اليمن بدون متاحف.. وآثار اليمنيين في متاحف العالم
منصور الجرادي وفواز غانم

يقال أن اليمن متحف مفتوح وهذه حقيقة دامغة ومشاهدة ولا يستطيع احد أن ينكرها، فاليمن فعلاً متحف كبير مفتوح للجميع، ولا يكاد يخلو موقع أو منطقة في اليمن من تأريخ محكي أو آثار مطمورة أو حضارة ازدهرت وبنيت.

لكن أن تكون هذه الحضارة مفتوحة على مصراعيها لتجار ومافيا الآثار وضعاف النفوس، والمتاجرين بتاريخ البلاد، فهذا ما لا نريده ، ولا نريد أن تكون معه اليمن متحفاً مفتوحاً كما يقولون، إذ يفترض أن يكون في اليمن اثنان وعشرون متحفا على الأقل للحفاظ على آثار البلاد من الضياع.

لكن في حقيقة الأمر أن المتاحف الموجودة على استحياء في بعض عواصم محافظات المدن الرئيسية في اليمن لا تلبي الاحتياج الحقيقي للحفاظ على آثار بلد عريق مثل اليمن، حضارته ضاربة في التاريخ، وأرضه مهد لحضارات أسست لموطن الإنسان والبشرية على هذه الأرض، ولا صالحة لعرضها أمام الجمهور ما يؤدي إلى تعرضها إلى الاندثار أو التهريب والسرقة كل يوم .

وإذا تساءلنا عن وجود متحف خاص لترميم التحف الأثرية والحفاظ عليها من عوامل التعرية والزمن، وإعادة تأهيلها بالشكل المطلوب علميا فان الإجابة ستكون النفي بالطبع، لأن المتحف الخاص بالعرض لم يوجد بعد، فكيف بالمتاحف العلمية التي تحافظ على هذه الآثار وتعالجها، والتي تحتاج إلى مئات الملايين من الدولارات لإنشائها وتأهيل كوادر خاصة للعمل فيها.

في اليمن بدأ الاهتمام بإنشاء المتاحف منذ وقت مبكر نوعاً ما، حيث تأسس متحف عدن في العام 1930م كأقدم متحف يمني، وبعد حوالي أربعين سنة تقريبا أنشئ المتحف الوطني بصنعاء، وتوالت عملية إنشاء المتاحف الوطنية والموروث الشعبي في بعض المحافظات.

لكن في الواقع أن هذه المتاحف لا تلبي الاحتياج الفعلي لليمن الذي مساحته أكثر من 555 ألف كيلو متر مربع وعدد سكانه يزيد على الـ 21 مليون نسمة، ومحافظاته 21 محافظة تتبعها مئات المدن والقرى.

في المقابل نجد اهتماماً متزايداً للمؤسسات العلمية والمتاحف العالمية باقتناء الآثار والنقوش اليمنية منذ بدء الرحلات الاستكشافية في القرن الثامن عشر، ثم بتنظيم رحلات البعثات العلمية والآثارية إلى اليمن لجلب الآثار.

 وزادت عملية جمع واقتناء الآثار في العصر الحديث، وذلك خلال الوجود التركي والاستعمار البريطاني والحكم الإمامي ما شجع عملية بيع وتهريب الآثار للخارج، وباتت آثار اليمن معروضة في كثير من متاحف العالم في كل القارات.

 ويشير الدكتور أحمد أحمد باطائع والدكتور محمد بافقيه في أحد مؤلفاتهما إلى أنه نتيجة لانتشار مناطق الآثار في اليمن شجع ذلك شبكات تجميع الآثار التي عملت على جمع ونقل الآثار إلى عدن حيث يوجد تجار وسماسرة الآثار، ولكثرة الطلب عرفت عملية تزوير القطع الأثرية والتي لا يلاحظها التجار أو بحارة السفن المارة بميناء عدن، والذين يقومون بنقلها إلى بلدانهم وبيعها هناك.

ويضيف الدكتور محمد بافقيه في مؤلفه المستشرقون وآثار اليمن - 1988م " لهذا نجد الآن كميات كبيرة من النقوش والقطع الأثرية في حوزة المتاحف العالمية ولدى أرباب المجموعات الأثرية الخاصة".

ويسرد بافقيه هذه المتاحف التي منها :" متحف بومباي (الهند)، ومتحف هامبورج (ألمانيا)، ومتحف اسطنبول (تركيا)، والمتحف البريطاني بلندن (بريطانيا)، والمتحف الأشمولي أكسفورد (بريطانيا)، ومتحف اللوفر (فرنسا)، والمتحف الوطني في روما (ايطاليا)، ومتحف فينا (النمسا)، ومتحف برلين (المانيا)، ومتحف برمنجهام (بريطانيا)، ومتحف جامعة كامبردج (بريطانيا)، ومتحف فيتزوليم كامبردج (بريطانيا)، ومتحف الايرميتاج ليننجراد (روسيا)، ومتحف مانشستر (بريطانيا)، ومتحف بنسلفانيا (الولايات المتحدة الأمريكية)، ومجموعة دمبرتون أواكس في واشنطن (أمريكا) وغيرها.

أما الأثار التي تمثل المجموعات الخاصة والمتواجدة في عهد أشخاص في الخارج فهي: مجموعة برنارد كاسل درهام (بريطانيا) ، ومجموعة ايفرسون - ليتمن (اسمرا)، ومجموعة ايبيسكوبي (قبرص)، ومجموعة كالبيجان (باريس)، وغيرها.. ناهيك عن الآثار المهربة والتي يتاجر بها هذه الأيام حتى أصبحت آثار اليمن تبحث عبر (الانتربول)، وعبر أكثر من وسيلة.

الآثار اليمنية بين التخريب والتهريب

وفي الوقت الذي تتعرض له مئات من القطع الأثرية لجرائم موجهة ضد التاريخ والتراث والهوية الوطنية اليمنية من قبل عصابات النهب والسرقة والتهريب والاتجار بها نتيجة غياب الرقيب والاهتمام بها من قبل الهيئة العامة والجهات المسؤولة في الحكومة.. اتضح لنا بأن هناك عشرات الآلاف من القطع الأثرية داخل المتاحف اليمنية التي تمثل هوية وحضارة اليمن، تعاني من الانقراض والتآكل والدمار في ما يسمى بمتاحف أثرية لا نعرف خصصت لحمايتها من الاندثار أم للقضاء عليها بصمت وبطء..؟!!

أحمد شجاع مدير إدارة المقتنيات والمتاحف في الهيئة العامة للآثار تحدث لـ "الغد" في هذا الجانب متأسفاً عن الحالة التي تعيشها الآثار اليمنية.. وقال: غياب الأرشفة والتنصنيف والتوثيق لعشرات الآلاف من القطع الأثرية في المتاحف اليمنية هو أمر خطير ينذر بكارثة أخرى إلى جانب قضية التهريب".

وأكد على أن الإهمال والتسيب في أكثر من 18 متحفاً في مناطق محافظات الجمهورية هو سيد الموقف الذي يلاحظه عند كل زيارة خاصة لهذه المتاحف، حيث الحشرات والأتربة التي تؤدي إلى إتلاف القطع الأثرية في مبان وغرف قديمة أطلق عليها متاحف، يوجد فيها قطع أثرية بعضها يحتاج حارس واحد أمام بوابتها يحرس ما تبقى من القطع الأثرية من السرقة..!!

وأكد شجاع بأن بعض القطع الأثرية في هذه المتاحف على وشك الانقراض وقد أتلفت نهائياً من قبل الحشرات والأتربة التي تغطي بعض تلك المتاحف، مشيراً إلى أن القطع الأثرية في المتحف الوطني بصنعاء التي يبلغ عددها أكثر من 75 ألف قطعة يعود تاريخها إلى عصور تاريخية يمنية سحيقة داخل المتحف تعاني من التآكل والرواسب والفطريات بسبب المؤثرات الطبيعية والبشرية، وهي بحاجة إلى علاج معملي سريع.

