العدالة الانتقالية ,, هكذا ينبغي ان تكون
رفيقة الكهالي
رفيقة الكهالي

جاءت الشريعة المحمدية الخاتمة , بثورة شاملة في المفاهيم والاعتقادات والتصورات , أعادت صياغة منظومة متكاملة من القيم والمبادئ في شتى الجوانب التي تهم حياة الإنسان وكرامته وتحفظ له كلياته العامة الخمس , دينه ونفسه وعقله ونسله وماله  , تلك الشريعة التي أسست ودعت وشجعت وحفزت كل مصلحة تحفظ حقوق الإنسان وحرياته في العبادات والمعاملات وسائر شؤونه السياسية والاقتصادية والاجتماعية  ,,

وفي مقالنا اليوم سنحاول عزيزي القارئ ان ندلو بدلونا في إحدى الملفات الساخنة على ساحتنا وما اكثرها , سنعبر سوية ونحن نستند الي قول الله عز وجل ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ) , الي موضوع العدالة الانتقالية , مفهوما ومنطوقا , وسنستجلي تجارب سبقت في هذا المجال , ونتساءل , ما المعايير الأساسية وما المبادئ المطلوبة للعدالة المنشودة , وكيف نضبط هذا المفهوم ونفقه احتياجاته ومستلزماته , وأين تقع المصلحة الشرعية والتشريعية التي يكفلها مشروع قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية الذي اختلف المختلفون حوله وحواليه , وما حال العدالة الانتقالية في مشاريع القوانين المقدمة من الحكومة , وهل بالإمكان ان ترتفع النسب المتوقعة للنجاح في تطبيق مفهوم العدالة الانتقالية , والمصالحة الوطنية في بلادنا

بداية , نحن متفقون على ان العدالة مطلب جوهري من أهم مطالب ثورات الربيع العربي التي قامت في تونس وليبيا ومصر وسوريا واليمن والعراق الان , ومتفقون ايضا انه مفهوم واسع يندرج تحته معاني عظيمة وأقسام متعددة منها , العدالة الاجتماعية والاقتصادية والقضائية والجنائية ,,,

والعدالة في اللغة تعتبر مصدر مشتق من العدل الذي هو ضد الجور والظلم , وقد نص عليه القرآن الكريم في مواضع متعددة منها قول الله تعالى ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون ) , و( وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ ) , ولقد وردت أحاديث وآثار لا حصر لها , تؤكد تأصل وترسخ هذا المعنى في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام منها ( انما اهلك الذين من قبلكم انهم اذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف اقاموا عليه الحد , واني والذي نفسي بيده لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) , وقوله حين كان في سفر وقام صلوات الله عليه بمهمة جمع الحطب وقال : ( اكره ان أتميز عليكم ) , وقول عمر لزوجته التي صنعت حلوى بالزيادة التي فاضت من القوت اليومي المخصص له ( هذه زيادة , فقومي لبيت المال رديها ) و ( ومتى استعبدتم الناس ) و ( ودس على خذي تكفيرا لذنبي ) و ( فوالله ما انصفناه ) في الشيخ اليهودي الذي اسقط عنه الجزية ووفر له عمر معاش من بيت المال ,, وغيرها كثير , هذا هو العدل ,

اما العدالة فقد وجدناها بإشكالها المتعددة في السياسة الشرعية , التي تعنى بأمور الحكم وتدبر سياسته , ومن امثلتها السريعة , رفض عمر الفاروق لتقسيم الأراضي المفتوحة في العراق والشام ومصر على المقاتلين الذين فتحوها وفضل تركها وقف لأهلها وللأجيال المتعاقبة , و قضية فرض التسعير الذي كان منهى عنه كمثال اخر , حرص عمر في المثالين على تحقيق العدالة الاجتماعية التي يجب ان تراعى فيها المصالح المشروعة والمعتبرة للأغلبية ان لم يكن الجميع ,,,

ولكن ما العدالة الانتقالية ؟ وما حالها ؟

 العدالة الانتقالية تعنى تحقيق العدل والإنصاف للضحايا المنتهكة حقوقهم وحرياتهم أثناء فترة الانتقال من مرحلة النزاعات المسلحة الي مرحلة التأسيس لانتقال سلمي ديمقراطي للسلطة , وعندنا تجربة عدالة انتقالية مازالت خطواتها متعثرة وبطيئة , بل ملغومة ومهددة بالانفجار وهي تخطو في سعيها الحثيث للتخلص من التركة الثقيلة التي تم توريثها من الحكم العائلي الاستبدادي ,,

 وكما تعرفون أعزائي , فان هذا المفهوم يحمل في طياته العديد من التحديات الصعبة التي تحتاج بداية الي ارادة سياسية حقيقية , وتصميم جبار من الثوار لتحقيق أهداف ثورة التغيير والمرور الي بناء السلام الدائم الذي يعزز التنمية المستدامة , ويدعم الانتقال الديمقراطي السلمي , ويعالج الانتهاكات ويحاسب مرتكبيها ويجبر ضرر الضحايا , ويشرع لإصلاحات قانونية ومؤسسية لازمة لإنجاح التجربة التى تخوض مخاضها العسير ,,  

في الحقيقة , عند دراسة التجارب العالمية في مسالة العدالة الانتقالية , كالتجربة الالمانية والتجربة الارجنتينية , وتجربة جنوب افريقيا , وتجربة تشيلي , وتجربة المغرب , وتونس ومصر , سنجد انه حدثت منذ سبعينيات القرن العشرين حوالي 30 حالة صراعات سياسية طبقت فيها معايير العدالة الانتقالية بإشكالها المختلفة , من التحكيم , والاهتمام بالحقائق , والتعويض , وتطبيق المحاكمات وغيرها ,,,

,,, وكان القاسم المشترك بين العديد من تلك التجارب هو مسالة لجان الحقيقة , بمعنى اللجان الوطنية التي انشئت والتي كانت تسعى لتقصي الحقيقة , والبحث عن الأسباب الرئيسية التي أدت الي الصراعات السياسية , وبخاصة في المؤسسات التي تتبع الدولة مثل المؤسسة العسكرية والأمنية , بهدف وضع الحلول والمعالجات للعديد من الممارسات الخاطئة والقيم السلبية السائدة في تلك المؤسسات , لضمان عدم تكرارها مستقبلا ,,

وفي بلادنا نصت التسوية السياسية في احد بنودها على إقرار قانون للعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية , وبعد مرور اكثر من 15 شهر منذ توقيع المبادرة الخليجية واليتها التنفيذية في 23/11/2011م , , لم ينجح الفرقاء السياسيين في تقديم مشروع للعدالة الانتقالية يفي بالغرض من إقرارها في إنهاء الانقسام ونزع فتيل الصراع وتعويض المتضررين ومحاكمة المتسببين في الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي حدثت ,

وللأسف الشديد قامت القوى السياسية التي تمثل الثورة بتقديم حصانة للطاغية وزبانيته بدون ادنى مقابل , وها نحن اليوم نجني ثمار تلك السياسات البليدة , وما العجز عن الاتفاق على مشروع القانون القديم او الجديد للعدالة الانتقالية على عيوبه وعلاته , في مجلس الوزراء او مجلس النواب إلا انموذجا لذلك الفشل الذريع في ادارة العملية السياسية , حيث يصر المخلوع وأذنابه في حكومة الوفاق على عرقلة التسوية , وتصل حماقة ووقاحة بعضهم الي رفض مشروع القانون بكل ما فيه فلا يعترفون بثورة ولا بضحايا ولا بتعويض ويقاومون بشراسة فكرة انشاء لجنة تتقصى الحقائق , لأنهم يعرفون جيدا نتائجها سلفا , تلك النتائج التي ستفضح جرائمهم امام الشعب والعالم ,,

هكذا ينبغي ان تكون ,,

وفي الواقع عند التعمق في التشريع الذي تقدم به الساسة في مشروعي قانوني العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية في نسختيه القديم الذي لم يتفق عليه والجديد الذي قدمه الرئيس عبدربه منصور هادي الي مجلس النواب لإقراره ورفضته أحزاب اللقاء المشترك , سنجد ان القانونين اتفقا في تعريف المصالحة الوطنية على انها عملية للتوافق الوطني على أساسها تنشا علاقة بين الاطراف السياسية والمجتمعية قائمة على التسامح والعدل وإزالة اثار صراعات وانتهاكات الماضي من خلال مجموعة من الاجراءات المنصوص عليها بهذا القانون والقوانين الأخرى الهادفة الي تحقيق الأمن والسلام الاجتماعي والمصالحة بين افراد المجتمع ,,,

وباعتقادي هذا التعريف غير كاف ويجعل العدالة شئ هلامي غير قابل للامساك او القياس , ويصورها وكأنها شبح مهما اجتهدنا في مطاردته فالنتيجة سراب ولا فائدة منها , تكاد تلمس انعدام الرؤية المتكاملة في مشروعي القانونين وبالتالي في رؤوس من قدمه لنا ,,,,

