محمد علي كلاي و13 بحارا يمنيا في مدينة بريطانية

الجمعة 04 إبريل-نيسان 2008 الساعة 07 مساءً / مأرب برس - متابعات
عدد القراءات 3882

في الوقت الذي تتفاعل فيه قضايا المهاجرين وانتمائهم الى المجتمع في بريطانيا يقدم معرض في مدينة ساوث شيلدز في شمال بريطانيا رؤية لحياة بعض المهاجرين العرب الأوائل هناك ويستعرض عبر شهادات حية مع الباقين على قيد الحياة منهم الكثير من القضايا مثل الانتماء والشعور بالمواطنة والتعددية في المجتمع البريطاني. المعرض المقام تحت عنوان «آخر الرجال في القاموس» في مركز بالتيك للفنون يستعرض مجتمع البحارة اليمنيين الذين قدموا الى المنطقة واستقروا فيها بعد أن أنشئت فيها أول استراحة للبحارة العرب في عام 1894 على يد بحار يدعى علي سعيد.

ويقوم المعرض على عمل ثنائي من الفنان المصري يوسف نبيل والمخرجة الأميركية الإيرانية الأصل تينا غارافي، حيث تتضافر الصور الشخصية لهؤلاء المهاجرين مع اللقطات الفيلمية المسجلة معهم والتي تظهر كلا منهم وهو يتذكر بداياته في المجتمع البريطاني. والى جانب تلك اللقطات يعرض فيلم تسجيلي بعنوان «ملك ساوث شيلدز» يصور زيارة بطل الملاكمة العالمي محمد علي كلاي لتلك المدينة في عام 1977 والتي قام بها لدعم نادي للملاكمة هناك.

وتقول غارافي في تقديمها للمعرض إنها تطرح سؤالا في المعرض عن الأقليات في المجتمع البريطاني. وتشرح المخرجة أن فكرة المعرض انبعثت لديها بعد أن استقرت في مدينة ساوث شيلدز ورأت المسجد المقام هناك وبهرت بحيوية المجتمع الصغير للمسلمين هناك. وتضيف قائلة لصحيفة «الغارديان»: «رغم أنني أنتمي الى أصول شرق أوسطية، الا انه لم تكن لدي فكرة مسبقة عن المهاجرين المسلمين الاوائل في بريطانيا والذين قدموا منذ عام 1890 للاستقرار هنا». ولم تقف دهشة غارافي عند ذلك الحد، بل ازداد اهتمامها بتلك المجموعة من المهاجرين بعد أن علمت أن محمد علي زار المدينة وقام بتجديد زواجه في المسجد المقام هناك.

وتقول غارافي إنها من اشد المعجبين بمحمد علي الذي مثل لها القدرة على التعايش والانغماس في ثقافات مختلفة. وبالنسبة لها فوجود الفيلم في المعرض لا يتعارض مع صور وحكايات البحارة، بل على العكس فهو بالنسبة لها «جزء أساسي في المعرض».

الفيلم يصور زيارة محمد علي للمدينة والاستقبال الحاشد الذي اقيم له هناك. وعلى الجانب تعرض صورة ضخمة لمحمد علي وزوجته بملابس الزفاف وسط حشد من الناس، وهناك طفل صغير ينظر اليه بانبهار، وهنا تقول غارافي إن تلك النظرة تحوي الكثير من الانبهار بالرجل الأسود الذي أصبح مسلما ثم أصبح اشهر ملاكم في العالم جاعلا من اختلافه عن المجتمع المحيط به مصدر قوة له.

ويضم المعرض صورا لثلاثة عشر بحارا من الباقين على قيد الحياة من الفوج الأول من المهاجرين. والصور التي التقطت بالأبيض والأسود قام الفنان نبيل بتلوينها يدويا على الطريقة القديمة. وبمصاحبة الصور تتردد في المعرض أصوات البحارة وهم يروون قصصهم عن طريق شاشة فيديو ضخمة. ويروي احد البحارة، ويدعى عبده محمد أحمد عبية، ذكرياته عن زيارة محمد علي «كتبت خطابا الى محمد على اطلب منه التبرع لبناء مسجد في بلدتنا، ولكنه أجابني بمجموعة من الأسئلة حول المصدر الذي حصلت منه على عنوانه. وما زلت احتفظ بهذا الخطاب». الطريف أن محمد علي زار المدينة بصحبة الملكة وبعدها لافتتاح المسجد وقام فيه بعقد قرانه وزوجته للمرة الثانية. وتؤكد ابنة محمد علي حنة أن والديها اعتبرا ذلك هو عقد الزواج الحقيقي لهما بدلا من العقد المدني الذي تزوجا بمقتضاه.

ومن خلال شهادات البحارة نتوقف عند بساطة الحياة التي عاشوها في هذه المدينة، وتكاد تكون تلك الروايات متطابقة في أن الحياة كانت هادئة بالنسبة لهم وأنهم عاشوا بسلام في المجتمع الانجليزي، غير ان الحنين للوطن هو ما ينغص تلك الحياة. ويقول عبية انه يزور عائلته في اليمن بشكل دائم ولكنه يعود لمنزله في ساوث شيلدز في النهاية حيث يعيش ويتسلم مرتب التقاعد الخاص به. ويضيف عبية ان المجتمع في المدينة عند مقدمه اليها كان «يعج بالعرب. كان هناك حوالي 20 أو 30 بيتا عربيا تعج بالبحارة اليمنيين الذين قدموا للإقامة فيها وأولئك الذين قدموا من مدن قريبة مثل برمنغهام لقضاء إجازاتهم هناك».

وتقول غارافي إن الأشخاص الذين التقت معهم خلال تصويرها فيلم محمد علي كانوا في السبعينات والثمانينات من العمر، ومن خلال رواياتهم عن المدينة أحست بأن هناك حاجة ملحة لتسجيل تلك الذكريات والشهادات «حكوا لي قصصا عن مدينة ساوث شيلدز في الخمسينات والستينات، بل ان إمام المسجد روى لي عن عمله كبحار خلال الحرب العالمية الثانية، كما روى لي آخر، محمد ناصر، عن خدمته في سلاح البحرية أثناء حرب الفولكلاند وعن أسره هناك وتجربته الشاقة». وتقول غارافي إنها وجدت حماسة من البحارة لرواية قصصهم، خاصة أنهم يشعرون بأن مساهمتهم في المجتمع البريطاني مهملة بشكل كبير.

واللافت في شهادات هؤلاء البحارة إصرارهم على أن حياتهم كانت بسيطة رغم أن كلا منهم جاب دول العالم وتعرف على حضارات وشعوب عديدة، إلا أن هناك إحساسا بالسكينة والرضى عن النفس يلفت الأنظار وتؤكده غارافي قائلة «من الصعب عمل فيلم عن لا شيء، ولكن قصص هؤلاء البحارة ببساطتها تقول لنا الآن إن فكرة التعايش والانتماء لمجتمعات جديدة ليس فكرة حديثة، وبالنسبة إلي فكل هذه القصص تعكس ذلك التعايش».

  • معرض «آخر الرجال في القاموس» يقام في بالتيك سنتر للفن الحديث في غيتس هيد ويستمر حتى 5 مايو
  • دنيا الوطن
إقراء أيضاً
اكثر خبر قراءة يمنيون في المهجر