صالح.. آلمنا حياً وأحزننا ميتاً
أحمد عايض
أحمد عايض

في عالم الحرب والسياسة تضيع الحسابات الخاصة وتتهاوى العواطف وتتداخل المصالح، وتربك الكثيرين، فمنهم من يرغب في التعلق بعواطفه سواء كانت حباً أو بغضاً، وآخرون يحتكمون لقاموس السياسة وفرص التحالفات. مات صالح، عبارة هزت الشارع اليمني من أقصاه إلى أقصاه، محبيه ومبغضيه، لم يكن أحد يتوقع تلك النهاية العاجلة التي حملت في ثناياها بصمات الغدر والخيانة بالرجل. مات الرئيس صالح وهو من أعلن الحرب ضد مواجهة الحوثيين، واقتلاعهم من العاصمة صنعاء قبيل موته بـ72 ساعة، إعلان رائع لكن البعض ينظر إليه أنه كان متأخرا، لكنه موقف خير من أن يغيب. النهاية التراجيدية في حياة صالح، وفي حياة أبنائه وأبناء عمومته والمحيطين بهم، نقلت تاريخهم من القائمة السوداء إلى قائمة أخرى ,يجلها الأحرار، وينحني الوطنيون إكراما لها. لم يكن إعلان الرئيس السابق الحرب لمواجهة الحوثيين وتطهير اليمن منهم بالأمر السهل, فهو يعلم مدى صعوبة المهمة التي قرر أن يخوضها، وإن كانت خيارات الفشل فيها كبيرة إلا أنه قرر المضي في المواجهة مهما كانت النتائج. لقد ظل صالح يحكم اليمن طيلة 33 عاماً، وهو العمر الأكثر حضوراً في حياة جيل الشباب في اليمن، وقد كان ما كان من موقفه تجاه الوطن أرضاً وإنسانا. لقد كنا طوال السنوات الماضية نتمنى موته كي ندفن معه فصلاً مؤلماً من تاريخ اليمن، لكنه رفض أن يموت، ويوم أن تمنينا أن يعيش ليكون شريكاً شجاعاً مع هذا الشعب اليمني في معركة الحرية والدفاع عن الجمهورية والثورة مات سريعاً وغادرنا في لمحة بصر. مات صالح، دون مقدمات، مات، وهو من آلمنا حياً وأحزننا ميتاً، أفضى إلى ربه، وهو ارحم الراحمين. الفصل الأخير من حياة الرجل غير الكثير من المعادلات في نفوس خصومه ومحبيه، وصنع ملحمة جديدة ربما لم يعش منها إلا لحظة ميلادها القصيرة، لكنه كان صاحب الإعلان عنها، وكان قائد المواجهة في المشهد الأول فيها خاصة في العاصمة صنعاء. كان زعيماً لحزب المؤتمر، كان محبوه يتدفقون من كل حدب وصوب يوم أن كان حياً وفي أي مناسبة يدعو إليها، ليهتفوا بحياته، ويمنحوه حياتهم وبدمائهم، وشاء القدر أن تصنع تداخلات الحكم والسياسة وصراع الكراسي أن يضع مناصروه في موقف لا يحسدون عليه. صالح دعا كل مناصريه وكل شرائح المجتمع اليمني للوقف صفا واحدا ضد المليشيا الحوثية، فهل سيفي أعضاء المؤتمر الشعبي العام للزعيم الذي عاش ليس في قلوبهم فقط وإنما في كل قلوب الشعب اليمني. لقد أثبت شباب الثورة أمام كل هذه المؤامرات والصراعات التي عاشها الشعب اليمني من ميلاد ثورة الشباب في 11 فبراير 2011م، أنهم أكثر نبلاً وأكثر رقيا وسماحة، حيث قابلوا صالح الذي شن عليهم القتل والعنف والحرق بمنحه العفو وقبلوا فتح صفحة جديدة معه وقبلوا بتوقيع «المبادرة الخليجية» في حين أختلف صالح مع الحوثيين وبعد ساعات من خلافهم معه قاموا بتصفيته غدراً وخيانة، وقاموا بالتمثيل بجسده، كما قاموا بحرق صنعاء وشوارعها ومبانيها للوصول إلى ثأرهم والانتقام لأحقادهم المريضة. أروع ما في نهاية الرئيس السابق «علي عبدالله صالح» هو انضمامه إلى صف الوطن والشعب والحق، وإعلانه مواجهة الباطل ومحاربة العملاء، وتصدره بكل شجاعة لتصحيح أخطائه التي وقع فيها. نهاية الرئيس السابق فتحت فصلاً جديداً، لإعادة الوحدة والحياة للجسد اليمني الذي ظل مشتتاً بين «قوى الظلام والإمامة، وقوى الشرعية والثورة». كما مثلت دعوات الرئيس هادي ونائبه الفريق علي محسن وكل القوى السياسية لحزب المؤتمر الشعبي العام، موقفاً صادقاً مع أخوانهم في صفوف الشرعية لجمع الكلمة ووحدة الصف، ولملمة جراح الماضي، وإخماد أنفاس الإنقلاب، والعودة باليمن إلى محيطها العربي والسني. رحم الله الزعيم ورحم الله كل الشهداء الذين وقفوا بصدق وشجاعة في مواجهة عصابات الانقلاب، ودفعوا أرواحهم ثمنا لذلك... ولا نامت أعين الجبناء.


في السبت 09 ديسمبر-كانون الأول 2017 07:47:44 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=43290