لماذا يجب أن نقلق كثيراً على اليمن؟..تقرير

السبت 02 يونيو-حزيران 2012 الساعة 09 صباحاً / مأرب برس - د. بول سوليفان* — (ميدل إيست أونلاين)
عدد القراءات 2726
 

يوم الاثنين الماضي، حدث تفجير انتحاري كابوسي في اليمن، وأسفر عن موت العشرات وجرح المئات. وقد اتصلت بصديق يمني قديم لأنقل له تعازي لبلده. وفي الحقيقة، يحتاج اليمن للتعزية على العديد من الأعوام الصعبة التي يعيشها بسبب النزاع. وقد ذكرني صديقي بأن شيئاً بهذا المستوى، لم يكن قد حدث من قبل في اليمن. وكان يمكن أن يتوقع المرء حدوث شيءٍ كهذا في العراق في العام 2004، ولكن ليس في اليمن.

وقد أشر هذا الحادث الأخير على اتجاه تصاعدي في التهديدات المحتملة الموجهة لليمنيين. كما أنه زاد من وتيرة التهديدات الكامنة لأولئك الذين يعيشون خارج اليمن. وعندما يبدأ عنف بهذا المستوى بالظهور، فثمة شيء أكبر يدور خلفه. وكنت قد كتبت في السابق عن إمكانية تحول اليمن إلى دولة فاشلة. والآن، يبدو البلد وأنه يندفع بوتيرة أسرع نحو تحقق ذلك الاحتمال.

 واليمن بلد ينعم بجمال أخّاذ. وهو بلد يستريح على تاريخ كبير وتليد ومدهش ببساطة. وما يزال ينطوي على ثقافة قبلية متجذرة. ويعرف عن شعب اليمن أنه مضياف ودافئ. لكن النزاع والقيادة البائسة يقومان بتخريب هذا البلد.

فاليمن أفقر بلد في شبه الجزيرة العربية. ويعيش ما يقارب النصف من شعبه على أقل من دولارين في اليوم، أي قريباً من أو أقل من خط الفقر الدولي. كما تعاني معظم أجزاء هذا البلد من وطأة الحاجة الشديدة للمياه. بل إنه الأكثر عوزاً للماء في العالم. ويعيش ما نسبته 70 % من شعبه في القرى ويحصل العديد منهم على الماء بواسطة إمدادات صهاريج غير منتظمة كل بضعة أيام أو نحو ذلك. وينتهي الحال بالفقراء إلى تحمل ثمن أغلى للماء الذي يحصلون عليه، مقارنة مع مواطنيهم الأغنياء الذين تصلهم إمدادات المياه بوساطة شبكة أنابيب مياه البلدية.

كان عدد سكان اليمن في العام 1990 نحو 12 مليون نسمة. وهو الآن ضعف ذلك العدد. ويذهب نحو 90 % من استهلاك المياه في اليمن إلى الاستخدام الزراعي. كما أن 60 % من ذلك الاستخدام يذهب لإنتاج محصول القات. وليس القات غذاء، وإنما هو نبتة مألوفة في القرن الإفريقي، والتي تخلف آثار نشوة لمن يلوكها. وبعبارات أخرى، فإن معظم الأراضي اليمنية القابلة للزراعة تستخدم لإنتاج عقار منشط للنشاط الجسدي والعقلي. وبسبب هذه الحقيقة، يستورد اليمن حالياً حوالي 75 إلى 80 % من غذائه من الخارج.

وما فتئ اقتصاد اليمن يتحرك في لولب ينحدر بازدياد منذ اندلاع النزاعات الأخيرة في داخل البلد. وثمة بطالة ضخمة متفشية وسط حالة عدم الاستقرار والعنف السائدين في اليمن.

وفي هذه وغيرها من الظروف المرعبة هناك، بما في ذلك نظام التعليم البائس في القرى بشكل خاص، فإن تجنيد المجموعات المتطرفة للناس لم يكن أسهل أبداً مما هو الآن. وتستطيع هذه المجموعات شراء عداوتها أو حمايتها في التلال والجبال القصية في اليمن.

وإذا كانت هذه البداية تبدو مثل أفغانستان في أواخر التسعينيات (من القرن الماضي) فإن ذلك يعني أنها قد شرعت بالتحقق.

ومع ذلك، يقع اليمن في موقع جغرافي استراتيجي أكثر هشاشة وعرضة للضغوط من أفغانستان. ويواجه جانب من شواطئه الصومال، فيما يواجه الجانب الآخر جيبوتي وأريتريا . أما الزاوية التي تصل بين الشاطئين، فهي باب المندب: أو بوابة الدموع.

 وتعتمد التجارة بين آسيا والاتحاد الأوروبي بشكل كبير على هذا الشريط الضيق. وتجدر الإشارة إلى إن ما يتراوح بين ثلاثة وأربعة ملايين برميل من النفط، وحوالي ثلاثة إلى أربعة بلايين متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال تمر عبر هذه الزاوية الضيقة.

لكنه في حال آل اليمن ليصبح دولة فاشلة، تماماً مثل الصومال، فإن المنطقة برمتها ستكون تحت خطر جسيم. وسيقع أحد أهم خطوط الاتصالات البحرية تحت الخطر الداهم الذي يرتبه التواجد فيه. ومن الممكن أن تتأثر نسبة ضخمة من التجارة الكونية بهذا الاحتمال. وقد تجد أسواق النفط والأسواق الأخرى نفسها وهي تصبح أكثر تحت رحمة النزوات الشريرة للقراصنة والإرهابيين على حد سواء.

ومن الممكن أن يؤثر اليمن أيضاً على شمال أفريقيا، المكان الذي تضربه بعض الفوضى أصلاًً، وكذلك على شبه الجزيرة العربية والاتحاد الأوروبي، بل وحتى ما وراء ذلك. ولا يعني هذا، بالمناسبة، مجرد مسألة توقف التجارة ورفع الكلف على الشحن. وإذا استطاعت القاعدة تأسيس موطئ قدم أقوى وأكثر ثباتاً في يمن فاشل، فإن مزيجاً من معسكرين متطرفين في الصومال واليمن سيتمكن من أن يكون مركزاً متوسطاً وقواعد إرهاب لعقود كثيرة لاحقة.

والآن، لماذا ينبغي علينا أن نقلق فعلاً على اليمن؟

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن