معدتي لا تهضم سلاحاً يا رئيس
مصطفى حسان
مصطفى حسان

أين أنا من وطني وأين أنت مني، أملت فيك انفراج وضعي المتأزم وحدثت نفسي أن الفجر يلوح في الأفق وأن اليسر يقترب ليقضي على العسر، وجعلت الصبر أسلوبي الوحيد لمقارعة الوضع الذي أجبرنا عليه.

أشاهد الثروات من حولي وأدرك أن الإعدام ينتظرني إن حاولت شم رائحتها المنبعثة من نافذة المبنى المجاور، ذو الحوش الرفيع، سمعت بثورة تقتلع الجذور المتعفنة وتقف ضد ممارسة سياسة التجويع وإلباسي ثوب الفقر مدى الحياة، فسارعت وصرخت ومزقت جسدي وخيرت نفسي بين حياة كريمة أو موت عزيز مضت الأيام بما فيها من أشواك وغصص يتقبلها اليمني بروح رياضية لأنه تعود على مثلها وأصبح يضرب به المثل في الكفاح من أجل البقاء، تسلل الى مسامعي أن تغيراً سيحدث وخصص يوم 21 من شهر فبراير ليكن يوم التغيير، في تلك الليلة كغير عادتي وعادة المواطن المغلوب على أمره، سارعت إلى النوم حتى يتسنى لي الاستيقاظ مبكرا، واحجز مكانا في الصف الأول، في الصباح تفقدت ثوبي الوحيد فلم أجد سوى بقايا مال بالكاد تحملني إلى مكان الاقتراع ، لم أفكر بإمكانية العودة، ومضيت كل ما كان يشغل تفكيري هو وداعي لزمن البؤس والتعاسة وترحيبي بعهد جديد قد يشفق علينا من جور السنين، ويضع للفقر حداً ويكتب الفصل الأخير للمعاناة.

أجمع الناس ولأول مرة يكون إجماع يسوده الصدق بنسبة 98% واختاروك لتكون المخلص لمعاناتهم.

أغلب تلك النسبة مثلتها طبقة الجوعى والهاربون من عذاب الفقر، فلا ادري هل كان ذلك اليوم مغنما لهم ام مغرم. أم يعدونه ذنبا اقترفوه.

ذلك المواطن الذي بلغ من العمر عتياً، يفترش الأرض ويلتحف السماء لينام على الرصيف ويسابق الطير في التبكير متحملاً قسوة البرد وجور المشيب، ينتظر ساعات ليجد من يشفق عليه وإعطاءه عملاً يكسب من وراءه ما يسد به رمق جوعه وجوع أسرته من بعده التي تنتظر ما يقوم بإرساله نهاية كل أسبوع، ذلك المواطن لم يكن ينتظر منذ الصباح لمن يعطيه دبابة او يشتري له قطعة سلاح إنه بحاجة الى لقمة العيش فقط.

ليت رئيس الجمهورية يستطيع أن يخرج في ليلة ما إلى اقرب شارع وفي الساعة الثانية بعد منتصف الليل ليس لشيء سوى أن يرى بأم عينه، تلك الأجساد المتحركة بجوار كل ما يسمى ( براميل القمامة )

أولئك الأشخاص الذين يبحثون داخل كل كيس لم يبحثوا عن قطعة سلاح بل حلمهم أن يجدوا كسرة خبز متعفنة أو قطعة معدن يستفيدون من بيعها ويصرفونها لتوفير أدنى متطلبات الحياة.

تمنيت كثيرا أن يقوم فخامة الرئيس بجولة تفقدية ليس إلى روسيا ولا إلى دول الخليج بل إلى اقرب المحلات المتاخمة لمنزله ليرى كيف تجبر الحياة شباب وخريجي الجامعات للعمل في مجال لا يناسب تخصصاتهم، يقبلون أي عمل مهما كان نوعه ليستطيعوا البقاء بهذا الوطن لو سألت أولئك عن رغباتهم لوجدت أنها ليس توريد معدات وأسلحة بل خلق فرص عمل تمكنهم من البقاء في مربع البشرية.

لا ادري هل اهنئي الرئيس بصفقة السلاح التي تتجاوز 4 مليار دولار والذي بالطبع لم يتبقى سوى أشهر معدودة لانتهاء فترة حكمه الانتقالي. أم أعزي الشعب الذي يملك أكثر من ستة مليون قطعة سلاح لكنها لم تشبعه من جوع، إن من حق الرئيس أن يعقد أي صفقة يرى فيها مصلحة الوطن ولكن من حقنا أن نشبع قبل أن نحارب وأن نطالب بالأولويات فهناك هام وأهم فأين أنت من الوجع اليمني يا فخامة الرئيس!!


في الإثنين 29 إبريل-نيسان 2013 05:27:51 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=20198