وأضاف أحمد شجاع بأن غياب إحصائية رسمية للمتاحف في مناطق المحافظات وغياب التصنيف والأرشفة وعدم وجود الحراسة قد تسمح بخروج العديد من القطع الأثرية وبيعها على سماسرة تجار الآثار.

وبين في هذا السياق أنه قام بإعداد تقرير حصري للمتاحف، تناول فيه عدداً من المتاحف التي يتوافد إليها الزوار والتي بلغت ثمانية عشر متحفاً، وجد بأنها متاحف مهملة بلا رقابة.. وأضاف بأن عدد المتاحف التي هي قيد الإنشاء ثمانية متاحف لم يتم استكمالها، منها متحف "الحديدة" الذي بدأ البناء فيه منذ أكثر من عشر سنوات، ولم يكتمل، وتخوض الهيئة الآن قضية ومشارعة مع المقاولين لازالت قائمة حتى الآن، وكذلك متحف زنجبار ومتحف حضرموت والمحويت لم يتم افتتاحها إلى اليوم.

وذكر بأنه اقترح في التقرير الميداني الذي أعده بطريقة شخصية أن يتم إنشاء متحف في محافظة الجوف، باعتبارها محافظة غنية بالآثار، وكذلك متحف في محافظة مأرب.

في جزر أرخبيل سقطرى حكايات عجيبة، عن الآثار وهيئتها، فحين تم تعيين أحد أبناء سقطرى كمدير لفرع الهيئة العامة للآثار ظل الباب مغلقاً لا يفتح، وحين تم تعيين مدير جديد من صنعاء رفضه المجلس المحلي، رغم المذكرات والأوامر إلا أن الرجل قضى تعيينه ما بين صنعاء وحضرموت وسقطرى "كمشارع"، ومن ثم اختيار شخصية جديدة لمكتب الهيئة بسقطرى، وحتى اللحظة ما يزال المكتب مغلقاً لا يفتح، وربما يكون مجرد جدار مرسوم عليه صورة باب وقفل..!!

مؤخرا تكفل أحد أبناء سقطرى المغتربين في سلطنة عمان بعمل متحف خاص به في منطقة "جالة" وستظل الهيئة العامة للآثار والمتاحف مجرد كومبارس على الرغم من أنها قامت بعملية نزول وبحث وتنقيب عن الآثار.

الزائر لمقر مكتب الهيئة في سقطرى يرثي لحاله فليس به من الأثاث سوى كرسي واحد، ولا نعرف هل كان هناك أثاث، وهل تهرب آثار سقطرى أم لا ؟!!

فالحقيقة أن مكتب فرع الهيئة في موت سريري وخارج نطاق الدوام، الأمر الذي يشعرنا بالأسى على قفله الذي عطب من الصدأ, والأسف على آثار جزيرة تعد من اندر جزر العالم طبيعيا وموروثا وتاريخا.

أما في محافظة عدن حيث التاريخ الملون والمشكل بحضارات كثيرة كالفارسية والهندية والانجليزية واليمنيين القداما، فإنه يوجد العديد من المواقع الأثرية والتاريخية وهناك العديد من الاكتشافات للمئات من القطع الأثرية التي تتمثل في ألواح وتماثيل رخامية ونقوش وعملات ذهبية وفضية وغيرها من القطع المهمة، لذلك فمحافظة عدن تحتاج إلى أكثر من المتاحف للاحتفاظ بتلك التحف الأثرية والمخطوطات، فمتحف واحد لا يكفي.

الدكتورة رجاء باطويل مديرة الهيئة العامة للآثار والمتحف الوطني بمحافظة عدن

قالت": افتتح المتحف الوطني للآثار بعدن في عام 1930م ويحتوي على العديد من القطع الأثرية التاريخية تتمثل في ألواح وتماثيل رخامية ونقوش وعملات ذهبية وفضية وبرونزية وتماثيل أخرى من البرونز بالإضافة إلى قطع أثرية تخص (عشيرة ملوك أوسان) والتي غادرت المتحف للمشاركة في المعرض الدولي في باريس تحديدا في معهد العالم العربي عام 1997م وجابت تقريبا معظم الدول الأوربية خلال فترة ثمان سنوات ثم عادت هذه القطع إلي صنعاء عام 2005م وتعثر وصولها إلى عروشها الأصلية في القاعة الكبرى في المتحف الوطني للآثار بكريتر، بالرغم من المذكرات من قيادة المحافظة للجهات المختصة لإعادة تلك القطع.

وتوضح الدكتورة رجاء أن أهم القطع الأثرية الأخرى التي يحويها المتحف هي (الالهة ذات حميمو) كما يحتوي على عدد من قطع الحلي والفضة النادرة والأحجار الكريمة وبعض الأدوات والآلات المختلفة والأغراض الجلدية والخشبية والفخارية والأزياء الشعبية اليمنية النادرة والأسلحة التقليدية كالرماح وصك من العملات ونماذج أخرى في عدن خلال فترة الرخاء والازدهار.

وتضيف الدكتورة رجاء كما يضم المتحف أيضا بعض القطع المهداة والمشتراة من بعض (هواة وجامعي التحف) وكان ذلك بعد الاستقلال بالإضافة إلى بعض الشخصيات الاعتبارية التي قامت بإهداء المتاحف ببعض القطع القيمة وكان ذلك في بداية الثمانينات، موضحة أن جميع تلك المصادر موثقة ومسجلة في السجلات المتحفية ويعود أقدم توثيق وتسجيل إلى عام 1938م.

غياب التأهيل للمتحف

لكن باطويل تؤكد على أهمية أن تولي الجهات المختصة عملية إعادة تأهيل المتاحف بكادرها وبناها التحتية وترميم وصيانة المتاحف لتصبح مصدر جذب سياحي ورافدا لاقتصاد الدولة اهتمامها الخاص، بالإضافة إلى إعادة القطع المشاركة في المعارض الدولية والتي عادت إلى ارض الوطن.

 

 

صهاريج عدن

ويؤكد هادي أنور أحد موظفي منتدى صهاريج عدن بأن متحفاً واحداً لا يكفي، لحصر موروث وتاريخ محافظة مثل عدن، ويجب إن يكون في محافظة عدن أكثر من متحف لان هناك الكثير من التحف الأثرية القديمة والقيمة والهادفة والتي لا توجد مثلها في المحافظات أو حتى في الدول العربية، ويجب الخوف عليها من الضياع أو السرقة ويتم الحفاظ عليها في (أم العين)، فهذه التحف تعود إلى فترات قديمة ومختلفة تتحدث عن مسلسل علمي منها ما هو يمني أصيل ومنها ما تأثر بعلاقة بلادنا مع القرن الأفريقي حتى وصل إلي جزيرة (بريليوس) اليونانية وحضارة الهند والصين والفرس واليهود وغيره.

ليس الحال كله واحداً، ففي محافظة مثل الضالع سنجد الغرائب عن قصص المتاحف وآثار المحافظة التي لا احد يعرف كيف تستخرج وأين تعرض؟!!

ففي العام 1983 افتتح علي عنتر مبنى متحف الضالع الوطني الذي كان يضم الموروثات الشعبية للتاريخ والآثار التي تحكي أصالة العمق الحضاري للمنطقة.

كما كان يضم الملابس والأسلحة (البنادق) الخاصة بالثوار، ولديه جناح للحلي والمقتنيات الأثرية، وجناح آخر يضم الآثار والنقوش الخاصة بالمنطقة وتعود إلى تاريخ الحضارة الحميرية.. كما يحتوي المتحف على صور الشهداء والمناضلين في ثورة 14 أكتوبر، وخصوصاً ثوار جبهة الضالع.

وكان الهدف من إنشاء المتحف شرح مفصل للحياة التاريخية والنضالية للضالع.

متحف الضالع الوطني يقع في قلب مدينة الضالع، ويتألف من طابق واحد، ضاع وسط المباني المجاورة، كما أن الأرضية الواقعة أمامه معرضة للاستحواذ عليها من قبل تجار وهو ما يعني خنق المتحف.

