لمن تشتكي ياقلب..
عبد الرحمن العشماوي
عبد الرحمن العشماوي

لمن تشتكي يا قلب والجرح غائر

وحولك أصناف الهموم تحاصر ؟

لمن تشتكي يا قلب ، نبضك لم يزل

يحدثني أن الأسى فيك هادر

ويخبرني أن الجراح كثيرة

ودولابها في بحر حزنك دائرُ

لمن تشتكي يا قلب ، والليل واقف

على الباب ، والفجر المنير مسافر ُ ؟

إلى الله يا قلبي ، فربّك عالم

بأسرار ما تشكو ، وربّك قادرُ

إلى الله ربّ العالمين فإنه

معين لمن يأوي إليه وناصرُ

إلى الله يا قلبي ، فما خاب راجع

إلى ربه يوماً ولا خابَ صابر

ألا أيها القلب المعنّى تسابقت

إليّ المآسي طاردتني الفواقر

أرى بعض قومي نائمين ، وحولهم

كهوف وغابات وأسد كواسرُ

أرى بعض قومي عابثين ، وحولهم

تدار كؤوس الغدر تلقى الأوامرُ

أرى للدعاوى أيها القلبُ ضجةً

يضيق بها سمع ويحتار ناظرُ

يضيع بها حق وتبنى حواجز

وترسم فيها للوفيّ الدوائرُ

دعاوى ، بها تعلو مكانة فاسق

وفي ظلها المشؤوم تطغى المظاهر

أنادي بني قومي ، فياليت سامعاً

يجيب ، وياليت المجيب يبادر

أقول لهم : ما كل من سل سيفه

شجاعاً ، ولا كلّ الطواغيت جاهروا

ولا كل من أبدى على الدين غيرةً

صدوقاً ، فقد يبدي التدين فاجرُ

ولا كلّ من ألقى على الناس خطبة

بليغاً ، بما يلقيه ترضى المنابر

أقول لهم : لا تجزعوا من مصيبة

تجلت بها للناظرين الجواهرُ

فلولا رياح البحر ما خاض زورق

ولا عبرت بالمبحرين البواخرُ

أقول لهم : لا تشغلوا عن عدوكم

بشتم خؤون ، رأسه اليومَ حاسر

فأعداؤكم من كل صوب تتابعوا

إليكم ومن كل الجهات تقاطروا

يجيئون في ظل السياسة تارةً

فكم لبسوا ثوباً لها وتظاهروا

وفي الفكر والآداب يأتون تارةً

فكم حاوروا في المبهمات وداوروا

وفي العلم والتصنيع يأتون تارةً

فكم بهرونا بالعلوم وفاخروا

وكم نشر التضليل في الناس كاتب

ونادى إلى الإلحاد في الناس شاعرُ

أقول لقومي – بارك الله فيهم

وعندي من الحبّ العميق ذخائرُ

قضيتنا ليست عتاداً و عدةً

ولا فرقة تأتي وأخرى تغادرُ

قضيتنا ليست جيوشاً كبيرةً

تقاسمنا أحلامنا ، وتشاطر

قضيتنا ، كفر يريد زوالنا

يسيره في لجة العصر كافر

قضيتنا الإلحاد جرد سيفه

وأهل كتاب أبرموا وتآمروا

قضيتنا الكبرى كيان ممزق

وقوم تعادوا جهرةً وتدابروا

قضيتنا الكبرى هزيمة أمة

تنادم تجار الهوى وتعاقر

قضيتنا يا إخوتي أن أمتي

يميزها في العالمين التناحرُ

قضيتنا شخصية الأمة التي

يخدرها فن رخيص و ( سامرُ )

قضيتنا أنا بنعمة ربنا

بطرنا ، وأنا بالمعاصي نجاهر

وكيف نصون العرض أو نحرس الحمى

إذا غرنا مال و ألهى تكاثر ؟

وكيف تنال النصر والعز أمة

بمبدئها في كل سوق تتاجر ؟

وربك ما أخشى من الموت إنه

طريق وكل الناس في الدرب سائرُ

وربك ما أخشى من الحرب إنها

سجال ، فمحظوظ لديها وعاثرُ

وربك ما أخشى من الفقر إنه

بتدبير من تهفو إليه المشاعرُ

ولكنني أخشى من الغفلة التي

تموت بها عند الخطوب الضمائر

وأخشى ظلام الخطب ، تعشى عيوننا

إذا ما دها قومي ، وتعمى البصائرُ

أخاف علينا من خطوب كثيرة

تزلزلنا ، والقلب في الغي سادرُ

أقول لقومي : لا تسوقوا ركابكم

إلى غير دين الله ، فالموج هادر

ولا تيأسوا ما خاب أصحاب ملة

إذا ما تواصوا بالتقي وتآزروا


في الجمعة 12 إبريل-نيسان 2013 03:47:25 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=19953