فاعل خير!
منى صفوان
منى صفوان

\"كانت روبن مدريد شخصية صداميه\" هكذا رأى بعض من عرفوها ، والذين وجدوا في سياستها الشخصية ما يتوافق و سياسة المنظمة التي تعبر عنها .

الآن المعهد الديمقراطي الوطني \" NDI \" لم يعد تلك المنظمة التي تثير الكثير جدا منالحذر والتوجس بشان مواقفها وأهدافها الحقيقية ، إنها بالمستر بيتر ديمتروف تود العمل بأقل قدر من التوجس .

هي في غنى عن استنفار الحالة اليمنية وابتداع غرماء شخصيين قد يكون رئيس الجمهورية احدهم ، خاصة بعد استياءه الشخصي من روبن خلال عملها في اليمن ، وهو العمل الذي جعل صحفي أمريكي روى عن تجربتها اليمنية الغزيرة يفوز بواحدة من أشهر جوائز الصحافة الدولية في أمريكا. وهنا كانت الأخبار تحمل استياء الرئيس منها و من معهدها لأنها تجاوزت حدود احتماله، وأخذت بالتوسع في نشاطها، لتتجاوز حدود تأثيره.

عندها كان يجب التخلي عن لعب دور الفاعل الأقوى دون حذر، لتكون منظمة أمريكية تفضل أن لا تظهر الشخصية الأمريكية للأمة القوية – الغنية، التي اهتزت صورتها في البلدان العربية. فقد لقي المعهد الذي يعبر عن الحزب الديمقراطي الأمريكي نصيبه من الرفض ، باتهامه المباشر بالتجسس والتخابر، وأحيانا حظر و إغلقت مكاتبه. هل تعد كلمة \"تخابر\" مصطلحا قديما ، في زمن الأقمار الصناعية و خدمة جوجل ارث ، ولا داعي للتأكيد على أن التخابر من \"يخبر\" لا يمت بصله ل...\"يخرب\"، ربما !

السيدة الصدامية التي غادرت تاركة نشاط منظمتها في أوجه، حظيت بإعجاب اليمنيين الآخرين الذين لم يروها شخصية صدامية، بل شخصية متحدية وحماسية .

 ديمتروف ليس صداميا كفاية ، غير انه يستفز سريعا إن وجه له سؤال عما إن كان نشاط منظمته فيه تدخل سافر في الشأن الداخلي اليمني . طبعا يمكنك أن توجه سؤال ذكي كهذا ، دون أن يكون لديك تعريفا دقيقا للشأن الداخلي اليمني.

و حين تجد إجابة تقول لك أن لا أحد يتدخل في شؤونكم يا عزيزي... فعليك أن تظهر فورا اكبر قدر من الاقتناع. وتأكد انه لا يوجد شان داخلي ليتم التدخل فيه، على الأقل من قبل

المعهد الذي يؤكد دائماً انه منظمة ليس لها أهداف ربحية ، وأنه ممول من الوقفية الوطنية من اجل التنمية  NED والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID ، اضافة الى منح وهبات اخرى تساعد المعهد على المضي قدما لتحقيق هدفه باصرار ، هذا الاصرار يأتي من خصلة يمتاز بها \" الحمار\" الرمز الانتخابي للحزب الديمقراطي.

ولكن الحمار في ثقافتنا العربية لا يحظى بكل هذا الاحترام ليكون رمزا لحزب عريق ، رغم الاعتراف السياسي في الثقافة العربية بإصرار الحمار،و نعت أخر خلفاء بني أمية \"بالحمار\" . ولكن هذا لم يعفي الحمار أن يكون مرادفا للغباء, وهذا هو الشائع .

وقد يكون للحمار الخصلتين معا، الإصرار والغباء ، غير ان المشكلة ليست في الحمار، بل في اختلاف المفاهيم و الثقافات، و اختلاف النظرة للأشياء ذاتها. ولعل هذا ما يجعل العلاقة تبدو اشبه بالمتوترة بين حين واخر. فهذا الاختلاف ينساب بسهولة الى مفاهيم أخرى غير الحمار، ويمكن عكسها على مفاهيم الديمقراطية ذاتها. فما يجده الديمقراطيون الأمريكان عملا ينمي الديمقراطية، قد لا يجده الديمقراطيون اليمنيون كذالك.

ودخول قضايا الديمقراطية اليمنية النامية في حوار بين طرفين من هذا النوع قد يجعل الحوار قلقا لوجود طرف متخوف من ان يسيطر عليه طرف اخر بأفكاره , لذا يصاب طرف ما بالتوجس، بينما يراجع الطرف الاخر حساباته وينفذ سياسته ويعدلها بكثير من الحذر. هذا الحذر قد لايكون هو المسيطر على علاقة NDI باليمن فقط. فقبل عامين كانت تهم التجسس تلاحقة في البحرين. ومازال مكتبه الإقليمي في اليمن يهتم بالخليج. انه يهتم بهذا الجزء من العالم الذي توجد فيه النزاعات ،الفساد ،الفقر ،الحروب ،الصراعات ، والنفط أيضا.

