آخر الاخبار

تصريحات مفاجئة لرئيس الأركان الأمريكي: هناك قدرات لا نرغب في تقديمها لإسرائيل! تصريحات مفاجئة لرئيس الأركان الأمريكي: هناك قدرات لا نرغب في تقديمها لإسرائيل! تصريحات مفاجئة لرئيس الأركان الأمريكي: هناك قدرات لا نرغب في تقديمها لإسرائيل! مجلس الوزراء يُغرق وزارة الدفاع بالثناء اللفظي ويتجاهل صرف رواتب الجيش واستحقاقات وزارة الدفاع المالية صناعة القرارات الرئاسية في زمن رئيس مجلس القيادة الرئاسي.. قرارات تعيين رغم اعتراض غالبية الرئاسي وقرات يتم تهريبها بسرية .. تفاصيل لجنة المناصرة والتأثير بمحافظة مأرب تعقد ورشة عمل ناقشت دور السلطة المحلية والأحزاب والمنظمات في مناصرة قضايا المرأة رسالة من أمهات وزوجات المختطفين لقيادات جماعة الحوثي : ''نأمل أن نجد آذانا صاغية'' في اجتماع بقصر معاشيق.. قرارات وموجهات جديدة للحكومة اليمنية خلال رمضان فقط.. رابع حادثة وفاة لمختطفين في سجون الإنقلاب الحوثي قضاة محكمة العدل الدولية بالإجماع يوجهون امرا لإسرائيل .. تفاصيل

أنيسة الشعيبي : حكم القضاء انتهاك جديد .. كنت اتمنى أن يكون مدير التحريات شجاعا ويفضح المجرمين الحقيقيين

الخميس 17 يوليو-تموز 2008 الساعة 09 مساءً / مأرب برس - خاص - موسى النمراني
عدد القراءات 7238

في حكايتها دموع، وفي عينيها حزن وإصرار، وفي تفاصيل قضيتها أكثر من جريمة يرتكبها الآخرون أحيانا في السر، وأحيانا في العلن، وفي عيون طفليها حديث لم يحن الوقت بعد للبوح به..

انيسة الشعيبي، ضحية غياب القانون عن كواليس وزارة الداخلية وسجونها، التي دخلتها بتهمة قتل زوجها، الذي كان حينها سجينا في أحد السجون التابعة لذات الوزارة .

قبضوا على أنيسة في منتصف الليل، في شهر رمضان 6/11/2003م وبعد خمسة أيام من دخولها السجن، فتح معها أول محضر تحقيق وهو المحضر الوحيد، وبعد 38 يوما من سجنها في سجن البحث الجنائي، أحيلت إلى النيابة وبعد عشرة أيام نقلت من سجن البحث إلى السجن المركزي.

تقول أنيسة الشعيبي، أنها وجدت على الجدران كتابات لضحايا تشكوا إلى الله جرائم ارتكبت بحقهن في السجن، وتقول أنها كانت تنام بشكل غير طبيعي بعد الأكل الذي يقدم لها في السجن، ثم تجد نفسها في حالة غير طبيعية بعد أن تصحو، في إشارة منها على مايبدوا إلى احتمال تعرضها لاعتداء جنسي.

يقول ابنها هارون شلوا أمي ناس مسكوها وطلعوها فوق سيارة، وبعدين دخلوا ناس ملثمين، كأنهم سود واحد ضربني على راسي لوما كان عيكسره، وبعدين دخلوا كسروا الشنطة حق أمي، وشلوا حاجات ومشيوا، وبعدين جو ناس شلوني انا واختي، طرحونا في سجن مليان رجال .

لم يعرض على أنيسة أمر قبض، ولم تعرف تهمتها ولم تعرض على التحقيق، إلا بعد خمسة أيام من إلقاء القبض عليها .

يقول العميد رزق الجوفي في محاضر التحقيقات، أنه لم يعرف بوجود أنيسة في السجن إلا بعد يومين من سجنها، ليكون السؤال ومن الذي كان يعرف قبل اليومين ؟ ولماذا لم يتعامل معها بالإجراءات القانونية حين عرف وجودها ؟ لم يجب رزق الجوفي عن هذه الأسئلة.