الحاج محسن، حارس المتحف قال لـ "الغد" إن الأرضية ملك للأوقاف، وان أحد التجار يبذل كل جهده للاستحواذ عليها رغم صدور حكم المحكمة العليا ببطلان الحكم الاستئنافي الصادر لذلك التاجر، وأعيدت القضية إلى المحكمة الابتدائية للفصل فيها.. وأكد أن ذلك التاجر يستعين بطابور طويل من سماسرة الأراضي لامتلاك الأرضية.

وقال:" أوقفنا قبل أيام إجراءات مكتب أوقاف الضالع بمنحه عقد الإيجار حتى يتم الفصل فيها، مشيراً إلى أن الأرضية ملك الوقف والمتحف أحق بها حتى لا تغلق الطريق إلى المتحف.. مؤكداً أن تلك القضية من أهم المشاكل التي تؤرق إدارة المتحف.

نهب المتحف

تعرض متحف الضالع الوطني للنهب إبان حرب 94، وتشير المعلومات إلى أن الحلي والملابس الشعبية وبنادق الثوار تعرضت للنهب، فيما الآثار التاريخية لم يطلها الناهبون.. حتى (جنبية) الشهيد عبدالدائم التي غرسها الشهيد في صدر الحاكم البريطاني بالضالع (سيجر) كانت ضمن المنهوبات.

وكأن الناهبين تعمدوا طمس محطة نضالية لجبهة الضالع ضد المحتل البريطاني الغاشم.

ملكة الضالع

ظل تمثال ملكة الضالع في المتاحف الأوروبية احد عشر عاماً، وعاد مطلع هذا العام إلى مدينة عدن، وما يزال في المتحف الوطني بعدن إذ لم يتم إعادته إلى متحف الضالع حتى يتم تأمين عودته وحمايته.

وتشير المصادر التاريخية إلى أن التمثال لسيدة الضالع، ويرى المهتمون بالتاريخ أن الشواهد التاريخية تشير باتجاه الأميرة الحميرية الضالعية (أخلة) إلى منطقة (خلة) بالحصين، التي تبعد عن مدينة الضالع بـ 20 كيلو متر تقريباً.

ويقل الاهتمام بالتاريخ وبزيارة المتحف من قبل المدينة ووافديها والمشغولين بالسياسة والقات.. ويفيد الكثيرون ممن التقيناهم أن المتحف في الماضي كان قبلة للزوار والسياح، والآن لا شيء في المتحف يجبر الناس على الزيارة، كما أن الجهات المعنية تتناسى تنظيم فعاليات وزيارات للوافدين وللسياح.

وكما يؤكد كثير من المهتمين، فإن للمنطقة آثاراً تاريخية يحتفظ بها المواطنون في صناديق داخل منازلهم، سيما في منطقة (القبة) التي يشاع عنها أنها تقع على مقبرة حميرية، لكن غياب الجهات المعنية ودورها حيال حفظ اثار المحافظة والاهتمام بمتحفها حرم الناس وجعلهم يعزفون عن زيارة المتحف الوطني.

الحديدة بلا متحف

نائب مدير عام مكتب السياحة بمحافظة الحديدة يحيى علي المنصور ليس راضياً تماماً عن دور مكتب السياحة والآثار في المحافظة حيث يقول: يقتصر دور مكتب السياحة بالمحافظة في الجانب الأثري على عملية الإشراف والترويج إن وجدت معارض للآثار بالمحافظة التي يوجد بها متحفان للآثار، هما متحف مدينة الحديدة ويوجد بمبنى الهيئة العامة للآثار، ومتحف زبيد ويحويان بعض القطع الأثرية النادرة القديمة، كما أن متحف زبيد يحتوي على مخطوطات أثرية قديمة وهو غني بهذا الجانب الأثري.

توجهت إلى مبنى الهيئة العامة للآثار بالمحافظة الواقع على ساحل المدينة، وهو مبنى قديم أثري تحت الترميم، حيث بدأت عملية ترميمه قبل عشر سنوات ولم تنته حتى اليوم، نظراً لأن عملية الترميم تتوقف من وقت إلى آخر.

وعندما وصلت المبنى وجدته مغلقاً بواسطة سلسلة حديدية، فحاولت معرفة أسباب إغلاقه من بعض سكان الحي الذي يقع فيه المبنى فكان ردهم بأن مكتب الهيئة العامة للآثار لا يفتح إلا في آخر الشهر فقط لمدة يومين أو ثلاثة أيام فقط، وأن مدير المكتب يسكن في صنعاء ومفاتيح المبنى معه، فواصلت عملية البحث عن عنوان أي موظف في الهيئة للآثار بالحديدة كي أطرح بعض الاستفسارات عن الهيئة والمتحف والقطع الأثرية التي يحتويها في المحافظة، وبعد أيام من البحث وجدت أحد الموظفين الذي رفض الإفصاح عن اسمه أو الوظيفة التي يشغلها بالهيئة أو تزويدي بالمعلومات التي أريدها، واكتفى بالقول متحف محافظة الحديدة داخل مبنى الهيئة، ومبنى الهيئة مغلق، والمفاتيح مع المدير العام الذي يسكن في صنعاء، لا يحضر إلا آخر الشهر لاستلام الراتب ويعود من حيث أتى، والموظفون مشردون في الشوارع لا يداومون، والخدمة المدنية والمالية وجهاز الرقابة والمحاسبة والمحافظة يعلمون ذلك، كما أن الهيئة لا تقوم بدورها المناط بها في هذا الجانب الأثري الهام في المحافظة، والمتحف الوحيد المفتوح أمام الزوار هو متحف زبيد فقط.. هذا كل ما عندي ولا أستطيع الإفصاح عن المزيد.

آثار من القرن الأول الميلادي

وفي محافظة إب يوجد متحف إب الواقع في مديرية المشنة في الجزء الجنوبي من المدينة القديمة الذي بني في بداية الثمانينات وبه بعض الآثار المكتشفة في جبل العود التي نجت بأعجوبة من ناهبي الآثار والعابثين بها حيث شاهدنا في صالة العرض في الدور الأول والثاني من المبنى العديد من الآثار التي تعود في أغلبيتها إلى القرن الأول والثاني قبل الميلاد اكتشفت في جبلة والعود وهجر مريس (مملكة قتبان) كما هو مبين في التعريف على هذه القطع الأثرية ومنها أحجار منقوشة ومزخرفة ورؤوس حيوانات أهمها الثور وعملات معدنية وأختام حجرية وأقراط معدنية وذهبية هي بحاجة إلى الترميم والصيانة، بالإضافة إلى سيوف ورماح وسهام أتلفها الصدأ المتراكم عليها وأوان فخارية، وتماثيل آدمية برونزية وحجرية معظمها غير مكتمل تعرضت للعبث والكسر.

كما توجد تماثيل نسائية برونزية وحجرية تعاني من التفتت وتغير اللون نتيجة الإهمال وعدم الترميم والصيانة وعدم توفر الشروط اللازمة من تهوية ورطوبة وإضاءة تحافظ على سلامة الآثار.

وبعد أن انتهينا من التجول في صالتي المتحف ذكر مدير المتحف بان سطح مبنى المتحف مليء بالمخلفات والقمامة التي يرميها جيران المبنى عليه من الطوابق التي تعلوه مما جعل المتحف مأوى للحشرات والقوارض التي تهدد سلامة محتويات القطع الأثرية في المتحف وتسببت في تسرب المياه من سطح المبنى كونه غير مسلح وإنما خشبي مغطى بطبقة رقيقة من الاسمنت.. مشيرا إلى أن مدير عام الآثار في المحافظة لا يتجاوب مع طلبات ترميم المبنى بحجة عدم وجود اعتماد لذلك.

ويفتقر المتحف إلى غياب الشروط اللازمة لتامين سلامة القطع الأثرية وعدم وجود فنيين مختصين في الصيانة والترميم، ونقص الإمكانيات التشغيلية للمتحف ويشكو العاملون فيه انخفاض الرواتب وغياب المكافآت، فيما تحتاج صالات العرض إلى فترينات جديدة مناسبة مخصصة للعرض.

وعلى الرغم من أن رسوم الدخول للمتحف ثلاثون ريالاً فقط كما قال مدير المتحف، إلا أننا لم نشاهد أي زائر، وأكد العاملون بان عدد زوار المتحف يتفاوتون مابين زائر إلى ثلاثة زوار في بعض الأيام وفي اغلب الأيام لا يأتي أحد، وأرجع العاملون في المتحف سبب قلة الزوار إلى ضيق المتحف وقلة محتوياته.

ومن الهم التأكيد على أن معظم محتويات المتحف عبارة عن هدايا قدمها بعض المواطنين إلى المتحف أما القطع المكتشفة فتمثل نسبة بسيطة جدا من محتويات المتحف كما أكد ذلك العاملون فيه كما أن المبنى لا يصلح متحفا لأنه يحتوي على صالتين فقط مساحة كل منهما ( 3× 6 ) أمتار فقط.

ويوجد في إب متحف جبل العود ونهبت محتوياته من قبل الحراس فيه لعدم تسلم مرتباتهم لسنوات عديدة.، كما يوجد هناك متحف في ظفار ومتحف خاص في جبلة، لكنها أماكن لا ترقى إلى أن نطلق عليها اسم متحف.

خمس إدارات في هيئة الآثار

توجد في الهيئة العامة للآثار وفق هيكلها الإداري خمس إدارات، كل إدارة منفصلة تعمل بعيدة عن الأخرى، حيث يلاحظ الزائر لمكاتب الهيئة بأن كل مكتب يعمل مع جهة مختلفة.

أحد الموظفين عندما سألناه عن السبب أوضح بأن هذا الأسلوب هو أسلوب الإدارة الحديث، من أجل أن "يبرم" كل مدير كما ما يريد، لأن مبروم على مبروم لا ينفع.

غادرنا المكان على أمل أن نجد مبرراً لعمل الهيئة الغائبة عن المحافظات، والمتواجدة بكثافة في عدد إداراتها وموظفيها الذين هم بلا عمل.

المتاحف اليمنية

1- متحف عدن: تأسس عام 1930م، وكان تحت إشراف سكرتارية حكومة عدن البريطانية، ومقره في منطقة صهاريج الطويلة، وشملت معروضاته الآثار القديمة والإسلامية والتراثية، ومنذ عام 1966م صار متحفاً للعادات والتقاليد، وظل كذلك حتى عام 1987م حيث نقلت محتوياته إلى مبنى المتحف الوطني بعدن.

2- المتحف الوطني بعدن: كان موقعه في التواهي أسس لهذا الغرض من تبرعات أبناء عدن، وقد افتتح في 1967م رسمياً، وقد عرضت به القطع الأثرية القديمة والتي نقلت من متحف عدن، وهي في أغلبها من مجموعة (كيكي منشرجي) التي اشترتها حكومة عدن في 1960م من هذا التاجر الفارسي (الذي كان يعمل بتجارة الآثار وغيرها) وذلك بمبلغ 15.000 جنيه.

وقد ظل المتحف الوطني حتى عام 1982م في مقره بالتواهي، ثم نقلت محتوياته إلى قصر أكتوبر (قصر البراق) في كريتر حيث المتحف الوطني - فرع عدن الآن.

3- متحف المكلا: ومقره الآن في قصر السلطان بعد أن كان في بناية صغيرة مقابل سور القصر نفسه، وقد تأسس في 13/ 10/ 1994م، ويشمل في معروضاته الآثار القديمة لمملكة حضرموت، وممتلكات سلاطين حضرموت، وصالة لوثائق الثورة اليمنية.

4- المتحف الوطني بصنعاء: تأسس في 1970م وافتتح رسمياً في 4/10 /1971م في قصر الشكر (دار الشكر)، وتشمل معروضاته آثاراً يمنية من مجموعة الإمام الخاصة والتي جاءت من موقع غيمان والنخلة الحمراء والحقة، وكذا آثار مأرب.

وانتقلت تلك المجموعة مؤخراً إلى (دار السعادة) الذي اختير متحفاً وطنياً للجمهورية، والذي رمم ليتسع لآثار الممالك اليمنية القديمة والدول الإسلامية ومراحلها في البلاد، ويجرى تخطيط لتوسيعه وبشكل حديث.. أما دار الشكر فقد أصبح متحفاً للموروث الشعبي عام 1991م.

