قاضي يتزوج من امرأة طلقها من زوجها .. ويسجن والد زوجها السابق

الخميس 15 مايو 2008 الساعة 10 مساءً / مأرب برس - خاص - موسى النمراني
عدد القراءات 12046

بحرقة بالغة يقول محمد أحمد صغير:منذ نصف شهر أبي في السجن المركزي بالحديدة بعد أن تجاوز الثمانين عاما من عمره .. القاضي غريمنا والمحاكم كلها تقول لا يجوز سجنه .. أبي مسجون وأخي في الخارج وأنا أجري من مكتب إلى مكتب .. من ينصفني ؟ يضيف :المحاميين كلهم ينسحبون من قضيتي لأنهم يخافون من رئيس المحكمة .. قضاياهم عنده ومصالحهم في يده.

قضية محمد الصغير تحمل في تفاصيلها مأساة لاتخلو من الكوميديا .. والكوميديا بطلها القاضي خليل عبد الرزاق نعمان رئيس محكمة شمال الحديدة .

يوما ما في نهاية 2005م تقدم مواطن إلى المحكمة التي يرأسها القاضي خليل .. لم تكن القضية كبيرة ولاتحمل طابعا جسيما .. كل مافي الأمر أنه كان يريد استرجاع زوجته غير أن شيئا من ذلك لم يحدث ..رغم أربع جلسات خاصة فشل القاضي في الإصلاح بين الزوجة وزوجها لكنه نجح في الزواج منها بعد إجراءات الخلع التي أجراها عن طريق المأمون ثم تزوجها .

هل اتضحت معالم الكوميديا ؟ ربما ليس بعد .

كان لهما طفلة في الشهر السابع .. وكانت صحتها في الحضيض لأنها تعيش في جو موبوء بلا رعاية صحية .. ولم تحصل على أي لقاح حتى لقاحات الأمراض الستة القاتلة بحسب إفادات الأطباء .كان حكم الخلع يقضي بأن على الزوج التطليق دون قيد أو شرط وعلى الأم نفقة ابنتها وعلى الأب العلاج ويحق للأم التخلي عن الحضانة وحين كانت الطفلة تعاني من تدهور صحتها فقد كان على الأب أن يعالجها ولأن الأم سلمتها إلى أبيها بموجب ما بينهما من اتفاق فقد توجه بها إلى مقر عمله في إحدى دول الجوار بحسب مصادر العائلة ..

صحتها متدهورة وجدتها صاحبة الحق القانوني في الحضانة تعيش في ظروف صعبة وتسافر أحيانا إلى بلدان أخرى لتتركها مع أطفال يكبرونها بعامين لا أكثر بحسب محاضر الإستئناف .

الحاج أحمد صغير قاسم كان قد تعرض للسجن لمدة ثلاثة أيام في السجن المركزي بالحديدة بأمر من القاضي .. زوج طلقية ولده وتم الإفراج عنه بعد أن تقدم ولده بشكوى إلى رئيس الاستئناف .

بعد تسعة أيام من حبس الرجل العجوز رفعت جدة الطفلة قضية لدى المحكمة التي يرأسها زوج ابنتها الجديد .. أي أن رئيس المحكمة قد قام بسجن المدعى عليه قبل أن يكون هناك دعوى .. هل اتضحت معالم الكوميديا ؟ ربما ليس بعد .

دون مقدمات .. قرر القاضي أن على الجد للأب تسليم الطفلة محل الدعوى إلى جدتها لأمها ولأن القرار ناقص الحيثيات فقد قررت الشعبة الشخصية بمحكمة الإستئناف إلغاء القرار والفصل في موضوع الدعوى لبيان صلاحية الجدة للقيام بالحضانة من عدمها وهو ما أكدته المحكمة العليا بتأريخ 11/2/2008م برقم(82)

وفي بعض تفاصيل القضية كان هناك من يعمل على تضليل العدالة بإيهام القضاء بأن المدعى عليه هو والد الطفلة والمدعية والدتها بينما الحقيقة التي تثبتها أحكام القضاء وأوليات القضية أن المدعى عليه ليس سوى جد الطفلة والمدعية هي جدة الطفلة .

محكمة الإستئناف لم تفصل في الموضوع بل أعادتها إلى المحكمة الابتدائية مايعني عودة القضية إلى نفس دائرتها المفرغة وهو ماحدث بالضبط رغما عن أحكام المحكمة الاستئنافية والعليا .

مأرب برس اتصلت بالقاضي خالد دحمان الذي أكد أن القضية الآن لدى محكمة الاستئناف لتحويلها على محكمة أخرى ولم نتمكن من الاتصال برئيس المحكمة.

عزيزي القارئ لا أعتقد أن من الأدب أن أشغلك بتفاصيل قضية لا تهمك كثيرا لكن أمام ضميرنا جميعا رجل تجاوز الثمانين يقبع في السجن المركزي للحديدة دون مسوغ قانوني أو أخلاقي أو منطقي

وأمام ضميرنا جميعا قضية فساد وسوء استغلال للسلطة وبلطجة في استخدام مقدرات الوظيفة العامة .

أمام التفتيش القضائي وهيئة مكافحة الفساد وبقية الأجهزة ذات الاختصاص قضية تجعل من بلادنا مسخرة أمام العالم المتحضر .. والمتخلف أيضا

هل سيجد الشاب محمد أحمد صغير الذي أصبح عاطلا عن العمل بفضل انشغاله بالإفراج عن أبيه المسن هل سيجد فرصة لإنصافه من "القاضي"

وهل سيجد الرجل العجوز الحاج أحمد صغير قاسم فرصة لإنصافه ممن أدخله السجن لتنفيذ قرار محكمة ثابت البطلان ؟

وهل ستجد الطفلة روان أنور صغير حقها في العيش بصحة جيدة بجوار أناس يبادلونها الحب والمودة ؟وهل سنجد بصيص أمل في تحرك الأجهزة المعنية في إنصاف مواطنين لا يحملون بدلات رسمية وليس لديهم من السلطات مايمكنهم من تبادل المصالح مع المعنيين ؟ هذه أئلة موجهة بالدرجة الأولى للتفتيش القضائي .. مجرد أسئلة مالحة.

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن