|
قضية الظلم في الميراث، وأكل حقوق الورثة، والتحايل عليهم، قضية انتشرت بين المسلمين وأخص المجتمع اليمني بالتحديد وانتشرت كانتشار النار في الهشيم، ظاهرة تسببت في الكثير من المعاناة والخلافات والنزاعات بين أبناء العائلة الواحدة، وما ساعد ذلك التماشي من بعض القضاة وتجاهل ميراث النساء والوقوف مع الإصلاح لهم من الذكور، مجرد وفاة الاب والأم تظهر مخالب الذكور التي لم تكن تتوقعها اي اخت أو أمراه ممن لها حق في الميراث والأدهى والأمر أن يكون هذا الجشع والطمع ليس مجرد فكر ذكر منحرف قد تكون له شريكة وهي الزوجة التي لا تنهى عن الفحشاء والمنكر والتي تتخذ من هذا الموقف مناسبة لتصفية الحسابات وتتناسى أن لها ابناء وأنها القدوة لهم فما مارسته اليوم على أخوات زوجها فغداً يأتي الدور على بناتها ،وكلنا يعلم ان الدنيا دوارة، ومطلبي بهذا المقال الذي يلامس الواقع المرير والقضايا المتشعبة في الميراث وما ورث الآباء من كراهية وعداء لأبنائهم لم يكن يخطر على بال احد منهم .
عباد الله اتقوا الله، واعلموا أن تقواه سبيل الرشاد في الآخرة والأولى قال تعالى، {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [البقرة: 281] كلنا يعلم ان الله حرم الظلم على نفسه، وحَرَّمه على عباده، فقال تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ} [إبراهيم: 42]، وقال: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: 18]. وشر الناس من إذا طمع سرق، وإذا شبع فسق، وإذا احتاج نهش، وإذا استغنى فحش، ومن الظلم والجور ان تصبح هذه القضية هي الاولى في المحاكم، وقد انتشرت في المجتمع اليمني وتسببت في الكثير من المعاناة والخلافات والنزاعات، حتى بات أفراد الأسرة الواحدة أعداءً متناحرين، مما يساهم بشكل كبير ومباشر في تمزيق المجتمع بأسْرِه، ظاهرة يشتكي منها كثير من الناس، ونشاهدها في كثير من العائلات.
أن قضية الظلم في الميراث، وأكل حقوق الورثة، والتحايل عليهم، فكم من أمراه حُرِمت من ميراثها! وكم من يتامى أُكِلت حقوقهم!
وكم من ضعفاء لم يجدوا لهم ناصرًا!
وكم من إخوة تواطئوا على أخيهم أو أختهم فأجمعوا أمرهم وهم يمكرون، ومما يزيد من الألم ويفجع الفؤاد أن يتناحر أبناء الأسرة من إخوة وأخوات بعد موت مورثهم من أجل حطام زائل، ومتاع من الدنيا قليل، يقول ربنا جل جلاله في محكم التنزيل: {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا} [الفجر: 19]ومن احتال على إسقاط الفرائض والمقادير، وتغيير الأنصباء والسهام، وحرم وارثًا من ميراثه، وحبس مال التركة، فأخفى أصولها وأعيانها، وغيب إثباتها وإسنادها، واستأثر بالتصرف فيها، وماطل في قسمتها، وأراد استغلالها، وألجأ الوارث إلى التنازل عن سهمه، والرضا بجزء من قسمه، فقد تعدَّى حكم الله وفريضته وقسمته وحدوده ،قد نجد من هو قاضي أو محامي أو مهندس أو شيخ أو ….. الخ وهنا نذكر كل فئة في مكون المجتمع اليمني التي تأكل ميراث الغير وفي هذا العمل كما هو واضح فيه تَعَدٍّ لحدود الله تعالى وانتهاك لحرماته، فالله سبحانه بعد أن بيَّن الأنصبة قال: {فَلَا تَعْتَدُوهَا} [البقرة: 229]،؛ ولهذا قال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [النساء: 13]؛ أي فيها، فلم يزد بعض الورثة، ولم ينقص بعضًا بحيلة ووسيلة، بل تركهم على حكم الله وفريضته وقسمته قال تعالى، {يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} [النساء: 13، 14]. أي: لكونه غيَّر ما حكم الله به، وضادَّ الله في حكمه، وهذا إنما يصدر عن عدم الرضا بما قسم الله وحكم به؛ ولهذا يجازيه بالإهانة في العذاب الأليم المقيم، ولا شك أن من منع امرأة: أختًا كانت، أم أمًّا، أم جدة أم زوجة ميراثها، فقد تعَدَّى حدود الله، وتعَرَّض لعقوبته، والله قد قسم الميراث قسمة عدل لا جور فيها ولا حيف.
وفي العدل وصل ومودة واجتماع، وفي الظلم اختلاف وفرقه، وتباغُض وتشاجُر ونزاع على متاع قليل وأطماع، والخوان الظلوم يتحفز إلى حق المرأة واليتيم في الميراث، ففي صحيح ابن ماجه عن أبي هريرة - رضي الله عنه- عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «اللهم إني أُحَرِّج حقَّ الضعيفين: اليتيم والمرأة»؛ (صحيح الجامع). ومعنى «أُحَرِّج»: أضيق على الناس في تضييع حقها، وأشدد في ذلك، وأحذر وألحق الحرج والإثم بمن أضاع حق اليتيم والمرأة. فيا من وجد مال التركة سهلًا، مهلًا!
ورسالتي هنا :
أوجهها إلى من استولى على ميراث الإناث، وأغراه ضعفهن وسكوتهن وحياؤهن، يا من استولى على ميراث الأيامى واليتامى، وغرَّه صغرهم وعجزهم وانقطاعهم، تبَّتْ يداك، وخاب مسعاك، ودام شقاك! كيف طابت نفسك أن تستولي على المال والأرض والعقار، وتسند إخوتك وقرابتك إلى الفقر والعجز والضياع؟!
عبد الله من الذي أباح لك أموال التركة إمساكها وإطلاقها، حظرها وإنفاقها؟! ويل لك وويل عليك، فما أنت إلا شريك من الشركاء، ووارث من الورَّاث، لك ما لهم، وعليك ما عليهم، فاحذر يا عبد الله. احذر أيها المسلم أن تبيع دينك بقطعة أرض أو بمال قل أو كثر، فإن هذا من البغي، وإن هذا من قطيعة الرحم، واسمع إلى ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من ذنب أجدر من أن يُعجِّل الله عقوبته لصاحبه مع ما يدَّخره له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم»؛ حديث حسن، رواه أبو داود، وحسَّنه الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله، وعندما ننظر لهذه المشكلة،ومن الظلم المنتشر بين مجتمعنا حرمان المرأة من الميراث لخصوصية الرجال فيه دون النساء، أو المماطلة بحقها وبعضهم يجبرها على توكيله ثم يأكل حقَّها، والله تعالى قال: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا} [النساء: 7]، ويقول سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: 10]، وقال تعالى: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا} [النساء: 2]. وروى البخاري ومسلم في صحيحهما عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي قال: «اجتنبوا السبع الموبقات»، قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: «الشرك بالله والسحر، وقتل النفس التي حرَّم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات».
ولهذا ادعو كل أطياف المجتمع اليمني لمحاربة هذه الظاهرة الخطيرة التي لها عواقب وخيمة من عقوبات الله سبحانه وتعالى لما فيها من جور على المرأة وحقوقها.
في الخميس 11 سبتمبر-أيلول 2025 08:09:15 م
