غسيل الأموال في اليمن
دنيا الوطن
دنيا الوطن

 انتقد تقرير أمريكي رسمي وبشدة اليمن لكونها لم تعمل حتى الآن على تنفيذ التوصيات الخاصة بتمويل الإرهاب من فرقة العمل المعنية بالتدابير المالية لغسل الأموال بالإضافة إلى غياب قوانين تعالج متطلبات قراري مجلس الأمن رقم 1267 و 1373 والمتصلة بمكافحة تمويل الارهاب.

ووصف تقرير نتائج زيارة فريق (تقييم الأنظمة المالية) إلى اليمن سلمته السفارة الأمريكية الاثنين رسميا لرئيس لجنة غسيل الأموال في اليمن احمد احمد غالب –حصل الوطن على نسخة منه -القطاع المالي في اليمن بالغير متطور لانه يعتمد إلى حد بعيد على النقد ، كما أن غسل الأموال في اليمن لا يزال مجهولا على الرغم ان القطاع المالي ضعيفا إزاء التعرض لمؤامرات غسل الأموال/تمويل الإرهاب من جانب أشخاص أو هيئات معينة تمثل مستوى خطورة عال، ومن خلال استخدام منتجات/خدمات معينة، وتحديدا عمليات ت حويل الأموال.

مؤكدا بأنه لا توجد في البلاد متطلبات للإعلان عن حمل العملة أو ما يعادلها في نقاط عبور الحدود، أو التبليغ عن معاملات نقدية كبيرة، ولا يوجد تدبير خاص بالمرافئ الآمنة (أي تدبير يحمي طرفا معينا من المسائلة القانونية إذا كان ذلك الطرف قد تصرف بنية حسنة) بخصوص تقارير المعاملات المشبوهة.

وقال التقرير انه وبالرغم من أن البنك المركزي اليمني أصدر فعلا تعميما يتعلق بقرار مجلس الأمن رقم 1267. ولكن يبدو أن الإجراء المطبق حاليا لا يلبي التدبير الذي ينص على "التجميد من دون تأخير"، وذلك بسبب التأخير في التبليغ ،منتقدا عدم وجود قوانين لمكافحة تمويل الإرهاب في اليمن .

مطالبا في ذلك اليمن بسرعة إيجاد قانون لمكافحة تمويل الإرهاب معدا وفقا للتوصيات الأربعين الدولية ، وكذا تجميد أرصدة الشيخ عبد المجيد الزنداني –عضو الهئية العليا لحزب الاصلاح المعارض –رئيس جامعة الايمان ، الذين أضيف موجب القرار 1267 إلى القائمة الموحدة لممولي الإرهاب في شباط / فبراير 2004.

وأشار إلى انه وبالرغم من ان المؤسسات المالية (بنوك ومحلات صرافه )هي من الناحية الفنية لهذا الموضوع محدودة ومرصودة في ممارساتها من قبل البنك المركزي اليمني ، إلا أن نظم التحويل البديله ، مثل الحواله ، لا تخضع للتمحيص وعرضه لغسل الأموال وغيرها من التجاوزات المالية.

وقال "يشرف البنك المركزي على 17 بنك تجاري في البلاد، منها أربع مصارف إسلامية. يعمل في البنك 20 مدققا. كما يتمتع البنك المركزي اليمني إضافة إلى ذلك بسلطة على 448 محل لصرافة العملة يقال إنها تتكون من 20 سوقا رئيسية. غير أن الإشراف على محلات صرافة العملة يظل محدودا ويقتصر على مراجعة السجلات المالية وسجلات الامتثال التي يزودها صرّافو العملة للبنك المركزي اليمني، من دون زيارة المواقع. وتقتصر عمليات المراجعة الميدانية التي يقوم بها مدققو البنك المركزي اليمني عادة على البنوك.

وأضاف "إن إجراءات التدقيق الرسمية المستخدمة لاختبار مدى امتثال البنك إلى قوانين مكافحة غسل الأموال محدودة جدا مما يجعلها غير فعالة. وتتكون هذه الإجراءات من نحو 12 سؤالا يتعلق بوجود برنامج للامتثال، ومسئولين عن الامتثال، وبرامج تدريبية، وتقارير عن المعاملات النقدية التي تزيد على 10.000 دولار. هذه الإجراءات ليست شاملة ولا توفر تقييما لتلك العناصر المذكورة أو لاختبار المعاملات لتحديد مستوى الامتثال .

 

وأكد تقرير فريق تقييم الأنظمة المالية والمكون من خبراء ماليين من عدة وكالات أمريكية الذي زار اليمن في مارس2007 أن هناك عدد كبير من مصادر غسل الأموال في اليمن كالأنشطة الاقتصادية السرية والأنشطة الخيرية وتهريب وتجارة السلع، والفساد، وتهريب الأسلحة، والتهرب من الضرائب، والاتجار بالأطفال والمهاجرين خارج البلاد. (لكن فريق تقييم الأنظمة المالية لم يجد هناك أي غسل أموال او ملاحقات قضائية أو إدانات في اليمن بهذا الشأن).

 

مشيرا في ذلك إلى إن وحدة معلومات مكافحة غسل الأموال في اليمن تواجه عدة تحديات في جهودها لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. ومن أبرزها الافتقار العام إلى الوعي بمكافحة غسل الأموال/مكافحة تمويل الإرهاب، إلى جانب نقص التدريب الرسمي في جهود التقصي الخاص بمكافحة غسل الأموال/مكافحة تمويل الإرهاب فضلا عن الفساد واختلاس الأموال العامة، والأعمال الإرهابية التي تقوم بها جماعات إرهابية ماهرة للغاية. وهناك تحد آخر يواجه فعالية نظام مكافحة غسل الأموال/مكافحة تمويل الإرهاب في اليمن، و هو النسبة العالية من النقد الذي قال التقرير انه يجري تداوله في القطاع المصرفي غير الرسمي (ويقدر بنحو 60-80% من مجموع الأموال).

وفيما اعتبر التقرير أهم تحد يؤثر على قدرة البنك المركزي اليمني على ضمان الامتثال إلى قوانين مكافحة غسل الأموال هو نقص التدريب الفني المناسب. كشف أن قوانين مكافحة غسل الأموال الحالية في اليمن ليست شاملة ولا تلبي الحد الأدنى من المعايير الدولية ، كما أن تنفيذ قوانين مكافحة غسل الأموال الموجودة ما تزال غير فعالة. فضلا عن افتقار البنك المركزي اليمني إلى السلطة التي تم تجربتها في التنفيذ، ولم يتم وضع أي تقييم كميّ لمستوى عدم الامتثال إلى قوانين مكافحة غسل الأموال.

وذكر التقرير ان البنك المركزي اليمني اشار إلى أنه يعاني من نقاط ضعف إزاء الفساد والإرهاب. فاختلاس الأموال الحكومية منتشر، وتمتلك الجماعات الإرهابية وسائل متعددة لتهريب الأموال عبر حدود البلاد البرية والبحرية المليئة بالثغرات.

وانتقد التقرير عدم وجدود قوانين لمكافحة تمويل الإرهاب في اليمن وقال انه "ومع أن هناك بعض المؤشرات على أن اليمن قد أظهر بعض التعاون الدولي وقام بمراجعة المنظمات غير الربحية إلى حد ما، إلا أن التوصيات الخاصة بتمويل الإرهاب من فرقة العمل المعنية بالتدابير المالية لغسل الأموال لم يتم تنفيذها بعد".

مشيرا الى ان لجنة مكافحة غسيل الأموال أكدت وجود مشروع قانون لمكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب سيقدم الى البرلمان ، ويعالج كل توصيات 9 40 لفرقة العمل المعنية بالتدابير المالية ( FATF ). وسوف يجرّم القانون الجديد تمويل الإرهاب من جانب الأفراد والمنظمات. وقام الفريق القانوني في اللجنة وممثلون عن الأمم المتحدة بمراجعة مشروع القانون للتأكد من أنه يتماشى مع المعايير الدولية، مؤكدا إن مشروع القانون يحتاج إلى مزيد من التدقيق.

واظهر التقرير عدم وجدود شروط للتبليغ عن عمليات تبادل العملة وصرافتها والصكوك المالية وعمليات تحويل الأموال التي يقوم بها عملاء المؤسسات المالية فضلا عن غياب تعريف للنشاطات المشبوهة والحدود التي تتطلب بدء التبليغ عنها.

معتبرا عدد تقارير المعاملات المشبوهة التي يجري تقديمها لا تتناسب مع المخاطر التي تمت ملاحظتها في مكافحة غسل الأموال. وقال "منذ بداية العمل بقوانين مكافحة غسل الأموال، رفعت المؤسسات المالية ستة تقارير فقط عن المعاملات المشبوهة: اثنان في 2005، وثلاثة في 2006، وواحد في هذه السنة حتى تاريخه. ومع أن تقرير المعاملات المشبوهة الأخير لا يزال تحت المراجعة، إلا أن التقارير الأخرى لم تتم إحالتها إلى المدعي العام، ولم يرد أي من هذه التقارير من صرّافي العملة".

