ما مدى تأثير حرب اليمن على تصدير السلاح الأوروبي لدول لخليج؟

الأحد 12 مايو 2019 الساعة 02 مساءً / مأرب برس- Dw
عدد القراءات 2118


 

من يستمع إلى السجال في ألمانيا حول وقف تصدير الأسلحة إلى السعودية، يتولد لديه انطباع بأن حرب اليمن قد تكون السبب في تقليص تصدير السلاح الأوروبي إلى الخليج. لكن ما هي الحقيقة وما مدى صحة هذا الانطباع؟

رغم الضغوط الشعبية المتزايدة على حكومات دول أوروبية كبيرة مصدرة للسلاح بشأن حظر تصدير السلاح إلى الدول المتورطة في حرب اليمن، فإن حكومات دول مثل فرنسا وبريطانيا لا تظهر أي استعداد للتجاوب مع تلك الضغوط وتعتبر الحفاظ على الوظائف ودعم صناعات السلاح وتكنولوجيا الدفاع أولوية تتصدر جدول أعمالها أكثر من الالتزام الأخلاقي الذي يدعو إليه المجتمع.


بيد أن الأمر يبدو مختلفا نوعا ما في المانيا بحكم طبيعة التحالف الحاكم الذي يتألف من المحافظين بقيادة المستشارة ميركل والاشتراكيين الذين فرضوا فقرة واضحة في اتفاقية التحالف تنص على حظر تصدير السلاح إلى دول متورطة في حرب اليمن، بسبب استخدام السلاح الأوروبي في قتل المدنيين أو مهاجمة مستشفيات أو مدارس وغيرها من المنشآت المدنية في بلد فقير مثل اليمن. فالمحافظون يميلون إلى مواصلة تصدير السلاح إلى شركاء مهمين مثل السعودية ودولة الإمارات، علي عكس حلفائهم الاشتراكيين الذين يرون مسؤولية أخلاقية إزاء المدنيين في اليمن.
لكن ورغم كل ذلك يبدو مستبعداً أن تتسبب الحرب في اليمن بتغيير جذري في سياسات الاتحاد الأوروبي المتعلقة بمبيعات السلاح إلى السعودية في الوقت الراهن رغم ازدياد الضغوط الشعبية على حكومات دوله لتجميدها. ويخوض التحالف العسكري بقيادة الرياض حربا في اليمن ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في نزاع خلّف عشرات آلاف القتلى، كثير منهم مدنيون، وتسبب بما وصفتها الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية في العالم.
كما توجهت الأنظار بشكل أكبر إلى سلوك السعودية بعد مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في اسطنبول العام الماضي، في جريمة تصر الرياض على أن لا دور لها فيها.

ولكن في دول على غرار بريطانيا وفرنسا، تعد عمليات إيصال السلاح إلى السعودية وشريكتها الأبرز -- الإمارات العربية المتحدة -- في غاية الأهمية لمواصلة التأثير العسكري والمحافظة على آلاف الوظائف. وكان من المنتظر أن يتم ايصال شحنة جديدة من الأسلحة الفرنسية إلى سفينة "بحري ينبع" السعودية في ميناء لو هافر الفرنسي. لكن مصدرا أفاد الجمعة أن السفينة لن ترسو في الميناء رغم أنها رست قبالته لأيام وتحركت نحو اسبانيا. ويأتي التغيير في الخطة في أعقاب احتجاجات على تسليم الأسلحة للرياض، حيث سعت جماعتان حقوقيتان إلى منع شحن السفينة بالسلاح عبر دعوى قضائية رفضت لاحقا من قبل محكمة في باريس.
وقال أيمريك إلوين من منظمة العفو الدولية في فرنسا "من الواضح أنه حصل شرخ جرّاء الحرب في اليمن. كان هناك وعي منذ مدة في ألمانيا وبلجيكا وبريطانيا وإيطاليا. أما في فرنسا، فإنه أمر جديد". وأوصلت باريس أسلحة بقيمة نحو 1,38 مليار يورو (1,5 مليار دولار) إلى الرياض عام 2017، ما جعلها ثاني أكبر زبون لفرنسا في هذا القطاع بعد مصر.
ويوم الخميس (08 مايو/ أيار)، دافع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عن مبيعات الأسلحة واصفا الرياض وأبوظبي بالحليفتين في الحرب على الإرهاب ومشيرا إلى أن باريس حصلت على ضمانات بأنه لن يتم استخدامها ضد المدنيين. لكن إلوين قلل من أهمية هذه التطمينات قائلا "لا يكفي القول "لدي ضمانات"، يجب أن نراها. وفي الوقت نفسه، يجب أن يتم توضيح الكيفية التي تحارب من خلالها السعودية الإرهاب في اليمن".
بدوره، أوضح الباحث من "مرصد التسلّح" في فرنسا طوني فورتن، أن الوضع الحالي هو ثمرة سنوات من السرية. وقال "ما نراه اليوم هو أن عدم وجود الشفافية هذا يرتد علينا ويتسبب بكوارث على غرار تلك التي في اليمن".

وتندرج مواقف الدول التي تصدر السلاح ضمن الاتحاد الأوروبي على النحو الآتي:
ـ تحدت برلين معارضة حلفائها في الاتحاد الأوروبي فكانت القوة الكبرى الوحيدة التي فرضت حظرا على صادراتها من الأسلحة إلى السعودية غداة أزمة خاشقجي. وفي آذار/مارس، أعلنت تمديد الحظر حتى 30 أيلول/ سبتمبر.

مواضيع

المهاجرون في ألمانيا

الطعام الحلال

منطقة الخليج

بي ام دبليو

السينما الألمانية

الإمارات العربية المتحدة

ألمانيا

تعرّف على ألمانيـا

مؤسسة فريدريش إيبرت


ـ سرّب موقع "ديسكلوز" الاستقصائي الفرنسي رسالة عسكرية سريّة الشهر الماضي تفصّل استخدام الدبابات والمدفعية الفرنسية في الحرب اليمنية. وأكّدت وزيرة الدفاع فلورانس بارلي لاحقا خطة تسليم شحنة الأسلحة في لو هافر إلى السعودية، مثيرة غضب المعارضة عبر إعلانها "عدم وجود إثباتات" على تسبب الأسلحة الفرنسية بسقوط ضحايا في اليمن.
ـ تشكل بريطانيا مصدرا لـ 23 بالمئة من الأسلحة التي تستوردها السعودية. والعام الماضي، تم التوقيع على طلب أولّي بمليارات عدة من الجنيه الاسترليني لشراء السعودية 48 مقاتلة من طراز "يوروفايتر تايفون". ووافقت بريطانيا على بيع أسلحة بقيمة خمسة مليارات جنيه إسترليني (6,5 مليارات دولار) للسعودية منذ بدأت حملة المملكة في اليمن عام 2015، بحسب أرقام حكومية حللتها مجموعة "الحملة ضد تجارة السلاح" المناهضة للحروب.
ـ صدّرت إسبانيا أسلحة بقيمة 496 مليون يورو (557 مليون دولار) إلى السعودية عام 2017. وتعرضت حكومة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز الاشتراكي العام الماضي لانتقادات من حزب "بوديموس" اليساري المتحالف معه لإبقائها طلبا لبيع 400 قنبلة موجهة بالليزر للمملكة. وضغط حزب "بوديموس" كذلك على سانشيز بشأن عقد بقيمة 1,8 مليار يورو (ملياري دولار) لتصنيع خمس سفن حربية للسعودية، دافع عنه رئيس الوزراء.
وقال النائب جاك مير من حزب الرئيس الفرنسي "هناك قلق متزايد بشأن هذه المسائل". وأضاف "في نهاية المطاف، تعود الكلمة الفصل في كل البلدان للسلطات التنفيذية".
من جهته، أقر الباحث لدى "مجموعة الأبحاث والمعلومات المرتبطة بالسلم والأمن (غريب)" في بروكسل دوني جاكمان، بأن الرأي العام "يتعب سريعا" مشيرا إلى أن "القيام بحملة بناءة على (حرب) اليمن هو أمر معقد". وتضغط مجموعة "غريب" لتأسيس هيئة رقابية أوروبية لتنظيم بيع السلاح. وتؤكد أن قادة الاتحاد الأوروبي تبنوا عام 2008 موقفا مشتركا حدد "معايير" في هذا الشأن، لكن بحسب جاكمان، "لدى كل دولة للأسف تفسيرها وبإمكانها رفع سقف ما هو مقبول".(أ.ف.ب)