وتقول أنيسة أنها تعرضت للضرب والإهانة داخل السجن، بعد أن عرف مكانها رزق الجوفي ثم طلب منها رزق الجوفي أن تخرج من سجن البحث الجنائي، لكنها رفضت وطلبت إحالتها إلى النيابة .

حدث هذا قبل ما يقارب الخمس سنوات من اليوم، وبعد سجنها أصبحت أنيسة الشعيبي قضية رأي عام ، وفي قضايا الرأي العام يستمر الضحايا ضحايا، ويبقى المتهمون في أماكنهم، او يزداد الضحايا بؤسا، ويسحق الرأي العام مراكز قوى لصالح مراكز قوى أخرى .. فما الذي حدث في قضية أنيسة الشعيبي ؟

في 11/7/2006م رفعت النيابة مذكرة للنائب العام، للاطلاع على النتائج التي توصلت فيها بشأن إتهام العميد رزق الجوفي مدير البحث الجنائي بأمانة العاصمة وعلى الجعدبي، بأنهما قاما بحجز حرية أنيسة الشعيبي بدون مسوغ قانوني .

وكان رزق الجوفي هو صاحب النصيب الأوفر من العقوبة المفترضة في القضية، لعدة أسباب جوهرية أولها أنه صاحب الصلاحية الوحيدة لإصدار أمر الإفراج عنها، أو إحالتها إلى النيابة، وتأخر في ذلك لمدة طويلة، والثاني أنه على الرغم من أن تهمتها كانت في جرائم القتل والاعتداء، إلا أنه تم تحويلها إلى قسم الآداب دون مسوغ، سوى أنه في قسم الآداب يوجد كادر نسائي، وهو مبرر هزيل لأن هذا الكادر لم يكن له دور، والضابط الذي قام بالتحقيق لم يكن من الكادر النسائي .

ورغم تكرر طلبات النيابة للعميد للحضور للتحقيق إلا أن العميد الجوفي، تأخر كثيرا في الاستجابة لطلب النيابة للتحقيق معه بسبب انشغاله بالانتخابات الرئاسية والمحلية، ثم أحيلت القضية للتحقيق مع آخرين منهم رئيس قسم الآداب في البحث الجنائي إلا أن محامي الشعيبي أصر على خضوع الجوفي للتحقيق وقد كان .

عقدت المحكمة ثلاث جلسات في القضية دون علم المجني عليها، أو موكليها الذيم ليعلموا إلا بموعد الجلسة الرابعة،عن طريق الصدفة وعلى الرغم من طلبهم فرصة لتقديم فرصة لعرض دعواهم بالحق الشخصي والمدني، إلا أن القاضي رفض الطلب بحجة أنه سبق أن تم إبلاغهم عبر التلفون، على الرغم من أن القانون ينص على أن الإبلاغ يتم عبر إعلان الأطراف إلى مواطنهم.

ومابين 6/11/2003 و 14/4/2008م الأول تأريخ سجنها والثاني تأريخ الحكم الابتدائي الذي صدر في قضيتها عاشت أنيسة الشعيبي أسوأ أيام حياتها التي لاتزال مستمرة حتى الآن؟

وصدر الحكم الذي قضى ببراءة العميد رزق الجوفي ، كما أمر القاضي بأن يكتب الجوفي تعهدا بأن لا يسيء استخدام الوظيفة العامة، وحكمت المحكمة أيضا بالسجن لمدة ثلاثة أشهر مع وقف التنفيذ، بحق المقدم صالح الصالحي، رئيس قسم التحقيقات في البحث الجنائي، وتغريمه مليون ريال، غير أن منطوق الحكم اختلف كثيرا عن مسودته لدرجة تثير الشفقة، حيث كان في منطوق الحكم "المسجل" ما يدل على قناعة القاضي بإدانة رزق الجوفي الذي حكم القاضي حينها بأن عليه أن يتعهد أن يلتزم بالقانون وهو الأمر الذي تم حذفه من الحكم المكتوب .. ألا تعتقد عزيزي القارئ أن هناك "أصابع أمنية" تتحكم في سير القضية ؟.

تقول أنيسة الشعيبي أنها لم تشتكي بالصالحي، وعندما سألتها هل هو بريء قالت لي "هو يعرف المجرمين الحقيقيين، وإذ هو شجاع عليه أن يفضحهم"

متابعي قضية أنيسة الشعيبي، فوجئوا بالحكم وخاصة بتبرئة الجوفي، وإدانة الصالحي، على الرغم من أن اسم الصالحي لم يرد في أوليات القضية مطلقا، ولم يكن في الملف المرسل من نيابة استئناف شمال العاصمة، سوى شخصين هما رزق الجوفي وعلي الجعدبي، ورغم أن عضو النيابة كان متحمسا للتحقيق مع 12 ضابطا وردت أسماؤهم في محاضر التحقيقات الأولية إلا أن ذلك لم يحدث، بل غاب منفذي عملية الاعتقال وغاب المتهمون بضرب أنيسة في السجن، ولم يتم التحقيق في أقوال أنيسة عن تحرش جنديات الشرطة النسائية بها في السجن ..

وتقول أنيسة الشعيبي أن هذا الحكم بحد ذاته هو انتهاك جديد لكرامتها، وظلم يقوم به القضاء في حقها، وتطالب من رئيس الجمهورية أن يقوم بمراقبة المجرمين "يراقب المجرمين حتى ولو هم مسئولين كبار ولا أصحابه ، ويعاقب رزق الجوفي لأنه يهين أولاد الناس وبنات الناس"

يثق الصالحي من براءته بعد أن قام باستئناف الحكم ولا تثق أنيسة الشعيبي من عدالة القضاء ورغم ذلك استأنفت الحكم هي الأخرى، تقول أنا خائفة وأعيش في رعب .. أعدائي نافذين ويقدروا يفعلوا بي أي حاجة وبيرسلوا ناس يراجموا بيتي ويخوفوا أطفالي .. ويقول المحامي عبد الرحمن برمان في المحكمة تشعر أنيسة أننا معها، ونستطيع حمايتها لكنها تشعر بالخوف حين تكون بعيدا عنا في بيتها .

أنيسة الشعيبي تتذكر مآسي عرفتها في السجن، فتنهمر دموعها وهي تحدثني عن فلانة التي خرجت ذات ليل ولم تعد، وفلانة التي أصيب أبوها بالشلل بعد أن أدخلوها السجن بتهمة الارهاب، وهي لم تتجاوز الـ15 ربيعا وهو يعرف مامعنى السجن .

أنيسة كانت موظفة في وزارة الداخلية وتم إيقاف راتبها منذ أن اشتكت بالبحث الجنائي، ولم تستلم فلسا واحدا منذ قال لها أمين الصندوق "عليك ان تقابلي السيد الوزير.. " الأمر الذي لم يحدث .

ورغم فقر انيسة، إلا أنها ترفض الحصول على مبلغ هي التي تحدده، مقابل ان تتنازل عن قضيتها وهو الأمر الذي عرض عليها بعد أيام من نشر قضيتها عبر صحيفة الناس في العام 2006م "انا ماشتيش فلوس .. أنا أشتي يعاقبوا المجرمين أمام الناس وأمامي "

المتتبع لقضية أنيسة منذ أن بدأت التحقيقات في النيابة العامة، وحتى صدور الحكم، يلاحظ أن النيابة لعبت الدور الأكبر في ضياع حقوق انيسة الشعيبي، وكان الجانب الأمني هو المحرك الرئيس في القضية وبشكل مفضوح .

كانت القضية منظورة أمام عضو نيابة الاستئناف منصور الصلوي وفجأة تم إحالة القضية إلى نيابة غرب الأمانة بحسب الاختصاص ولا اعتراض على هذه الخطوة إلا انه تم تكليف أحمد القيز عضو نيابة "شمال الأمانة" ليترافع في "غرب الأمانة" وإن كانت النيابة من الناحية القانونية هي كل لا يتجزأ إلا أن هناك أكثر من علامة استفهام تلحق سؤال : لماذا لم تتولى النيابة المختصة "غرب الأمانة " القضية عبر واحد من أعضائها ؟ في الحقيقة لا أعرف بالضبط .. ربما أنتم تعرفون.

بعد أن تم تكليف عضو نيابة شمال الأمانة مباشرة، تم إدخال إسم صالح الصالحي في القضية ربما كطرف من خارج "جماعات الضغط الخفية التي تمارس أدوارا غير سهلة في سبيل تغيير مسار هذه القضية "وهو الذي أدين لاحقا بحيثيات تثير السخرية على وضع القانون في بلادنا .

وعلى الرغم من أن عضو النيابة المذكور كان يتحدث عن نيته أن يفتح تحقيقا مع مايقارب 12 ضابطا وفردا في الداخلية، وهم الذين وردت أسماؤهم في الشكوى وفي محاضر التحقيق، إلا أن ذلك هو الآخر لم يحدث، فلم يتم التحقيق سوى مع اثنين هما رزق الجوفي وصالح الصالحي، وتم التحقيق خارج وقت الدوام، وبدون إبلاغ المجني عليها أو موكلها، ما يعني أن النيابة حرمت المجني عليها وموكلها من مبدأ المواجهة، وعلى الرغم من أن التحقق تم في ظروف غير قانونية، إلا أنه مليء بالإدانات، لمن اشتكت بهم أنيسة الشعيبي، فقد اعترف الجوفي أنه كان يعلم بوجودها من ثاني أيام اعتقالها، وقال أنه وجه بالإفراج عنها بمجرد معرفته بوجودها في السجن، وهذا يثير سؤالين : لماذا يوجه الجوفي بالإفراج عن متهمة بجريمة قتل قبل أن يتم التحقيق معها ؟ إن كانت الإجابة أن اتهامها كان مجرد أداة لتحقيق غرض في نفس يعقوب، فلماذا لم يفرج عنها فعلا ؟ وإن كانت اعترافاته مجرد كذبة أدلى بها في محضر تحقيق النيابة ليبرئ بها ساحته من جريمة احتجاز حريتها، فما لذي منعه من أن يأمر ببدء التحقيق معها مباشرة ؟

لم تلتفت النيابة لدعوى أنيسة الشعيبي بتعرضها للتعذيب والضرب داخل سجن البحث الجنائيـ ولم تلتفت النيابة أيضا لتصريحات الطفلين هارون وريم بتعرضهما للسجن في سجن الرجال، وتعرضهما للضرب أيضا،على الرغم من أن هذه الإدعاءات قد نشرت في الصحف التي تعتبر منشوراتها بلاغا للنائب العام .

كما أن من المثير للسخرية وجود وثيقة في ملف القضية تفيد بأنه تم التواصل مع المجني عليها ،وفي خانة الهاتف تم إضافة رقم لا علاقة لأنيسة الشعيبي به، ولا أدري إن كان هناك من يستخدم وظيفته العامة في النيابة للقيام بعملية تزوير في محررات رسمية، وهو يدري ولاشك بحكم وظيفته أنه بذلك يعرض نفسه لعقوبة قد تصل للسجن سبع سنوات، والفصل من الوظيفة العامة ؟

وبعد أن أصدرت المحكمة الابتدائية حكمها، كان من واجب النيابة أن تقدم طعنا خلال 15 يوما غير أن ذلك لم يحدث .

لماذا تكون النيابة في كل بلاد الله مدافعا عن المجني عليه في وجه الجاني، إلا في بلادنا تشترك النيابة في أعمال من شأنها تبرئة الجاني وضياع حقوق المجني عليه ؟.

هل سيقدم النائب العام استئنافا في القضية قبل انتهاء المدة القانونية المحددة ؟ أم أن النيابة في بلادنا دورها مختلف عن النيابة التي يعرفها الناس في البلدان الأخرى ؟

هذه قضية ليست جديدة على الرأي العام، كثيرون يعرفون تفاصيل أشد فظاعة من ماحدث في قضية أنيسة الشعيبي، غير أن ما يميز أنيسة الشعيبي هو قوة إيمانها بحقها في الانتصار لكرامتها، على العكس من غيرها من القضايا، التي يلفها الصمت ويطويها النسيان، وتبقى ملفوفة بالشعور بالعار كوصمة على جبين المجني عليهن، لتصبح بعدها الأجهزة الرسمية وسيلة لتهديد الضعفاء .

هل مدير تحريات الأمانة هو ضحية لقوى تكالبت عليه وجعلت منه كبش فداء ام ما هي دوافع هذا الحكم.

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن