|
مضت سنين طويلة من الأستبداد والظلم الجائر, والفقر والتخلف, كُبت الجميع, وحبطت أقلام الصحفيين لسنوات طويلة, ننادي بحرية التعبير لكننا لا نراها في ظل أستبداد تلك الأنظمة التي شوّهت معالم الحرية فصاح بوعزيزي في تونس وأسقط حكم زين العابدين , قبل أن تتوالى المسرحية في فصولها فسقط مبارك في أيام قليلة لحقه القذافي وعلي صالح فهلل الجميع وكبر لبداية عصر جديد من الحياة السلمية والأمان والأستقرار في أوطاننا.
ماهي إلا أيام قليلة حتى أستولى الإسلاميين على مصر واليمن وتونس الخضراء وأيضا ليبيا, فظن المواطن "الغلبان" أن سائر حياته ستنقلب رأسا على عقب, وأن فصول الظلم التي عاشوها سوف تنتهي, ومسارح الأحلام اتسعت, ورقعة تكميه الأفواه انتهت, غير أن ثوراتهم سُرقت وغلفت بعباءة دينية للوصول إلى السلطة التي يدافعون عنها بالدماء.
مضى أكثر من عام, عندما وصل رجال الدين للسلطة, قبل أن يطلق المصريون في كافة الميادين صرخات"تمرد" ضد رئيسهم الذي انتخبوه في الصناديق, تعالت الأصوات بإسقاطه فسقط بأيام قليلة مُقالا وليس برضاه, نظرا لما تحظى به القوات المسلحة من تأييد شعبي جارف.
قبل سقوط مرسي بشهرين, وقبل عودتي للرياض عائدا من القاهرة, كنت على يقين تام بأن نظامه سوف يسقط شاء الإخوان أم أبى, لأن الأصوات في القاهرة وفي مختلف المحافظات كانت تنادي بسقوطه وليس بإصلاحات نظرا لاستيلاء الإسلاميين على الدولة من كافة جذورها.
أرتكب مرسي وإخوانه عدة أخطاء قصمت ظهر البعير إن جاز التعبير, فإقصاء المعارضة من الحكم كان أحدها, وقطع الغاز على أسرائيل أصاب البورصة المصرية بالشلل, ومخروجات الفرد المصري تجاوزت 80 جنيه في حين أن دخله لا يعادل 30 جنيه, وتعاونه مع حماس زاد الطين بله, وإقصاء النائب العام أحد الفجوات التي لم يحسب لها حساب, والتشكيك في نزاهة القضاء قلب الموازين.
بعد مرور عام, على حكم الإسلاميين, أستطيع القول ومن خلال دراستي لإبعاد الإعلام في القاهرة وتحليل مضامين كل حدث على حدا, أن ثورات الربيع العربي فشلت فشلا ذريعا, وكشفت لنا أقنعة جديدة من التربص بحق المواطن, وعدم الكفاءة في إدارة البلدان وقلة الخبرة وعدم تحقيق الأمان زات الأمر أكثر تعقيد, فقد تبعثرت أوراق الإسلاميين في تونس وملف الاغتيالات أكبر دليل وانسحاب النواب من البرلمان, وفي ليبيا كذلك الحال بالنسبة لرقعة الاحتاجات التي عادت للواجهة, لاسيما الخوف من المساجين, أما في اليمن الحبيبة فلا زال المشهد غامض إلى هذه الأيام وقد تكشف الأوراق خبايا لم تظهر بعد.
عصارة وخلاصة الأمر, أن الربيع العربي أصبح ساخن وانقلب على رؤوس أصحابه إلى صيف ملتهب, وأن دماء الشهداء التي سقطت دفاعا عن الأوطان لم تجف بعد, ولو قاموا من المقابر لما رضوا بالحال الذي وصلنا إليه.
في الثلاثاء 30 يوليو-تموز 2013 10:43:57 م