5- متحف بيحان: أسس في عام 1969م وافتتح رسمياً في 1972م، وتضم مجموعاته الأثرية الفريدة قطعاً أثرية من مجموعة (شريف بيحان) والتي جاءت من تنقيبات البعثة الأمريكية في مواقع المملكة القتبانية في وادي بيحان أضيفت إليها مجموعات أخرى من المنطقة نفسها.

6- متحف قصر صالة (تعز): ويضم مجموعة آثار كانت تابعة للإمام أحمد إلى جانب الآثار القديمة التي جاءت من المواقع الأثرية القريبة من مدينة تعز، والمبنى من قصور الإمام سابقاً.

7- متحف العرضي (تعز): وهو متحف للمعروضات التراثية والأسلحة القديمة.

8- متحف ظفار: ويقع في ظفار (العاصمة الحميرية القديمة) جنوب يريم، وقد جمعت في هذا المتحف آثار المنطقة: قرية ظفار، وقصر ريدان بيت الأشول، حدة غليس ومنكث، وقد تمت عملية ترتيب ودراسة القطع الأثرية فيه عام 1972م.

9- متحف الحبيلين (ردفان): وهو متحف لآثار فترة الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني، افتتح في 1978م، وتضم مقتنياته: الأسلحة والوثائق والصور، وتضم إليه حالياً القطع الأثرية التي يتم العثور عليها في المنطقة.

10- متحف زنجبار (أبين): وهو متحف صغير في زنجبار، افتتح في قاعة واحدة عام 1981م ويضم آثار محافظة أبين، وأغلبها آثار إسلامية إلى جانب الآثار القديمة والعادات والتقاليد.

11- متحف الضالع: افتتح عام 1982م، وبه آثار قديمة من المنطقة أغلبها من مقابر ومباني موقع شكع الذي تم التنقيب فيه عام 1981م. إلى جانب آثار فترة الحكم الاستعماري ومرحلة الكفاح ضده، وبعض قطع الموروث الشعبي في المنطقة.

12- متحف سيئون: وهو متحف وادي حضرموت، افتتح في عام 1983م بعد أن كان يوجد بالمدينة متحف صغير للعادات والتقاليد، وهو الآن في قصر السلطان في سوق سيئون، وتشمل قاعاته: الآثار القديمة التي جمعت من مواقع الوادي ونتائج التنقيب في موقع ريبون، إلى جانب الموروث الشعبي وقاعة الوثائق.

13- متحف عتق: افتتح في 1984م، ويضم آثار مدينة شبوة القديمة وآثاراً من مواقع أخرى في محافظة شبوة، وبه قاعة العادات والتقاليد، وأخرى لوثائق النضال ضد الاستعمار.

14- متحف الحوطة: في مركز محافظة لحج، افتتح عام 1984م وفي احد قصور سلاطين لحج وهو متحف صغير للآثار القديمة والإسلامية إلى جانب العادات والتقاليد، والأسلحة التقليدية.

15- متحف الغيظة: في محافظة المهرة، وقد افتتح في عام 1987م، ويضم بعض آثار العصور الحجرية والآثار القديمة إلى جانب تراث المنطقة، ووسائل الصيد البحري التقليدية.

متاحف قيد الإنشاء

ومن المتاحف قيد الإنشاء: متحف في محافظة ذمار منطقة الحدا، متحف بينون ومتحف يافع في محافظة لحج، ومتحف مأرب، ومتحف قلعة زبيد وفي كل من صنعاء وعدن متحف عسكري هام، وبعض المتاحف المخصصة للشخصيات الوطنية.

وللمخطوطات داران أساسيان هما: دار المخطوطات بصنعاء، ومكتبة الأحقاف بتريم، بالإضافة إلى مكتبات أخرى للمخطوطات مثل مكتبة الجامع الكبير في صنعاء.

* صحيفة الغد

 

 
في الجمعة 06 يونيو-حزيران 2008 09:00:40 م

تجد هذا المقال في Mareb Press
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=3822