|

أكد رئيس المكتب التنفيذي للتجمع اليمني للإصلاح بمحافظة الجوف أن مسيرة الحزب خلال 35 عامًا كانت حافلة بالعطاء السياسي والتوعوي والتعليمي، ومليئة بالتضحيات في مواجهة المشروع الحوثي الطائفي، مشددًا على أن الإصلاح حمل مشروع الدولة وسط بيئة قبلية، ونجح في كسر عزلة المحافظة التي فُرضت عليها منذ قيام الثورة.
* بداية، حدّثنا عن مسيرة الإصلاح في الجوف خلال 35 عاماً؟
نتقدم بخالص التهاني لقيادة وقواعد ومحبي التجمع اليمني للإصلاح في ربوع اليمن، بمناسبة الذكرى الـ35 لتأسيسه. أما مسيرة الإصلاح في الجوف فكانت مسيرة عطاء وشراكة سياسية وتوعية وتنوير ومواجهة للأفكار الإمامية وتضحيات.
* كيف كانت بداية الحضور الإصلاحي في الجوف واتساع جماهيره وقواعده؟
الإصلاح انطلق من فكر وسطي معتدل، يحمل الخير ويقدم المعرفة إلى المجتمع. برز الإصلاحي كقدوة داخل الوسط الذي يعيش فيه، مما أكسبه تأثيراً في أي منطقة اتجه إليها. كان الإصلاح يراعي البيئة التي حوله، فمثلاً في الجوف المجتمع قبلي، لم يكن الإصلاح صدامياً مع المجتمع، بل عمل بشكل متدرج على تغيير العادات السلبية، وهو ما أكسبه ثقة وحضوراً في مختلف مناطق الجوف وتواجداً وسط كل القبائل، وهكذا حمل الإصلاحيون مشروع الدولة، وخاضوا معه غمار السياسة، وشاركوا بفاعلية في الانتخابات والحوار، وكانوا إلى جانب الدولة وحماة الجمهورية والثورة.
* حضر الإصلاح وكان فاعلاً في الساحة السياسية منذ أيامه الأولى، كيف كانت تجربة الإصلاح في الجوف؟
الساحة السياسية والتنافس في الجوف حضر مبكراً مع أول انتخابات، وانعكس الوعي الذي أوجده الإصلاح في إدارة التنافس والاحتكام إلى صناديق الاقتراع، وهذه مسألة ليست سهلة في وسط قبلي، لكن الهدف بالنسبة للإصلاح وأعضائه كان واضحاً، فالوعي يسبق المشاركة.
* ما الدور السياسي للإصلاح في الجوف؟
يمكن وصف أول تأثير للإصلاح في الجوف بأنه كسر عزلة المحافظة التي فُرضت عليها منذ قيام الثورة، كما مارس دوراً رقابياً ومساءلة، وكان هناك صحيفة اسمها "الشعاع" تتناول قضايا الخدمات وتنتقد الإهمال الذي تعيشه الجوف، وكانت نقلة نوعية في مدى وعي الناس بحقوقهم وأهمية دورهم في الرقابة على أداء السلطة.
* كيف ساهم الإصلاح في رفع الوعي بالجمهورية ومواجهة الفكر الإمامي؟
الإصلاح بمنهجه الوسطي وانتمائه الوطني عمل على نشر التعليم في كل منطقة يتواجد فيها، فالإصلاحي كان شعلة في المدرسة، ومؤثراً في المنطقة أو القبيلة، ويحيي رسالة المسجد، ويحرص على إيجاد تدريس وتعليم القرآن.. وهكذا تلاشت الأفكار والخرافات الإمامية دون ممارسة أي عنف، وكان المجتمع يتقبل ذلك بكل ارتياح.. ويمكن القول إن الإصلاح أحدث نقلة نوعية في المجتمع بمحافظة الجوف، بعكس المليشيا الحوثية التي استخدمت السلاح لفرض أفكارها واستهدفت الإصلاحيين لإيقاف مسيرة التنوير كما حدث في قضية تصفية زبن الله الوزير.
* ما قصة تصفية زبن الله الوزير؟
الشهيد زبن الله الوزير كان قيادياً إصلاحياً، له شخصية مؤثرة، بمديرية الزاهر، وكان خطيباً وإمام مسجد المنطقة. وفي أحد الأيام، وبفعل الالتفاف المجتمعي حوله، ونشره للفكر الوسطي ومواجهة العنصرية الإمامية، وكشف زيف الخرافات، أقدم مجموعة من عناصر الحوثي المتشبعين بالفكر الطائفي على قتله في محراب المسجد ومنعوا إسعافه، وقاموا بتفجير منزله وتشريد أسرته، في جريمة بشعة ودموية، كانت الحادثة في 19 يونيو 2009م.
* ما إسهامات الإصلاح في مجال التعليم بالجوف؟
عانى ويعاني التعليم في الجوف كثيراً، وساهم الإصلاح بجهود كبيرة وحرص على الدفع بالمعلمين إلى مناطق نائية بالمحافظة، وكان يتم فرض تدوير بدافع شخصي لدى المعلمين الاصلاحيين، ليتم إيجاد نواة مدرسة في مناطق معزولة، شجع الإصلاح الطلاب على التعليم وإكمال دراستهم الجامعية، وساهم في إرسال مجموعة كبيرة من خريجي الثانوية للدراسة بالخارج في التسعينيات بتخصصات مختلفة، ليكونوا البذرة التي تخدم المحافظة.
* ما الذي شكّله مشروع النضال السلمي الذي تبناه الإصلاح، وكيف ساهم في رفع وعي الإصلاحيين وأبناء المحافظة؟
شكّلت هذه المرحلة قفزة للجوف عامة، وبدأ التفاعل الكبير مع القضايا الوطنية، وفتح أبناء الجوف أعينهم على وضع المحافظة المتردي، وبرزت حينها نقاشات وحراك ثقافي تطور فيما بعد إلى مكون وفعاليات باسم الحراك المعيني يطالب بإنصاف الجوف، لكن الهجمة الحوثية ومحاولات إسقاط المحافظة أوقفت الحراك الثقافي والفعل السياسي، وتحولت الجهود للتصدي للحوثي.
* تصدى الإصلاح للتمدد الحوثي مبكراً، وكان قادة وأعضاء الإصلاح في صدارة القبائل التي خاضت معارك عدة مرات؟
حاولت مليشيا الحوثي التوسع نحو الجوف منذ حروب صعدة، وكانت الظروف غير مهيأة لها، وعندما جاء عام 2011م شنت المليشيا الحوثية هجوماً للسيطرة على المجمع الحكومي، فتصدى لها أبناء قبائل الجوف، وكان على الإصلاح أن يمنع سقوط مؤسسات الدولة.. شهدت منطقة سدبا شمال غرب المجمع الحكومي معارك كبيرة، وقدّم الإصلاح فيها تضحيات.
* وماذا عن معارك 2014م؟
شهدت المحافظة هدوءاً خلال 2013م، وكانت تشهد حواراً بين مكوناتها.. نُصبت خيمة الحوار الوطني في عاصمة المحافظة، واحتضنت مناقشات بين المكونات السياسية والاجتماعية ضمن التحضير لمؤتمر الحوار الوطني، وعكس ذلك تعطش أبناء المحافظة للدولة والتنمية، لكن المليشيا الحوثية كانت تعد العدة لإسقاط الجوف، فقامت بالهجوم على أحد المواطنين بمديرية الغيل، فتداعى أبناء القبائل لحماية الشخص المستهدف، واشتعلت المعارك، وكان الإصلاح يساند أبناء القبائل في حماية مناطقهم ومنع التمدد الحوثي فيها.. شهدت الغيل معارك عنيفة استمرت لأشهر، وقدّم الإصلاح كوكبة من الشهداء على مستوى قيادات الصف الأول والثاني والأعضاء خلال هذه المواجهات.
* قدّم الإصلاح في مواجهة الحوثي تضحيات كبيرة بينهم قيادة المكتب التنفيذي؟
نعم، استشهد 13 من رؤساء دوائر المكتب التنفيذي في مواجهة المليشيا الحوثية. وإلى جانب قيادات المكتب التنفيذي، استشهد مسؤولو الإصلاح في عدد من المديريات، وقدّم الإصلاح شهداء من القيادات القبلية الوازنة؛ كانت كلفة كبيرة وتضحيات جسيمة من القيادة والأعضاء، بينهم كوادر تعليمية خسرتها الجوف، وهذه التضحيات الكبيرة في الدفاع عن الوطن وما زالت مستمرة إلى اليوم.