التقرير أشار أيضا إلى انه لا يجري الاهتمام بالأشخاص/الهيئات والسلع/الخدمات التي يحتمل أن تمثل درجة عالية من الخطر. وقال "إن التعرف على، وتعزيز الحيطة المتوخاة تجاه عملاء معينين و رصدهم (مثلا، الأشخاص المعرضين لأخطار سياسية، مزودي الخدمات المهنية، المصالح التجارية التي تعتمد على النقد بشكل مكثف) وسلع/خدمات معينة (مثلا، الحسابات البنكية الخاصة، تحويل الأموال) سوف يزيد من قدرة المؤسسات المالية على اكتشاف أنماط وتوجهات من النشاطات المشبوهة".

وتطرق التقرير الى المنظمات غير الحكومية في اليمن حيث اعتبر وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بأنها لا تملك أكثر من سيطرة متواضعة على تلك المنظمات ، مشيرا إلى القوانين الحالية متساهلة جدا، ولا توفر الإشراف والضوابط المركزية على المنظمات غير الحكومية من جانب وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.

ومع إشارة التقرير إلى انه يجري النظر حاليا في تعديلات للقوانين السارية، مما قد يوفر مزيدا من الإشراف والضبط المركزي. قال انه" لكي تكون هذه التعديلات فعالة، من الضروري أن تتلقى تأييد مجلس النواب، غير أن ذلك قد واجه عقبات في الماضي لأن عددا من أعضائه يشارك أيضا في الجمعيات الخيرية/المنظمات غير الحكومية".

وانتقد التقرير بشدة اليمن لعدم قيامها بتسمية حماس أو حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين كمنظمات إرهابية أجنبية، مشيرا إلى لكل من هاتين المنظمتين مكاتب في اليمن يستخدمونها كمركز لحملات جمع التبرعات.

وقال انه وفي محادثات فريق التقييم مع لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب في حكومة الجمهورية اليمنية، ما زال اليمن حذرا في مواصلة دعمه للمقاومة في الضفة الغربية وغزة. ومن المستبعد أن يتخذ اليمن أي إجراء لاقتلاع وجود هذه المنظمات في المستقبل.

ونوه التقرير إلى المنظمات غير الحكومية تتلقى تمويلات مباشرة من منظمات مشابهة وما نحين في الخارج وحاليا تحوّل الأموال بحريّة من وإلى اليمن (ولا تحتاج المنظمة غير الحكومية إلى إذن من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل كي تقوم بتحويل الأموال). مؤكد في ذلك على ضرورة ايجاد حساب بنكي واحد لكل جمعية ومنظمة يتم فتحه من خلال وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل. ويتم أيضا تنسيق الأشخاص الذين يحق لهم التوقيع على هذا الحساب من خلال وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل.

ولاحظ التقرير ان وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل" لا يجوز لها أن تجمد أو تغلق حسابات عندما تحدث مخالفات". مطالبا الوزارة بأن تستخدم القنوات القضائية لتجميد أو إغلاق الحسابات.

وقال "قبل أكثر من عام، تقرّر أن نحو 1,500 منظمة غير حكومية قد خالفت صفتها القانونية. وبدأت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الأوراق القضائية اللازمة لحل هذه المنظمات غير الحكومية، لكن هذا لم يحدث حتى الآن".

وتطرق التقرير الى قطاع الجمارك في اليمن موضحا ان سلطة الجمارك تتحمل مسؤولية ضبط دخول كافة الأفراد والسلع إلى اليمن أو مغادرته. وتتمتع سلطة الجمارك بسلطة التفتيش والاحتجاز والتحقيق، معتبرا ذلك شيء فريد من نوعه في المنطقة.

وأضاف " أن إدارة التفتيش في سلطة الجمارك تتحمل مسؤولية الأمور المتعلقة بالتهريب وغسل الأموال وغير ذلك من الأمور ذات الصلة لكن لا يوجد لدى سلطة الجمارك فريق مختص من المفتشين. بل يتم تناوب ضباط الجمارك عبر عدة مناصب وإدارات".

 

وتابع "بينما تملك سلطة الجمارك سلطة احتجاز السلع، إلا أنها لا تستخدم حاليا أدوات أو تحقيقات مالية لتتبع عمليات تهريب النقد بكميات كبيرة، أو عمليات غسل الأموال القائمة على التبادل التجاري، وكل منها تم تعريفه بصفته يمثل مستوى عال من الخطر. وتبدأ معظم التحقيقات انطلاقا من وشاية أو تبليغ، ويتعرض الضباط في حالات كثيرة إلى محاولات لرشوتهم".

