«الشخصية الأسوأ على وجه الأرض لعام 2019»
محمد كريشان
محمد كريشان
 

الحدث يتمثل في إطلاق مقدم البرامج المصري أحمد موسى استفتاء حول «الشخصية الأسوأ على وجه الأرض لعام 2019» وذلك في برنامجه المباشر على الهواء ليلة رأس السنة. وموسى لمن لا يعرفه سبق أن أختير هو نفسه قبل بضعة أشهر كأفضل إعلامي في البلد الذي أنجب محمد حسنين هيكل وأحمد بهاء الدين ومصطفى أمين وغيرهم من كبار الصحافيين!!

الفكرة طريفة طرافة موسى نفسه الذي ما سافر بلدا مصاحبا للرئيس السيسي في جولاته الخارجية إلا وجد من يشتمه في الشارع أو حتى يضربه على قفاه إعجابا بمهنيته وصدقه وصراحته واستقلاليته وشجاعته وهو الذي لا يخشى في الحق لومة لائم!! ولأن «الحلو ما يكملش، لم يترك موسى التصويت مفتوحا على مصراعيه، وهو الرجل الذي يعشق المنطق والمنهجية والدقة، لذا حصره بين أربعة أشخاص فقط لا غيرهم : الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الإيراني حسن روحاني وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني ورئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فايز السراج.

لا اعتراض على الفكرة، فهي مبتكرة فعلا لاسيما أن السيئ لا يمكن أن يفكر بداهة إلا في تصويت سوء وليس تصويت استحسان، و لا اعتراض كذلك أن تكون القائمة محددة بأسماء بعينها تضم من بين ما تضم هذه الأسماء الأربع لم لا.. لكنها على ألا تقتصر عليهم دون غيرهم. قد يتفتق ذهن المشاهد على أسماء أكثر سوءا بمسافة من هؤلاء فلمَ نضع سقفا لسوء قد يعثر الناس على ما هو أعلى منه بكثير؟! سيظل كل واحد منا على شغفه في معرفة معيار السوء الذي اعتمده موسى ليقوم بهذه التصفيات أولية في ذهنه، أو بعد مشاورات مع «فريق الإعداد» إذا كان كلمة إعداد تنطبق أصلا على ما يقدمه لأن توضيح المعايير سيساعد كثيرا في توضيح الرؤية لمن يعتزم المشاركة في هذا الاستفتاء المباشر العظيم. الأرجح مبدئيا أن أغلب هؤلاء المشاركين سيكونون زملاء موسى نفسه، ليس من الإعلام طبعا، ولكن زملاءه من أسلاك الأمن والمخابرات المختلفة فهم مدعوون طبعا لعدم إفشال هذه المبادرة العظيمة وتوفير كل مقومات النجاح لها من نسبة تصويت عالية، وبالأخص من الاهتداء إلى الاسم المفضل من قبل «الأجهزة السيادية» على أنها «الشخصية الأسوأ على وجه الأرض لعام 2019».

لو كان لأي منا «شرف» العمل مع «إعلامي» ألمعي ومهني كأحمد موسى لا يشق له غبار لا في مصر ولا في خارجها، و قد يختار يوما ما كأفضل إعلامي أمنجي على وجه الأرض، لكل الأعوام وليس لعام واحد فقط، أو على الأقل لسنوات متتالية تشبه حصول لاعب برشلونة الشهير ليونيل ميسي على الكرة الذهبية كأفضل لاعب في العالم.. لو كان لنا مثل هذا الشرف الذي لا يناله إلا ذو حظ عظيم، لكنا اقترحنا عليه مجموعة خيارات أخرى، مع الاحتفاظ بالرباعي الذي اختاره هو أيضا دون زيادة أو نقصان.

مثلا ما رأي «فريق الإعداد» لبرنامج موسى الذي يضاهي برامج كبار الإعلاميين العظماء في العالم في هذا الرباعي الذي يمكن أن يعرض هو الآخر على التصويت، يتكون من: الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الكوري الشمالي كيم جون أون ؟؟ وقد نحذف أحد هذه الأسماء ونضع مكانها أبو بكر البغدادي زعيم «داعش».. فكرة أيضا لم لا؟!

هناك أيضا رباعي آخر، يكون فيه المعيار تقتيل الناس وتشريدهم أو تعذيبهم وتهجيرهم، لاعتبارات سياسية أو دينية: الرئيس السوري بشار الأسد، الرئيس الصيني شي جين بينغ، رئيسة الوزراء في ميانمار أون سان سوتشي…إبحثوا لي عن رابع رجاء!!

أما إذا تنازلنا عن رباعي مغلق فقط على أسماء من الصف الأول كرؤساء أو أمراء.. ما رأي «فريق الإعداد» في قائمة بها أسماء «لامعة» رغم أن حامليها ما زالوا أولياء عهد في دول عربية خليجية، أو ربما وزراء نافذون فيها. ما رأيه أيضا لو أدرجنا حتى قادة أحزاب أو ميليشيات هنا أو هناك، أو شخصيات عامة مشهورة، لكنها مكروهة وليست بالضرورة من عالم السياسة، إذ قد تكون من عالم الجريمة المنظمة أو تجار المخدرات أو تبييض الأموال أو غير ذلك. ثم ما رأي «فريق الإعداد» لو أدرجنا قائمة بأبرز المتورطين في القتل الشنيع والهمجي للصحافي جمال خاشقجي حتى نختار أسوأهم على الإطلاق فقد يظفر بهذا اللقب سعود القحطاني أو أحمد عسيري. يا الله كيف نسيت أنه تمت تبرئتهما مؤخرا لـ»عدم كفاية الأدلة» (!!).

أما ما لا يمكن لأي منا أن يتجاهله فهو بلا جدال شكر «فريق الإعداد» على نباهته في التحديد الدقيق لقائمة من سيجري التصويت عليهم لأن تركها مفتوحة يفسح المجال لكل نفس أمارة بالسوء. تخيلوا للحظة أن قطاعا واسعا من المشاهدين تحمس واختار من هو في بالي الآن وبال كثير من المصريين وتوّجه بلا منازع «أسوأ شخصية على وجه الأرض لعام 2019» ؟؟!! ماذا عسى موسى المسكين أن يفعل؟!!

ما أغباني!! ببساطة يزوّر النتيجة.


في الأربعاء 01 يناير-كانون الثاني 2020 07:18:26 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=44727