ما السر وراء تعنت الحوثيين ورفع سقف مطالبهم للقبول بتمديد الهدنة ؟... تقرير

الأربعاء 14 سبتمبر-أيلول 2022 الساعة 12 صباحاً / مأرب برس - الخليج أون لاين
عدد القراءات 5294

بعد جهود غير مسبوقة بذلتها الأمم المتحدة وأطراف محلية وإقليمية تم الإعلان، مطلع أغسطس الماضي، عن تمديد الهدنة في اليمن للمرة الثانية لشهرين إضافيين، لكن هذا التمديد يواجه تهديداً مبكراً مع اقتراب انتهائه.

 

يكمن هذا التهديد مع تحذير قادم من وسط طهران أطلقته مليشيا الحوثي المسلحة، حيث تطالب بتنفيذ 6 من مطالبها لاستمرار الهدنة الأطول في تاريخ الحرب في اليمن التي بدأت في سبتمبر 2014.

 

وتتكثف التحركات الدولية والأممية مجدداً، وتحديداً عبر المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينغ، في محاولة لضمان تمديد الهدنة التي تنتهي في 2 أكتوبر المقبل، فيما يبدو أن الضغط الأمريكي سيتركز على أن تُمدد 6 أشهر دفعة واحدة، عوضاً عن شهرين كما يحدث منذ أبريل الماضي.

 

تهديد حوثي من طهران

من وسط العاصمة الإيرانية طهران، حددت مليشيا الحوثي أربع نقاط أساسية من أجل القبول باستمرار الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة في اليمن منذ شهر أبريل الماضي.

 

ووفق ما أوردت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا"، قال كبير المفاوضين الحوثيين، محمد عبد السلام، خلال لقائه في طهران مساعد وزير الخارجية الإيراني علي أصغر خاجي، 10 سبتمبر 2022، إن "التطبيق الصحيح لبنود الاتفاق، ورفع الحصار، وإيقاف الحرب، ودفع رواتب الموظفين، أمر ضروري لاستمرار الهدنة".

  

وأكد عبد السلام تمسك الحوثيين بهذه الاشتراطات وضرورة تنفيذها الكامل للموافقة على استمرار الهدنة الأممية.

 

من جانبه أعرب خاجي عن "ارتياحه لاستمرار وقف إطلاق النار الموقت في اليمن"، داعياً إلى اغتنام هذه الفرصة بهدف "رفع الحصار كلياً ومن دون أي شروط، وترسيخ وقف إطلاق نار شامل ومستدام على صعيد هذا البلد"، وفقاً للوكالة الإيرانية.

 

التزام أمريكي

أما واشنطن فقد أكدت، على لسان مبعوثها الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ، التزامها بـ"توسعة" الهدنة بحلول الثاني من أكتوبر المقبل، مشيراً إلى أن ذلك يستدعي من جماعة الحوثي في اليمن التحلي بـ"المرونة"، وتقديم "تنازلات".

 

ويقود المبعوث الأمريكي إلى اليمن جهود تمديد الهدنة، إذ بدأ منذ أيام جولة تشمل الإمارات والسعودية وسلطنة عمان لـ"حث الأطراف على تكثيف المفاوضات التي تقودها الأمم المتحدة في الأسابيع الثلاثة المقبلة، فضلاً عن العمل على نحو عاجل ومتماسك واتخاذ الخطوات اللازمة لتمديد وتوسيع الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة".

 

ويقول المبعوث الأمريكي، في تصريحات صحفية (11 سبتمبر): إن "ما يمكن للولايات المتحدة أن تقدمه كالتزام، هو توسيع إطار الهدنة لتحقيق المزيد من الفوائد للشعب اليمني"، لافتاً إلى أن هذا الهدف الأساسي وراء جولته الحالية في المنطقة.

 

وأوضح أنه "عندما تتم توسعة إطار الهدنة في الثاني من أكتوبر، في تلك اللحظة سنتمكن من النظر في استدامة وقف إطلاق النار، والمفاوضات السياسية التي تمكّن اليمنيين من صياغة مستقبل بلدهم، وهذا ما يسعى إليه المجتمع الدولي ونتطلع إلى تحقيقه".

 

وبينما اعتبر المبعوث الأمريكي أن بلاده "سعيدة" بترحيب إيران، التي تدعم جماعة الحوثي في اليمن، بوقف إطلاق النار، شدد على أن الصراع في اليمن غير مرتبط بالمفاوضات غير المباشرة التي تجريها طهران وواشنطن بشأن إحياء الاتفاق النووي.

 

وفيما يتعلق بالوضع في تعز دعا ليندركينغ الحوثيين إلى رفع الحصار عن المدينة، وتخفيف الضغط عن السكان هناك، مؤكداً أنها قضية إنسانية.

 

وأضاف: "أنا واثق أنه من خلال التعاون بين الطرفين يمكن تحقيق تقدم بحيث نرى موظفي الدولة يقبضون رواتبهم للمرة الأولى منذ سنوات، وهذا من فوائد الهدنة التي يجب تمديدها 6 أشهر بهدف تحقيق مزيد من المكاسب للشعب اليمني".

 

تمديد مرتقب

يرى الباحث اليمني نجيب السماوي أن الهدنة ستشهد تمديداً جديداً يستمر شهرين آخرين، على الرغم من المحاولات الأممية والأمريكية لتمديدها لـ6 أشهر.

