خطاب تحريضي وتحركات استفزازية وتعنت.. تطورات خطيرة تهدد بنسف ”اتفاق الرياض“

الثلاثاء 15 ديسمبر-كانون الأول 2020 الساعة 12 صباحاً / مأرب برس ـ خاص
عدد القراءات 7640

”ليس مهما التوقيع.. المهم صدق النوايا“، المقولة الشهيرة للرئيس الراحل علي عبدالله صالح، والتي قالها عقب التوقيع على اتفاق المبادرة الخليجية، وسلم بموجبها السلطة، وهي المقولة التي تتبادر إلى أذهان اليمنيين عند الاعلان عن اي اتفاق يتم التوصل اليه بين الفرقاء في اليمن.

وبعد ‏عام على المماطلة وعدم التنفيذ لاتفاق الرياض الموقع بين الحكومة الشرعية، والمجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم اماراتياً، الذي عرقل التنفيذ، أعلن التحالف، الخميس المنصرم، التوصل لاتفاق لتنفيذ الاتفاق ذاته يبدأ بالشق الأمني والعسكري، يليه الاعلان عن الحكومة الجديدة.

وطوال الأيام الثلاثة الماضية التي أعقبت إعلان التحالف، تواصلت عمليات فصل وانسحاب القوات الحكومية والمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظة أبين، بإشراف لجنة عسكرية سعودية، حيث انسحبت حتى الآن نحو 10 ألوية عسكرية بواقع 5 ألوية لكل طرف، بحسب مصادر عسكرية.

ورافقت عمليات الانسحاب التي أعلن التحالف العربي لدعم الشرعية، على لسان متحدثه الرسمي العميد تركي المالكي، الإثنين، انها تسير حسب ما هو مخطط له، رافقها ”خطاب تحريضي“ لقيادات في المجلس الانتقالي، يعرقل تنفيذ الاتفاق، بتصريحات استفزازية تتعارض مع مبادئ الاتفاق، وتنال من الحكومة الشرعية وجيشها الوطني.

خطاب الانتقالي التحريضي طوال الأيام الثلاثة المنصرمة، أعادت تذكير اليمنيين بمقولة الرئيس صالح، حيث أكد مراقبون لـ”مأرب برس“، ان ”نجاح اتفاق الرياض يتوقف على مدى اقتناع الموقعين عليه بما فيه“.

اتفاق مرحلي

وأعقبت قيادات المجلس اعلان التحالف، بتصريحات تقول بأن "الاتفاق مرحلي"، حيث أكد رئيس وفد المجلس المفاوض، ناصر الخبجي، أن ”المشاركة في الحكومة هو مجرد استحقاق سياسي فرضه اتفاق الرياض“.

وأضاف في تصريح صحفي: ”وهذا الاستحقاق لا يعني أننا تخلينا عن مشروعنا السياسي وهدفنا المتمثل في استعادة استقلال دولة الجنوب كاملة السيادة“.

وأكد ان المشاركة في الحكومة الجديدة مجرد ”خطوة لتحقيق ذلك الهدف الذي ضحى وناضل من أجله شعبنا طويلاً، وهو هدف لن نحيد عنه أبداً“.

واعتبر الخبجي ان المرحلة الراهنة واتفاق الرياض ”محطة محورية على طريق تحقيق هدف شعبنا وتطلعاته المشروعة في استعادة وبناء دولة الجنوب الفيدرالية المستقلة على كامل أراضي الجنوب ما قبل الـ22 من شهر أيار/مايو لعام 1990“.

تعنت في أبين

وبعد ثلاثة أيام من ”الخطاب التحريضي“ الذي لم يتوقف على مختلف الوسائل الاعلامية ومنصات التواصل، واتهام الجيش الوطني بـ”الارهاب“، ترجم ”الانتقالي“ خطابه المعرقل الى واقع عملي، تعثرت بسببه عمليات الانسحاب العسكري في محافظة أبين.

وبحسب مصادر عسكرية فان المجلس الانتقالي الجنوبي، رفض تسليم معسكري الأمن العام، والقوات الخاصة في المركز الإداري للمحافظة "زنجبار".

وأوضحت المصادر، أن المجلس الانتقالي نشر قواته فجر الإثنين في معسكري الأمن العام والقوات الخاصة، رغم الاتفاق على انسحابها، تنفيذا للشق العسكري من اتفاق الرياض.

مايريده المُحرك الخارجي

الباحث العسكري والخبير الاستراتيجي، الدكتور علي الذهب، أكد ان المجلس الانتقالي الجنوبي لن يلتزم بتنفيذ الشق الأمني والعسكري لاتفاق الرياض، مبينا أن "تطبيق الشق العسكري تطبيقاً كلياً وليس جزئياً هو أمر غير ممكن بالفعل، ذلك لأن أهداف الانتقالي واضحة، وأهداف محركيه الخارجيين واضحة أيضاً ".

