقييد انشاء أحزاب معارضة، وأصبح القضاة الذين شككوا في نزاهة الانتخابات البرلمانية الأخيرة في موضع تحقيقات جنائية. وفي ديسمبر (كانون الاول) الماضي، عندما حكمت محكمة مصرية على الزعيم المعارض ايمن نور بالسجن لمدة خمس سنوات بتهمة قال كثيرون انها ذات دوافع سياسية، كان رد فعل واشنطن حادا اذ سارعت بالدعوة الى اطلاق سراحه. لكن موقف واشنطن من تأجيل الانتخابات البلدية كان مخففاً.

وقال عصام العريان، القيادي البارز والمتحدث باسم حركة الاخوان المسلمين: «ان لدى أميركا مشكلة مع جماعات العنف الاسلامية بسبب الافتقار الى الديمقراطية في المنطقة، لكن عندما يختار الناس الجماعات الاسلامية، التي لا تتبنى العنف، فانهم لا يريدون التعامل معها. وحتى لو فازت الجماعات الاسلامية في الانتخابات وتكون لديها علاقات غير قوية مع الولايات المتحدة، فانهم يتعين عليهم على الاقل الاشادة بعدم لجوئهم للعنف». وفي البحرين حدثت مناورات قبل الانتخابات البلدية والبرلمانية المتوقع اجراؤها العام الحالي. وظلت البحرين، التي لا يتجاوز عدد سكانها 700 ألف نسمة، تعتبر نموذجا للإصلاح وترسيخ الديمقراطية في المنطقة. وقالت شخصيات معارضة إنه في حال اجريت الانتخابات هذه السنة فإنها ستكون اشارة الى التراجع وليس الديمقراطية. لكن مسؤولي الحكومة يتهمون المعارضة بتغذية التوتر الطائفي لأهداف سياسية ويشيرون إلى أن المشاركة المتوقعة للجماعات المعارضة ستكون علامة على تحسن الظروف. وقال توبي كريغ الذي عمل محللا في منطقة الخليج مع «مجموعة الأزمات الدولية» إن «السؤال الذي يطرحه الكثير من الناس هو ما إذا كان الإصلاح قد تم إبطاؤه أم هل أنه حدث فعلا؟». أما نبيل رجب نائب رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان الذي أغلقته الحكومة عام 2004 فقال: «يبدو أن الأميركيين يفكرون بأن هذا كاف. هم يتدخلون فقط عندما تصبح الأمور سيئة جدا. لقد استمتعنا بشهر العسل لكنه انتهى الآن».

وفي الاردن، كان الملك عبد الله الثاني امر بتشكيل لجنة تضم 26 شخصية بارزة مهمتها اعداد خطوط للإصلاح في فبراير (شباط) 2005. لكن عندما قدمت المجموعة وثيقة من 2500 صفحة بعد تسعة أشهر، كان لها تأثير ضئيل. وقال طاهر المصري الذي شغل منصب رئيس للوزراء لفترة قصيرة: «لسبب ما لم تنشر الوثيقة ولم تصل إلا لعدد قليل من الأشخاص. نحن ذهبنا وأخذنا صورة وهذا كل ما كان».

وخلقت الجهود التي سميت بـ«الأجندة الوطنية» نزاعا بين النخبة الأردنية المتعلمة في الغرب والداعية للإصلاح والقوى المتمترسة في البرلمان ومجلس الأعيان والتي اعتبرت الاولى بأنها تناقش القضايا وراء الكواليس. وتعرضت شخصيات إصلاحية مثل مروان معشر وغيره إلى إساءات كثيرة باعتبارهم يخدمون الأجندة الأميركية بدلا من السعي لتحقيق الإصلاح. ويسعى البرلمان إلى قطع الطريق أمام أي مشاريع تقدم للمصادقة عليها، في حال عرضها ضمن جهود الإصلاح، على اعتبار انها تهدف لإرضاء الغرب بينما يسعى مجلس الأعيان المعين لفرض سلطته هو الآخر. في الوقت نفسه لم تخدم التغييرات الحكومية إلا كعنصر معرقل للحوار الإصلاحي. فقد شهد الاردن تشكيل ثلاث حكومات العام الماضي. وآخر حكومة كانت برئاسة معروف البخيت الذي عين بعد فترة قصيرة على تقديم وثيقة الإصلاح. وبعد تعيينها بعد فترة قصيرة على وقوع تفجيرات عمان، كلفت الحكومة متابعة «الأجندة الوطنية» حسبما قال مسؤولون. ويتهم بعض العاملين في الحكومة معدي وثيقة «الأجندة الوطنية» بأنهم ساخطون ويمارسون نفس ما يقوم به المسؤولون في الحكومة السابقة من الإساءة للحكومة الجديدة. وقال صبري ربيحات وزير التطور السياسي والشؤون البرلمانية: «ليس هناك أي تناقض بين خطة الحكومة والأجندة الوطنية. انها خطة ذات أمد طويل بينما خطة الحكومة هي لمدة سنة واحدة».

ووضعت الحكومة عددا من مشاريع القوانين التي تهدف إلى تغيير قطاعات حكومية متعددة. لكن العديد ممن شاركوا في اعداد «الأجندة الوطنية» يرون أن الحكومة الجديدة تتبع أجندتها الخاصة.

وقال مصطفى حمارنة عضو اللجنة المشرفة على كتابة الأجندة ومدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الأردن: «لسبب ما يبدو أن النظام تنازل أمام أول علامات المقاومة. كان من المفترض أن تصبح الأجندة الوطنية خريطة طريق للإصلاح في البلاد لكن فجأة اختفت شاشة الرادار. عادت جزءا من الخطاب الرسمي».

 

 

* خدمة «نيويورك تايمز»

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن