لهذه الأسباب سيظل تحالف المخلوع صالح والحوثيين باقياً رغم الخلافات

الجمعة 08 سبتمبر-أيلول 2017 الساعة 06 مساءً / مأرب برس - صنعاء
عدد القراءات 5202

خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، شهدت العاصمة اليمنية صنعاء توترات بين جماعة الحوثيين والرئيس المخلوع علي صالح، وفي كل مرة كان نحو 3 ملايين يمني يسكنون في المدينة، يضعون أيديهم على قلوبهم، خشية انفجار الوضع.

لا يحتمل سكان المدينة، المكتظة بالسكان والنازحين من محافظات يمنية عدة، إغلاق شارع فرعي. ومجرد تخيُّل انفجار الوضع عسكرياً، بين الحوثيين وصالح، أمر يحيل حياتهم إلى كابوس.

لكن يبدو أن المخاوف تلك مستبعدة في الوقت الحالي، فالطرفان يعيان جيداً أن قوتهما وصمودهما أمام تقدم القوات الموالية للحكومة اليمنية والتحالف العربي الذي تقوده السعودية، يبقى في بقائهما متحالفَين.

 

تصعيد مفاجئ

 

بدأ التصعيد بين الحليفين منتصف أغسطس/آب 2017، حينما اتجه صالح إلى حشد مناصريه من جميع المحافظات إلى ميدان السبعين وسط العاصمة صنعاء؛ من أجل الاحتفال بذكرى تأسيس حزبه (حزب المؤتمر الذي أسسه عام 1981).

ذهاب صالح لإقامة الحفل منفرداً لأول مرة، متجاهلاً حلفاءه الحوثيين، مما عزز مخاوف الجماعة بأن صالح قد يذهب للانقلاب عليهم، من خلال تأليب المتظاهرين وإدخال رجال القبائل.

وسبق ذلك تقارير إعلامية تؤكد أن لصالح خطوط تواصل بينه وبين الإمارات؛ لإعادة نجله أحمد علي إلى الحكم، خصوصاً أن الأخير ما يزال يقيم في أبوظبي، العدو المفترض للحوثيين وصالح، حيث تشارك قواتها في التحالف العربي بجانب قوات حكومة الرئيس هادي.

لكن ذلك التصعيد انتهى بتنظيم الفعالية بشكل عاجل، صباح 24 أغسطس/آب، وعقبها بساعات نظم الحوثيون عرضاً عسكرياً، حيث جابت العشرات من سيارات الدفع الرباعي (بيك أب)، وعلى متنها الرشاشات، وصور زعيم جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي، شوارع العاصمة صنعاء، في مشهد مفاجئ.

 

مقتل قيادي مؤتمري

 

لكن، ما لبث أن عاد التوتر بين الطرفين بشكل أعمق، حيث قُتل القيادي البارز في حزب صالح، خالد الرضي، برصاص المسلحين الحوثيين، في دوار المصباحي جنوب صنعاء، بعد يومين من تنظيم المهرجان.

اندلعت الاشتباكات بين الطرفين، إثر تلاسن بين نجل صالح صلاح ومرافقيه من جهة، والحوثيين من جهة أخرى، واستمر إطلاق النار نحو ساعة، راح فيه 3 حوثيين والقيادي المؤتمري، الرضي.

تسارع الطرفان إلى احتواء المشكلة وتوقيع اتفاق أمني بين الطرفين، من أبرز بنوده انتشار قوات وزارة الداخلية في الشوارع، وانسحاب مسلحي الطرفين من النقاط، ورغم أن الاتفاق لم يتم بالشكل المنصوص عليه، فإن الطرفين اتفقا على أن الواقعة كانت تجاوزاً غير مقصود.

ومنذ ذلك الحين، عادت الأمور ميدانياً إلى سابق عهدها، حيث يحرص الطرفان على أن يبقى تحالفهما قوياً.

  

قوة الحوثيين أفشلت انقلاب صالح

 

لكن القيادي في جماعة الحوثي محمد البخيتي، اتهم صالح بالتخطيط للانقلاب على الجماعة، وقال على فيسبوك إن صالح كان يهدف من خلال حشد أنصاره إلى تنظيم احتجاجات ضد الجماعة.

وأوضح أن الفعالية كان هدفها "النزول للساحات بهدف القيام باعتصامات احتجاجية، وهذا ما كان مخططاً له بالفعل لولا اتخاذنا الإجراءات الأمنية المناسبة لإفشالها".

وهدد القيادي في الجماعة صالح، وقال إنه أصبح "في متناول اليد"، وإن الجماعة لا تريد أن تنتقم منه؛ بسبب "ما فعله صالح بـ(أنصار الله) طيلة 6 حروب وقتله السيد حسين الحوثي".