وبإشارة التقرير الى حدود اليمن الكبيرة ما يجعل من عمليات التهريب متنامية قال الفريق في التقرير ان جهاز الامن السياسي والجمارك في اليمن اجمعا على أن خطر تمويل الإرهاب وغسل الأموال يتمثل بالدرجة الأولى في أشخاص ينقلون النقد شخصيا.

وأكد انه "لا توجد في اليمن حاليا متطلبات لإعلان النقد الذي يحمله مسافر من أو إلى البلاد، وتقول سلطة الجمارك أن هناك فعلا نموذجا خاصا للإفصاح عن ذلك، لكنه يستخدم فقط بعد أن تكتشف سلطة الجمارك على الحدود وجود هذا النقد".

وفيما يتعلق بقطاع الضرائب اكد التقرير انه ضمن العديد من الجهات الحكومية في اليمن لإنفاذ القانون ، لا تملك سلطة الضرائب حاليا القدرة على القيام بتحقيقات مالية أو تطبيق الأساليب المالية في جهودها لمكافحة التهرب من الضرائب. موردا مثلا، "أشارت سلطة الضرائب إلى أنها، في حالة التهرب من الضرائب المتعلقة بالسجائر، فسوف تتدخل فقط في آخر نقطة للمبيعات (بعد تلقي إشعار أو وشاية). وتصدر السلطة إنذارا لأول مخالفة. ويتم بعد ذلك تطبيق سلسلة من الغرامات المتصاعدة (مثلا، أربعة أضعاف الضريبة). ومع أن القانون يتضمن إمكانية فرض عقوبة السجن لستة أشهر، لم يسبق إطلاقا أن تم فرض هذه العقوبة".

كما نوه التقرير أيضا ان سلطة الضرائب لا تملك حاليا القدرة على إجراء تحقيقات مالية لتحديد ما إذا كان هناك أشخاص آخرون لهم صلة بالتهرب من الضرائب، وتحديد موقع العوائد غير المشروعة، أو التعرف على الأصول المتصلة بالتهرب من الضرائب وتجميدها ومصادرتها.

وخلص التقرير الى ان اليمن لا يزال في المراحل الأولى من تطوير نظام لمكافحة غسل الأموال-مكافحة تمويل الإرهاب. موصيا بضرورة أن يؤخذ عدد من العوامل الأخرى بعين الاعتبار عند النظر في التدريب على مكافحة غسل الأموال/مكافحة تمويل الإرهاب في اليمن. ومن بين هذه العوامل وجود قانون يتوافق مع المعايير الدولية، والحاجة إلى إصلاح قانوني شامل، ووجود محدود لمؤسسات مكافحة غسل الأموال/مكافحة تمويل الإرهاب.

وأضاف " لاحظ فريق تقييم الأنظمة المالية وجود عدد من المجالات التي تثير الشواغل والتي يجب أن تظل تحت المراقبة والرصد. ومن بين هذه المجالات: قطاع خدمات لتبادل الأموال لا يزال حرا لدرجة كبيرة من الأنظمة القانونية، بما في ذلك خدمات صرف العملة وتحويل الأموال، وقدرة محدودة على رصد وضبط المخاطر في قطاع المنظمات غير الحكومية لتمويل الإرهاب والاحتيال المالي، وقطاع بنكي غير رسمي ينطوي على مؤسسات غير مصرفية لا يزال في المراحل الأولى من تغلغل البنوك. كما أن هناك تباطؤا إداريا في تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1267 والمتعلق بتنفيذ العقوبات وتجميد أرصدة الشيخ عبد المجيد الزنداني ، وحجز أصول أخرى تتعلق بتمويل الإرهاب.

ولكن إذا سمحت الموارد بذلك، يعتقد فريق تقييم الأنظمة المالية أن التدريب على المستوى المناسب سيكون ممكنا ومحبذا على حد سواء. ويعتقد فريق تقييم الأنظمة المالية أن الجهود الأولية يجب أن تركز على البنك المركزي اليمني وعلى وحدة معلومات مكافحة غسل الأموال.

وأوصى فريق تقييم الأنظمة المالية في تقريره بشكل خاص بتركيز التدريب الأولي على عدد من المجالات وأهمها (المساعدة في صياغة القوانين ، عمليات التفتيش المالي ، التدريب على اكتشاف المعاملات المشبوهة والتبليغ عنها)


في الخميس 03 إبريل-نيسان 2008 07:15:18 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=3566