صحافي اختطفته المليشيات وعذبته قرابة 11شهرا حتى الموت .. قصة إجرام حوثي

الخميس 13 فبراير-شباط 2020 الساعة 09 صباحاً / مأرب برس - متابعات
عدد القراءات 1927

غادر الصحفي أنور الركن مقر إقامته في صنعاء متوجهاً إلى قريته بمنطقة الراهدة جنوب تعز، إلا أنه رحلته تلك أخذت قرابة عام كامل لتكون هي الفصل الأخير والأكثر مأساوية في حياته.

منظمة "سام" للدفاع عن حقوق الإنسان في أحدث تقرير لها حول التعذيب الذي يتلقاه المحتجزون في سجن الصالح التابع لجماعة الحوثيين، نقلت عن أحد أقارب الصحفي أنور الركن أنه "اختفى من الطريق، فمكثنا نبحث عنه ولم نجده لمدة عشرة أشهر".

في أحد الأيام ذهب أحد معارف عائلة الركن إلى "سجن الصالح للمتابعة بشأن محتجز آخر في السجن، بالصدفة شاهد أنور في أحد أقسام السجن، وكان جسمه هزيلاً". يضيف قريب الركن، أنهم تواصلوا وذهبوا إلى سجن الصالح "وتابعنا حتى أفرج عنه الحوثيون بحالة سيئة".

لم تكد عائلته تفرح بعودته، بالسلامة، حتى فارق الحياة في الثاني من يوليو 2018 بعد ثلاثة أيام فقط من خروجه من سجن الحوثيين. تعرض الصحفي في سجن الصالح بتعز، لأنواع بشعة من التعذيب على أيدي قيادات وعناصر الحوثيين، "تم حقن أنور بمادة الأسيد في دمه، وخلال يومين ساءت حالته الصحية فكان لا يقدر على الكلام ولا يستطيع شرب الماء" حسب التقرير. حاولت عائلته نقله إلى إحدى العيادات في المنطقة، لكن الطبيب أبلغهم أن جسم أنور لا يتقبل العلاج.

تقول منظمة "سام"، في تقريرها الأخير، إن جماعة الحوثيين حولت سجن مدينة الصالح التي كانت فيما مضى حلماً للعزاب من الشباب، إلى سجون سرية تمارس فيها أبشع أنواع التعذيب. وعرضت المنظمة في تقريرها قصة الركن وشهادة قريبة، لتدلل على حجم التعذيب والممارسات البشعة التي ارتكبها الحوثيون بحق المختطفين في سجن الصالح.

بدر شقيق الصحفي

في العاشر من يوليو 2016، اعتقلت مليشيا الحوثي الشاب بدر سلطان محمد (18 عاماً). يقول شقيقه الصحفي فهد سلطان، إن بدر "سافر إلى صنعاء لحضور دورة تدريبية نظمتها منظمة مجتمع مدني، والتقط صورة تذكارية على هامش الدورة مع قيادي في حزب المؤتمر الشعبي الذي كان حينها حليفاً لمليشيا الحوثي، ومن خلال تلك الصورة تمكن عناصر أمن تابعين للحوثي من الإمساك به، وسجنه".

وأضاف فهد في الرواية التي نقلتها عنه "سام" أنه "منذ ذلك الوقت نقلوا (شقيقه) بين عدد من المعتقلات في صنعاء كان أولها سجن البحث الجنائي وآخرها سجن الثورة ". في نوفمبر العام الماضي2019، نقل الحوثيون شقيقه إلى سجن مدينة الصالح. يتابع الزميل فهد، " تعرض بدر لتعذيب شديد في المعتقلات التي مر عليها، ولكن زاد التعذيب بشكل رهيب في "سجن الصالح".

تمنع مليشيات الحوثي، ذوي المختطفين من زيارتهم، وتمنع المختطفين، حتى من التواصل مع ذويهم عبر الهاتف، يؤكد فهد سلطان ذلك بالقول "كانت الزيارة ممكنةً في صنعاء، وكان بإمكان إخوانه مقابلته ومصافحته، وعند وصوله إلى تعز أصبحت الزيارة متعبة، والإلتقاء به مستحيلاً، وإذا تمت، يشاهدونه من على بعد خمسة أمتار لا يستطيعون الحديث إلى بعض، بينهم سياج حديدي إضافة إلى أن الجنود يمنعونهم من الحديث". بدر يبلغ اليوم من العمر 22 عاماً، حيث مر على اختطافه أربع سنوات، تعرض فيها للتعذيب الجسدي والنفسي، وما زال يتعرض لها اليوم في سجن مدينة الصالح، أكثر السجون بشاعة وانتهاكات وفق منظمة سام للحقوق والحريات.

هذه قصتي في سجن الصالح يحكي الصحفي تيسير السامعي، قصته في سجن الصالح قائلاً "هذا السجن سيء للغاية، أغلب الذين اعتقلوا في تعز يتم ترحيلهم إلى هذا السجن، الذي كان عبارة عن مدينة سكنية قبل تحويله من قبل الحوثيين إلى سجون خاصة". ويضيف لـ"سام": "يفتقر السجن إلى أبسط المقومات الإنسانية، لا فرش ولا أغطية فمعظم المعتقلين ينامون على البلاط، وإذا ما حصلوا على بطانية فهي صغيرة وقذرة للغاية، أغلق الحوثيون شبابيك السجن ولم يتركوا في الشباك غير فتحة صغيرة، وبالنسبة للصرف الصحي فهو سيء للغاية وقد تفشت حشرات معدية مثل "الكتن والقمل" بشكل فظيع جداً، كما أن النظافة لغرف السجن لا تتم، ولا يسمح الحوثيون للسجناء بالنظافة ولا يوفرون لهم أدواتها".

وعن الطعام، يقول السامعي، "يقدم للسجناء طعام قليل وسيء جداً، ولا يسمح بإدخال الطعام للسجين من ذويه، تشعر بالجوع داخل السجن ولا تجد ما تأكله، العناية الصحية أيضاً منعدمة تماما، فإذا ما حدث للسجين أي طارئ لا يجد من يعالجه". ويشير إلى الطبيب الذي وفره الحوثيون للمختطفين في سجن الصالح "هناك شخص يزعم أنه مساعد طبيب وهو لا يفقه بالطب وإذا حضر إلى المريض لا يعطيه غير المهدئات البسيطة بعد معاناة شديدة، هنالك تعمد في إذلال السجناء وإهانتهم خصوصاً السجناء من أبناء تعز".

ويشرح الصحفي السامعي التجربة القاسية التي عاشها في هذا السجن لأكثر من خمسة أشهر في العام 2017 وما سمعه من شهادات لبقية المحتجزين فيه بالقول: "التحقيقات غالباً يتخللها تعذيب وممارسات غير أخلاقية، فقد عايشت سجناء واستمعت لمعاناتهم فبعضهم تعرض للتعذيب والإهانة والبعض تعرض للتحرش الجنسي وأشياء فظيعةٍ جداً". وكان السامعي قد أفرج عنه في صفقة تبادل أسرى بين القوات الحكومية والمليشيات الحوثية، فيما ينتظر المئات من المختطفين الدور للإفراج عنهم.