كل ما تريد معرفته عن انتخابات تركيا.. منافسة تحبس الأنفاس..؟

الجمعة 12 مايو 2023 الساعة 07 مساءً / مأرب برس- الخليج أونلاين
عدد القراءات 3398

 

هذه الانتخابات هي الأصعب للرئيس رجب طيب أردوغان منذ وصوله للحكم قبل عشرين عاماً. استطلاعات الرأي تشير إلى أن كليجدار أوغلو مرشح تحالف الأمة يمتلك حظوظاً مع أفضلية أردوغان. هناك 5 ملايين ممن لهم حق التصويت ولدوا ونشؤوا ولم يعرفوا غير أردوغان زعيماً. نتائج هذه الانتخابات ستحدد مستقبل علاقات تركيا بالولايات المتحدة وأوروبا وحلف الناتو..

- الفكرة..

يخوض الرئيس التركي رجب طيب أرودغان هذه الانتخابات وهو محاط بكثير من التحديات التي تتعلق بالاقتصاد والسياسة الخارجية وطبيعة الديمقراطية التركية. ورغم أن حظوظ المعارضة تبدو أكبر في هذه الانتخابات عن غيرها إلا أن أردوغان يخوضها من منطلق أنه صانع النهضة التي تعيشها بلاده الآن، رغم التداعيات التي فرضها الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد، أوائل فبراير الماضي.

. في الأخير، يمكن القول إن هذه الانتخابات بمنزلة تصويت على أردوغان كشخص أكثر من كونها تصويتاً لمرشح رئاسي من عدمه. أهمية الموضوع: لم يبقَ على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا سوى 2 أيام، حيث يواجه الرئيس رجب طيب أردوغان منافسة ربما تكون الأقوى منذ وصوله للحكم قبل عقدين. وانتهى تصويت الناخبين الأتراك في سفارات بلادهم بالخارج، فيما يتوجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع في 14 مايو الجاري؛ لتحديد ما إذا كان أردوغان سيظل في قصر الحكم رغم ما يواجهه من تحديات، أم أنه سيخرج من السلطة. وتأتي الانتخابات بعد أقل من ثلاثة أشهر من زلزال 6 فبراير الماضي، الذي قتل أكثر من 50 ألف شخص، وأدى لنزوح قرابة 6 ملايين في جنوبي تركيا وشمالي سوريا، كما تجري الانتخابات في ظل أزمتين اقتصادية وسياسية ربما هما الأكثر احتداماً.

تتوقع استطلاعات الرأي بأن يكون الإقبال على التصويت قياسياً هذا العام، وسط سباق محتدم بين أردوغان ومرشح المعارضة الرئيسي كمال كليجدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري، الذي يمثل كتلة "تحالف الأمة" المكونة من 6 أحزاب تُعرف بـ"الطاولة السداسية". في التقرير التالي سنقدم أبرز المعلومات المتعلقة بالانتخابات التركية المرتقبة. كيف تجري الانتخابات التركية؟ 

تجري تركيا انتخابات كل 5 سنوات، ويحق لكل حزب تجاوز نسبة 5% من أصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية السابقة أن يسمي مرشحاً رئاسياً، كما يحق لمن جمع 100 ألف توقيع أن يرشح نفسه كمستقل. ويتم إعلان من حصل على أكثر من 50٪ من الأصوات في الجولة الأولى رئيساً، وفي حال لم يتمكن أي مرشح من تجاوز هذه النسبة تجرى جولة إعادة بين المرشحين الاثنين الحاصلين على أعلى عدد من الأصوات في الجولة الأولى.

وتجري الانتخابات البرلمانية بالتزامن مع نظيرتها الرئاسية، حيث تتبع تركيا نظام التمثيل النسبي في البرلمان، بما يعني تناسب عدد المقاعد التي يحصل عليها الحزب في المجلس التشريعي المكون من 600 مقعد بشكل مباشر مع الأصوات التي يفوز بها. ويجب أن تحصل الأحزاب على 7٪ على الأقل من الأصوات، سواء بمفردها أو بالتحالف مع أحزاب أخرى من أجل دخول البرلمان. ويدلي الناخبون بأصواتهم في الانتخابات التشريعية والرئاسية في نفس الوقت، وستجرى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، في حالة إجرائها، في 28 مايو.

