العيد باليمن بدون أضاحي وغياب شبه كامل لمظاهر الفرحة

الجمعة 01 سبتمبر-أيلول 2017 الساعة 02 مساءً / مأرب برس - خالد الحمادي - القدس العربي
عدد القراءات 3844

العيد باليمن بدون أضاحي وغياب شبه كامل لمظاهر الفرحة يحل عيد الأضحى في اليمن كضيف ثقيل، مع غياب شبه كامل للفرحة بين أفراد الأسر والعائلات اليمنية، إثر عدم قدرة الكثير منها الى الالتئام خلال أيام العيد، كما كانت العادة تجري في الأعياد السابقة للحرب الراهنة.
وذكرت العديد من المصادر أن أغلب اليمنيين لم يتمكنوا خلال هذا العيد من شراء الأضحية من اللحوم المتوافرة فيها شروط الأضحية للعيد من لحوم الخروف أو الماعز أو لحوم البقر، لانعدام السيولة المالية للسكان والوضع الاقتصادي الصعب الذي سببته الحرب والتي دفعت بأغلب السكان الى مستوى خط الفقر.
وأوضحت لـ»القدس العربي» الى أن أغلب الناس لم يجدوا ما يتمكنوا من الحصول على ما يسد رمقهم من لقمة العيش، ناهيك عن التفكير بشراء اللحوم، حيث أصبحت الأضاحي في ظل هذا الوضع نوعا من الترف، ولم تعد في حساباتهم وأدرجت ضمن ذكريات الماضي.
وأشارت الى أن لحوم الدجاج ربما تكون الملاذ لأضحية الكثير من السكان بدلا من اللحوم التي تتوفر فيها شروط الأضحية، نظرا لعدم قدرتهم على شراء الأضاحي، والذين سيضطرون لاحياء مظاهر العيد ولو بلحوم الدجاج رغم أنها غير مجزية للأضحية وفق الشروط الشرعية.
وما زاد الوضع سوءا أن الموظفين الحكوميين لم يستلموا راتبهم منذ قرابة 10 أشهر وحتى الوعود الحكومية بدفع راتب شهر لهم جاء متأخرا، حيث وصلت أمس الأول طائرة روسية تحمل أوراقا نقدية يمنية الى مطار عدن، ورافق ذلك وصول رئيس الوزراء اليمني أحمد عبيد بن دغر الى عدن للاشراف المباشر على توزيعها وصرف مرتبات الموظفين الحكوميين، وان كانت عملية الصرف سوف تتم بعد انتهاء اجازة العيد، ما يفقد الناس الاستفادة منها خلال اجازة العيد.
حلّ عيد الأضحى وأغلب اليمنيين مشغولين بهمومهم وأوجاعهم، حيث لا يخلوا بيت من فقدان قريب أو حبيب جراء الحرب الراهنة في اليمن منذ مطلع العام 2015، سواء بوفاته أو اصابته أو باعتقاله أو اضطراره للهرب من قبضة الميليشيا الانقلابية الحوثية/ صالح في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات الواقعة تحت سيطرتها، او بأيدي القوات الجديدة الموالية للقوات الإماراتية في المناطق الواقعة تحت سيطرتها في محافظات الجنوب والشرق.
أصبح اليمن سجنا كبيرا لليمنيين، وسكانها أضحوا ضحايا للجلادين من مختلف الأطراف، في الشمال من الانقلابيين وفي الجنوب من الإماراتيين، ويتلقى سكانه المجازر شبه اليومية، إما من البر عبر القصف العشوائي من قبل الميليشيا الانقلابية كما يحدث في مدينة تعز، أو من الجو كما يحدث من قبل طائرات التحالف بقيادة السعودية، في العاصمة صنعاء وغيرها.
مظاهر العيد في اليمن لم يعد له أثر سوى استدعاء ذكريات الماضي الجميل أو استشعار الآلام والأوجاع مع تذكر المفقودين الذين قضوا خلال هذه الحرب أو المفقودين وراء القضبان أو البعيدين عن أهاليهم، والذين لم يتمكن أفراد الأسر والعوائل من الالتئام في هذا العيد، رغم أهميته بالنسبة لهم.
قال محمد عقلان لـ»القدس العربي» إن عائلته لم تلتئم منذ 2015 لا في عيد ولا في غيره، نظرا للحرب التي اجتاحت محافظة تعز، فتشرد أبناء العائلة بين مدينة تعز وصنعاء وعدن وخارج اليمن، ولم تتمكن من الالتئام مرة أخرى، بسبب وضع الحرب، الذي انعدم خلاله السلامة والأمان وأيضا بسبب قلة ذات والارتفاع الباهض لتكاليف السفر وانعدام الدخل والسيولة لدى أفراد العائلة وعايشن بالبركة.
قصة عقلان، تتكرر في كل بيت وفي أغلب المدن اليمنية، حيث تشرد الآباء والأبناء والأحبة وخلقت الحرب مأتما في كل أسرة وفقدان حبيب في كل بيت، ولم يتمكن أفراد الأسر من الالتئام حتى في الأعياد أو المناسبات الجميلة، واصبح همهم الأكبر توفير لقمة العيش وقضاء يوم بسلام بدون تهديد أو مخاوف تداهمهم.
واشتدت الأزمة على اليمنيين مع استمرار الحرب وفقدان الأعمال ومصادر الدخل وأيضا انقطاع الرواتب في القطاع العام، لانعدام السيولة النقدية، وتعثر وصول المعونات والمساعدات الاغاثية من المنظمات الاقليمية والدولية إثر عدم وجود عاملين لديها على أرض الواقع، وتذهب الكثير من المساعدات الاغاثية أدراج الرياح لسيطرة الانقلابيين عليها لمجرد وصولها الى ميناء الحديدة أو الاستيلاء عليها من قبل القوات الموالية للامارات كما يحصل عند وصول أي مساعدات لميناء عدن.
ويزيد الطين بلة انسداد الأفق أمام أي محاولات أو فرص للحلول السياسية للأزمة في البلاد، وهو ما جعل اليمنيين يشعرون بالألم المضاعف وفقدان الأمل بأي جهد أو محاولة للتخفيف من أعبائهم أو الدفع بعجلة الحل نحو الأمام، ولذا يحل عيد الأضحى عليهم لتذكيرهم بآلامهم ومضاعفة أوجاعهم وسلب الفرحة من وجوههم.