وقال الذهب: ”لايوجد مستحيل بالنسبة لتطبيق الشق الأمني والعسكري ، ولكن المقدمات تشير إلى النهايات، أي أنه لايوجد نية صادقة لدى المجلس الانتقالي للانخراط في العملية السلمية، وهو مايعزز احتمالات تعثر هذه الإجراءات“.

ولفت الى أن الشق العسكري لايقتصر على سحب القوات من مناطق التماس، فهذه مفردة واحدة من مصفوفة الشق العسكري، فهناك مثلاً تجميع الأسلحة في المعسكرات الموجودة في عدن في معسكر واحد، وتجميع القوات ونقلها الى الجبهات للمشاركة في العمليات ضد جماعة الحوثي المدعومة ايرانياً.

كما يتضمن الشق العسكري، إدخال لواء عسكري خاص بحماية الرئاسة بحيث يعود رئيس الجمهورية إلى عدن، ليلتقي بالحكومة والتي تقوم خلال شهر بأداء اليمين الدستورية، وهذه الأمر بحسب الذهب من غير الممكن حدوثه خلال شهر واحد إذا مضت عملية التنفيذ قدماً.

وقال إن اشكالية أخرى فيما يتعلق بالقوات التي يفترض أن تحل محل القوات المنسحبة بعد تنفيذ الخطوة، حيث جرى تسميتها في نص الاتفاق “القوات المحلية” بشكل غامض دون أن يعطي تفسيراً واضحاً حول هذه القوات ومن هي ومن أين يتم جلبها ومن تتبع.

وهو الإشكال ذاته بحسب الذهب، الذي حدث في اتفاق ستوكهولم بشأن الحديدة، ودفع الأمر بالحوثيين لانتحال صفة القوات المحلية بما ينهي الأمر الى استلامهم المناطق المتفق على انسحاب الطرفين منها، وهو مايخطط المجلس الانتقالي لتكراره في خطوات تنفيذ الشق العسكري.

استفزازات اماراتية

وتزامن الخطاب التحريض، مع تحركات اماراتية استفزازية تنال من سيادة اليمن، حيث كشف مصدر حكومي عن وصول ضباط وخبراء أجانب إلى جزيرة أرخبيل سقطرى أرسلتهم الإمارات في محاولة جديدة لتعزيز سيطرتها على الجزيرة بعد تشكيل الحكومة الجديدة.

ونقلت قناة الجزيرة عن المصدر قوله، إن "الإمارات أرسلت إلى سقطرى 25 ضابطا و15 خبيرا أجنبيا لتعزيز وجودها في الأرخبيل"، مشيرا إلى استمرار الإمارات في بناء قواعد عسكرية في سقطرى، كما تعمل على نقل معدات عسكرية بموافقة وتواطؤ من القوات السعودية المتواجدة في الجزيرة.

ولفت إلى رصد تحركات إماراتية واسعة لشراء منازل ومزارع من المواطنين في مناطق إستراتيجية وهامة في سقطرى، مؤكدا إن ”ضغوطا سياسية مارستها الإمارات على بعض أعضاء مجلس النواب لتعطيل مساءلة برلمانية للحكومة حول بناء قواعد عسكرية إماراتية في سقطرى“.

بدوره، قال عضو البرلمان علي عشال، الاثنين، إن ”جزيرة أرخبيل سقطرى الخاضعة لسيطرة مليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا تنسل من بين يدي سلطات الدولة قطرة قطرة“.

وأضاف عشال في تدوينة على ”فيسبوك“، رصدها ”مأرب برس“: "التزم رعاة اتفاق الرياض أن تُلغى أي استحداثات عسكرية في سقطرى وأن تعود السلطات المحلية لمزاولة عملها قبل أي حديث عن الحكومة الجديدة".

وتابع: "فجأة يسود بشأنها صمت عجيب ويتبخر هذا الالتزام بشكل مريب"، مستدركا بالقول "حاولنا أن نحسن الظن فتبدى لنا غير ذلك".

اجمالا، يظل اتفاق الرياض الموقع بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي نقطة تحول ومحطة فارقة من محطات التسوية المستقبلية للازمة اليمنية خاصة وان الاتفاق حال نجاح تنفيذه سيعمل على استعادة الدولة في الجنوب، تمهيداً لتسوية اشمل وأعم تستعيد من خلالها الدولة اليمنية مؤسساتها وقوتها.

اكثر خبر قراءة أخبار اليمن