قُل هُو الحُبُّ وطَن
فؤاد المحنبي
فؤاد المحنبي
   يَا سَيـِدِي الحُبَّ مَا أَجلاكَ يَا نُورُ **واسكُب تَجَلِّيكَ هَذَا البَحرُ مَسجُورُ

يَا سَيـِدِي أَنتَ قَبلَ المُنتَمَى وطَنٌ** في حُبِّهِ لِذُنُوبِ الحُبِّ تَكفيرُ

آنَستَنِي اليَومَ لمَّا استَوحَشَت لُغَتِي**بـِكُلِّ مَنفَىً أَشَادَتهُ التَّعَابـِيرُ

أَقبَلتَ مِن حَيثُ لَم تُقبـِل مُغَرِّرَةٌ**مِن المَفَاتِنِ والإِحسَاسُ مَغرُورُ

أَقبَلتَ مِن بَينِ إِيقَاعٍ يُكَوِّنُنِي**مِن واحِدِيَّتِهِ والكَونُ مَشطُورُ

سَبَّحتُ بِاسمِكَ لا عَمداً ولا عَرَضاً**فَفيكَ كُلُّ لِسَانٍ في مَقهُورُ

يَا غُربَةً قَدَّرَتهَا شِقوتِي بـِيَدِي**مُوتِي فَفي وطَنِي لِلهَجرِ تَهجِيرُ

مِن خَفقَةٍ نَحوهُ جَازَ المَرَاحِلَ كَي**يَضُمَّنِي وأَنَا في البَهوِ عُصفُورُ

هُو ابتَدَانِي بِنَعمَاءِ اللِّقَاءِ ولَم**يَحتَج لِقَائِي فـَأَقَصَتهُ المَقَادِيرُ

والشَّوقُ للمِنَّةِ الأُولَى حَدَا سَفَرِي**إِلَى جَلالٍ بـِسِربِ الشـَّوقِ مَسرُورُ

يَا سَيِّـدِي كُلُّ جُرمِي أَنَّنِي بَشَرٌ**في آدَمِيـَّتِهِ كُفرٌ وتَقصِيرُ

عَفواً : تَعـَالَيتَ عِزّاً عَن سُلالَتِهِ**تَفَرُّداً أَبحَرَت فيهِ التَّفَاسِيرُ

يَا عِلَّةَ الحَادِثـَاتِ الدُّونِ أَهزَأُ بـِي**إِذَا يُطَالَبُ بـِالتَّبرِيرِ تَبرِيرُ

إِمَّا طَلَبتُكَ كَأسَ الحُبِّ تُوكِلَنِي**إِلَى حَبـِيبـِكَ فَالمَطلُوبُ مَيسُورُ

إِذ لَستُ بـِالمُتَسَامِي نَحو سَيِّدِهِ**جَلَّ المِثَالُ ولَمَّا يَصمُدِ الطُّورُ

لِي مِنكَ سَاعَاتُ سُكرٍ لا بَدِيلَ بـِهَا**لأَنَّ كُلَّ جُزَيءٍ في سِكِّيرُ

هَبنِي لِحُبِّكَ وامنَحنِي بـِهِ وطَناً**بـِلا حُدُودٍ ولا فيهِ مَحَاذِيرُ

فَكُلُّ أَوطَانِنـَا صَارَت تُحَاصِرُنـَا**بـِشَرِّهَا هَل يَزُفُّ الخَيرَ شِرِّيرُ؟

هَبنِي سَمَاواتِ وِدٍّ لا تُزَاحِمُهَا** قَامَاتُ شَوقِي لِيَزكُو في تَغيـِـيـرُ

واخرِج ظَلامَاتِ سِجنِ الرُّوحِ صَاغِرَةً**مَا في ضِيَاءَاتِكَ العَصمَاءِ تَخيـِـيرُ

لَو أَنتَ أَمطَرتَ في صَحرَاءِ أَنفُسِنَا**لَمَا تَفَاقَمَ في الأَجوافِ تَصحِيرُ

لَو كُنتَ خَيَّمتَ في هَذِي الصُّدُورِ لَمَا**عَاثَت بـِأَرجَاسِهَا فيهَا الخَنَازِيرُ

نَحنُ المُدَانُونَ والجَانُونَ إِذ فَغَرَت**شَهواتُنـَا واستَرَقَّتنَا الدَّنَانِيرُ

مَاتَت أَصَابـِعُنَا في كَهفِ مَسمَعِنَا**ومَلَّ نُوحٌ وكَم قَد فَارَ تَنُّورُ

حَتَّى أَتَيتَ وآدَتنِي النُّبُوءَةُ في**عَصرٍ نُبُوءَاتُهُ جِنسٌ وتَخدِيرُ

حَمَّلتَنِي وِزرَ عُبَّادِ الحُرُوفِ وكَم**عَبَدتُهَا ولَهَا في القَلبِ تَكبـِـيرُ

لَكِن كَفَرتُ بـِمَا أَسلَفتُ يَا قَلَمِي**وكُلُّ كُفرٍ بـِغَيرِ اللَّهِ مَشكُورُ

تَقيَّأِ الحِبرَ فَوقَ الرَّملِ إِنَّ لَنَا**لَوُجهَةً لا تَرَاهَا الأَعيُنُ العُورُ

وانهَل إِذَا شِئتَ أَو إِن لَم تَشَأ نَهَراً**مِنَ الجَمَالِ حَوالَيهَا الأَزَاهِيرُ

ثَعَالِبُ النَّارِ لا زَالُوا بـِأَقبـِـيَتِي ** أَسرَى وقَلبـِي بـِوحيِ الحُبِّ مَبهُورُ

مَا زَالَ في مَعشَرِ الأَقلامِ مَن عَجِزُوا**عَن فَهمِهِم واستَفَزَّتهُم تَصَاوِيرُ

مِن مُوغِلٍ في تَفَاصِيلٍ مُؤَنَّثَةٍ**و مُفرَغٍ جَانِبَ المَاخُورِ مَقبُورُ

أَو شَاطِحٍ يَستَلِذُّ الفَاجِعَاتِ إِذَا**جَازَ القَدَاسَاتِ أَو آواهُ مَحذُورُ

يَا آخِرَ العَابـِدِينَ النُّورَ يَا قَلَمِي**إِن تَلبَسِ العَصرَ هَابَتكَ الأَعَاصِيرُ

كُن أَنتَ أَولَ مَيتٍ عِندَ قِبلَتِهِ**يَهوِي شَهِيداً وظَهرُ اللَّيلِ مَكسُورُ

  
في السبت 02 فبراير-شباط 2013 08:19:24 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=19092