تفتح صناديق الاقتراع في الساعة 8:00 صباحاً بالتوقيت المحلي يوم 14 مايو، وتغلق في الساعة 5 مساءً، ومن المتوقع ظهور النتائج بعد الساعة 9 مساءً بالتوقيت المحلي. وفي 17 أبريل الماضي، قال رئيس اللجنة العليا للانتخابات التركية أحمد ينر، إن عدد من يحق لهم الانتخاب بالاستحقاق الرئاسي والبرلماني بلغ 64 مليوناً و113 ألفاً و941 ناخباً. وأضاف ينر -وفق وكالة الأناضول- أن 4 ملايين و904 آلاف و672 مواطناً يحق لهم لأول مرة المشاركة في الانتخابات المقبلة، مبيناً أن عدد الناخبين داخل البلاد يبلغ 60 مليوناً و697 ألفاً و843 شخصاً. ويبلغ عدد صناديق الاقتراع 191 ألفاً و884 صندوقاً في أنحاء البلاد، و5 آلاف و40 خارجها، وسيتمكن 6 آلاف و215 ناخباً من الإدلاء بأصواتهم بصناديق متنقلة في 421 قضاءً. من هم المرشحون؟

 انحصرت المنافسة في الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان ومرشح الطاولة السداسية كليجدار أوغلو، ومرشح تحالف الأجداد اليميني سنان أوغان، وذلك بعد انسحاب زعيم حزب البلد محرم إنجة، يوم 11 مايو 2023.

في العام 2018، خسر إنجة الانتخابات أمام أردوغان، وانشق لاحقاً عن حزب الشعب الجمهوري، ليؤسس حزباً جديداً ويعلن، في أواخر مارس الماضي، حصوله على توقيعات كافية للانضمام إلى السباق الرئاسي على الرغم من مطالبته بالانسحاب من قبل أكبر أحزاب المعارضة. لكن يبدو أن عدم ميل الكفة لصالحه في هذه الانتخابات التي جرت في الخارج فعلياً دفعته لمغادرة السباق قبل 3 أيام من التصويت العام، ليفتح باب التكهنات واسعاً بشأن تداعيات هذا الانسحاب على موقفي كل من أردوغان وكليجدار أوغلو. أما أوغان فهو مرشح عن تحالف "أتا" الذي يعني الأجداد، وهو تحالف يضم أحزاباً قومية متطرفة أهمها حزب "النصر" الذي يتزعمه النائب البرلماني أوميت أوزداغ المعروف بمواقفه العنصرية تجاه الأجانب، وخاصة السوريين والأفغان.

عرف أوغان بمواقفه العنصرية ضد الأجانب ومهاجمتهم، وقد تعهد بإعادة اللاجئين لبلادهم في حال فوزه بالانتخابات. لطالما كان الاقتصاد عاملاً حاسماً تقريباً في كل انتخابات تركية، وتأتي هذه الانتخابات وسط أزمة اقتصادية فاقمها وقوع الزلزال، فضلاً عن التضخم الذي وصل إلى 85%، في أكتوبر 2022. شكل المنافسة.. غالباً ما تأتي الانتخابات بنتائج مغايرة تماماً لما رصدته الاستطلاعات السابقة لها، وهو ما حدث عندما فاز دونالد ترامب بانتخابات 2016 على حساب هيلاري كلينتون، التي كانت متفوقة عليه في كل الاستطلاعات تقريباً، غير أن الاستطلاعات تظل المقياس الوحيد تقريباً الذي يمكن البناء عليه. أظهر استطلاع أجرته شركة "ميتروبول" للاستطلاعات، في أبريل 2023، أن مزيداً من الناخبين يعتقدون أن أردوغان وتحالفه الشعبي يمكن أن يساعدا في معالجة آثار الزلزال، مقارنةً بكليجدار أوغلو وتحالف الأمة الذي ينتمي إليه. لكن ثمة كثير من الأصوات التي تتهم الرئيس التركي بالابتعاد عن الديمقراطية والسعي لترسيخ بقائه في الحكم، وهي أصوات تحاول المعارضة التركيز عليها بقوة. ، مشيراً إلى أن غالبية هؤلاء لا يعرفون زعيماً سوى أردوغان.

