ألإصبحي يخاطب زملائه في هيئة مكافحة الفساد .. الاحتفاء البالغ بتشكيل الهيئة اوجد تصوراً مبالغاً فيه لدى معظم الجمهور حول سقف الصلاحيات الواسعة للهيئة

الأحد 18 مايو 2008 الساعة 05 مساءً / مارب برس – خاص
عدد القراءات 4090

دعا عضو الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد رئيس قطاع المجتمع المدني إلى مواجهة التحديات التي تواجه الهيئة في عملها بالبدء بحمله وطنيه تهدف إلى إظهار الإرادة السياسية والإدارية على كل المستويات وفي كل المؤسسات وإظهار الإرادة المجتمعية الشاملة عبر مؤتمر وطني واسع لأجهزة الدولة والأحزاب والإعلام والمجتمع المدني تعقبه لقاءات موسعه في المحافظات يعلن فيها التزام معلن من الجميع عن خطوات إجرائية واضحة ستتعقب الفاسدين ونطلب من الجهات المختلفة والمجتمع أن يعملوا بجديه على معاقبة الفاسدين وملاحقتهم قانونياً واجتماعياً.. وليس التغاضي عنهم أو الخوف منهم.

كما دعا الأصبحي زملاءه في هيئة مكافحة الفساد إلى مواجهة ضغط الجمهور والإعلام والأحزاب بوضوح وشجاعة والإعلان عن سبب تأخر عمل الهيئة وأسباب عدم إشهارها القضايا الملحة من قضايا الفساد.

وفي ورقة سلمها إلى زملائه فعن التحديات التي تواجه الهيئة وكيفية مواجهتها قال الأصبحي إن علينا أن نضع[مصفوفة كاملة للمواد الدستورية والقانونية التي نحن بحاجه إلى تعديلها حتى تتلاءم مع توجهنا في مكافحة الفساد،وعلينا أن ندير حواراً شفافاً وعلنياً وموضوعياً مع كل الجهات الرسمية ذات العلاقة حتى نخرج من دائرة تضارب الاختصاصات خاصة مع الأجهزة القضائية والرقابة والمحاسبة، ولجنة المناقصات ولجنة غسيل الأموال وعلينا أن نشرك في الحوار الشفاف لتعديل القوانين وإعداد اللوائح المنظمة كل العقول القانونية في البلد ومن كل الاتجاهات الحزبية ومجلس النواب لان القضية المطلوبة هي قضية مجتمع واللوائح المطلوبة لابد أن يعمل الكل على جعلها نموذج ايجابي فاعل يحتذي به ويسهم فيه.

وأشار الأصبحي في ورقته إلى أنه [منذ انتخابات الهيئة في مجلس النواب ثم صدور القرار الجمهوري بتشكيلها يوم 3/7/2007م واجهت الهيئة تحديات جمة.

وأوضح أن ورقته تمثل وقفه تقييم ومراجعة للخطوات الأولى للهيئة [ من اجل تقييم موضوعي لهذه المؤسسة الوطنية الهامة في اليمن، ومن اجل أن نرسم سوية مسارها الصحيح ضمن رؤية إستراتيجية وطنيه واقعيه تنشد نجاحها وتحدد مهامها بوضوح ودقة وتزيل من أمامها العقبات وتزيل من أذهان الناس أي تصورات مغلوطة عن صلاحياتها وقدراتها في التعاطي مع القضايا المختلفة.

التحدي الأول..سقف التوقعات

أوضح الأصبحي [أن الصخب السياسي والإعلامي صاحب الخطوة الأخيرة من مراحل تشكيل الهيئة واعني بها انتخابات الهيئة من قبل مجلس النواب وحصرت المسألة في تبادل الاتهامات للأسماء ومدى تمثيل القوى السياسية في القائمة.

وأشار إلى [أن الاحتفاء البالغ بتشكيل الهيئة اوجد تصوراً مبالغاً فيه لدى معظم الجمهور حول سقف الصلاحيات الواسعة للهيئة وعلق عليها الجميع أحلاماً عظيمة وأنها ستقوم بطريقة سحريه في مكافحة الفساد وأهمها جر طوابير الفاسدين أمام الملأ ليشفي الناس غليلهم!! هكذا تصور الناس أو صور لهم عبر تناول إعلامي وسياسي لم يحتكم إلى القانون ولم يبذل جهدا في قراءة النصوص القانونية والواقع السياسي.

وفي الجانب الآخر قال الأصبحي [حدثت حملة إعلامية واسعة ومنظمة لتحطيم معنويات المجتمع من الهيئة وانه لا فائدة ترجى، وأرجعت الحملة التي صاحبها صخب سياسي واسع أسباب إحباطها وعدم إيمانها بالهيئة إلى بعض الأسماء وعدم تضمين الهيئة أسماء أخرى!!،وكأن الأمر فقط (في بعض الأشخاص) ولم تحظ هذه الخطوة من قبل مختلف القوى السياسية بدراسة قانونية موضوعية أو تصور سياسي موضوعي، يعززه القانون النافذ والرؤية السياسية الواقعية.

وأوضح الأصبحي أن[المشكلة تكمن في أن الجميع بمن فيهم نحن لم نعط عملية التأسيس لهيئة وطنية حقها من الدرس والعناية ولم نسمع جدلاً قانونيا حول قانون مكافحة الفساد بل على العكس وجدنا طرحاً إعلاميا واسعا يراه قانوناً متطورا وانه أعطى الصلاحيات الكاملة في التحقيق مع كبار المسئولين وإحالتهم إلى المحاكمة والقبض والتفتيش وغيرها؟!]

وأضاف[لم يحظ هذا القانون ومعه قانون الذمة المالية الذي صدر قبله للأسف بوقفة جادة وكان يجب أن تكون المعركة البرلمانية أثناء إقرار مواد القانون وليس في مرحلة الانتخاب لأعضاء الهيئة،لان الدراسة المتأنية للقانون والمقارنة مع القوانين الأخرى وتحديد مدى الصلاحيات وأين التعارض الممكن في الاختصاصات هي التي يجب أن نقف أمامها ونعمل على توعية الجمهور بها حتى يكون سقف توقعه وتفاعله بما يتلاءم والواقع والحقيقة!].

وأضاف:[هذا كله والناس كلهم عبر حملات إعلامية مكثفه وغير متوقعه تطلب من الهيئة البدء بالتحقيق في قضايا الفساد وتقديم الفاسدين إلى المحاكم وتجريدهم من مناصبهم].

وتساءل الأصبحي[كيف يمكن العمل، في بيئة كهذه، وكيف يمكن لنا أن نقنع الناس أن قضية مكافحة الفساد ليست مجرد (تشكيل هيئة)والقذف بها إلى الشارع لتلاحق الناس؟! لقد أصبح مواجهة الجمهور المتطلع إلى الهيئة بعيون الأمل تحديٍا كبيرا لان إحباطه يعني الفشل وعدم القدرة على كسب ثقته مرة أخرى وبالمقابل يستحيل البدء بخطوات جادة دون إكمال منظومة التشريعات من لوائح وقوانين أخرى وبدون تنسيق الجهود مع الجهات ذات العلاقة وخلق رؤى متكاملة للعمل المشترك يحدد أين تبدأ الهيئة وأين تنتهي وأين تكون علاقتها مع نيابة الأموال العامة وأين تنتهي علاقتها مع جهاز الرقابة والمحاسبة، واللجنة العليا للمناقصات].

التحدي الثاني..التحدي القانوني

أوضح الأصبحي أن [القضية الأخرى التي تحتاج إلى وقفه اكبر هي التحدي القانوني فبرغم الاحتفاء الذي أظهره الجميع بقانون مكافحة الفساد رقم 39 لسنة 2006م إلا أن وقفه تحليليه للقانون ستظهر إننا بحاجة إلى مراجعة وانه ومعه قانون الذمة المالية بحاجة إلى إعادة نظر فلقد أخذتنا جميعاً بهجة الفرح في أن مجلس النواب تغلب على كل الصعوبات والمناقشات الطويلة واصدر قوانين هامه تعزز خطوات الإصلاح الديمقراطي وتعمل على إنشاء مؤسسات جادة لبناء الدولة الحديثة وفي مقدمة ذلك محاربة الفساد ومعاقبة الفاسدين].

وقال[ هناك خطوات لابد أن تتم حتى تكون الصورة بهذا الإشراق والتفاؤل فالقانون صدر في25/12/2006م اى بعد مصادقة المجلس على اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بمكافحة الفساد بقرابة عام ونصف حيث صدر قرار رئيس الجمهورية بالموافقة على مصادقة مجلس النواب على الاتفاقية الدولية في 3/8/2005 وما يثير الاستغراب أن مجلس النواب كان قد اصدر قانون الذمة المالية قبل قانون مكافحة الفساد حيث صدر القانون الخاص بالذمة المالية رقم 30لسنة 2006م في 6/7/2006 وتنص المواد رقم 7، 9، 10 على صلاحيات الهيئة في اتخاذ الإجراءات الخاصة بتلقي ومتابعة الإقرارات والمادة 15 تنص على أن الهيئة مسئوله عن تلقي الإقرارات الخاصة بالذمة المالية من المسئولين المشمولين في القانون هذا كله ولم يصدر بعد قانون الهيئة وليس هناك هيئة اصلاً، فكان لابد من تشكيل الهيئة ولكن تشكيل الهيئة بحاجة إلى قانون خاص فكان إصدار القانون الخاص بمكافحة الفساد!].

وأشار إلى أن [اكبر تحد هو في اضطراب القانون الخاص بمكافحة الفساد نفسه (القانون رقم 39 لسنة2006) حيث نجد في المادة الثالثة الفقرة 1 ضمن الأهداف إنشاء هيئة وطنية مستقلة عليا لها صلاحيات قانونية في مكافحة الفساد وتعقب ممارسيه وفقا لهذا القانون والقوانين النافذة،وجاء في الفقرة 7 من المادة الثامنة ضمن مهام الهيئة التحقيق مع مرتكبي جرائم الفاسد وإحالتهم إلى القضاء].

وهذا يعني حسب ورقة الأصبحي[النظر في القضايا والتحقيق فيها والمتابعة حتى المحاكمة للفاسدين ولكن يأتي ليقول في المادة 37 ينعقد الاختصاص للنظر في قضايا جرائم الفساد لنيابات ومحاكم الأموال العامة.

وهذا يعني أن الاختصاص مناط بجهة أخرى ومعززه بقوانين أخرى من قانون السلطة القضائية أو قانون الإجراءات الجزائية].

 وتبقى المشكلة الأكبر حسب الورقة [في جانب القانون رقم 6 لسنه 1995م بشأن إجراءات اتهام ومحاكمة شاغلي وظائف السلطة التنفيذية العليا حيث أن الجهات المناط بها التحقيق والمحاكمة لشاغلي الوظائف العليا والتي تعني درجة نائب وزير وحتى رئيس الوزراء محددة بوضوح وليس للهيئة أية سلطه ممكنه في ذلك].

وأضاف الأصبحي[أكد قانون محاكمة شاغلي الوظائف العليا رقم 6 لسنة 1995م في المادة رقم 10 على ذلك حيث ينص على أن" إحالة رئيس الوزراء أو نوابه أو الوزراء أو نوابهم إلى التحقيق أو المحكمة عما يقع منهم من جرائم أثناء تأدية أعمال وظائفهم او بسببها بناء على قرار من رئيس الجمهورية او اقتراح من خمس أعضاء مجلس النواب وموافقة ثلثي أعضائه " وهذا التأكيد القانوني والحصانة نجدها ايضاً في قانون مجلس الوزراء رقم 3 لسنة 2004 والذي ينص في مادته رقم 47 الفقرة 1 على أنه"لرئيس الجمهورية ولمجلس النواب حق إحالة رئيس الوزراء او نوابه او الوزراء الى التحقيق والمحاكمة عما يقع منهم من جرائم أثناء تأدية أعمال وظائفهم او بسببها ويكون قرار مجلس النواب بالاتهام بناء على اقتراح مقدم من خمس أعضائه على الأقل ولا يصدر قرار الاتهام الاّ بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس".

ونصت الفقرة الرابعة من هذه المادة على سريان المادة على نواب الوزراء، وفي حالة وجود قضية توجب محاكمة نائب وزير وليس وزير فان الإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا محكومه من رئيس الجمهورية أو ثلثي مجلس النواب كما نرى، حيث يقدم الاقتراح من واحد وستين نائبا ثم يوافق عليه مائتان وواحد على الأقل!! ولا يكون دور النائب العام هنا غير إبلاغ المتهم بزمان المحاكمة ومكانها وليس له حق تمثيل سلطة الاتهام لان الذي يقف ليمثل سلطه الاتهام ضد هذا الوزير أو نائب الوزير ليس النيابة العامة أو هيئة مكافحة الفساد بل يختار مجلس النواب ثلاثة من أعضائه بالاقتراع السري حسب نص المادة 21 من القانون رقم 6 لسنة 1995 بشأن إجراءات محاكمه شاغلي الوظائف العليا] .

وقال الأصبحي[نجد أن الدستور نص في المادة رقم 139حرفياً على ما ذكرناه وورد في قانون مجلس الوزراء وقانون إجراءات محاكمه شاغلي وظائف السلطة العليا من أن الإحالة إلى التحقيق أو المحاكمة لرئيس الوزراء أو نوابه أو للوزراء او نوابهم هي من اختصاص رئيس الجمهورية او مجلس النواب عبر إجراءات محدده في تقديم مقترح من خمس أعضاء المجلس وموافقة أغلبية ثلثي أعضاء المجلس،وإذا كان الوزير المراد التحقيق معه يجمع بين عضوية مجلس النواب ومجلس الوزراء فأنه يستفيد من المادة 82 من الدستور التي تقول:"لا يجوز أن يتخذ نحو عضو مجلس النواب أي إجراء من إجراءات التحقيق او التفتيش أو القبض أو الحبس أو أي إجراء جزائي الاّ بأذن من مجلس النواب ما عدا حالة التلبس وفي هذه الحالة يجب إخطار المجلس فوراً وعلى المجلس أن يتأكد من سلامة الإجراءات وفي غير دورة انعقاد المجلس يتعين الحصول على أذن من هيئة الرئاسة ويخطر المجلس عند أول انعقاد لاحق له بما اتخذ من إجراءات)].

وبالعودة إلى من هم شاغلي الوظائف العليا يقول الأصبحي[نجد إشكالا قانونيا آخر حيث نص القانون رقم 6 لسنة 1995 بشأن إجراءات اتهام ومحاكمه شاغلي وظائف السلطة التنفيذية العليا في الدولة، في المادة الثانية منه الفقرة (ب) بتعريف السلطة التنفيذية العليا بأنها (رئيس الجمهورية ونائبة ورئيس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم)،والفقرة (ج) عرفت مجلس الوزراء بأنه (رئيس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم)، ولكن جاء قانون الذمة المالية رقم 30 لسنة 2006م وحصر في المادة الرابعة منه الفقرة (أ) وظائف السلطة العليا على النحو التالي:

1- رئيس الجمهورية.

2- نائب رئيس الجمهورية.

3- رئيس وأعضاء هيئة رئاسة مجلس النواب وأعضاء المجلس.

4- رئيس الوزراء ونوابه وأعضاء المجلس ونوابهم ومن في مستواهم.

5- رئيس وأعضاء مجلس القضاء الأعلى.

6- رؤساء وأعضاء السلطة القضائية والنيابة العامة .

7- رئيس وأعضاء هيئة رئاسة مجلس الشورى وأعضاء المجلس.

8- رئيس وأعضاء اللجنة العليا للانتخابات.

9- مدير مكتب رئاسة الجمهورية ونوابه.

10- رؤساء الجامعات ونوابهم.

11- رؤساء الوحدات الإدارية بالمحافظات (المحافظون)، وأمناء عموم المجالس المحلية بالمحافظات.

12- رئيس هيئة الأركان العامة ونوابه.

13- قادة وأركان حرب ورؤساء عمليات المناطق العسكرية والمحاور.

14- رؤساء البعثات الدبلوماسية بالخارج.

15- مستشار ورئيس الجمهورية.

16- مستشار وهيئة رئاسة مجلس النواب والشورى.

17- مستشار ورئيس مجلس الوزراء.

18- الأمناء العاملون ومساعديهم في :

‌أ- رئاسة الجمهورية.

‌ب- مجلس النواب.

‌ج- مجلس الوزراء.

‌د- مجلس الشورى.

‌ه- اللجنة العليا للانتخابات.

19- مدراء مكاتب رؤساء مجالس النواب والوزراء والشورى ونوابهم.

20- رئيس الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ونوابه.

21- محافظ البنك المركزي اليمني ونوابه].

ووصل الأصبحي إلى القول[هؤلاء جميعاً يرى قانون الذمة المالية أنهم فئة موظفي السلطة العليا، وعليهم أن يقدموا إقرارات الذمة المالية فهل كلمة موظفي السلطة العليا ستشمل أيضا حصانتهم جميعا على أساس قانون إجراءات محاكمة شاغلي وظائف السلطة العليا رقم 6لسنة 1995م أم أن التعريف لمن يتمتعون بهذا القانون وحصانته فقط هو كما ورد في الفقرة ب من المادة الثانية بان السلطة التنفيذية العليا يراد بها تحديداً (رئيس الجمهورية ونائبه ورئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم)]

وتساءل الأصبحي[ما هي الحدود المرسومة للهيئة و هل تقف صلاحيتها عندما هو دون الوظائف العليا ؟! ،أو مخاطبه الرئيس أو مجلس النواب في اتخاذ ما يلزم قانونياً،وهو ما قد يفسر في ظل ارتفاع سقف التوقعات من إنشاء الهيئة بأنه هروب من الهيئة وليس تصرفا يمليه الدستور والقانون الحالي].

وفي حالة اتجه التفكير الجاد الآن إلى ضرورة التعديلات القانونية والدستورية اللازمة من اجل إعطاء الهيئة دورها الكامل في التحقيق و الإحالة إلى المحكمة وتمثيل سلطة الادعاء وغير ذلك فان الأمر بحسب ورقة الأصبحي [يتطلب تعديل سلسلة من القوانين من السلطة القضائية ومحاكمة شاغلي الوظائف العليا وقانون مكافحة الفساد وقانون مجلس الوزراء كما لابد من تعديل دستوري خاصة للمادة (139) بشأن التحقيق والإحالة إلى المحاكمة وهي من المواد التي لا يمكن تعديلها حسب نص الدستور في المادة (158) إلا باستفتاء شعبي حيث نص الدستور في المادة (158)].

وأمام كل ذلك قال الأصبحي مخاطبا زملاءه في الهيئة[أمامنا خيارين: الأول أن نعلن بوضوح أننا نريد من الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد أن تقوم بمهام واسعة تشمل التحقيق القضائي وأنها تباشر ذلك كاختصاص أصيل وان مأموري الضبط القضائي في الهيئة يتمتعون بالاستقلالية نظراً لاستقلال الهيئة ولا يخضعون إلى إشراف النيابة العامة، وهنا يحتاج الأمر إلى تعديل قانوني واضح والى فض الاشتباك القانوني القائم لان المشرع في هذه الحالة عليه أن يعطي الهيئة صلاحيات قضائية واضحة وربما سنقع هنا في محظور التعدي على استقلالية السلطة القضائية وتنازع في الاختصاصات! ولكنه خيار تحدده رؤية المشرع لما يريده من الهيئة بوضوح].

[الثاني: أن يتم الإعلان بوضوح وعبر حملة توعية قانونية لمهام الهيئة القانونية ان صلاحيات التحقيق والقبض والتفتيش هو اختصاص أصيل للنيابة العامة وهي المسئولة عن ذلك وليس الهيئة، وبالتالي لا يجب أن نجعل الجمهور متوقعا من الهيئة القيام بإجراءات وخطوات قانونية هي ليست من اختصاصها وان كل ما يمكن عمله هو التحري من الشكاوى والبلاغات وجمع الاستدلال حولها ثم إحالتها إلى النيابة العامة المحكومة هي الأخرى بقواعد قانونية ومع من تجري التحقيق وكيف].

