مبادرة "برلمان صنعاء".. التكتل الانقلابي يدخل في مخاض عسير

الإثنين 31 يوليو-تموز 2017 الساعة 03 مساءً / مأرب برس - الخليج اون لاين
عدد القراءات 1956

 

مع إطلاق مبادرة "برلمان صنعاء"، يدخل اليمن مرحلة المخاض السياسي، بعد 28 شهراً من عمليات التحالف العربي، ونحو ثلاثة أعوام منذ الانقلاب المسلّح الذي قادته مليشيات الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع، علي عبد الله صالح.

 

"مرحلة المخاض" طغت عليها تجاذبات واتهامات بين أطراف النزاع، ممثّلة بقوى الشرعية وحلفائها من جهة، ومليشيا الحوثي وقوات المخلوع من جهة ثانية، إلا أن ما شهدته صنعاء مؤخراً كان الأكثر لفتاً للانتباه، بعد أن قدّم نواب موالون لصالح مبادرة للحل قوبلت برفض حوثي قوي.

 

وكان البرلمان -الذي يمتلك حزب صالح أغلبية أعضائه- قد أعلن في 22 يوليو، مبادرة بخصوص "الأوضاع الراهنة في اليمن"، تضمّنت بنوداً عدة؛ أبرزها دعوة جميع الأطراف لوقف الحرب وكافة الأعمال العسكرية، ورفع الحصار البري والبحري والجوي المفروض على اليمن، ودعوة مجلس الأمن لإلغاء قراراته التي اتخذت الفترة الماضية.

 

وتتضمّن المبادرة أيضاً دعوة الأطراف المعنيّة إلى حوار بنّاء وشامل من دون شروط مسبقة، وبإشراف دولي، وصولاً إلى حل سياسي عادل يضمن تحقيق السلام.

 

هذه المبادرة دافع عنها باستماتة أنصار المخلوع صالح في البرلمان، مشيرين إلى أن مليشيا الحوثي تنظر إلى الحرب باعتبارها مصدراً مهماً للمال، في حين هاجمت القيادات الحوثية وأنصارها المبادرة، معتبرين أنها تمثّل "خيانة وتفريطاً".

 

الشيخ جعبل طعيمان، عضو مجلس النواب عن صرواح في محافظة مأرب، رأى أن المبادرة التي تقدّم بها أعضاء موالون للرئيس المخلوع بالبرلمان، في العاصمة صنعاء، لم تكن شاملة لكل ما سبقها من تفاصيل العملية السياسية.

 

واعتبر طعيمان، في حديثه لـ "الخليج أونلاين"، أن المبادرة لم تتطرق لما تم الاتفاق عليه بين جميع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني في مؤتمر الحوار الوطني الذي أجمع عليه أبناء الشعب اليمني، موضحاً أن النواب في صنعاء يسعون من خلال المبادرة إلى الهروب من تنفيذ القرارات الدولية، خاصة القرار 2216.

 

وأشار إلى أن الحكومة الشرعية لن تقبل المبادرة؛ "فهي لا تمثّل مخرجاً موضوعياً للأزمة"، مؤكداً أن القبول بأي مبادرة لا تتوافق مع مخرجات مؤتمر الحوار الوطني والقرارات الدولية يعدّ غير منطقي.

 

ولم يصدر من الحكومة الشرعية أي تعليق رسمي على المبادرة التي أطلقها نواب في برلمان صنعاء، إلا أن أنباء كشفت عن ترتيبات تجريها الحكومة لانعقاد مجلس النواب في عدن، منتصف أغسطس القادم، بعد أن جمعت أكثر من 130 عضواً.

 

وأكد طعيمان أن رفض الحوثيين لمبادرة نواب موالين للمخلوع "مجرد توزيع أدوار لا يمكن أن ينطلي على أحد"، مستطرداً: "إذا كانت لهم (للحوثيين) رغبه في السلام فيجب أن يعلنوا قبولهم بتنفيذ ما تم التوقيع عليه بين جميع الأطراف قبل الانقلاب".

 

وكان عادل الشجاع، القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام، والمقرّب من الرئيس المخلوع، قد أكد أن رفض الحوثيين المبادرة يؤكّد إدراكهم أن السلام سيقود إلى وضع حد لكل ممارساتهم التي أساءت لليمن واليمنيين، وقال: "هم يدركون أن استمرار الحرب يمثل مرتكزاً وحيداً لبقائهم".

 

وفشلت محادثات جرت بين أطراف النزاع، ومبادرات قدمها المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، ووزير الخارجية الأمريكي السابق، جون كيري، الذي اقترح مبادرة، في سبتمبر 2016، ترتكز على عدة بنود؛ أبرزها الانسحاب من صنعاء، ونقل السلطات، وإعلان تشكيل الحكومة الجديدة.

 

وكان الانقلابيون المتهم الأول في عرقلة الحلول السياسية، لكن المبادرة التي أعلنها نواب البرلمان في صنعاء كشفت عن فجوة واسعة بين الانقلابيين؛ ممثلين بقوات صالح ومليشيا الحوثي.

 

السياسي اليمني عبد الملك اليوسفي، اعتبر مبادرة مجلس النواب في صنعاء تأتي في وقت غير مناسب، وتحمل ترتيبات مفبركة، مضيفاً أن "المخلوع صالح يلعب في الوقت الضائع، وأوراقه تتساقط (..) وما قدّمه البرلمانيون تميز بمحتواه الضحل (المبادرة)".

 

وأشار في تصريح لـ "الخليج أونلاين"، إلى أن سياق المبادرة الذي خرج عن مسار الأحداث يكشف "حالة مريعة من الضعف الذي وصل له المخلوع صالح، ويعرّي كثيراً من التهويل الذي درجت عليه خلايا الأزمة من الدائرة الاستخبارية المحيطة بالمخلوع".

 

وفي ظل العداوات المتراكمة والتجاذبات المتزايدة تجاه صالح، يقول اليوسفي: إن "المخلوع كان ينوي تضخيم إمكانياته وإبراز نفسه كلاعب مؤثر، لكن السحر انقلب على الساحر"، مشيراً إلى أن القارئ لخريطة النفوذ يعرف ما كشفته المبادرة من خواء الخيارات في جعبة المخلوع، وعجزه عن تحريك الملفات.

 

وأكد اليوسفي أن رفض الحوثيين للمبادرة كان تعبيراً صريحاً عن التغيّر في خريطة النفوذ، ورسالة تكشف حجم الخلاف في تغيّر موازين التأثير على الأرض لصالح الحوثيين.

 

وعلّق اليوسفي على ما تداولته وسائل الإعلام حول عقد اجتماعات البرلمان بعدن، في أغسطس، بعد أشهر من دعوة الرئيس عبد ربه منصور هادي المجلس للانعقاد في العاصمة المؤقتة، بالقول إن "الخطوة متأخرة".

 

وفي إطار ردود الأفعال على المبادرة، يرى مراقبون أنها تمثّل الورقة الأخيرة وسفينة نجاة للرئيس المخلوع وحزبه؛ إذ ستضمن له المشاركة في العملية السياسية مستقبلاً إن كان الحل سلمياً، وإلا فستكشف عن العزلة التي يعانيها صالح بعد أن أُرغم على الاحتماء بالمبادرات.

 
اكثر خبر قراءة أخبار اليمن