 ان العدالة الانتقالية ليست فقط تقصي للحقائق او كشف للحقيقة او إصدار قوانين جديدة , او اصلاح للمؤسسات العامة , بل العدالة الانتقالية مفهوم اكبر من ذلك وأعمق بكثير , وترتكز على منظومة تعتمد على مدى النجاح في رد حقوق الضحايا , وما التعويض المادي او المعنوى الا جزء فرعي في هذه المنظومة , اما الجزء الأساسي فيها برأي فهو وجوب محاكمة كبار مجرمي النظام السابق , تجار الحروب , تلك الحرب التي أشعلوها ضد الشعب الذي ثار لإسقاط ظلمهم وجبروتهم , فساموه سوء العذاب , الحرب التي دفع ثمنها الشهداء والمواطنين الأبرياء ,, هذا هو جوهر العدالة ولبها وقاعدتها الاساسية ,, وبهذا فقط تكون العدالة مع هؤلاء , وهكذا فقط ينبغي ان تكون ,, وبهذا فقط نستطيع ان نضبط مفهوم العدالة على معايير فقه القيم الذي يحفظ الدماء ويرعى الحقوق ويدافع عن المظلومين والمنكوبين , وإلا فلا حاجة لنا لهدير السياسيين وجعجعاتهم الجوفاء حتى الان ,,,

مبادئ العدالة الانتقالية

واليكم أهم مبادئ العدالة الانتقالية التي ندعو الي إدراجها في قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية وسنسردها بالشكل التالي :  

-كشف حقيقة ما حدث من انتهاكات لحقوق الانسان وخصوصا في المؤسسات والأجهزة العامة ومنها المؤسسة العسكرية والأمنية , وفضح المتسببين فيها امام الرأي العام المحلي والدولي ,,

-حق الضحايا في جبر ضررهم وتعويضهم تعويضا عادلا حق اساسي ولا يتنافى التعويض الذي تقدمه الدولة مع حق الضحايا في محاكمة الجناة , ولا يعتبر التعويض تنازلا عن المحاكمة بأي حال من الاحوال , والمطالبة بالقصاص او بإسقاطه او العفو عنه هو من حق اولياء الدم والمتضررين فقط ولا يجوز لأحد التعدي على هذا الحق او مصادرته ,,

-التعويض للضحايا وجبر ضررهم يعنى اعتراف من قبل المجتمع والدولة بفضل تضحيات هؤلاء المتضررين , ويعنى بالضرورة التكريم المعنوي الكبير لهم ولأسرهم , والتعويض لا يكون فقط تعويض مادي بل لابد ان يصاحبه التعويض المعنوي الذي يتمثل في إقامة المتاحف والمعارض والنصب التذكارية وإطلاق اسماء الشهداء على الشوارع , وتحديد يوم 11 فبراير كعيد وطني للثورة الشبابية الشعبية السلمية , وغيرها من الأمور التي تجعل الثورة حاضرة في ذاكرة الوطن وضمير الأجيال المتعاقبة ,,, 

-تعتبر محاكمة ومعاقبة المتسببين في جرائم القتل والجرح والتعذيب والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري وغيرها من الانتهاكات هي العمود الفقري لأية عدالة انتقالية , وضمانة اكيدة للانتقال السلمي نحو التحول الديمقراطي بسلاسة وشفافية , ونحو المصالحة الوطنية على أسس العدل والمساواة والكرامة ,, ,

- الجرائم الجنائية التي ارتكبت بحق الأفراد والممتلكات والمدن والقرى جرائم لا تسقط بالتقادم وحق الضحايا في اللجوء الي القضاء حق أصيل يجب ان ينص عليه القانون الانتقالي ,,

-الإصلاح المؤسسي يقوم على دراسة الأسباب التي ادت الي الممارسات الإجرامية في مؤسسات الدولة العامة ووضع المعالجات لتلك الاختلالات حتى نمنع تكرار ما حدث ,,

-صلاحيات واختصاصات هيئة الإنصاف والمصالحة الوطنية , لابد ان تكون الهيئة مستقلة ويشترك فيها كافة اطياف المجتمع وتشكيلاته وقواه السياسية والاجتماعية , على ان تضم في عضويتها ممثلين عن الضحايا وبخاصة الشهداء وممثلين عن منظمات المجتمع المدني , وممثلين عن السلطة القضائية ومتخصصين في القانون وعلم الاجتماع وعلم والنفس وغيرها من التخصصات الهامة ,