وكان صالح إبان حكمه لليمن (1978-2012) شن 6 حروباً ضد جماعة الحوثيين (2004-2010)، وفي الحرب الأولى أمر بقتل زعيم الجماعة السابق ومؤسسها حسين الحوثي، شقيق زعيم الجماعة الحالي عبد الملك.

واتهم البخيتي، صالح بالتنسيق مع التحالف العربي الذي تقوده السعودية، وقال إنه "يثبط المؤتمريين من الالتحاق بالجبهات، ويستغل انشغالنا ليتآمر علينا بالترويج للاتهامات التي كان يستخدمها ضدنا طيلة الحروب الست وينسق مع الخارج لضرب الجبهة الداخلية".

  

حديث طمأنة

 

ظهر صالح في مناسبات عدة منذ الحادث، وشدد في حديثه على أن حزبه "سيظل حريصاً على وأد أي محاولات لتأجيج الفتنة" من قِبل من وصفهم بـ" المتربصين ودعاة الشر" ومن يحاولون تحقيق رغبات ومكاسب شخصية على حساب المصالح العليا للوطن والشعب.

وقال صالح في حوار على قناة "اليمن اليوم" المملوكة له، إنه "لا توجد أي أزمة أو خلاف على الإطلاق (مع الحوثيين)، إلّا في مخيلات أولئك أصحاب الخلافات والذين يزرعون الشقاق والخلاف، سواء كانوا في الداخل أو في الخارج، وسواء وسائل الإعلام الخارجية المرتبطة بدول العدوان أو وسائل التواصل الاجتماعي".

وكان حوار صالح بعد ساعات من خبر بثته قناة "العربية" السعودية، حيث قالت إن الحوثيين ينوون اعتقال صالح إلى محافظة صعدة، معقل الجماعة المسلحة (أقصى شمالي اليمن).

وقبلها بأيام، بثت قناة سكاي نيوز عربية، إن صالح قيد الإقامة الجبرية، لكن صالح سخر من تلك الأخبار وقال في الحوار: "لا يوجد أي خلاف بين (المؤتمر) و(أنصار الله) على الإطلاق، الخلاف في عقول أولئك المفسبكين".

وقال: "مرة يقولوا (أنصار الله) سينقلبوا على (المؤتمر)، والآن (المؤتمر) ينقلب على (أنصار الله)! لا أحد بحاجة للانقلاب؛ لا احنا ننقلب على (أنصار الله) ولا هم بحاجة أن ينقلبوا علينا".

وجاء الرد سريعاً من القيادي الحوثي محمد البخيتي الذي سبق وأن هدد صالح، فيما يبدو أنه مدفوع من قائد الحوثيين عبدالملك الحوثي، حيث وصف خطاب صالح، بأنه ايجابي ويتسق مع دعوة السيد للتهدئة والتركيز على مواجهة العدوان الخارجي.

 

صالح بحاجة للحوثيين

 

يرى المحلل السياسي ورئيس مركز ساس للدراسات الاستراتيجية عدنان هاشم، في حديثه لـ"هاف بوست عربي"، أن الخلافات بين الحوثيين وصالح حقيقية، وحديث صالح بأنها مجرد أحاديث مغرضين ومفسبكين، محاولة لنأي الحوثيين عن النزاع، كما يريد هو.

وعزا توقف التصعيد بين الطرفين جاء -كما يبدو- إلى وساطات بين الحوثيين وصالح لنزع فتيل النزاع المتفاقم.

وأشار إلى أن الطرفين بعضهما بحاجة إلى بعض، وأي انفجار بينهما يعني نهاية للتحالف الذي ظل صامداً في الحرب أمام القوات الحكومية والتحالف، طيلة عامين ونصف العام، ولذلك فإن الطرفين حريصان على بقائهما متحالفَين.

ويذهب هاشم إلى نقطة مهمة فيما يرمي إليه الرئيس السابق، ويقول: "صالح بشكل أكبر ما يزال بحاجة للحوثيين واستخدام أخطائهم وأخطاء الحكومة الشرعية ليكون كبديل في حال التوصل إلى اتفاق للحل في اليمن".

 

إيران وحزب الله

 

لكن وفق حديث لقيادي في حزب صالح، فإن حزب الله ومن ورائه إيران لعبا دوراً كبيراً في التهدئة بين الطرفين، وعدم انهيار التحالف واندلاع الصراع في العاصمة صنعاء.

لكن القيادي -الذي فضّل عدم الكشف عن هويته- وصف الاتفاق الأمني الموقَّع بين الطرفين بالهش؛ لأنه مبني على المصلحة، "وليس على قيم وطنية حقيقية وصادقة".

وكان صالح قد وجه في خطابه أمام الجماهير، يوم الـ24 من أغسطس/آب، شكره للسيد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، على مواقفه في الأزمة اليمنية؛ مما يعزز تصريح القيادي في الحزب.