  

ويؤكد أن مليشيا الحوثي "ترفض الالتزام بما نصت عليه المبادرة الأممية؛ المتمثلة بفك الحصار عن تعز، وتسليم رواتب الموظفين"، مضيفاً: "لذلك ستكتفي الأمم المتحدة بالتمديد لشهرين دون تقدم في سير المفاوضات".

  

ونقل موقع"الخليج أونلاين"عن السماوي قولة : "يتمسك الحوثيون بمطالب عديدة؛ مثل الفتح الكامل لمطار صنعاء وموانئ الحديدة، وصرف مرتبات الخدمة العامة في مناطقهم من خزينة الدولة الشرعية، مقابل رفض أيّ التزامات من قبلهم مثل توريد إيرادات ميناء الحديدة للبنك المركزي بعدن، وهو ما رفضه المجلس الرئاسي، وفك الحصار عن تعز".

 

وتابع: "الملف اليمني يواجه تعقيدات كثيرة، أبرزها التداخل الدولي، وتأثير الدول المشاركة في الحرب، إضافة إلى عدم الضغط الدولي على الحوثيين، الذين لم يلتزموا بأي بند من بنود الهدنة ومن ضمنها وقف التحشيدات العسكرية والخروقات المستمرة لعناصرها ضد قوات الجيش والأمن".

 

ويجدد تأكيده بالقول: "لا أتوقع أبداً أن تمدَّد الهدنة لـ6 أشهر، لأن الحوثي لن يلتزم بشيء مهما قدمت الشرعية اليمنية من تنازلات، وليس من مصلحته- كما يرى- أن يكون هناك هدنة لنصف عام، فالهدنة لشهرين تعطيه أرضية كبيرة للمراوغة وممارسة سياسته للضغط لتحقيق مزيد من المصالح".

 

السبب الحكومة الشرعية

بدوره يشير الصحفي عبد الله المنيفي إلى أن ما شجع الحوثي على رفع سقف مطالبه "هي التنازلات المستمرة من قبل الحكومة اليمنية، علاوة على التواطؤ الدولي، والموقف الضاغط على الحكومة لتقديم المزيد من المطالب مقابل التساهل أمام مطالب الحوثي التي تتصاعد".

 

ويؤكد أن الحوثي "لديه مشروع خاص يتطلب المزيد من الشروط المرفوعة السقف، والتي يتم التنسيق لها مع النظام الإيراني، وهو ما تبدى واضحاً من خلال جولة المبعوث الأخيرة إلى طهران أعقبها زيارة ناطق الحوثيين".

 

ويرى، في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن الحوثي يهدف من ذلك إلى "مواجهة السخط الشعبي في مناطق سيطرة مليشياته، وهو السخط الذي يتصاعد مع الممارسات العنصرية والقمعية وأعمال النهب، مع التدهور المعيشي وسيطرة الأسر الحوثية على أهم المناصب".

 

ويضيف: "إذا ما استمرت تنازلات الحكومة اليمنية وتواطؤ المجتمع الدولي مع المليشيا فإن الحوثي سيرفع سقف مطالبه".

 

تنازلات ومعوقات

وبدأت الهدنة المؤقتة في أبريل الماضي، باتفاق الأطراف المتحاربة تحت رعاية الأمم المتحدة على تجميد جميع العمليات العسكرية واستئناف الرحلات الجوية من مطار صنعاء وإليه بمعدل رحلتين أسبوعياً، والسماح بدخول الوقود إلى ميناء الحديدة ومنه إلى مناطق سيطرة الحوثيين، وفتح الطرق المؤدية إلى مدينة تعز.

 

ومُددت الهدنة لشهرين إضافيين من 2 يونيو، انتهت في 2 أغسطس ومُددت للمرة الثالثة لغاية 2 أكتوبر القادم.

 

وقدمت الحكومة كل تلك التنازلات في مقابل التزام جماعة الحوثي بأهم بنود الهدنة المتعلقة بفك الحصار عن مدينة تعز، التي يقطنها ما يزيد على ثلاثة ملايين يمني يعانون حصاراً كاملاً منذ عام 2016.

  

ولم توافق للآن جماعة الحوثي على فتح الطرق الرئيسية المؤدية إلى مدينة تعز وفق بنود اتفاق الهدنة، لكنها فتحت طريقاً برياً ضيقاً لا يصلح لحركة شاحنات النقل الكبيرة، وفق ما تنشره وسائل إعلام محلية.

 

وفي ظل التوترات التي تسود عدداً من دول الشرق الأوسط، والحرب الروسية في أوكرانيا، والتوترات بين الولايات المتحدة والصين، وبؤر توتر أخرى، اتجهت الأطراف الإقليمية والدولية للتخفيف من حدة الصراعات الإقليمية أو الحروب الداخلية كحرب اليمن، للحفاظ على الأمن والسلم الإقليمي في الشرق الأوسط.

 

وستظل الدول الكبرى التي تستهلك كميات هائلة من البترول بحاجة إلى تعزيز أمن الممرين المائيين؛ مضيق هرمز في الخليج العربي وباب المندب في البحر الأحمر، حيث تعتقد تلك الدول أن سيطرة جماعة الحوثي على مقتربات المضيق، من شأنها تهديد حرية حركة التجارة الدولية ومرور الطاقة من دول الخليج المنتجة للنفط إلى الأسواق العالمية، إضافة إلى وقف هجمات الحوثي على السعودية، تفادياً لزيادات غير متوقعة في أسعار النفط بعد الحرب الروسية في أوكرانيا.

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن