قاعدة الحوطة أم قاعدة السلطة
ابو الحسنين محسن معيض
ابو الحسنين محسن معيض

القاعدة .. اسم ملأ الدنيا ضجيجا وتهويلا .. فصار غولا يرعب الحكام المصابين بأرق السلطة .. وحجة لكل من أراد أن يستبيح أعدائه وخصومه قتلا وتنكيلا .. ومصدر دخل لحكومات أفلست وتثبيتا لسلطات ماتت .. فكانت الجوكر الذي يلوح به الشطار من الحكام في وجه المجتمع الدولي إذا أراد طلبا أو دعما أو تأييدا فيأتيه الدعم سريعا مالا وسلاحا وتدريبا .. القاعدة تنوعت وتشعبت بين الجهاد والتكفير والاستشهاد والتفجير ولم يعد المتتبع لها يدري من البعرة ومن البعير .. وأصبح الناس معها ثلاث جهات :

ـ مؤيد لها لما يراه من ظلم في الحكومات وفساد في السلطات وتقاعس عن حماية المقدسات فلا يرى غيرهم متصديا للطاغوت الذي انتهك الأعراض ودنس الحرمات وسفك دماء المسلمين

ـ ومعارض يرى أنها أضرت أكثر مما نفعت وان مسائلها تشعبت ووسائلها أختلطت فساوت بين العدو الصريح والمسلم الجريح وبين الحاكم الظالم والجندي المظلوم فأفتى علماء بأنهم خوارج العصر وبسبب تهورهم ضاعت الشيشان وأفغانستان وذلت أمة الإسلام !! وتغنى بها الإعلام وأهله حتى أصبح لهم نصيب في انقطاع المطر وشدة القحط وتفشي الغلاء وانتشار الداء !!

ـ ونوع ثالث توقف عن التحليل وانشغل بانتظار الغد فأصبح مؤيدا لهم في المواجهة مع العدو الغازي المحتل ومعارضا لهم في عمليات القتل بين أوساط المسلمين في الأسواق والطرقات

ولا يسعني هنا أن أخوض في مجال التقييم لمنهاجهم ووسائلهم وما صار إليه أمرهم .. ولكن ما أود مناقشته هو مدى تغلغل أجهزة السلطة الأمنية في أوساطهم واستغلالها لاسمهم أو حجم التعاون والتنسيق إن وجد حقا بينهم وذلك من خلال بعض التساؤلات المترددة في الساحة والتي تثيرها الأحداث المتكررة في وطننا اليمني وأخرها أحداث مدينة الحوطة بمحافظة شبوة :

1ـ جاء في أخبار السلطة الرسمية انه يتمركز في الحوطة حوالي (3000) من شباب القاعدة ثم تقلص الرقم في شريط الأنباء إلى المئات .. وواقع الحال أنهم أقل من ذلك حسب مصادر أهلية .. وصرح محافظ شبوة بعدم وجود قتلى أو نازحين مهملين وبعدم صحة خبر القبض على احد المشائخ والواقع يشهد بغير ذلك .. وأخرها أن العميد النوبة من عناصر القاعدة الإرهابية حسب قول مركز الإعلام التابع لوزارة الداخلية :"أن حملة أمنية مكونه من 20 طقما مسلحا تحاصر عناصر إرهابيه من القاعدة في منطقة يشبم بشبوه وذلك في أعقاب قيام عدد من تلك العناصر وفي مقدمتهم ناصر النوبه واحمد علي عاطف بإطلاق( آر،بي،جي ( على موكب محافظ شبوة " ومعلوم أن العميد النوبة أحد قادة الحراك ومن المتقاعدين العسكريين .. فهذا التهويل الإعلامي وعدم صحة الخبر يفقد السلطة مصداقيتها بين الناس هذا إن كان بقي لها من مصداقية وثقة !!

2 ـ مع أي طريق جاءوا ابتداء ؟ هل هم نفس أفراد جعار ولودر ؟ أم غيرهم ؟ كيف وصلوا إلى الحوطة ؟ أركبوا بساط الريح أم اختبئوا في مصباح علاء الدين ؟ كيف لم يتم رصدهم مسبقا والتعامل معهم في تلك النقاط الجمركية البشمركية المنتشرة بأسماء عسكرية على طول الطرقات

3 ـ ماذا حققت هذه الحملة من أهداف ؟ ورد في الأنباء أن السلطة استعادت السيطرة على مدينة الحوطة !! فأين المقبوض عليهم أو القتلى أو كمية الأسلحة والعتاد الذي استولت عليه السلطة وبعدها أين المحتلون ؟ أو من هم حقا المحتلون ؟ هل هم القاعدة الجهادية أم القاعدة القومية !!

من تجربة المملكة بعد كل حملة ومواجهة إصدار بيان رسمي يتم فيه بكل شفافية ووضوح ذكر القتلى من الطرفين وحجم التدمير الحاصل وكمية الأسلحة المستخدمة وما تمت مصادرته منها 4 ـ كيف خرجوا ؟ّ باتفاق ؟ أم بهدنة ؟ بسلاحهم أم بدونه ؟ ولماذا لم يتم تعقبهم والتعامل معهم كمخربين حسب رؤية السلطة لهم ..أي سلطة هذه التي تعقد مع عشرات أو مئات ممن تسميهم مخربين وإرهابيين اتفاقات للخروج من الموقع بكامل عتادهم وسلاحهم إلى موقع أخر ما لم يكونوا جزءا منها وبغرض الإعداد لدور جديد في مكان غير بعيد تحقق السلطة فيه هدفا أكبر

5 ـ لماذا يتواجدون أو ينتقلون فقط إلى حيث يتواجد الحراك بقوة ( جعار .. لودر .. الحوطة .. ) أو حيث القوة القبلية ( مارب .. شبوة .. الجوف ) .. هل تختار الدولة أماكنهم لتضرب عملاقين بصاروخ واحد ؟! أو لتستخدم احدهما حجة لتحجيم الأخر كما حصل في مارب من أحداث سابقة

6 ـ لماذا يتزامن الحدث مع مؤتمرات المانحين وأصدقاء اليمن أو لورود معلومات استخباراتية عن نشاط دبلوماسي لقيادة الحراك في الخارج .

7 ـ لماذا هذا الكذب ومن المستفيد منه وأي انجازات تحققت غير قتل أبرياء أمعجلة والتضحية بالشبواني أو تصفية لاحتقانات شخصية وتحميلها القاعدة كجماعة إرهابية والعجيب إصدار القاعدة بيانات بتحمل المسئولية في أمور قد لا يكون لهم فيها من يد مما يفقدهم الوميض في زمن الخفوت والسمو في زمن الخضوع حينما يكونون في صورتهم الحقيقية بلا أقنعة تنكرية

8 ـ هل يوجد بينهما علاقة حتمية بتنسيق مسبق أملتها الضرورات وتبادل الخبرات ؟ أو هي اختراقات وتحقيق مصالح إن كانت بغير اتفاق بينهما ؟ أم فيهما أجنحة متخصصة تنفذ مخططات فوائدها متعدية بدون علم بقية المجموعات ؟! وكما قال غير واحد من أهل النظر أنها تنطلق من القصر الجمهوري .. ولم لا فالقضية اكبر مما يتصوره عقل البشر الطيبين . 

ـ تساؤلات كثيرة اسمعها في كل مجلس ومناسبة اجتماعية يرددها أناس بسطاء يرون عدم توافق الشرق والغرب ويميزون مزن الماء من تجمعات السحب الجوفاء وأعلم أنا أن الجمر من النار وان الرماد من الجمر .. ومن العنب منفعة الزبيب ومنه كذلك أذى الخمر .. وأنه يتحقق للسلطة بهذه الأحداث :

1 ـ صرف نظر الإعلام عن الحراك الجنوبي في مواطن تجمعه إلى جماعة ومنطقة أخرى

2 ـ إبعاد مواطن الاحتقان والمواجهات عن محافظة عدن وخليجي 20 بمسافات بعيدة

3 ـ الحصول على الدعم والتأييد الخارجي مما يسمح باستعمال القوة ضد غيرهم من المعارضين

4 ـ كسب الوقت والبقاء في السلطة وإجبار الدول على دعم الموجود خوفا من تشتت الجهود

ـ وختاما أقول : ربما كان الحجاج يوما حليفا للسلطان فلما بلغ حده وتجاوز مداه صار بما يحمله من معلومات وأسرار مغضوبا عليه ويجب التخلص منه , وكما لم يتم إلى يومنا هذا القبض على أسامة والظواهري فلم يحن بعد أوان القبض على الوحيشي والعولقي لأن ذلك يعني انتهاء المصلحة المستفاد منها ببقائهم أحياء وخاصة من جهة النظام أو من جهة أركانه المتوارية

وربما أبقى الصياد الأسد طليقا ليحتمي بخبرته وسلاحه كل من يرعبه زئير السباع الهائجة . وبين حجري الرحى لا يتألم طحنا إلا حبوب البر والذرة .. تحركهما أياد ليس لها إلا القطع والتعليق على الأسوار فقد عم أذاهما الناس طوال الليل وكل النهار .


في الأربعاء 06 أكتوبر-تشرين الأول 2010 07:43:36 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=8066