ورجّح استطلاع "ميتروبول" أن يدعم الناخبون كليجيدار أوغلو في الجولة الأولى من الانتخابات، مع احتلال أردوغان المرتبة الثانية، يليه إنجة وأوغان، وفي حال انسحب إنجة من السباق ربما يحصل كليجدار على مزيد من الأصوات. ومن المرجح أن يتحول عدد أكبر من الناخبين إلى كليجدار أوغلو أكثر من أردوغان إذا انسحب إنجة من السباق الرئاسي، وفق توقعات المعارضة. لكن هناك استطلاعات رأي أخرى تمنح أردوغان تفوقاً على حساب منافسه الأبرز، وبعضها يشير إلى إمكانية حسم السباق الرئاسي من الجولة الأولى، بحسب تأكيدات حزب العدالة والتنمية الحاكم. ولم يقدم حزب الشعوب الديمقراطي -الذي تتهمه السلطات بأنه واجهة سياسية لحزب العمال الكردستاني المصنف إرهابياً- مرشحاً رئاسياً، لكنه أيد، أواخر أبريل، كليجدار أوغلو رسمياً. وتأسس التحالف السداسي في العام 2022، وهو تحالف يساري مكون من 6 أحزاب يقودها حزب الشعب الجمهوري.

ويتفق التحالف الذي يمثله كليجدار أوغلو في أن كافة المنضوين تحته يريدون إعادة البلاد إلى النظام البرلماني الذي غيّره أردوغان عندما لم يعد من حقه الترشح مجدداً لرئاسة الوزراء في 2014. وقد اتفق قادة الأحزاب الـ5 الآخرون في التحالف على تولي مناصب نائب الرئيس. يريد "تحالف الأمة" بقيادة كليجدار أوغلو استعادة النظام البرلماني، وإزالة حق رئيس الدولة في نقض التشريعات، وقطع علاقات المنصب بالأحزاب السياسية، وجعله قابلاً للانتخاب كل سبع سنوات. كما يرغب التحالف في بدء محاولة تركيا المستمرة منذ عقود للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، واستعادة "الثقة المتبادلة" مع الولايات المتحدة، بعد سنوات من العلاقات المتوترة خلال سنوات أردوغان.

لقد تعهدوا بخفض التضخم إلى أقل من 10٪ في غضون عامين، وإعادة اللاجئين السوريين إلى الوطن طواعية، حيث تستضيف تركيا حالياً نحو 3.6 ملايين لاجئ سوري. كليجدار أوغلو هو موظف حكومي سابق ينتمي إلى الأقلية العلوية، وسبق أن قاد مسيرة 24 يوماً من أجل العدالة في عام 2017، والتي اعتُبرت أكبر تحدٍّ لحكم الرئيس أردوغان منذ سنوات.

ولم يحدث اختياره ضجة كبيرة لأن رؤساء بلديات إسطنبول وأنقرة غالباً ما يكونون المرشحين الأقوى. وقد تراجعت آمال كليجيدار في حسم الانتخابات بشكل كبير بعد ترشح زميله السابق محرم إنجه إلى سباق الرئاسة. طالب بعض السياسيين بمنع أردوغان من الترشح لكونه قضى فترتين في الرئاسة ولا يحق له دستورياً الترشح لولاية ثالثة، لكن القضاء التركي لم يحتسب الفترة من 2014 وحتى 2018، عندما تم تعديل الانتخابات، وقضى بأحقيته في الترشح لولاية قادمة، ستكون الثانية وفق التعديل الجديد. الخلاصة.. وفقاً لتحليل نشره موقع "بوليتيكو" الأمريكي (3 مايو 2023)، فإن انتخابات تركيا المرتقبة ستؤثر بشكل كبير على الأمن في أوروبا والشرق الأوسط؛ لأن من سينتخب سيحدد دور تركيا في حلف الناتو وعلاقتها بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا.

كما سيحدد الرئيس المقبل سياسة الهجرة ودور أنقرة في الحرب الروسية الأوكرانية، وكيف تتعامل مع التوترات في شرق البحر الأبيض المتوسط، وفق "بوليتيكو".