وأكد الأصبحي أن [هذا التوضيح القانوني لسقف الصلاحيات الممنوحة للهيئة لا يعيبها على الإطلاق بل يجب أن يوضح بقوة وعلى كل المستويات لينسجم مع الرؤى التي نراها مناسبة لوظيفة الهيئة ودورها في المجتمع بحيث لا يتوقع الجمهور أو الشاكي من الهيئة أكثر مما تحدده القواعد القانونية وتسمح به وهذا يعفي الهيئة من الضغط المستمر عليها وجعلها تعاني من ترقب الجمهور وأسئلته ومراقبته وإلحاحه].

التحدي الثالث..البناء المؤسسي

أوضح الأصبحي أن[ البدايات الخاصة بالتأسيس كانت (ولا تزال حتى الآن) هي العقبة الأكبر التي تجعل الهيئة غير قادرة على القيام بدورها المطلوب.. فبين الخطاب الإعلامي الذي رافق الإنشاء وركز على أن الهيئة مستقلة ولديها صلاحيات مطلقة وإمكانيات دعم عالية.. وبين الواقع المادي والإداري الذي يقول أنها تبدأ من تحت الصفر، كانت العقبة الكبرى والتحدي الأكبر].

وأضاف:[لقد بقي الناس يترقبون إنجازات الهيئة منذ اليوم الأول..وخلال أسبوع فقط بدأت تظهر المقالات والحملات الإعلامية التي تطالب بالإنجازات المتمثلة في إعلان(قوائم الفساد ومحاكمة المسئولين، وحسب التعبير الشعبي الدارج الذي تناولته الصحافة هو أن تبدأ (بقراح الرؤوس) وهو تعبير شعبي يعني الاطاحه بالرؤوس الكبيرة]

ووصل إلى القول[نحن نبحث عن غرفة للاجتماع، وطاولة والناس تنتظر منا (قراح رؤوس) وفتح الملفات والبدء بالمحاكمات]،مضيفا:[هل يمكن لنا أن نتصور كيف نطلب من شخص مهما كان أن يتولى النظر في قضايا فساد كبرى ويحمل وثائق هامه ويناقش موضوعات في منتهى الخطورة وهو لا يجد مكتب ملائم ولا مساعدين جاهزين].

وتابع قائلا:(كل هذا والضغط على أن الهيئة لابد لها أن تقوم بمهامها الرئيسية من تحري وتحقيق ومتابعة لقضايا الفساد في كل الجهات وان تبدأ برامج نشر الوعي وخلق العلاقات مع المنظمات الدولية والمجتمع المدني والمانحين وتواجه وفود دولية وإقليميه، كما أن الرقابة الأولية على أدائها لم تنقطع لحظه بل حاصرتها وفود المنظمات الدولية والحكومات من أمريكا إلى ألمانيا إلى بريطانيا إلى الأمم المتحدة من اللحظة الأولى .. الكل يطلب رؤية الهيئة وخطتها الوطنية ويلح بسرعة إنجاز قضايا هامه تعطي الهيئة هيبتها وقوتها من الإطلالة الأولى، كل ذلك ولا احد يسأل أين المؤسسة المساعدة والطاقم الفني المتخصص المساعد؟! والإمكانيات].

واختتم رسالته بالقول:[أتمنى أن أكون وضعتكم في الصورة الصحيحة لما اعنيه بالتحدي المؤسسي الذي واجه الهيئة خلال عامها الأول].

التحدي الرابع ..التحدي الثقافي والاجتماعي

قال الأصبحي [نحن بحاجة إلى ثقافة تحترم مبدأ سيادة القانون وتعاقب الفاسدين عبر المجتمع قبل عقابهم من قبل القانون لان عقاب المجتمع أكثر قسوة من العقاب القانوني إذا تم،وهنا يتطلب الأمر جهداً خارقاً في التوعية ورص الصفوف والى استراتيجية وطنية شامله يقوم بها الجميع].

وأوضح أن ذلكيبدأ[بخلق منظومة النزاهة من تعزيز استقلال القضاء وتعزيز دور البرلمان، وتحرير الإعلام وبناء الرقابة الإدارية، وتقوية دور المجتمع المدني والسلطة المحلية].