|
أكثر من نصف الفترة المحددة لولاية الرئيس علي عبدالله صالح الدستورية انقضت ولم يتبق سوى ثلاثة أعوام حتى تنتهي الفترة الرئاسية الأخيرة لرئيس الجمهورية والتي لا يملك حق الترشح بعدها وفقا للدستور الحالي.
ترى أي وضع ستكون عليه الجمهورية بعد مغادرة الرئيس صالح قصره الجمهوري ؟ هل إلى الأفضل أم إلى الأسوأ ؟ وما الذي يمكن أن تحدثه رياح التغيير إن هبت على الوطن ، وهل سيستطيع الرئيس القادم التعامل مع هذه التركة الثقيلة ؟؟
ليس من قبيل المبالغة القول إن الملعب السياسي حالياً غير مهيأ حتى لعملية تبادل سلمي للسلطة على مستوى الرئاسة في ظل وجود رؤساء وقيادات أحزاب لا يمتلكون المقدرة على الدخول في منافسة شريفة على منصب الرئاسة مثلما نافسوا للفوز بقيادة أحزابهم فقيادة حزب بالنسبة للكثير منهم أسهل بكثير كون من الممكن التعامل معه كإقطاعية خاصة على عكس الرئاسة التي لم تعد البلاد تحتمل أي تصرف إقطاعي باسمها .
مؤخرا ظهر علينا الشيخ حميد الأحمر بتصريح كرره عشرات المرات حول دعمه لوصول شخصية جنوبية لمنصب الرئاسة , ويحاول الشيخ حميد بهذا أن يمتص غضب الشارع الجنوبي لكنه ينسى أنه إلى الآن مازال ممسكا هو وأشقاؤه من آل الأحمر بقصر السكن الخاص بعلي سالم البيض في عدن الذي استولوا عليه بعد حرب صيف 94م كغنيمة من غنائم الحرب, فلماذا لا يعيد الشيخ حميد الأحمر هذا القصر المنهوب بدلا من دغدغة مشاعر أبناء المحافظات الجنوبية بدعوته إلى رد حقوقهم ورفع مظالمهم .
للأسف أقولها وأكررها أن الملعب السياسي غير مهيأ للتداول السلمي للسلطة في الوقت الحالي في ظل عدم وجود منافس قوي بإمكانه أن يشغل منصب الرئاسة إذا ما غادره الرئيس صالح بعد انتهاء فترته الدستورية ، ولكن هذا لا يعني الانقلاب على الديمقراطية وخرق الدستور أو تعديله بما يسمح بولاية ثالثة قادمة . إننا نؤمن أن الحكم في الجمهورية اليمنية هو حكم استثنائي بكل المقاييس يتطلب إجادة الرقص على رؤوس الأفاعي لكن علينا أن نهجر تماما فكرة أن اليمن قد تتشظى أو تنهار أو تذهب شذر مذر إذا ما حصل تداول سلمي للسلطة ، لأننا حتى إذا منحنا الرئيس علي عبدالله صالح عشر فترات رئاسية قادمة فالموت في النهاية حق على كل إنسان، وهو ما يستدعي تسوية الملعب السياسي وتهيئته للتداول السلمي للسلطة.
أما الذين ينادون بإيقاف العملية الديمقراطية وتنصيب الرئيس صالح رئيسا للأبد فإنهم يحاولون القضاء على المشروع الديمقراطي للرئيس في إرساء مبدأ تداول السلطة سلميا، ولا يريدون الرئيس علي عبدالله صالح أن يكون راعيا للعملية الديمقراطية وأن يسلم في تاريخه السياسي السلطة لرئيس منتخب من بعده.
أحزاب اللقاء المشترك عليها أيضا المساهمة في تهيئة هذا الملعب وحبذا لو ترشح أحد قياداتها لرئاسة الجمهورية بدلا من استئجار قيادات من خارج أحزابها ومنظماتها .. هذا طبعا إن بقي تحالف اللقاء المشترك متماسكا حتى سبتمبر 2013م.
لا يتسع المجال هنا لتفنيد سلبيات وإيجابيات الرئيس صالح لكنه يبقى الرجل الذي عاصر أعتى المصاعب والتحديات التي قد تواجه رئيسا في الحكم من تحدي الوحدة إلى تحدي الحرب الأهلية الظالمة في العام 1994م إلى التمرد الحوثي والحراك الجنوبي وحراك الصحراء وتنظيم القاعدة وقبل هذا وذاك استطاعته البقاء ثلاثة وثلاثين عاما في الحكم الذي وصل إليه بعد مقتل ثلاثة رؤساء سابقين بعدما كانت صحيفة (التايمز) الأمريكية قد تنبأت له حين وصوله للحكم بألا يستمر أكثر من أسبوعين .
كما لا ينكر أحد أن هذا العهد شهد أيضا سلبيات ليس أقلها الوضع المعيشي الحالي الذي ينذر بكارثة والفساد الذي انتشر في كل مفاصل أجهزة الدولة وصار سمة بارزة من سمات الدولة اليمنية الحالية في وقت تتزايد فيه الدعوات الانفصالية في الجنوب مع وجود شركاء الرئيس في صنع الوحدة منفيين خارج الوطن .
لاشك أن ترشح وفوز شخصية جنوبية للرئاسة قد يخفف من الغليان الموجود في الشارع الجنوبي لكن سيبقى ملف الشمال وصعدة ومأرب عقبة كأداء أمامها قد ترضخها لسطوة المشيخة القبلية الشمالية وهو ما سيضعف تأثير هذه الشخصية الجنوبية على الشارع الجنوبي ، فما فائدة رئيس جنوبي يكون مجرد (رئيس ظل) وتكون السلطة الحقيقية بيد حميد الاحمر أو محمد اليدومي أو يحيى صالح ، أما وصول شمالي للرئاسة فقد يوتر الأوضاع في الجنوب ويرفع سقف المطالب أعلى من السقف المطلوب حاليا.
لا نخفي تشاؤمنا من تدهور الأوضاع أكثر وأكثر إذا ما جاء رئيس قادم إلى السلطة لا يحسن الإمساك بزمام الأمور ولا يجيد الرقص على رؤوس الثعابين وهي مهارة لا تتفق بأي حال مع عملية مكافحة الفساد السياسي والمالي والإداري الذي صار جدارا منيعا يتطلب هده حجرا حجرا , إلا أن هذا لا يبرر إعاقة عملية التداول السلمي للسلطة واختيار كفاءات نزيهة وقادرة على قيادة البلاد حتى لا يضطر أحد أن يطالب بتعديل الدستور وإضافة فترة قادمة للرئيس الحالي وهو ما سيكون إن حصل حلا مؤقتا وليس جذريا لمشاكل البلاد ، في ظل يأس المواطن من السلطة الحالية السيئة جدا ويأسه الأكبر من أحزاب المعارضة الحالية التي تشكل بديلا أسوأ بكثير من السلطة الحالية .
إذا ما حلت مرحلة ما بعد الرئيس فإن علينا إعادة النظر في ما تسير عليه الدولة حالياً سواء في السياسة الاقتصادية والمالية والسياسة الخارجية والأهم من هذا سياسة الوضع في الداخل .
في الخميس 24 يونيو-حزيران 2010 05:30:37 م