|
لم استطيع تمالك نفسي و أنا أقرأ خبر مواطن يمني احرق نفسه في المملكة العربية السعودية بسبب سوء معاملة الكفيل السعودي وهذه ليست المرة الأولى التي تسوء فيها معاملة المغترب اليمني في أراضي المملكة فهو خاضع على المستوى الفردي للابتزاز من قبل الكفيل السعودي وخاضع للتهديد بالخروج النهائي حتى ضاقت عليه الأرض بما رحبت ففي الوطن البطالة والفقر هما الحليف الأول وفي الخارج صار هذا المواطن عرضة للابتزاز من الخارج و الإهمال من الداخل و حتى نكون منصفين إن هناك من إخواننا السعوديون نماذج وضاءة في التعامل و الإنسانية و لكن ما نستغربه هو إغفال الصحف و المواقع الخليجية و السعودية بالأخص لهذه القضية الهامة التي لم يتكلم فيها احد إلا بعد الفاجعة فالواجب على كل مثقف أن يوصل رسالته فيها لتبرأ ذمته أمام الله وحتى لا تكون الشريحة النخبوية خالية من اللين و الرحمة فأخلاقنا تظهر عندما نتعامل مع الأضعف كما نستغرب من مشائخنا علماء الحرمين الشرفيين الذين نحبهم ونقتدي بهم دوما أين دورهم في هذا هل تستحق هذه القضية أن يؤلف حولها كتاب أم أنها اقل قيمة من التدخين و السواك وأنا لا اقلل من قيمة هذه الأخلاق و لكني أرى أن هذه القضية من القضايا التي أرسل الله لأجلها أنبياءه فنبي الله شعيب كانت رسالته أن أوفوا الأجير أجره هذا بالنسبة للتعامل مع المغترب اليمني على المستوى الفردي أي من قبل المواطن السعودي أما من قبل الحكومة السعودية فالسجون السعودية مليئة باليمنيين بتهمة أو بغير تهمة كما تقول بعض التقارير الصادرة عن بعض منظمات حقوق الإنسان كما أن القتل مازال مستمرا على الحدود السعودية صحيح أن الأمن السعودي شئ مهم لنا جميعا و يهمنا بقدر ما يهم أشقاؤنا السعوديين وهذا من صميم الدين و الأخلاق و لكن من جاع بطنه لا يمكن إيقافه ولحل هذه القضية لابد لنا من حل الأسباب الأساسية كحل مسالة التنقل بين البلدين و للأسف إننا نرجو هذا من الحكومة السعودية قبل الحكومة اليمنية ربما للانطباع الذي ترسخ في أذهاننا عبر السنوات الماضية
كما لا نغفل جانب الحكومة اليمنية من الإهمال والتسيب الذي أخرنا كثيرا وجعل الجميع يتطاول على المواطن اليمني فعبر الحكومات المتعاقبة لم يرى المغترب اليمني سوى مجموعة من جباة الأموال و المبتزين الذين فاحت رائحة الفساد منهم في الداخل و الخارج وخير دليلا على ذلك ما ينشر على الصفحة الرسمية لوزارة المغتربين على الفيس بوك و هذا ليس الموقف السلبي الوحيد الذي يتعرض له المواطن اليمني في الخارج و لربما كان السبب الرئيس هو العجز والقصور في وزارة الخارجية اليمنية فما حدث و يحدث للمواطن اليمنيين الذين خرجوا للعلاج في الخارج ليس بالشئ الهين من سرقة و ابتزاز ونهب وليس لهؤلاء ذنب سوى ان الخارجية اليمنية هي صاحبة الامتياز في منحهم جوازات السفر
