إلى الحبيشي مدارس شيطانية وليست إسلامية
د. حسن شمسان
د. حسن شمسان

لا يستطيع أحد أن ينكر وجود تنظيم القاعدة في اليمن، بغض النظر عن مدى قوته وتواجده، إذ المسألة شائكة بين النظام والمعارضة، إذ الأول نجده تارة يبالغ في مدى قوته وخطورته وتارة أخرى يقلل من شأنه ليتحدث بأنه ضعيف أو قد بلغ من الضعف مبلغه. ويبقى موقف المعارضة ثابتٌ إزاء هذا الموضوع؛ فهي ترى على الدوام بأن التنظيم متواجد لكن ليس بالتهويل نفسه الذي نسمعه من إعلام النظام الرسمي ومهما يكن من أمر فإن خطر تنظيم القاعدة يتفاقم يوما عن يوم ويتزايد وينبغي على المعارضة أن تغير من خطابها – ولو قليلا- تجاه هذا الخطر ولا تستمر في التقليل من شأنه.

ولي وقفة مع الحبشي، وللوقفة وجه آخر؛ إذ تحدث عن التنظيم والإرهاب والحرب بينه وبين الدولة وتحدث عن أنها حرب باهضة التكاليف، وإنني قد لا أختلف معه كثيرا حول ذلك، بيد أن الخطأ الفادح الذي وقع فيه – لا ادري هل هو عن حسن نية أو سوء طوية – هو جمعه بين المدارس الدينية والإمارة الإسلامية وبين هذا التنظيم الذي لا يمت إلى الدين الإسلامي العظيم بصلة.

ولست أدري كيف استساغ له ذلك وما هو مفهوم (المدارس الدينية والإمارة الإسلامية) لديه (؟) إذ الجمع بين هذين المصطلحين (المدارس الدينية/ الإمارة الإسلامية) وتنظيم القاعدة خطأ جسيم يجر إلى خطر كبير، إذ إن الصغير والكبير والمتعلم ونصف المتعلم يفهم بأن المدارس الدينية تعلم الإرهاب، والإمارة الإسلامية إذا قامت فهي تمثل الإرهاب نفسه، وهذا الأمر الشائك هو ما يريد أن يوصله إلينا غلاة الغربيين المتطرفين الذين لا يألون جهدا في جعل (الإسلام والإرهاب) في سلة واحدة، وهذا ما نفهمه من مقال الحبشي – أيضا – إذ تحدث عن التنظيم في اليمن ثم عن تلقيه العلم في المدارس الدينية ثم عن أنه يسعى لقيام إمارة إسلامية. فجعل الدين الإسلامي ومدارسه وتنظيم القاعدة في سلة واحدة.

وبناء على هذا التقييم فحركة حماس التي سعت وتسعى لقيام إمارة إسلامية على هذا المفهوم الجمعي – الخطأ- حركة إرهابية، وحزب العدالة التركي بحسب هذا المفهوم أيضا سوف يتحول إلى (دولة إرهابية) لأنه يسعى إلى أسلمة قوانين تركيا الحديثة، وكل حركة إسلامية تسعى لأن يكون الإسلام هو الحاكم وسياسته هي الطريقة التي تساس بها الحياة والناس سيكون تحت (الظل اليحموم) (تنظيم القاعدة) فهذا الأخير – بحسب الحبشي – تلقى تعاليمه في مدارس دينية إسلامية ويسعى لقيام إمارة إسلامية.

وكنت أتمنى من الحبشي أن يقول أن هذا التنظيم تخرج من المدارس الشيطانية، ويسعى لقيام إمارة – شيطانية كذلك، وإلا فما دخل الإسلام ومدارسه وإماراته بهذا التنظيم - الذي الإسلام ومدارسه العظيمة - منه براء كبراءة الذئب من دم يوسف.

إن الإمارة في الإسلام كما تعلمنها من مدارس الأمراء والخلفاء المسلمين: "إني قد وليت عليكم ولست بخيركم فان أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني لصدق أمانة والكذب خيانة والضعيف فيكم قوي عندي حتى أرجع عليه حقه إن شاء الله والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه" (إمارة أبي بكر الإسلامية ومدرسته). "والله لو عثرت بغلة في العراق لخفت أن يسألني الله لما لم تصلح لها الطريق يا عمر" (إمارة عمر الإسلامية ومدرسته).

هكذا فهمنا مدلول قيام الإمارة الإسلامية على مستوى الدول، أما قيام الإمارة نفسها على مستوى الجيوش؛ فنهم تعاليم مدارسها من قول كل أمير تولى قيادة جيش فاتح: (لا تقتلوا شيخا كبيرا ولا طفلا صغيرا ولا امرأة ولا تقطعوا شجرا ولا تهدموا بيعا (الكنائس) ... الخ).

هذا هو مفهوم الإمارة الإسلامية، فهل تفهم المفهوم نفسه أخي الحبيشي ؟ وإذا كانت الإجابة بنعم فما شأن الإمارة الإسلامية والمدارس الدينية بهذا التنظيم إذا؛ إذ هو لا يفرق بين شجر أو بشر، أو صغير أو كبيري أو طفل أو شيخ أو امرأة أو رجل أو مسلم أو كافر أليس من الجور والتظليل أن تقرن بين الدين العظيم ومدارسة لتجعها مع هذا التنظيم في سلة واحدة.

لا تخلط بين المدارس والإمارة الإسلامية وبين المدارس الشيطانية، إذ الإمارة الإسلامية كلنا نطمح اليها ونسعى إلى تحقيقها في دنيا الناس، وكل النفوس المسلمة والمؤمنة تتوق إليها فهل هذا يعني أن كل من يتوق إلى ذلك يحشر في تنظيم القاعدة يا حبيشي ؟ إن شاء الله الإمارة الإسلامية ستقوم في اليمن كما قامت في غزة وكما هي في طريقها إلى النضوج في تركيا رضيت أم أبيت (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) (وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ). وعليك بعد ذلك أن تفرق بين تنظيم القاعدة وتضعه في مكانه الصحيح؛ فالإمارة الإسلامية ومدارسها العظيمة التي تعلم السلام والأمان والحرية والإيمان مما قلته من الجمع بينها وبين تنظيم القاعدة براء. 

 
في السبت 23 أكتوبر-تشرين الأول 2010 04:32:39 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=8158