بواكير الصباح
عبد الرحمن العشماوي
عبد الرحمن العشماوي

للحادثات بوارقٌ وطوارِقُ

وجبال صبركَ يامُحبُّ شواهق

ألْقى إليك الليل كاملَ رحلهِ

وخيول حزنكَ في الفؤاد سوابقُ

و الشعر ينبع من مشاعرك التي

فيــــها من الألم الدفين حرائقُ

قالت : أرى غيماً ، فــقلت لها أما

ناداكِ رعدٌ حين لاح البارقُ ؟!

هذي السفوح تقول لي : أنا هاهنا

و القلب يجذبه العلوُّ الشاهقُ

أنا لستُ أبكي يا حبيبةُ ، إنَّما

جفني بتيار المدامع غــــارقُ

هذا أديم سعادتي قد مُزقتْ

أوصاله إربـــاً ، فأين الرَّاتـــقُ ؟!

هذي حروف الشعر يلهبها الأسى

بسياطه ، ولسان جرحي ناطقُ

يُسقى بماء الحـزن جذْعُ قصيدتي

ووراء شعري من أنيني سائقُ

للشعر عـــينٌ ، لا ترين كما أرى

وله فــــمٌ يشدو وقلب خافــــق

لا تعجبي ممَّا ترين من الأسى

في وجهه ، وهو المحـبَّ الوامقُ ؟

قد يُخلصُ الإنسان وهو مُخالفٌ

ولقد يُسِرُّ الغدرَ وهو موافـــقُ

قالت : أرى وهماً ، فقلت أنا أرى

دوَّامةً فيها تضيع حقائــــقُ

قالت أرى الأقصى حزيناً رفْرفتْ

من فوقه للغــــــــاصبين بيارق

وأرى الخليل تذوب في آلامها

يغـــــتال بسمـتها البريئة آبقُ

وأرى رجالاً يشــــربونَ كؤوسهم

وعلى الرؤوس مـــقامعٌ ومطارِقُ

وأرى الرؤوس الشامخاتِ وحولها

نِطـعٌ وسيفٌ صارمٌ ومشانقُ

وأرى عجول السَّامريِّ ، وجوههمْ

قبْحٌ ، وأعينـــــهم شـــرارٌ حارِقُ

قلتُ : الحقيقة ماترين وما أرى

أيعيدُ أولى القبلتين الفاسقُ ؟؟!

لا تجعلي الأمل الجميل معلَّقاً

بسياسةٍ ، فيها الكذوب الصادقُ

فأشدُّ حالات العدوِّ عداوةً

لمَّا يلبِّـس حقده وينـــــافقُ

قالت : أرى بحراً ، وقــومكَ دونهُ

قلت : اعذريهم ليس فيهم طارقُ

أنا لا أرى جور الأعادي عائقاً

لكن ضعف المسلمينَ العـــــائقُ

قالتْ: أرى درباً طويلاً دونهُ

حُجُبٌ مكثــفةٌ ، وفـــيهِ خنادقُ

للرعبِ فيه حكاية مـــشؤومةٌ

يعوي بها ذئبٌ ، وينعق ناعـقُ

درباً يمدُّ الشوكُ فيهِ عــــروقهُ

وعلى جوانـــــبهِ تربَّــص غاسق

قلتُ : اطمئني ، كلُّ ما شاهدتهِ

خلقٌ ضعيف ، و القوي الخالق

أنا لا أرى أشواكَ دربي وحدها

فهناك أغصانٌ ونخْـــــلٌ باسقُ

قالتْ : أرى لك جانحين ، فجانحٌ

مازال مكسوراً ، وآخر خافـــقُ

قلت اطمئني ، إنَّني مــــتعلِّقٌ

بالله في لجج المآسي واثــــقُ

إنْ كانَ للأفق الحـــــزين مغاربٌ

فلهُ من الأمل الكبير مشارقُ

إنِّي أرى فجـــــراً يخيطُ ثيابَه

بيـضاً ، وفي شفتيه لحن شائقُ

وأرى بواكير الصباح وحــــــولها

ليـــلٌ سيجـــرفه الضيــاء الدَّافــقُ


في السبت 27 إبريل-نيسان 2013 06:54:16 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=20171