-لابد من ضبط الخلط العجيب في صلاحيات الهيئة والتوسع الحاصل في منح السلطات المتداخلة بمشروعي القانون والتي منها (سلطة استدعاء أي فرد او مسئول او شهود , سلطة الحق في الحصول على المعلومات بكافة الوسائل القانونية ومن أي مصدر , سلطة تحري وتقصي , سلطة تحقيق في الادعاءات بموجب جميع الشكاوى والبلاغات المقدمة إليها بكل الانتهاكات , سلطة استماع الي كافة ضحايا الانتهاكات , وسلطة الضبط القضائي , وسلطة تفتيش الأماكن ومصادرة للأدوات والوسائل التي استخدمت في الانتهاكات التي حدثت , سلطة حكم بمعنى اصدار حكم بالتعويض لجبر الضرر , سلطة بحث عن حالات الاختفاء القسري , وسلطة حماية للشهود والضحايا ) , كل هذا سيجعل تحقيق الهيئة لمهامها من الناحية العملية في حكم المستحيل , لان إطلاق صلاحيات الهيئة سيدخلنا في مواجهات حقيقة مع المؤسسات الرسمية للدولة كالنيابات والمحاكم , وسيتصادم عمل الهيئة فعليا مع القوانين السارية المفعول , ولابد من اعادة ضبط الصلاحيات بشكل اكثر وضوحا ودقة ,,,

-نقترح إنشاء نيابة متخصصة بقضايا العدالة الانتقالية أسوة بنيابة الأموال العامة والنيابة الجزائية المتخصصة بقضايا الإرهاب , مع إنشاء محكمة متخصصة لذات الغرض , لأنها المؤسسات المخولة قانونا خصوصا والنيابات بالفعل لديها ملفات لانتهاكات والأدلة القانونية التي جمعت في حينها , وقد قطعت النيابة والمحاكم شوط في متابعة تلك القضايا وقد صدرت إحكام بالفعل بحق من ارتكبوا جرائم بحق المتظاهرين السلميين ,,

-ضبط العلاقة بين الهيئة والمحكمة المختصة بحيث يعطى الحق لأي شخص في الالتجاء الي القضاء للمطالبة بحقوقه مع إعطاء الأولوية للهيئة فان عجزت عن الحل الودي حول الملف الي المحكمة المتخصصة للبت فيها على وجه السرعة والاستعجال ,

- إعطاء الهيئة مهمة الإشراف والمتابعة والتنسيق مع الجهات القضائية التي ذكرناها في الفقرة السابقة , مع بقية الاختصاصات التي وردت في الأسباب التي دعت الي انشاء تلك الهيئة ,,

-انشأ لجان مجتمعية مساعدة يشارك فيها المجتمع في كشف الحقائق ووضع المعالجات التي تصب في خدمة قضية العدالة الانتقالية , ومن أمثلة اللجان , لجنة المرأة والطفل , ولجنة للانتهاكات التى وقعت على موظفي الدولة , الطلاب والطالبات في الجامعات والمدارس , لأصحاب السواعد السمراء ,وأصحاب الاحتياجات الخاصة , للمعتقلين , للنشطاء الذين تعرضوا للتعذيب , للشهداء , للمخفيين قسريا , ولغيرهم ,,

-اقتصار المصالحة الوطنية على مدة السنة التي تفجرت فيها الأحداث الدامية كما جاء في مشروع القانون الجديد , او قصرها على الأحداث منذ 1990 في المشروع السابق فيه نوع من القصور , وباعتقادي ستظل هناك ملفات مفتوحة تنغص وتحجم أي انجاز على مستوى المصالحة والسلم الاجتماعي والاستقرار , لذلك نقترح مد الفترة منذ تولي صالح نهاية السبعينات وحتى صدور القانون ,

-لنجاح الإصلاح المؤسسي المنشود يجب ان تعطي الهيئة صلاحيات واسعة في هذا المجال من فحص المؤسسات , فحص الأداء , الأنظمة واللوائح التنظيمية الداخلية , الإداريون , الموظفون , والمؤسسة التي يثبت فسادها او تورطها في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان بأدلة كافية تحول الي النيابات والمحاكم المتخصصة ,,

-ايضا لأغراض إنجاح المصالحة والعدالة الانتقالية لابد ان توجد مادة تنص على الزام الرئيس المخلوع وأفراد عائلته بإعادة الأموال المنهوبة سواء الموجودة داخل اليمن او خارجها , مع امكانية ان تنشا لجنة خاصة باسترداد الأموال تتبع الهيئة مباشرة ,,

-العدالة الانتقالية بحاجة لقانون عزل سياسي لصالح وأقاربه وأذنابه في المؤتمر الشعبي العام الذين يكيلون للوطن كل اشكال التآمر والتخريب , ولابد من إخضاع قضية الممارسات التي يقوم بها الرئيس المخلوع وأذنابه على اساس قانون العدالة الانتقالية وليس على أساس قانون الحصانة المرفوض قلبا وقالبا , , لذلك فإسقاط قانون الحصانة وإخضاعه ورموزه لمبادئ العدالة الانتقالية من خلال تقديمه للمحاكمة هو عين العدالة المنشودة من قبل الثوار والضحايا ,, 

العدالة الانتقالية في شرع المصطفى

وأخيرا اختم بمن أشرقت بداية المقال به , بمحمد رسول الله عليه أفضل صلوات الله ورحماته وبركاته , نبي العدالة بلا منافس , هناك بعض الكتابات تروج لأفكار غير صحيحة على اطلاقها ومنها ما يتعلق بالعفو العام الذي اصدره رسول الله يوم الفتح حين قال : يا معشر قريش ما ترون اني فاعل بكم ؟ قالوا : اخ كريم وابن اخ كريم , قال : " اذهبوا فانتم الطلقاء " فعفا عنهم بعد ان مكنه الله من رقابهم , فضرب اروع المثل في العفو والصفح عن الجناة بعد القدرة عليهم والتمكن منهم ,,

ونحن نقول ان العفو العام لم يكن شاملا للجميع كما يعتقد البعض , والصحيح ان الرسول امر بقتل كبار مجرمي قريش وأشدهم عداوة للإسلام , وعند ابو بكر الجزائري في كتابه ( هذا الحبيب يا محب ) يعدهم ثمانية مجرمين من الرجال وأربع نسوة , فإما الرجال فهم عكرمة بن ابي جهل , وصفوان بن امية بن خلف , وعبدالله بن سعد بن ابي السرح , وعبدالله بن حنظل , والحارث بن وهب , ومقيس بن صبابة , وعبدالله بن الزبعري , وهبار بن الاسود , وهؤلاء امر بقتلهم قبل توبتهم , وقد تاب واسلم وحسن اسلامه كل من عكرمة وصفوان وعبدالله بن ابي السرح وعبدالله الزبعري , وقتل الاربعة الباقون , وأما النساء فهن هند بنت عتبة , وسارة مولاة عمرو بن عبد المطلب, وقينتا عبدالله بن خطل كانت تغنيان وتهجوان رسول الله , فأسلمت هند , واحدى القينتين , وقتلت الاثنتان الاخريان ,,

وفي كتاب الرحيق المختوم لصفي الرحمن المباركفوري ذكر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدر دماء تسعة نفر من اكابر المجرمين , وأمر بقتلهم وان وجدوا تحت استار الكعبة , وزاد على الرجال عبد العزي بن خطل الذي قتل فعلا وهو متعلقا بأستار الكعبة ,,,  

وما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يمتثل الى قوله تعالى ( ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب ) ويؤسس لمرحلة جديدة من العدالة تقوم على التصالح والتسامح وتنهي حقبة طويلة من الصراعات الدموية المسلحة , هو ما نطالب به الان من ضرورة محاكمة كبار مجرمي النظام السابق وتقديمهم للعدالة التي بدون إنصافها للشهداء والجرحى والمعتقلين وللمواطنين الابرياء , هؤلاء هم المعنيون الأساسيون بالعدالة , فأنها ستظل اوهام تداعب مخيلة الساسة , وأحلام مسكونة في ضمير الضحايا الذين ينبغي ان لا يظلوا مغلوبين على أمرهم الي ما لا نهاية ,,

يقول الشاعر الكبير محمد محمود الزبيري في رائعته التي بعنوان أشجاني وآلامي

في ذمة الشعب اشجاني وآلامي    وفي هـواه تبـــاريحـي وتهــيـــامي

آمــــنـت ان لنـا حـقـا وأن لـنـا     شعبا سينهض من كابوسنا الطامي

وان في ظـلمات الغـيل مأسـدة     غـضبــى علـى كل خـوان وظــــلام


في السبت 26 يناير-كانون الثاني 2013 05:51:16 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.net/articles.php?id=18980