* هل أدرك أبناء الجوف خطر المشروع الحوثي مبكراً فقرروا التصدي له؟
الحوثي مشروع دمار وجماعة لا تجد نفسها إلا في الحرب وسفك الدماء، هدفها كان واضحاً منذ أول يوم.. التمدد بقوة السلاح؛ هذا الأمر لم يكن بحاجة إلى وعي بقدر ما كان بحاجة لموقف واستعداد للتضحية ورفض العنجهية وفرض الأفكار بالقوة، والسيطرة على مؤسسات الدولة، تصدى أبناء القبائل وقيادة وقواعد الإصلاح بالجوف لذلك وقدموا تضحيات كبيرة.
* هل توحدت القبائل والمكونات السياسية لمواجهة الحوثي في 2014؟
كان هناك حضور من مختلف قبائل الجوف، بل ومن مختلف الأحزاب، في مواجهة الحوثي، وهناك تضحيات قدّمها أبناء الجوف عامة والإصلاح خاصة.
* في السلطة المحلية، ماذا قدّم الإصلاح عبر المسؤولين المحسوبين عليه في إدارة المحافظة؟
الجوف تُدار منذ عام 2013م بالشراكة.. حتى لو كانت قيادة المحافظة محسوبة على الإصلاح، إلا أن بقية الأحزاب موجودة في مناصب الوكلاء ومديري العموم.. قبل 2011م كان نصيب الإصلاح مكتباً واحداً فقط، رغم أن له حضوراً شعبياً وجماهيرياً واسعاً في المحافظة، ويمتلك كوادر مؤهلة لأي منصب. ومنذ 2011م حتى اليوم تُدار المحافظة بالشراكة.
* شهدت الجوف نهضة ومشاريع لأول مرة بعد تحريرها في 2016م إلى 2020م؟
بالتأكيد، من أبرزها: المستشفى، والكلية، والكهرباء، والمخطط الحضري.. حصلت نقلة نوعية في الخدمات الطبية والتعليم، وفتح فروع للهيئات والمؤسسات بينها الخدمة المدنية والجوازات وتفعيل المحكمة، إلى جانب مشاريع البنية التحتية الأخرى وانتظام الرواتب، وذلك في فترة قياسية، بينما كانت المعارك قائمة مع مليشيا الحوثي على امتداد جبهات المحافظة، والصواريخ الحوثية تتساقط على المدينة والمجمع الحكومي. وهنا تجدر الإشارة إلى الدعم الإغاثي والتنموي والطبي الذي قدمه الأشقاء في المملكة العربية السعودية عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية والبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، وهو ما لا ينساه أبناء الجوف، ومحط تقدير للدور الأخوي والعطاء والوقوف إلى جانب الشعب اليمني. ونعبر عن الشكر والتقدير لقيادة المملكة ممثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، لدعمهم المستمر للشعب اليمني في هذه الأوضاع، وإسنادهم في مواجهة المليشيا الحوثية.
* هناك علاقة بين أبناء قبائل دهم والمملكة بحكم الجوار والبنية القبلية في جنوب السعودية والجوف؟
نعم، هناك علاقة متينة بين أبناء قبائل دهم والمملكة، بحكم الجوار والمصاهرة بين القبائل في الجوف والقبائل في جنوب المملكة. هذه العلاقة تطورت وشهدت تعزيزاً على مستوى رسمي، كما قدّمت المملكة تسهيلات لأبناء القبائل في الدخول والخروج، وهو أيضاً إدراك لأهمية دور القبائل والتعاون في مواجهة التهريب وغيرها من المشكلات، وكان ذلك في إطار الدولة.
* هل ساند الأشقاء القبائل في مواجهة الحوثيين قبل عاصفة الحزم؟
نعم، العلاقة كانت قائمة، وفتحت المملكة المستشفيات لجرحى القبائل خلال المعارك مع مليشيا الحوثي، وكان هناك إدراك لخطر الجماعة التي أشعلت الحرب على أبناء الجوف، واستمر ذلك حتى انطلاق عملية "عاصفة الحزم" التي عبّرت عن موقف أخوي في مواجهة المشروع الإيراني وذراعه في اليمن المتمثل بمليشيا الحوثي.