و اليمن الغني بصراعاته وموارده ، يهتم المعهد فيه بعدة أنشطه تخدم هدفه العام وهو توطيد الديمقراطية ونشرها عبر العالم ، ليطبق ما يؤمن به الديمقراطيون الأمريكان .. \"الديمقراطية ليست انجازا نهائيا بل هي دعوة لجهد لا يعرف التعب\" وهي مقولة للرئيس الديمقراطي جون كنيدي ، وستجدها في عدد من أدبيات المعهد. وبين اسطرها يمكن أن تقرأ شيئا أخر عن هذا الاهتمام الديمقراطي المبالغ فيه والمتعدد الجنسيات.

NDI بأنشطته المتوسعة في العالم يعمل على تقوية الأحزاب وإشراك المواطنين, وتعزيز قدرات الهيئات التشريعية. و في اليمن يعمل مع الأحزاب بكفتيها(سلطة ومعارضة) ،مع البرلمان، المنظمات ، الجمعيات المجتمعية ، و جزء من الإعلام . انه يعرف كيف يختار الشركاء ، ووجودهم مهم، لأنشطه تخدم اليمن في عدة مناطق محدده تماما على الخارطة. و حل النزاعات أهم مشاريعه ، انه في أكثر المناطق اليمنية سخونة. مناطق يتفشى فيها الثأر، و الاكتشافات النفطية أيضا..

\"النزاعات تؤثر على التنمية\" تعلم الحكومة اليمنية هذا جيدا ، ولكنها ليست الوحيدة التي تعرف هذا ، وليست الوحيدة التي تعمل على حلها ، NDI  لديه الحل بالاشتراك مع سلطات تنفيذيه ،تشريعيه ،قضائية، جمعيات محلية ، و صحفيين. الحل يأتي عن طريق تشجيع وتوسيع شبكة زعماء القبائل والشخصيات الاجتماعية ذات النفوذ القوي، التي تعمل من اجل إنهاء النزاعات، لكن لماذا هذا الاهتمام الخاص بهذه المحافظات الثلاث! المعهد يرفض أي تلميح، فالجمعيات المحلية هي التي طلبت من المعهد الاهتمام بهذه المحافظات. وبدأت الحملة التي اشترك فيها جزء ضئيل من الاعلام الأهلي . 

اليمنيون يجدونها فرصه لعمل وطني ! ولكن عملهم الوطني هذا ليس يمنيا خالصا. فهل يحتاجون لمن يمول حملاتهم ، أم يمول وطنيتهم؟!!

  NDI بتسميته على الطريقة الأمريكية المختصرة ، لا يتعامل كمنظمه لها أجنده الممول. انه كمعهد لحزب سياسي\" يعتز بكونه ينهل من تقاليد الحزب الديمقراطي وخبرته\" ويقول ان \"ارتباط المعهد بالحزب يعزز من مكانته في العالم \" وفي ذات الوقت يؤكد \" أن برامجه ليست حزبيه\".

انه يحاول خلق إمكانية تبادل الخبرات وعرض التجارب والنماذج المتنوعة للقادة السياسيين ، ولهذا لا يكتفي بجمع الأحزاب ودعوتهم للتحاور، بل يدعم هذه المبادرة ، ويدخل هو في الحوار، ويعدل ويقترح ويضيف ويتوسط كأحد أطراف اللعبة السياسية ، طرف هادئ ، محايد ، وطرف وديع كما يود الظهور، و هو دائما ما يظهر تعاطفه مع ما تتعرض له السلطة من انهيارات داخليه ، و دائما يتبرع بتقديم مشورته الفنية.

 لكن مازالت تحركاتهم تثير الريبة ، برغم سياسة العمل بصمت، فمؤخرا كانت عدن تستقبلهم بندوة تناقش النزاعات والثارات في الجوف وشبوه ومأرب. ما شان عدن ليتم الذهاب إليها ، ويتبعهم الشركاء إلى هناك لوضع خطة! لا يجب وضع علامة تعجب واحدة فقط, خاصة بعد استدراك استفهامي لماذا عدن ؟ولماذا الآن؟ ولماذا عليها الاهتمام بموضوع لا يعنيها، في وقت هي غارقة فيه بشؤونها الخاصة التي تغلي معها كثير من القضايا السياسية!

هل يجوز هنا وضع سيناريو مشابه لما اعتدنا عليه في أفلام هوليود. سيناريو يفترض وجود واجهات اجتماعية تكسب ثقة الناس ، يستطيعون بهم تمرير ما يثقون هم به. ومعهم يذهبون إلى حيث يريدون بشرعية. وبدون علامة تعجب ، هل لعبة الاختباء و سياسة التمويه ، واستغباء من يتم وصفهم بالشركاء ستكون مجدية لوقت طويل لمعهد شديد الحساسية فيما يخص التحدث عن كونه جهة أمريكية ... \"تصر\" أن لا علاقة له بالسياسة الأمريكية.

.....\" بالتأكيد ال  NDI  منظمة لا تهدف للربح المادي ... إطلاقا \"


في الثلاثاء 29 إبريل-نيسان 2008 10:32:05 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=3674