اليمن بين الحوثيين و"القاعدة": الحرب في بدايتها

الأربعاء 10 ديسمبر-كانون الأول 2014 الساعة 10 صباحاً / مأرب برس - رويترز
عدد القراءات 3725

راح الصيدلي الشاب وضاح الهتاري ضحية لحيته، حسبما يقول زملاؤه. قتله أفراد ميليشيا في شوارع العاصمة اليمنية بالرصاص في يوم جمعة لأن لحيته تجعله يبدو إرهابياً.

قُتل الهتاري على يد عناصر جماعة الحوثيين المسلحة التي اجتاحت المناطق من شمال اليمن وسيطرت فجأة على العاصمة صنعاء من الجيش قبل أكثر من شهر.

وجاء وصولهم بعد احتجاجات مناهضة للحكومة تهدد بمزيد من زعزعة الاستقرار في اليمن، الذي دمرته بالفعل اضطرابات سياسية منذ ثورات "الربيع العربي" في العام 2011.

ويحارب الحوثيون تنظيم "القاعدة" وينظر إلى الجماعة باعتبارها حليفاً لإيران في الحرب التي تخوضها بالوكالة مع السعودية التي أوقفت مساعداتها لليمن منذ وصول الحوثيين.

وبينما فرض الحوثيون سلطتهم على العاصمة اليمنية فإنهم لم يتمتعوا بأي حال بشعبية شاملة. ففي اليوم السابق على ذلك اليوم، فجر مهاجم انتحاري حاجز تفتيش خاص بالحوثيين في صنعاء. وقتل 47 شخصاً في هجوم أعلن تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب" مسؤوليته عنه.

ويقول مصطفى النديش زميل الهتاري، إنهم قالوا إنه يبدو كإرهابي بسبب لحيته وأبلغناهم بأنه صيدلي، مضيفاً أن من أطلق النار على الهتاري ظن أنه قد يكون مسلحاً. لكن الحوثيين تفاوضوا فيما بعد مع والد الهتاري على دفع فدية.

 

ولم يدع الحوثيون مجالاً للشك بأنهم اللاعبون الجدد في اليمن، ما تسبب في مشكلة جديدة للغرب ودول الخليج العربية وخصوصاً السعودية في منطقة مضطربة بالفعل.

واليمن شأنه شأن العراق وسوريا ولبنان، أصبح الآن في قلب معركة على النفوذ الإقليمي بين إيران والسعودية.

ولا يزال تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب" عدواً عنيداً على الرغم من الهجمات الأميركية بطائرات من دون طيار ومليارات الدولارات التي دفعوها لتدريب القوات اليمنية على محاربة الإرهاب.

وأبرز قتل الرهينة الأميركي لوك سمرز، في مطلع هذا الأسبوع، أن "القاعدة" لا يزال عدواً عنيداً.

وتعني سيطرة "أنصار الله" الحوثيين على صنعاء أن تنظيم "القاعدة" اجتذب مجندين جدداً.

ويظل اليمن، الذي يُنظر إليه على نطاق واسع باعتباره دولة فاشلة، واحداً من أكبر مصادر التهديد للاستقرار في الخليج وخارجه وملاذاً لتنظيم "القاعدة" المتشدد المصمم على شن هجمات كبيرة على الغرب.

وبينما يبدي بعض اليمنيين إعجابهم بموقف الحوثيين من الفساد، إلا أن الأساليب الفظة التي تتبعها الجماعة أغضبت كثيراً من الناس.

واخترق الحوثيون المؤسسات الرئيسية للدولة منذ سيطرتهم على العاصمة في 25 أيلول.

وليس واضحاً كيف استطاعوا أن يدخلوا العاصمة بهذه السرعة. إحدى النظريات تفترض أن بعض وحدات الجيش لم تكن موالية للرئيس عبد ربه منصور هادي.

ويقول مسؤول رفيع المستوى في وزارة الدفاع اليمنية، ان "الوحدات التي كانت في خط المواجهة تلقت أوامر بعدم الدخول في مواجهات"، بينما أقام الحوثيون حواجز في كل مكان في صنعاء.

ويحملق شبان مسلحون ببنادق "كلاشنيكوف" في السيارات المارة من خلال الحواجز، حيث تفف عربات عسكرية استولوا عليها وعليها لافتات كتب عليها "الموت لأميركا.. الموت لإسرائيل."

ويقول مسؤول وزارة الدفاع "لديهم ممثل في وزارة المالية يجلس في جانب وينظر في جميع الشيكات قبل تقديمها. وإذا لم يقتنع فإنه يصادر الشيك ويلقيه في كيس.

ويضيف أن "أنصار الله"، "بدأوا في تعيين نواب حوثيين كرؤساء للإدارات المهمة في وزارة الدفاع."

من جهتها، تشير سفيرة بريطانيا لدى اليمن جين ماريوت الى أن بلادها "تحصل على تقارير تفيد بأن الحوثيين يديرون مراكز اعتقال غير قانونية ولديهم محاكم خاصة بهم."

ولا تروق التدابير الأمنية التي يطبقها الحوثيون لسكان صنعاء.

ويقول رجل يدعى القدسي، مشيراً إلى المشاق التي يتحملها عند المرور عبر حواجز الحوثيين في طريقه إلى العمل "إنها مهينة."

 

ولم ينج من هذه الإجراءات حتى الديبلوماسيون. وفي المطار أجبر الحوثيون بعض الركاب على إفراغ زجاجات الخمور.

واشتكت السفارة الألمانية لوزارة الخارجية اليمنية بأنه طلب من ديبلوماسييها دفع ما يصل إلى 250 دولاراً ليمروا من قاعة كبار الزوار في المطار، بينما قالت السفارة الصينية، في وثائق، إن موظفي الجمارك حاولوا تفتيش متعلقات شخصية للسفير.

وينفي الحوثيون أن يكونوا نسخة من "حزب الله" اللبناني. لكن تشابه الأساليب مثل إغلاق طريق المطار وإقامة مخيمات للاعتصام في العاصمة أثارت اتهامات بأنهم يحصلون على دعم من إيران.

ويقول مستشار الرئيس اليمني صلاح عبد الصمد إن الجماعة تفرض سيطرتها للقضاء على الفساد، وإنهم سيغادرون العاصمة حالما تكون الحكومة قادرة على توفير الأمن في صنعاء.

في الوقت نفسه، يؤكد مسؤول أمني رفيع المستوى، أن إيران أرسلت أسلحة وأموالاً للحوثيين وأن زعيمهم سافر إلى إيران ولبنان.

وينفي عبد الصمد الحصول على دعم من إيران.

لكن انفجارا كبيراً في مقر إقامة السفير الأسبوع الماضي، أعلن تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب" مسؤوليته عنه، كان رسالة أيضاً على أن بقاء الحوثيين غير مقبول.

ومن الصعب معرفة كيف يمكن لليمن تجنب صراع طائفي بين الحوثيين و"القاعدة". فالانفجار في مقر إقامة السفير الإيراني قد يكون البداية.

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن