لأول مرة.. ولد الشيخ يكشف في إحاطته لمجلس الأمن عن الطرف المعرقل للعملية السياسية في اليمن "تفاصيل الاحاطة"

الجمعة 27 يناير-كانون الثاني 2017 الساعة 08 مساءً / مأرب برس - عادل الأحمدي
عدد القراءات 6476

في إحاطته المقدمة لجلسة مجلس الأمن الخاصة حول اليمن، مساء أمس، لخص المبعوث الأممي لليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، نتائج ومسارات جهود السلام في البلاد، لما يقرب من ثلاثة أشهر مضت. وحملت رسائل وتوصيفات مهمة لما يجري في البلاد، كما جاءت لتعكس الجمود الحاصل على صعيد المواقف الدولية، مع التغيرات الأخيرة، المتمثلة برحيل إدارة باراك أوباما، ومجيء دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، في ظل عدم وضوح رؤية إدارة الأخير للأزمة في اليمن، حتى اليوم.

وفي حين أتت الإحاطة بعد جولة للمبعوث الأممي في المنطقة استمرت أسبوعين، كان واضحاً طغيان ملف جهود وقف إطلاق النار على حديث ولد الشيخ أمام مجلس الأمن. وكشف لأول مرة، عن موافقة الأردن ممثلا بوزير خارجيته المعين حديثاً، أيمن الصفدي، على استضافة ورشة عمل فنية من المقرر أن تنظمها الأمم المتحدة لأعضاء "لجنة التنسيق والتهدئة" المعنية بالإشراف على وقف إطلاق النار. وقال ولد الشيخ "لقد أتم فريق العمل في مكتبي كل الترتيبات الخاصة للاجتماع التحضيري، والذي يشمل ورشة عمل مدتها خمسة أيام يحضرها ممثلون من طرفي النزاع، حتى يخرجوا بخطة عملية مشتركة تضمن تقوية وقف الأعمال القتالية وعدم تعرضه لأي خرق من أي طرف".

وفيما أكد ولد الشيخ تجاوب الحكومة اليمنية على إرسال ممثليها للمشاركة بالدورة المرتقبة في الأردن، كشف في السياق، عن عدم حصوله على تجاوب من قبل جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحزب المؤتمر الذي يترأسه علي عبدالله صالح، حيث تمنى من الأخيرين "تأكيد حضور ممثليهما"، بما يعني أن الجولة الأخيرة التي قام بها في المنطقة، والتي شملت زيارة إلى صنعاء لمدة يومين، لم تنجح بالحصول على موافقة نهائية من الانقلابيين بإرسال ممثليهم في "لجنة التهدئة"، التي تأسست في الكويت، إبريل/نيسان 2016، من ممثلين عن الطرفين ومشرفين أممين. وفي الـ30 من يونيو/حزيران العام نفسه، جرى إقرار انتقالها إلى السعودية، إلا أن الانقلابيين رفضوا توجه ممثليهم إلى هناك، ما أدى إلى تعذر استئناف عملها حتى اليوم.

وركز المبعوث الأممي على التطورات الأمنية، ووصف الوضع العسكري بأنه جولات كرٍ وفرٍ. وقال "لا يزال كل من الطرفين يدعي التقدم العسكري على الأرض، ويجاهر به في وسائل الإعلام، إلا أنني ما زلت على ثقة بأنه لا يمكن للحل أن يكون عسكرياً، فنحن نشهد يوميا جولات من الكر والفر ومن لا يرى غير الحل العسكري سبيلا في اليمن، يزيد من معاناة اليمنيين ويساعد على تزايد خطر الإرهاب".

واعتبر أن "نجاح وقف الأعمال القتالية سوف يساعد على تحقيق انفراج حقيقي في المشهد اليمني ويحمل الأمل لليمنيين بعد معاناة طويلة من الحرب". ودعا في هذا السياق المجتمع الدولي لتكثيف "الجهود للضغط على الأطراف لإعادة الالتزام بوقف الأعمال القتالية في الأيام المقبلة".