* اليوم تعيش الجوف تحت سيطرة المليشيا أوضاعا مأساوية، ما الذي خسره أبناء الجوف بسقوطها بيد الحوثي؟
منذ سيطرة المليشيا على الجوف، حاربت المواطن في لقمة عيشه، وتردت الأوضاع وازدادت معاناة الناس، وتوقفت الخدمات.. تراجع المستشفى حتى أصبح للطوارئ فقط بعد أن كان يملك كوادر وأجهزة ويقوم بعمليات كبرى. وكذلك الحال في الكلية والكهرباء، حدث ركود في السوق مع استمرار الجبايات التي تذهب إلى صنعاء ولا يستفيد منها أبناء المحافظة في ظل تردي الخدمات. كما تعيش الجوف تحت سيطرة المليشيا انفلاتاً أمنياً، وإشعالاً للثارات، وتزايداً في عدد الانتهاكات التي لم تشهدها الجوف إلا في ظل الحوثي. المليشيا اعتدت على النساء، وهي سابقة لم تعرفها المحافظة، وانتهكت حرمة المنازل، واستباحت المواطنين، وأصبح القتل شبه يومي.
* هناك أيضاً استهداف للجوف بالمخدرات والألغام الحوثية تقتل المواطنين بصورة مستمرة؟
نعم، المليشيا الحوثية أغرقت المحافظة بالمخدرات لتضمن استمرار سيطرتها، لإفساد المجتمع، ونشر الجريمة، كما أن جعل المخدرات في المتناول يسهل تجنيد الشباب، هذا أيضاً وفّر لهم طريق عبور آمنة وانتعاشاً كبيراً للتهريب إلى داخل أراضي المملكة العربية السعودية. أما الألغام، فهي جريمة أخرى، حيث يسقط ضحايا من المسافرين والمواطنين الذين يذهبون للرعي أو الاحتطاب؛ إنها ألغام زرعتها المليشيا في وقت سابق ولم تقم بنزعها، وهناك عدد كبير من الضحايا، وما زالت الكثير من المناطق مزروعة بآلاف الألغام التي تهدد حياة الأبرياء.
* في ظل سيطرة المليشيا الحوثية على الجوف، هناك صور تظهر حوزات طائفية، ما حقيقتها؟
الحوثي وارتباطه بإيران واضح منذ أول يوم، نقل الطقوس الطائفية من الحوزات وغيرها الى الجوف، وهي أعمال دخيلة على المجتمع اليمني وتنافي أعرافه وتقاليده.. موضوع نقل المشروع الإيراني إلى اليمن يجري بوتيرة عالية، وسيكون في كل منطقة إن لم يتم استعادة العاصمة ودحر المليشيا الحوثية الإيرانية. كما أن هناك استهدافاً للجوف من أذرع إيران كمخطط للإضرار بالمملكة التي لها حدود مع المحافظة بطول 700 كم، وهو دافع كافٍ لإيران لتعزيز حضورها في الجوف.
* هل من رسائل أخيرة؟
أدعو أبناء الجوف إلى مزيد من الاصطفاف وتوحيد الكلمة في ظل الشرعية وتحت قيادة مجلس القيادة الرئاسي ممثلاً بالدكتور رشاد العليمي وأعضاء المجلس، وإسناد الجيش والمقاومة الشعبية لاستعادة المحافظة وتحريرها من المليشيا. كما أدعو أبناء الإصلاح، الحزب الرائد، إلى مواصلة النضال والاستمرار في الطريق الذي بدأه في إسناد الدولة والحفاظ على الهوية الوطنية وحماية المكتسبات، فالإصلاح بتاريخه المشرف منذ تأسيسه محط فخر واعتزاز لكل إصلاحي، وسيكون الموعد باستعادة الدولة وبناء اليمن الجديد.
في الختام، نترحم على أرواح الشهداء الأبرار الذين قضوا في المعركة الوطنية وقدموا أرواحهم في مواجهة المشروع الإيراني الطائفي الإمامي المجرم، وندعو بالشفاء للجرحى، والحرية للمختطفين في سجون المليشيا الحوثية، والحرية والنصر لليمن.
المصدر .. الإصلاح نت
في الجمعة 12 سبتمبر-أيلول 2025 06:07:48 م