و في هذا النطاق بل في نفس اليوم ليس ببعيد عنا ما نشر عن السفارة اليمنية في تركيا التي رفضت استلام جثة أحد الطلاب اليمنيين الذى وافته المنية في أحد المستشفيات التركية فلعل من الحري بنا تسمية هذه الوزارة بوزارة الجباية ثم أمام ما نشر هل ستحتفظ هذه الوزارة بماء الوجه وتقوم بتغيير كادر السفارة اليمنية في تركيا لأنه أساء وهو المؤهل دبلوماسياً إلى سمعة اليمن و سمعة المواطن اليمني و الحكومة اليمنية أم ان هذه الوزارة ستستمر في العناد و الكبر بحجة أو بغير حجة فلو قارنها مثلا بوزارة المواصلات في إحدى البلدان التي استقال وزيرها بسبب حادث قطار سنجد أنفسنا عاجزين تماما عن المقارنة فأغلب السفارات اليمنية لا تتعامل إلا بنظام الوساطة و المحسوبية
وبتقديرك ماذا سيكون موقف الحكومة اليمنية فأنا أتوقع وبعض الظن إثم أن الإدانات ستتوالى وسيشكل وفد رفيع المستوى ربما سيرأسه رئيس الوزراء أو حتى لا أبالغ سيرأسه وزيرا الخارجية و المغتربين لزيارة هذا المواطن في المستشفيات السعودية وليتفقدوا حالته الصحية و سيتبنى هذا الوفد كافة المصاريف العلاجية على نفقة الدولة وسيكون شعار هذا الوفد ما أنصفنا هذا المواطن فكما أخذنا أمواله سنرد له اعتباره أو على الأقل كما علق أحد الزملاء ساخرا ( عايدوا له ولاعه)
و كذالك أتوقع للجلسة القادمة لمجلس النواب أنها ستكون مليئة بالاستجوابات للحكومة عن سبب هذه الحادثة وسيبحث مجلسنا الموقر المعالجات اللازمة لأحوال المغتربين فكل نائب سيقول ماذا لو كان هذا المواطن أخي أو ابني بالتأكيد ستتغير كثير من الأمور .
أنا أناقش معكم هذه الظاهرة لأنها ظاهرة مزعجة جدا و لأن المواطن اليمني لا يسافر للمتعة و الترفيه أنما يسافر من ضيق الحال و البطالة فمتوسط الأسرة اليمنية تسعة أشخاص بالإضافة إلى مسؤوليات مالية أخرى كمصاريف دراسة الأقارب و البحث عن مأوى و مصاريف العلاج فكما تعلمون أصبحت مستشفياتنا الحكومية بذاتها مصدر للمرض لا للدواء ومصاريف الزواج وغيرها والقائمة طويلة جدا ومع هذا فمتوسط دخل المغترب اليمني في الأراضي السعودية ألف و مأتين ريال سعودي يتحمل منها تكاليف الكفيل و الإقامة و التأمين الصحي وغيرها فالقائمة طويلة جدا
أصبح الاغتراب هو الحل الوحيد أمام كثير من الشباب في ظل واقع مظلم فالشاب اليمني يكمل الدراسة الجامعية ثم يجد نفسه متهربا على الحدود السعودية من ضيق الحال و أصبح عدد المغتربين رقما لا يمكن تجاهله ينظر له كل من جانبه فمثلا الحكومة تنظر إليه كمصدر للدخل و ينظر إلية المواطن البسيط أنه أسهم كثيرا في التخفيف من الفقر و رفد الاقتصاد الوطني
وفي الأخير لنسأل أنفسنا ما هي الدوافع النفسية لدى هذا المغترب ليحرق نفسه لاشك أنه عاش واقع مأساوي جدا و عانى كثير من أمراض الغربة أي السكر و ضغط الدم و الكآبة النفسية و غيرها ليجد نفسه محرقا و لسان حاله لقد أحرقت نفسي على مذهب بوعزيزي فهل ستنتصرون لي على مذهب الشعب التونسي
Aljabree05@hotmail.com
في الجمعة 28 ديسمبر-كانون الأول 2012 05:07:40 م