في الجانب السياسي، كان لافتاً تراجع نسبة حديث المبعوث الأممي عن مقترحات التسوية والتطورات السياسية، حيث أشار إلى اجتماع "اللجنة الرباعية" المؤلفة من وزراء خارجية أميركا، بريطانيا، السعودية والإمارات بحضور عُمان، في الـ18 من ديسبمر/كانون الأول المنصرم، وما نتج عنه من دعوات.

ولم يذكر "خارطة الطريق"، التي كانت محوراً لجهود الأمم المتحدة، سوى مرة واحدة، عندما أشار إلى أن وفد الحوثيين وحزب صالح وبتشجيع من الولايات المتحدة وسلطنة عُمان، وافق في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، "على خارطة الطريق كورقة عمل قابلة للبحث والتفاوض"، معتبراً أن ذلك "كان مؤشراً إيجابياً".

وحاول المبعوث الأممي توزيع الإدانات أو الانتقادات المباشرة على الطرفين، كان أبرزها في ما يخص الشرعية، قوله إن "انتقاد الرئيس هادي المتواصل للمقترحات (التي تقدمها الأمم المتحدة) من دون القبول بمناقشتها لتعديل بنودها يقوض الثقة بمسار السلام ويطيل أمد الصراع". ولفت إلى أنه أكد للرئيس أن "ما تقدمه الأمم المتحدة هي مقترحات قابلة للتباحث حتى نتوصل إلى حل شامل تقبل به الأطراف"، وأن "ما من حل آخر يؤمّن السلام لليمن ويجمع اليمنيين على طاولة واحدة للتطرق إلى التحديات الداخلية وأبرزها قضية مظالم الجنوب".

وفي المقابل، وجه ولد الشيخ انتقادات مباشرة للانقلابيين، بأكثر من موضع، فقال في سياق الحديث عن المقترحات الأممية، إن "امتناعهم عن تقديم أية طروحات عملية وعن وضع خطة مفصلة للترتيبات الأمنية تتطرق إلى تفاصيل الانسحاب العسكري وتسليم الأسلحة الثقيلة لم يساعد على التقدم. وخاصة أن الشق الأمني جوهري في المقترح وأساسي للسلام". كما اعتبر أن "قرار أنصار الله والمؤتمر بإنشاء حكومة موازية تابعة للمجلس السياسي الأعلى، يضع عراقيل إضافية لمسار السلام، ويؤثر سلبا على عامل الثقة بين الأطراف".

من زاوية أخرى، ركزت الإحاطة على العناوين المرتبطة بالأزمة في اليمن، خلال الأشهر الأخيرة، وفي مقدمتها الوضع الإنساني وأزمة تأخر رواتب الموظفين وما يرتبط بها من إجراءات مطلوبة من الحكومة والانقلابيين، وصولاً إلى الأزمة المرتبطة بإغلاق مطار صنعاء الدولي منذ أغسطس/آب العام الماضي. وقال إن الإبقاء على المطار مغلقاً "يزيد من صعوبة الوضع العام"، داعياً إلى "إعادة تفعيل حركة الطائرات المدنية والتجارية من وإلى المطار".

وبصورة إجمالية، عكست الإحاطة عدم وجود تقدم سياسي يُذكر منذ تقديم الإحاطة السابقة أمام مجلس الأمن، لكنها تضمنت التركيز المفصل على الوضع الأمني وجهود وقف إطلاق النار، وما كشف عنه من موافقة أردنية على استضافة الورشة الفنية المقررة للجنة وقف إطلاق النار. كما تم استعراض أبرز عناوين الأزمة في الأشهر الأخيرة بالبلاد، وقد كانت الإحاطة أقل تركيزاً على الجانب السياسي بالمقارنة بالإحاطة التي قدمها في جلسة أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وهو ما يعكس الجمود السياسي خلال هذه المرحلة بشكل عام.